Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البيان الختامي لـ"ناتو" يعكس خلافا بشأن طريقة التعامل مع بكين

اكتفى بوصف الصين "تحدياً" وليس "تهديداً" وحمل لهجة دبلوماسية رغم حدته

وصف قادة الناتو في بيانهم الختامي الصين كتحديا للنظام الدولي  (أ ب)

إذا كان هناك عنوان أنسب لقمة حلف شمال الأطلسي "ناتو" هذا العام، فهو "مواجهة النفوذ الصيني"، الذي برز في تعليقات قادة الحلف على مدى اليومين الماضيين، بقيادة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي سعى لحشد حلفائه الأوروبيين بوجه التنين الصاعد بقوة ويتوسع عسكرياً واقتصادياً. إذ نجح بايدن، قبل أيام قليلة، في الضغط من أجل بيان لمجموعة السبع يندد بممارسات العمل القسري وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان التي تؤثر في مسلمي الإيغور والأقليات العرقية الأخرى في مقاطعة شينغيانغ غرب الصين والقمع في هونغ كونغ وتهديد تايوان. 

تكرر اسم "الصين" عشر مرات في البيان الختامي لقمة الحلف، نصفها تقريباً ورد ضمن عبارات تحمل لهجة حادة بشأن التهديدات التي تشكلها الصين للنظام الدولي. وحذر قادة "ناتو"، في البيان، الإثنين، من أن "طموحات الصين المعلنة وسلوكها الحازم يمثلان تحديات منهجية للنظام الدولي القائم على القواعد، وللمجالات ذات الأهمية لأمن الحلف". لكن في الوقت نفسه اكتفى البيان بوصف الصين "تحدياً" وليس "تهديداً"، وهو ما حمل في طياته خلافاً بين أعضاء التحالف بشأن كيفية التعامل مع بكين، إذ تتخذ واشنطن سياسة متشددة حيال الصين وتنظر لها كتهديد. 

الترسانة النووية والعسكرية

بحسب ما جاء في البيان، فإن "الصين تعمل على توسيع ترسانتها النووية بسرعة وبمزيد من الرؤوس الحربية وعدد أكبر من أنظمة التوصيل المتطورة لإنشاء ثالوث نووي. إنها مبهمة في تنفيذ تحديثها العسكري واستراتيجيتها المعلنة للاندماج (العسكري-المدني). كما تتعاون عسكرياً مع روسيا، بما في ذلك مشاركتها في التدريبات الروسية في المنطقة الأوروبية الأطلسية. ما زلنا نشعر بالقلق إزاء افتقار الصين المتكرر الشفافية واستخدام المعلومات المضللة". ودعا قادة "ناتو" الصين إلى الوفاء بالتزاماتها الدولية والتصرف بمسؤولية في النظام الدولي، بما في ذلك المجالات الفضائية والإلكترونية والبحرية، بما يتماشى مع دورها كقوة رئيسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما أشار البيان إلى نفوذ الصين المتزايد وسياساتها الدولية كتحديات يحتاج أعضاء التحالف الذي يضم 30دولة عبر المحيط الأطلسي، إلى مواجهتها معاً. وأضاف "تتحدى الجهات الفاعلة الحكومية وغيرها النظام الدولي القائم على القواعد، وتسعى إلى تقويض الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. سوف نتواصل مع الصين بهدف الدفاع عن المصالح الأمنية للحلف. ونواجه بشكل متزايد تهديدات إلكترونية وهجينة وغير متكافئة، بما في ذلك حملات التضليل والاستخدام الضار لتقنيات ناشئة ومدمرة أكثر تطوراً. كما تؤثر التطورات السريعة في مجال الفضاء على أمننا. بالإضافة إلى أن انتشار أسلحة الدمار الشامل وتآكل هيكل تحديد الأسلحة يقوضان أيضاً أمننا الجماعي".

وأعرب الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، عن قلقه من الوجود العسكري الصيني المتزايد من دول البلطيق إلى إفريقيا، مما يعني أن "ناتو" المسلح نووياً يجب أن يكون مستعداً. وقال في إشارة إلى الموانئ وشبكات الاتصالات، وفقاً لـ"رويترز"، إن "الصين تقترب منا. نراهم في الفضاء الإلكتروني، وفي إفريقيا، لكننا نرى أيضا الصين تستثمر بكثافة في بنيتنا التحتية الحيوية". على الرغم من أنه سعى للتخفيف من وطأة البيان الختامي بالقول إن "الصين ليست خصمنا أو عدونا. لكن علينا أن نواجه التحديات التي تطرحها الصين على أمننا".

خلق مواجهات

قُوبلت تلك التعليقات الحادة برفض من بكين، التي اتهمت حلف شمال الأطلسي بالمبالغة في "نظرية التهديد الصيني" والسعي إلى "خلق مواجهات". ودعت البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي في بيان، الثلاثاء، "ناتو" إلى "النظر إلى نمو الصين بعقلانية، والتوقف عن المبالغة في نظرية التهديد الصيني بأشكال مختلفة، وعدم استخدام المصالح المشروعة للصين وحقوقها القانونية ذرائع للتلاعب بسياسات المجموعة". 

وأشارت البعثة الصينية إلى اتهامات حلف الأطلسي باعتبارها "افتراء على التطور السلمي الذي أحرزته الصين، وسوء تقدير للوضع الدولي ودوره (الحلف)، واستمراراً لعقلية الحرب الباردة".

انقسام وحذر 

لكن قبل اعتراض الصين، بدا انقسام بين دول الحلف في الطريقة التي ينبغي التعامل بها مع النفوذ الصيني المتوسع. فبريطانيا، الحليف الأقرب لواشنطن، أعربت عن بعض الحذر بشأن المواجهة مع الصين. وعند سؤاله عن الصين، حذر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بقوله، "لا أعتقد أن أي شخص حول الطاولة يريد الانزلاق إلى حرب باردة جديدة مع الصين"، في حين أقر بأن صعود الصين كان "حقيقة مهولة في حياتنا".

وحث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الحلف "على عدم تشتيت الجهود وعدم التحيز في علاقتنا بالصين"، عما اعتبره قضايا أكثر إلحاحاً تواجه حلف "ناتو"، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والقضايا الأمنية المتعلقة بروسيا، وقال، "ناتو هو منظمة شمال الأطلسي، وليس للصين علاقة بشمال الأطلسي".

ودعت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، في آخر مشاركة لها في قمة للتحالف قبل أن تتنحى في سبتمبر (أيلول) المقبل، إلى إيجاد التوازن في التعامل مع الصين وقالت، "إذا نظرت إلى التهديدات الإلكترونية والتهديدات المختلطة، وإلى التعاون بين روسيا والصين، فلا يمكنك ببساطة تجاهل الصين. لكن لا يجب على المرء أن يبالغ في تقديره أيضاً. نحن بحاجة إلى إيجاد التوازن الصحيح." وأشارت إلى أن "الصين منافس في العديد من القضايا وشريك في العديد من القضايا الأخرى".

تحدٍّ وليس تهديداً

ينعكس الاختلاف في الرؤى بين قادة "ناتو" في لغة البيان الختامي؛ ففي حين أشار البيان مراراً إلى روسيا بأنها "تهديد" لحلف "ناتو" بالنظر إلى التسليح واتهامها بهجمات القرصنة السيبرانية والمعلومات المضللة، فإن البيان التوافقي بين الأعضاء الـ30 لم يشر إلى الصين كتهديد. على الرغم من أن الصين أرسلت سفناً عبر القطب الشمالي وأجرت تدريبات عسكرية مع روسيا في الفناء الخلفي لحلف "ناتو"، وبنت قواعد في إفريقيا، وتمتلك بنية تحتية مهمة في أوروبا، بما في ذلك ميناء بيريوس اليوناني، حسب صحيفة "نيويورك تايمز". 

وتقول الصحيفة الأميركية، "إن الجيش الصيني اخترق أجهزة الكمبيوتر لسرقة الأسرار الصناعية والعسكرية في جميع أنحاء العالم، وشارك في معلومات مضللة في مجتمعات ناتو. كما أن مساعي شركة هواوي، عملاق الاتصالات الصيني، لنشر شبكات (5G) في جميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا، تثير قلقاً جديداً من أنها قد تتحكم في البنية التحتية للاتصالات التي يحتاج إليها ناتو".

وفي مناقشة "التهديدات متعددة الأوجه" و"المنافسة المنهجية من القوى الحازمة والسلطوية"، يقول البيان، إن "الإجراءات العدوانية لروسيا تشكل تهديداً للأمن الأوروبي الأطلسي". بينما لا يُطلق على الصين وصف "تهديد". ويقول، إن "نفوذ الصين المتزايد وسياساتها الدولية يمكن أن يشكلا تحديات نحتاج إلى معالجتها معاً كحلف". وتعهد "ناتو" "بإشراك الصين بهدف الدفاع عن المصالح الأمنية للحلف"، وقال إنه يخطط لزيادة الشراكات مع المزيد من الدول في المحيطين الهندي والهادئ.

وفي لفتة نحو الدبلوماسية والمشاركة، حسب "نيويورك تايمز" يتعهد الحلف الحفاظ على "حوار بناء مع الصين حيثما أمكن ذلك"، بما في ذلك قضية تغير المناخ، ويدعو بكين إلى أن تصبح أكثر شفافية بشأن جيشها، خصوصاً "قدراتها وعقيدتها النووية". 

المزيد من سياسة