Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقيع "اتفاق المبادئ" خطوة نحو تأسيس "سودان للجميع"

يمنح الأقاليم الـ 18 فرصة الحكم الذاتي ويفصل الدين عن الدولة

وقّعت الحكومة الانتقالية في السودان و"الحركة الشعبية" شمال، إحدى الحركات المسلحة، الأحد 28 مارس (آذار) في العاصمة جوبا، اتفاق "إعلان المبادئ"، الذي نص صراحة على فصل الدين عن الدولة وإقامة حكم مدني ديمقراطي فيدرالي في البلاد، يمنح أقاليم السودان الـ 18، فرصة الحكم الذاتي، فضلاً عن الاعتراف بالتعدد الإثني والعرقي.

ووقّع بالنيابة عن الحكومة السودانية رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وعن "الحركة الشعبية" رئيسها عبد العزيز الحلو، بحضور رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت.

ويقود هذا الإعلان، الجانبين (حكومة السودان والحركة الشعبية) لاستئناف المفاوضات التي حددتها الوساطة الجنوب سودانية في 20 أبريل (نيسان) المقبل.

وعقب التوافق، اعتبر البرهان التوقيع على إعلان المبادئ بداية حقيقية للفترة الانتقالية في البلاد.

فيما أكد ميارديت أن السلام قد اكتمل الآن بتوقيع اتفاق "إعلان المبادئ" بين الحكومة والحركة، مبيّناً أن البرهان عمل على حل مشكلات المهمشين في السودان منذ تسلّمه السلطة.

في حين أشار عبد العزيز الحلو إلى أن "إعلان المبادئ" يكرّس الحريات الدينية والعرقية ويحافظ على حقوق الإنسان، مؤكداً أن هذا الاتفاق يؤسس لدولة ديمقراطية مدنية في البلاد.

خطوة إيجابية

إلى ذلك، اعتبر أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعات السودانية الحاج حمد، التوقيع على هذا الإعلان خطوة إيجابية تصب في اتجاه استقرار السودان، إذ إن "الحركة الشعبية شمال" من الحركات المسلحة التي تمتلك أراضي محررة تحت سيطرتها وإن كانت محدودة، مؤكداً أن الإعلان حسم الجدل حول علاقة الدين بالدولة، وحرر للمرة الأولى في تاريخ السودان، الدين تماماً.

وتابع حمد: "أعتقد أن ميزة هذا الإعلان أنه أنهى الخلاف الذي تغاضت أو تجاهلته الاتفاقيات السابقة، خصوصاً في ما يتعلق بالقضايا الحساسة والشائكة، وتم التوصل إلى صيغ مرضية للجميع بشأنها. كما مهّد الطريق للاستمرار في التفاوض بين الطرفين للوصول إلى حلول جذرية لمشكلات السودان، فضلاً عن أنه أنهى حالة تشظي الحركات المسلحة، وفي الوقت ذاته جعل الطريق سالكاً لانضمام حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور التي تنادي بالمطالب والأفكار نفسها، كما عمّق الوحدة بين المكوّنين المدني والعسكري".

لكنه يعتبر أن الرؤية التي تضمنها الإعلان حول شكل الحكم، فيها تبسيط لدور المركز (الخرطوم)، باعتبار أن السودان من بلدان العالم الثالث الذي يعتمد في معظم موارده على المنح والقروض المقدمة من المجتمع الدولي سواء كانت دول أو مؤسسات مالية، وهو ما يصعب مهمة منح الأقاليم قروضاً دولية إلا عبر الحكومة الاتحادية (المركز)، بالتالي هناك إشكالية في الحكم الإقليمي، لا سيما أن تجارب السودان في مسألة الحكم هي اتباع النظام اللامركزي.

اعتراف بالتنوع

ووفقاً لإعلان المبادئ، فقد اتفق الطرفان على العمل معاً لتحقيق وتعزيز سيادة السودان واستقلاله وسلامة أراضيه، وأن أي حل شامل لمشكلة السودان يتطلب من جميع الأطراف الاعتراف والتأكيد على تاريخ الصراع في البلد وطبيعته، وأن الحل العسكري لا يمكن أن يؤدي إلى سلام واستقرار دائمين فيه.

كما أن أي حل سياسي سلمي وعادل للصراع في السودان يجب أن يكون مشتركاً بين أطراف المفاوضات، فضلاً عن التأكيد على أن السودان دولة متنوعة، لذلك يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته بالكامل ومعالجة مسألة الهوية الوطنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضمن الإعلان التأكيد على حق أبناء إقليم السودان في إدارة شؤونهم من خلال اللامركزية أو الفيدرالية، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية اتحادية، تكون فيها حرية الدين وحرية المعتقد والممارسات الدينية والعبادة مضمونة لجميع المواطنين، من خلال فصل الهويات الثقافية والعرقية والدين عن الدولة، على أن لا يفرض أي دين على أحد، ولا يجوز للدولة أن تتبنّى ديانات رسمية، مشدداً على أن الدولة حيادية في الشؤون الدينية وشؤون الفتوى والضمير، وعلى ضرورة أن يكرّس الدستور هذه المبادئ.

تحقيق العدالة

كذلك نصّ إعلان المبادئ على استناد قوانين الأحوال الشخصية إلى الدين، وكذلك إلى المعتقدات العرفية والتقليدية التي لا تتعارض مع الحقوق الأساسية.

ودعا الإعلان إلى تحقيق العدالة في توزيع القوة والثروة بين كل أبناء الإقليم السوداني لمكافحة التهميش تنموياً وثقافياً مع مراعاة العمل الإيجابي لمناطق الحرب.

ويجب تضمين حقوق الإنسان والمرأة والطفل المنصوص عليها في المواثيق والعهود الدولية، التي تم التصديق عليها في اتفاقية السلام، إلى جانب التأكيد على أن الحكومة السودانية قد اتخذت الإجراءات اللازمة للانضمام إلى ميثاق وعهد حقوق الإنسان الدولي والأفريقي، الذي لم تصدّق عليه  الخرطوم.

وشمل الإعلان أن يكون للسودان جيش وطني محترف واحد يعمل وفق العقيدة العسكرية الموحدة الجديدة، التي تلتزم حماية الأمن القومي وفق الدستور، ويجب أن تعكس المؤسسات الأمنية والعسكرية التنوع السوداني ويكون ولاؤها للوطن وليس لحزب أو جماعة، على أن تكون عملية تكامل وتوحيد القوات تدريجية تنتهي بنهاية الفترة الانتقالية، بعد حل مسألة العلاقة بين الدين والدولة في الدستور.

دستور دائم

كذلك تم الاتفاق على ترتيبات انتقالية بين الجانبين تشمل الفترة والمهمات والآليات والموازنات وغيرها، وأن ما تتم المصادقة عليه بين الطرفين يعتبر ضمن عملية تطوير الوثيقة الدستورية، لكي تصبح دستوراً دائماً في نهاية الفترة الانتقالية.

كما تضمن الإعلان اتفاق الطرفين على وقف دائم لإطلاق النار عند التوقيع على الترتيبات الأمنية المتفق عليها، كجزء من التسوية الشاملة للنزاع في السودان.

وكانت المفاوضات بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية شمال"، قد تعثرت العام الماضي، ما حال دون توقيع الأخيرة (الحركة الشعبية) على اتفاق السلام بجوبا في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بسبب تمسك الحركة الشعبية بالعلمانية وحق تقرير المصير، لكن جهود الوساطة والمجموعات الدولية قاربت وجهات النظر بين الطرفين، ما أسهم في التوقيع على هذا الاتفاق.

المزيد من تقارير