Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يتأقلم العاملون في مجال الحفلات الموسيقية مع ظروف كورونا؟

أعضاء فرقة فنية يتحدثون عن تضرر القطاع وتدبرهم الأمور بجهود تشمل الجولات الفنية والعمل في متاجر البيع بالتجزئة وخدمات التوصيل

شكلت الحفلات الموسيقية قطاعاً فائق النشاط في زمن ما قبل كورونا (عن بريتانيكا.أورغ)

حينما بدأت جائحة كورونا في وقت مبكر من العام الماضي، كان قطاع الحفلات الموسيقية الحية من أوائل الصناعات التي شعرت بتأثيراتها. إذ خيم الصمت على المدرجات والمسارح التي اعتادت أن تعج بآلاف المشجعين المتحمسين. وكذلك أُجبرت المرافق الموسيقية الصغيرة، على طلب التبرعات من مرتاديها المواظبين كي تتفادى إقفالها إلى الأبد، في حين وجد آلاف العمال في أرجاء المملكة المتحدة كافة أنفسهم قابعين في منازلهم يراقبون تقهقر الصناعة التي طالما أحبوها.

وتتحدث كارين رينغلاند، المؤسسة المشاركة في مبادرة "نحتاج طاقماً فنياً" We Need Crew التي أُطلقت بهدف دعم أفراد الفرق الموسيقية الذين خسروا أعمالهم ويواجهون صعوبات للاستمرار من دون الحفلات الحية، مشيرة إلى "أنها ليست وظيفة بقدر ما هي أسلوب حياة. حينما تضطر إلى قضاء وقت طويل في المنزل، فإن ذلك يؤثر فعلاً على صحتك العقلية".

وكذلك تبرعت رينغلاند، إلى جانب أليس مارتن، بوقتهما من أجل المساعدة في جمع 250 ألف جنيه استرليني (أي حوالى 350 الف دولار أميركي) منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2020، جرى تحويلها منحاً تُقدم لأعضاء الفرق الموسيقية المتجولة والمسرحية والفعاليات الفنية الأضعف حالاً من الناحية المالية. وقد عملت رينغلاند ومارتن مع فرق موسيقية من بينها "5 سيكندز أوف سَمَر" 5 Seconds of Summer  و"سبايس غيرلز" Spice Girls و"ويست لايف"  Westlife و"سيغَر روس" Sigur Ros. وقد أشرفتا على عروض في المسارح الكبرى ومرافق فنية أخرى حول العالم. على كل حال، تجمد كل ذلك بالكامل في مارس (آذار) 2020.

ووفق رينغلاند: "أطلقنا مبادرة "نحتاج طاقماً فنياً" لأننا ببساطة نشعر بالإحباط من كل شيء، بما في ذلك ما نسمعه من أصدقائنا وزملائنا. وفي العادة، قد نقضي 10 أشهر من السنة بعيداً عن المنزل، ونعيش في هذه الحلقة الضيقة من الفنانين المشاركين في الجولة الموسيقية".

من بين الفنانين الذين دعموا الحملة، نيال هوران، النجم السابق في فرقة "ون دايركشن" One Direction الذي حقق نجاحاً كفنان منفرد، وتجاوزت مبيعات بطاقات حفله الذي أحياه في "رويال ألبرت هول" Royal Albert Hall وبُث على الهواء مباشرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 125 ألف تذكرة.

وتشير رينغلاند إلى أن هوران "كان رائعاً في الترويج للحملة، إذ أجرى مقابلات وبذل كل ما في وسعه بهدف زيادة الوعي لدى الجمهور. أعتقد أن توقيت ذلك جاء مؤثراً حقاً، كنا بحاجة إلى شيء إيجابي".

وتهدف مبادرتهم الجديدة المسماة "غو فاند مي" GoFundMe تحت "هاشتاغ" #MoveforCrew، إلى جمع مزيد من الأموال الضرورية لمصلحة مؤسسة "باك أب تيك" Backup Tech الخيرية، إضافة إلى أنها تساعد في تحسين الصحة العقلية لأفراد الطواقم الفنية. وتعمل المبادرة مع استشاريين نفسيين وجمعيتي "ميوزك سابورت" و"ميوزك آند يو"، بهدف توفير العلاجات الصحية العقلية للعاملين في هذا المجال.

وتشير مارتن إلى إنهم تلقوا استجابة رائعة من فنانين يعملون في مختلف القطاعات الموسيقية، مضيفة، "سنستمر في هذه الحملة".

وتأتي حملتهم في وقت أسقطت فيه أحدث ميزانية حكومية كل أشكال خطط التأمين الهادفة إلى دعم قطاع الموسيقى الحية هذا الصيف، على الرغم من دعم "وزارة الثقافة والإعلام الرقمي والرياضة" والضغط الذي يفرضه منظمو المهرجانات الذين أعلنوا بالفعل عن خططهم للمضي قدماً في تنفيذ نشاطات العام 2021.

وعلى الأرجح، سيؤدي ذلك إلى إغراق قطاع الحفلات الحية في مزيد من الحيرة. إذ لن تتمكن المهرجانات الصغيرة والمستقلة من المضي قدماً من دون حصولها على ضمان تأمينها مالياً في حال أُجبرت على إلغاء فعالياتها بسبب فيروس كورونا. وكذلك يعني هذا أن أعضاء قطاع الموسيقى الحيّة يواجهون صيفاً آخر بلا عمل.

ويذكر جوليان نايت، رئيس لجنة الثقافة والإعلام الرقمي والرياضة (الحكومية في بريطانيا)، أن افتقار الميزانية لأي نوع من برامج التأمين أمر "مخيب للآمال".

"نحن نرحب باستماع وزارة الخزانة إلى القضية التي كانت هذه اللجنة تضغط باتجاهها بهدف الحصول على دعم إضافي لفنوننا المتميزة والقطاعات الإبداعية والرياضية التي تضررت بشدة من تأثير الوباء. وعلى كل حال، من المخيب جداً للآمال أن الحكومة على ما يبدو لم تسمع طلبنا تقديم دعمها إلى برامج تأمين إلغاء المهرجانات، الأمر الذي سيوفر شبكة أمان في حالة احتاج المنظمون أن يلغوا خططهم، ويجعل مزيداً منهم واثقين بأنهم يستطيعون المضي قدماً في خططهم هذا الصيف."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أُجبر آندي واشنطن (57 عاماً) على صرف معاشه التقاعدي بعدما توقف عن العمل بسبب الوباء. وفي أوقات سابقة، عمل واشنطن موظفاً في "مكان شهير للغاية داخل لندن"، في الأوقات التي لم يكن لينضم فيها إلى جولات مع فناني موسيقى الأميركانا والفولك، بما في ذلك الراحل جاستن تاونز إيرل، و الثنائي الموسيقي "ذا هاندسوم فاميلي" وفرقة "هوراي فور ذا ريف راف" Hurray for the Riff Raff والمغنية ماري غوثييه.

وفي حديث مع "اندبندنت"، يورد واشنطن أن "التأثيرات المشتركة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووباء كورونا، تسببت في القضاء على عملي في المستقبل المنظور. في العادة، ألتقي بإحدى الفرق في مطار "هيثرو" وأبقى معهم في جولة طويلة عبر أوروبا تكون نهايتها في المملكة المتحدة بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع. وحتى حينما يصبح ذلك آمناً، فإن هذا النوع من الجولات لن يكون مجدياً مالياً بعد الآن".

ويضيف واشنطن أنه حتى قبل الوباء، أدى "الرعب الجديد" عند عبور الحدود بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى امتناع الفرق التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها عن إحياء حفلات في المملكة المتحدة. وبحسب كلماته، "لن تحضر بعض الفرق إلى هنا على الإطلاق لأن اقتصادنا تضرر بشدة".

وصارحنا واشنطن بأنه على الرغم من سلامة صحته العقلية، إلا أن الوباء سبب له أضراراً  جسدية لأنه لم يعد يركض خلف الفرق الموسيقية. ويوضح، "أنا أتبع حمية لإنقاص الوزن للمرة الأولى في حياتي، ضمن محاولة التعامل مع زيادة الوزن".

ويورد أحد تقنيي الغيتار في فرقة موسيقى حية رئيسة في المملكة المتحدة، يرغب في عدم الكشف عن هويته، أنه يعمل في موقع بناء منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2020. ويصف الوظيفة التي حصل عليها إلى جانب بعض التبرعات من فرقته الرئيسة، بأنها "هبة من الله".

"من ناحية المدخول، لا يقترب المبلغ من راتبي المعتاد، لكن هذا هو العمل. أتمكن من سداد القرض العقاري وأؤمن طعام أطفالي. سأكون ممتناً إلى الأبد لأصدقائي لعرض هذه الوظيفة علي. الآن، أنتظر مجرد بدء الحفلات من جديد. أنا متفائل حيال فصل الخريف والعام المقبل، ما يقلقني على كل حال يتمثل في مدى وجود قطاع أعود إليه."

واعتاد ديك ميريديث (57 عاماً) العمل مديراً للجولات في فرقة "باستيل" Bastille التي شكلت إحدى أنجح فرق البوب ​​في المملكة المتحدة خلال العقد الماضي. في المقابل، يعمل ميرديث منذ مارس الماضي في تكديس البضائع وسائق توصيل طلبات في متاجر البيع بالتجزئة "تيسكو" في "لينكنشاير". وأثناء عمله في عرض في "كارديف" (عاصمة إمارة ويلز) لمصلحة فرقة "ذا سكريبت" لموسيقى الروك أصيب شخصياً بفيروس كورونا وبقي مريضاً لمدة أسبوعين. نظراً لتوقعه أن الصناعة ستستغرق بعض الوقت قبل أن تعود إلى طبيعتها، فقد تقدم بطلب للحصول على وظيفة في متاجر "تيسكو" وقضى ستة أشهر في تكديس البضائع في الوردية الليلية في فرع الشركة المحلي.

"لقد بدا الأمر محطماً للأنا. أن تنتقل من الإدارة الرفيعة وإحياء العروض في المسارح الكبرى إلى تكديس علب الحساء والفاصولياء بالطماطم. لقد أعطاني هذا العمل كثيراً من الوقت للتفكير، وتسبب في أذية ركبتي أيضاً."

خسر ميريديث وظيفته كعامل جمع بضائع في سبتمبر (أيلول) العام الماضي بسبب تسريح العمال، لكنه حصل بعد ذلك على وظيفة سائق توصيل طلبات (إضافة إلى وظيفة مدير مسرح عروض الأطفال الترفيهية التي تقدمها شخصية مستر تامبل)، ما أشعره بالرضى عبر إحساسه بأنه يساعد الأشخاص الضعفاء. ويضيف، "أقابل أولئك السيدات المسنات اللواتي لم يتحدثن إلى أي شخص طوال الأسبوع".

يقول ميريديث إن "قسم توصيل الطلبات" في معظم المتاجر الكبرى مكتمل الموظفين بفضل طاقم جولات فرقة "باستيل".

"لدينا مجموعة محادثة عبر تطبيق "واتساب" تضم جميع سائقي التوصيل. إذ يعمل أحد تقنيي الأورغ في الفرقة مع متاجر "آزدا" Asda، وتقني الغيتار يعمل سائق توصيل مع متاجر "موريسونز" Morrison’s، ومدير الإنتاج لدينا يوصل طلبات المخبز محلياً لمصلحة شركة "أمازون" الشهيرة."

ما زال يخامره الشك في خطط المهرجانات والجولات التي ستجرى هذا الصيف. إذ يشير إلى مشكلات لوجستية كحاجة الفنانين وطواقمهم الفنية الآتين من خارج البلاد إلى الدخول في حجر صحي لـ10 أيام، "من سيدفع تكاليف ذلك؟"

انتهى الأمر بعديد من أفراد طواقم الفرق الفنية، ممن خُيروا بين فقدان منازلهم أو العثور على عمل في مكان آخر، إلى بدء أعمال في صناعات ليس لديهم معرفة سابقة عنها على الإطلاق.

آندي بيبي (33 عاماً) اعتاد أن يعمل مدير جولات مستقل لفنانين من بينهم ديكلان جيه دونافان وريس لويس، قبل انتشار الوباء. وقبل ذلك أيضاً، شغل منصب رئيس الأعمال الدولية لشركة التسجيلات "ون ليتل إنديان" One Little Indian. على كل حال، بعد ستة أشهر من عدم إحياء أي جولات، أسس شركة "ساوث لندن صوص" التي تصنع الصلصات الجاهزة، ويديرها من شقته.

"هذا ما تمكنت من الحصول عليه، وبدا شديد القرب من "إعادة التأهيل على الإنترنت". إنها عملية جديدة بالكامل. وتوجّب علي تعلم كثير من الأشياء الجديدة، وأبقتني مشغولاً في إدارة شركة ناشئة في عز الوباء."

 

وكذلك يوضح بيبي أنه "لم تكن لديه أدنى فكرة" حول كيفية بدء تجارته وإدارتها، واصفاً التجربة بأنها "منعطف تعليمي حاد".

"لكن، بما يشبه الحال في وسط الجولات الفنية، ثمة مجموعة مذهلة من الأشخاص الداعمين في الأعمال التجارية المحلية الذين قدموا دعماً رائعاً لمشروعي. أود أن أكون قادراً على تشغيله بطريقة ما إلى جانب الجولات، عندما نتمكن من إحيائها مجدداً". ولقد مر عام تقريباً على آخر مرة أحيا فيها حفلة موسيقية حية مدفوعة الأجر، وفق كلماته "أنا مستعد لتقديم كل شيء مقابل إحياء حفل حماسي أو مهرجان."

ثمة صورة مماثلة تبرز مع شركة الإنتاج والتدريب الموسيقي "سكابيد ستوديوز" التي يمتلكها ستيفن كيركوود وستيفن غالوني، وقد مثلت نتاج ست سنوات من الجهد، إذ تمكنا من إطلاق الشركة من بلدة "دمبارتون" الاسكتلندية، ثم وسعناها كي تشمل فرق الموسيقى، والإنتاج الفني والفعاليات الحية، والعمل ضمن المدارس في تعليم الشباب كيفية تأليف الموسيقى".

عبر البريد الإلكتروني، يورد ستيفن "اختفى كل شيء بين ليلة وضحاها. لقد كانت فترة مخيفة للغاية، وعلينا التفكير بأقصى سرعة في ما سنفعله بعد ذلك".

قرر ستيفن الذي أحس أن عليه وشريكه التحرك بسرعة للتكيف مع "الوضع الطبيعي الجديد"، إطلاق محل بيتزا خاص بهما، وهو شغفهما الآخر بعيداً عن مجال الموسيقى. ويتحدث عن تفاصيل ذلك الأمر، "بدأت في التواصل مع المحلات التي لم تتمكن من الاستمرار خلال الوباء للأسف، ولم تكن تنوي أن تفتح مجدداً. تمثل خيارنا الأول في متجر قديم لبيع الشطائر يقع بالقرب من معلم "دمبارتون روك" السياحي ويتمتع بإطلالة رائعة على القلعة".

لقد كانا محظوظين، إذ أراد أصحاب المكان بيعه. في غضون بضعة أشهر، تمكنا من تأمين الأموال كي يبدآ نشاطهما التجاري الجديد ويطلقا أول مطعم بيتزا إيطالي أصيل في "دمبارتون" تحت اسم "بانغين بيتزا".

"منذ الافتتاح، بدا إقبال الناس مذهلاً. نحن نبيع كل ما لدينا من بيتزا كل ليلة، وأصبحنا لاعباً أساسياً في أوساط قطاع المطاعم المحلية. نحن نتعلم باستمرار ونتكيف أثناء تقدمنا، ونحن فخوران جداً بالبيتزا التي نقدمها وما أنشأناه في المجتمع."

ويقول ستيفن واصفاً تلك التجربة بأنها "سوريالية تماماً"، لكنه لا يزال يأمل في أن يتمكنا (هو وشريكه) من الانضمام إلى صناعة الموسيقى في المستقبل القريب. في المقابل، يرى أنه "حتى ذلك الحين، كل ما لدينا الآن هو بيتزا بيتزا بيتزا!"

ويعتقد ميريديث أن الوباء سيؤدي إلى إعادة تقييم جادة بشأن البنية التجارية في صناعة الموسيقى الحية التي توظف عدداً كبيراً من العاملين المستقلين الذين لم تكن لديهم معاشات تقاعدية يمكنهم اللجوء إليها حينما فقدوا أعمالهم.

"كثيرون منا يعيشون يوماً بيوم. أعتقد أن الوباء سيجعل الناس يعيدون التفكير في الطريقة التي تُجرى الأعمال فيها. إن هذا الوضع غير مستدام."

© The Independent

المزيد من فنون