Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أية استراتيجية لسلاح الدبلوماسية الأميركية؟

الواضح حتى الآن هو الخروج على سياسة "أميركا أولاً" التي قررها الرئيس دونالد ترمب وحاول أن يخدمها عبر "شطارة المقاول"

لكن الامتحان الإيراني لإدارة بايدن ليس في مادة واحدة وهي الملف النووي. (رويترز)

أميركا العائدة إلى القيادة تركّز على سلاح الدبلوماسية، والرئيس جو بايدن يكرر التأكيد على "العودة إلى الدبلوماسية كاستثمار نفعله، ليس فقط لأنه الصواب، بل أيضاً لأنه في مصلحتنا".

وزير الخارجية أنتوني بلينكن يعلن التخلي عن "الدبلوماسية الأحادية الجانب" للعودة إلى التحالفات والمشاورات مع الشركاء والأصدقاء.

النائب السابق لوزير الخارجية وليم بيرنز المعيّن مديراً لوكالة المخابرات المركزية يقول في كتاب "القناة الخلفية"، علينا "إنقاذ تفوّق الدبلوماسية" التي تستند إلى "القوة الناعمة" لأميركا، وتدير "المنطقة الرمادية" بين السلم والحرب.

ويرى مع المندوبة الأميركية الجديدة في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في مقالة نشرتها "فورين أفيرز"، "أن ما تعلمناه من 40 سنة في الخارجية، هو أن الاستثمار الذكي والمستدام في الشعب مفتاح الدبلوماسية الجيدة"، وهم جميعاً يعرفون قول فريدريك الكبير "دبلوماسية بلا قوة، مثل الموسيقى بلا آلات"، فلا الدبلوماسية عصا سحرية، ولا الرهان عليها يكفي من دون الانطلاق من "سياسة الدبلوماسية" بحسب التعبير الذي وضعه وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر عنواناً لمذكراته. والسؤال أمام إدارة بايدن التي تراجع السياسات والاتفاقات والالتزامات السابقة هو: أية سياسة تخدمها الدبلوماسية، وأية استراتيجية تخدمها السياسة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الواضح حتى الآن هو الخروج على سياسة "أميركا أولاً" التي قررها الرئيس دونالد ترمب، وحاول أن يخدمها بدبلوماسية "نرجسية"، والسعي إلى حل الأزمات مع العالم عبر "شطارة المقاول" في الصفقات والعلاقة الشخصية مع قادة أنظمة شمولية أو سلطوية، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ والتركي رجب طيب أردوغان والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

 والمفترض هو الخروج من سياسة "القيادة من المقعد الخلفي" التي مارسها الرئيس باراك أوباما، لكن الاستراتيجية لا تزال محل أسئلة، فهل هي "استراتيجية عظمى" أو أقله "استراتيجية ردع موسّع" دفاعاً عن مصالح أميركا والحلفاء، أم استراتيجية الحد الأدنى في مناطق مثل الشرق الأوسط والحد الأقصى في الشرق الأقصى؟

الامتحان العملي القريب في اللعبة مع إيران، فالكل يتصرف على أساس أن الملف النووي الإيراني ليس له حل عسكري، وإدارة بايدن واثقة من أن الدبلوماسية هي المفتاح الوحيد للحل. أية دبلوماسية؟

دبلوماسية أوباما التي أعطت طهران اتفاقاً نووياً ناقصاً مملوءاً بالثغرات، وألغت العقوبات وقدمت المال وحاولت إغواء الملالي فشلت، إذ أطلقت يد إيران في تطوير الصواريخ الباليستية وتوسيع نفوذها في المنطقة وزعزعة استقرارها، كما ثبت أن إيران قادرة على الغش وإدارة برنامج عسكري سري لصنع سلاح نووي.

 دبلوماسية "الضغوط القصوى" والعقوبات فشلت في دفع طهران إلى التفاوض أيضاً، وهو الخيار الوحيد الذي راهن عليه ترمب، و"القوة الناعمة" لأميركا هي آخر ما يؤثر في قرار المرشد الأعلى علي خامنئي، وما دامت "القوة الخشنة" خارج التداول، وإن لوحت بها إسرائيل العاجزة وحدها عن فعل شيء، فلا أحد يعرف كيف يمكن "منع إيران من امتلاك القنبلة"، ولا أحد يصدق أن بلداً ينفق عشرات المليارات من العملة الخضراء، ويتعرض لعقوبات خانقة وعزلة، ويتحمل كل ذلك من أجل برنامج نووي سلمي يستطيع تنفيذه مثل أي بلد عادي.

لكن الامتحان الإيراني لإدارة بايدن ليس في مادة واحدة وهي الملف النووي، ولا هو مبارزة ثنائية بين بلدين وإرادتين، فالمواد متعددة والحاجة كبيرة إلى كل اللاعبين الشركاء في الاتفاق النووي وغير الشركاء من الذين تزعزع إيران استقرارهم، وليس الرد العسكري الأميركي المحدود على الهجمات الصاروخية التي شنّها وكلاء إيران من الميليشيات العراقية سوى "رسالة" رمزية، فكيف تستعيد أميركا ثقة الشرق الأوسط فيها من دون أن تجد حلاً فعلياً للتهديد الإيراني؟ وكيف تنهي الخطر الإيراني من دون أن تقود إلى تسوية للصراع العربي - الإسرائيلي بالتوصل إلى "حل الدولتين" واستعادة سوريا للجولان، وتأمين حقوق لبنان في النفط والغاز عبر ترسيم الحدود البحرية، وفي الأرض بانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر؟ ألم يزدد الحوثيون اندفاعاً في الاعتداءات على السعودية بعدما أخرجتهم إدارة بايدن من لائحة الإرهابيين؟ وكيف تعمل الدبلوماسية الناعمة مع الدول الباحثة عن مناطق نفوذ وأدوار؟

أميركا تعلّمت الدروس من مغامراتها العسكرية، وصارت ميالة إلى الانسحاب من "حروب لا تنتهي" في الشرق الأوسط وأفغانستان، لكن من الوهم الهرب من التحديات في صدام المصالح الاستراتيجية، ولا معنى لدبلوماسية قوة عظمى من دون أسنان وحتى أنياب.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة