Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التحقيق مع ترمب يضع بايدن في موقف حرج

يمكن للرئيس المنتخب أن يُفاقم الانقسامات في البلاد في حال ملاحقة الرئيس المنتهية ولايته

حري بالرئيس الأميركي المنتخب أن يحدد أولوياته قبل تسلم منصبه، فهل يطوي صفحة ترمب أم يلجأ إلى مساءلته قضائيا؟ (غيتي)

هناك 73 مليون سبب قد تجعل جو بايدن يعتقد أن محاكمة وزارة العدل (الأميركية) دونالد ترمب لن تكون فكرة جيدة، وسيكون من الأفضل بكثير ترك الرئيس المنتهية ولايته يفلت بأي جرائم مزعومة يُحتمل أن يكون ارتكبها.

فعلى الرغم من خسارته الشاملة في كل من التصويت الشعبي والهيئة الناخبة، لا يمكن إنكار أن الرئيس المنتهية ولايته وسع قاعدته الانتخابية، وأن عدداً كبيراً من أتباعه يُصدقون مزاعمه بسرقة الانتخابات.

لذا فإن هناك خطراً واضحاً في هذه الظروف من أن ينظر هؤلاء المؤيدون إلى ملاحقة زعيمهم في المحاكم باعتبارها استفزازاً، وقد يؤدي ذلك إلى إعادة إشعال نار انقسامات ملتهبة في البلاد.

لقد خلص المستشار الخاص روبرت مولر في تحقيقه في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، إلى أن ترمب ربما ارتكب جريمة عرقلة سير العدالة في 10 مناسبات على الأقل. لكن مولر استنتج أن قراراً لوزارة العدل في عام 1973، يقضي بعدم إمكانية توجيه لائحة اتهام ضد رئيس لا يزال في منصبه، يعني أن اتهام ترمب بارتكاب جريمة فيدرالية سيكون "مخالفاً للدستور". غير أن تلك الحصانة لن تبقى سارية بعد 20 يناير (كانون الثاني).

لكن، هل يريد بايدن أن تكون إدارته أول إدارة أميركية تحاكم رئيساً سابقاً؟ في هذا الأسبوع، قلل من شأن احتمال سعيه الحثيث للتحقيق مع ترمب. وفي خطابه كرئيس منتخب، شدد على أنه "حان وقت التعافي" وتعهد بأن يكون رئيساً "لا يسعى إلى التقسيم بل إلى توحيد البلاد".

قد تكون هناك رغبة لوضع حد للاضطرابات غير العادية التي شهدتها سنوات ترمب. لكن هناك مشكلات كبيرة ستترتب على أي سياسة سلبية لا تحرك ساكناً.

خلال الحملة الانتخابية، شددت نائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس، على أن وزارة العدل "لن يكون أمامها خيار سوى التحرك ضد ترمب"، وقالت هاريس "أعتقد أننا يجب أن نصدق بوب مولر عندما يخبرنا، بشكل أساسي، بأن السبب الوحيد لعدم توجيه لائحة الاتهام هو أن هناك مذكرة في وزارة العدل تشير إلى أنه لا يمكنك اتهام رئيس بينما لا يزال في منصبه. لكنني رأيت دعاوى تستند إلى أدلة أقل بكثير".

هناك أيضاً شعور قوي يسري في الحزب الديمقراطي بأن ترمب، الذي يستفيد من أيامه الأخيرة للعفو عن مساعديه السابقين مثل مايكل فلين، الذي أقر بالكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، يجب أن يواجه العدالة.

على سبيل المثال، قال إريك سوالويل، وهو عضو ديمقراطي في الكونغرس من كاليفورنيا، "عندما نهرب من جحيم ترمب هذا، تحتاج أميركا إلى لجنة جرائم رئاسية، ويجب أن تتكون من مدعين عامين مستقلين، ينظرون في أمر الذين دعموا رئيساً فاسداً، والمثال الأول هو تعطيل البريد للفوز بالانتخابات".

من ناحيته، دعا النائب الديمقراطي عن ولاية نيو جيرسي بيل باسكريل، بايدن إلى بدء التحقيقات ضد ترمب في أول يوم له في منصبه. وقال إن الرئيس المنتهية ولايته "متورط في الغدر والخيانة" مضيفاً أن "الفشل في محاسبة الانتهاكات المالية والسياسية في الماضي، أدى إلى ارتكاب الأشرار مخالفات أكثر. إن تكرار تلك الإخفاقات في عام 2021 يزيد من تشجيع أعمال الإجرام من قبل قادتنا على الصعيد الوطني، ويواصل دفع أميركا على طريق الفوضى والاستبداد. لذا، لا مناص من المساءلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولقد اعترف أندرو وايسمان، وهو مدع عام كبير في فريق مولر وأحد نوابه، بأن التحقيقات والمتابعات القضائية لترمب "ستزيد من تقسيم البلاد" و"تستنفد بالتأكيد طاقة الإدارة". ومع ذلك أضاف قائلاً، "سيكون من الأسوأ غض الطرف عن عرقلة ترمب العدالة الفيدرالية، حيث أن خلق سابقة من عدم التصدي لعرقلة تحقيق لمستشار خاص من قبل الرئيس ستكون مكلفة للغاية، فهي ستجعل أي تحقيق مستقبلي ينفذه مستشار خاص ضعيفة، وستضع الرئاسة فوق القانون بحكم الواقع".

وشدد وايسمان، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، على أن فريق المستشار الخاص "جمع أدلة كافية لاتهام السيد ترمب بعرقلة العدالة". وتساءل "ما هي السابقة التي ستُكرس إذا سُمح لعرقلة تحقيق كهذا بالإفلات من العقاب ومن دون رادع"؟.

وحتى لو حاول بايدن وقف الملاحقة الفيدرالية لترمب، فإنه لا يستطيع وقف التحقيقات الجارية حالياً على مستوى الولايات، وهو أمر أقر به.

ويخضع ترمب لـ15 تحقيقاً جنائياً ومدنياً من قبل تسع هيئات اتحادية على مستوى الولايات والمقاطعات، في شؤونه المالية الشخصية والتجارية، بما في ذلك شؤونه الضريبية، وحملته الانتخابية ولجنته الخاصة بمراسم التنصيب، والجمعيات الخيرية المرتبطة به. ولقد نفى ترمب كل المزاعم.

تشمل القضايا غير الفيدرالية قضية تولاها مكتب المدعي العام الأميركي الخاص بدائرة جنوب نيويورك، التي نشأت عن التهم الموجهة إلى محامي ترمب الشخصي المقرب إليه مايكل كوهين، بشأن جرائم تمويل الحملات الانتخابية المتعلقة بدفع رشاوي مقابل شراء صمت ستورمي دانيلز ونساء أخريات كانت لديهن، بحسب المزاعم، علاقات جنسية مع ترمب (نفى ترمب هذه العلاقات).

في هذا الصدد، توقع كوهين، المُبعد بمرارة عن ترمب حالياً، أن رئيسه السابق "قد يكون قريباً أول رئيس ينتقل مباشرة من البيت الأبيض إلى السجن".

ويحقق سايروس فانس جونيور، المدعي العام في منطقة مانهاتن، في ما وصفه مكتبه بأنه "ربما سلوك إجرامي واسع النطاق طال أمده في منظمة ترمب"، وعلاوة على المسائل الضريبية، سيُحقق في ما إذا كان ترمب وشركته متورطيْن في الاحتيال المصرفي والاحتيال على التأمين والاحتيال الضريبي الجنائي وتزوير السجلات التجارية.

كما يواجه ترمب دعاوى قضائية رفعتها ضحايا مزعومات لاعتداءات جنسية، مثل الكاتبة الصحفية إليزابيث جان كارول، التي زعمت بأن ترمب اغتصبها في متجر في مانهاتن خلال التسعينيات. وتقاضي هذه الضحايا ترمب بتهمة التشهير بعد أن اتهمهُن باختلاق الاعتداءات.

من ناحية أخرى، حاول ترمب الاستفادة من منصبه. ففي الشهر الماضي، وفي خطوة غير عادية، سعى المدعي العام وليام بار إلى استبدال ترمب بوزارة العدل بصفتها الطرف المدعَى عليه في قضية كارول. لكن ثمة قاض رفض طلبه، ما أنقذ دعوى كارول فعلياً من العزل. ولقد استأنفت وزارة العدل هذا الحكم.

ويشير وايسمان إلى أنه بالإضافة إلى مزاعم عرقلة تحقيق مولر، فإن أي دليل يُكتشف في تحقيقات نيويورك يمكن أن يؤدي إلى توجيه مزيد من الاتهامات الفيدرالية إلى ترمب.

كانت هناك إشارات على أن ترمب قد يعفو عن نفسه قبل ترك منصبه. لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بإمكانه القيام بذلك من الناحية الدستورية، ولقد أثيرت هذه المسألة أثناء جلسة المصادقة على تعيين إيمي كوني باريت قاضية في المحكمة العليا. ويقول وايسمان، إن أي مُدع عام جديد سيكون قادراً على تحدي أي خطوة كهذه من قبل ترمب.

وهناك سيناريو آخر يجب احتسابه، وهو إذا أفلت الرئيس المنتهية ولايته من الملاحقة القضائية ثم خاض انتخابات 2024 وفاز بها، وهذا ليس مستبعداً تماماً في حال احتفظ الجمهوريون بمجلس الشيوخ وعرقلوا عمل بايدن.

لقد أطلقت إدارة ترمب تحقيقات مع مدير إف بي أي السابق جيمس كومي، ونائبه أندرو مكابي. كما هدد ترمب بإقالة المدعي العام بار، إذا لم يوجه اتهامات إلى باراك أوباما وجو بايدن وكثيرين آخرين بشأن الفضيحة المفترضة التي يسميها "أوباماغيت" حيث يزعم ترمب أن سلفه استخدم أسابيعه الأخيرة في منصبه لتقويض الإدارة اللاحقة وأعلن أن المحاكمات ستبدأ فور إعادة انتخابه.

فهل ستكون عودة ترمب (في 2024) أكثر ليونة وتصالحية؟ أم الأرجح أنه سيسعى للانتقام من أعدائه؟ لا يبدو أن السيناريو الأول مرجح كثيراً، نظراً إلى أفعاله خلال فترة ولايته الأولى في السلطة.

© The Independent

المزيد من آراء