اشتباكات عنيفة شهدتها العاصمة الهندية نيودلهي بين المسلمين والهندوس، أسفرت عن مقتل 30 شخصاً وسقوط أكثر من 200 جريح، في أسوأ موجة عنف شهدتها البلاد منذ المجازر بحق السيخ عام 1984 التي وقعت رداً على اغتيال أنديرا غاندي.
الاضطرابات التي بدأت الأحد الماضي، تصاعدت خلال أيام قليلة إلى مواجهات بين مؤيدي ومعارضي قانون الجنسية الجديد في الهند، إلى أعمال شغب طائفية في الأحياء الفقيرة من أطراف العاصمة.
وخلال مظاهرة احتجاجية لمواطنين مسلمين، الخميس، وقع صدام مع هندوس مؤيدين للقانون، حيث تطور العنف إلى أعمال شغب أدت إلى تخريب وحرق متاجر ومركبات عامة، بالإضافة إلى مساجد وأضرحة خاصة بالمسلمين، وبحسب وسائل إعلام أميركية فإن المسلمين يقولون إن مجموعة من الهندوس صرخوا بشعارات قومية هندوسية وقاموا بأعمال شغب وسط تقاعس الشرطة عن التدخل.
وتقول وكالة "أ.ب" إن هناك قتلى وجرحى من الجانبين ومن رجال الأمن، واستناداً إلى لائحة بأسماء القتلى في المستشفى الرئيس، اطلعت عليها "أ.ف.ب"، بدا أن عدد الضحايا المسلمين والهندوس متساوٍ تقريباً.
ما هو قانون الجنسية الجديد؟
وكانت الاضطرابات بدأت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما مرر البرلمان قانوناً مقترحاً من قبل رئيس الوزراء الهندي ناردينا مودي، يتيح للأقليات الدينية المضطهدة في بعض الدول المجاورة، بمن في ذلك الهندوس والسيخ والمسيحيون، الحصول على جنسية الهند من خلال إجراءات سريعة وهي خطوة يعتبرها المسلمون تمييزية وتمثل خروجاً على التقاليد العلمانية للبلاد.
وينفي حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي، الذي يرأسه مودي، أي تحيز ضد المسلمين في القانون الجديد باعتباره يتعلق بحماية أفراد الأقليات المضطهدة الوافدين من باكستان وبنغلادش وأفغانستان.
ويقول معارضو مشروع القانون إنه إقصائي وينتهك المبادئ العلمانية المنصوص عليها في الدستور، إذ لا يمكن أن يكون المعتقد الديني شرط المواطنة، حيث يحظر الدستور التمييز الديني ضد المواطنين، ويضمن لجميع الأشخاص المساواة أمام القانون والحماية المتساوية.
كما يتهم معارضو مودي، رئيس الوزراء بأنه يسعى إلى تحويل الهند، التي يشكل فيها الهندوس 80 في المئة من السكان البالغ تعدادهم 1.3 مليار نسمة، إلى بلد هندوسي بالكامل، ويشير خصومه بأصابع الاتهام إلى الخطاب القومي الذي اعتمده مسؤولو حزبه خلال الحملة الانتخابية المحلية في دلهي مطلع العام.
مدافعون عن القانون ومعارضون له
ويظل التساؤل بشأن أسباب استثناء اللاجئين المسلمين القادمين من الدول المجاورة، من منحهم الجنسية، غير أن المدافعين عن القانون، بحسب ما نُشر في الصحافة المحلية، أوضحوا أن استبعاد المسلمين من نطاق تغطية قانون الجنسية الجديد ينبع من الواقع الواضح المتمثل في أن الدول الثلاث التي يشملها القانون وهي باكستان وبنغلادش وأفغانستان، هي دول إسلامية، فضلاً عن أن المتشددين الإسلاميين في هذه البلدان يستهدفون الأقليات غير المسلمة.
لكن ربما لا يمثل ذلك مبرراً قوياً لاستثناء المسلمين، إذ يقول المنتقدون إنه إذا كان الهدف هو حماية الأقليات فعلياً، كان ينبغي أن يشمل القانون الأقليات الدينية المسلمة التي واجهت الاضطهاد في بلادها، مثل الأحمديين في باكستان والروهينغا في ميانمار.
200 مليون مسلم هندي
ووفقا للقانون الجديد لن يتسنى للمهاجرين المسلمين الحصول على الجنسية ويعتبرون مهاجرين غير شرعيين، فيما يحتاج المهاجرون من الديانات الأخرى إلى إثبات أن بلدهم الأصلي هو واحد من البلدان الثلاثة التي يشملها القانون، وقال رئيس الوزراء الهندي وقتها إن الهنود "الحقيقيين"، بمن فيهم 200 مليون مسلم في البلاد، ليس لديهم ما يخشونه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعربت اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية، عن قلقها العميق جراء العنف في الهند، ونقلت شهادات أكدت أن الشرطة لم تتدخل، وهو ما نفته الحكومة الهندية، وقال مفوض اللجنة أنوريما بهارجافا إن "الحكومة فشلت في واجبها في حماية مواطنيها"، كما أعربت المفوضة السامية لدى الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشليه، عن قلقها، الخميس، "من المعلومات التي تشير إلى عدم تحرك الشرطة أمام الهجمات ضد مسلمين".
وسرعان ما ردت وزارة الشؤون الخارجية الهندية، واصفة تعليقات اللجنة الأميركية بأنها "غير دقيقة ومضللة في الواقع، ويبدو أنها تهدف إلى تسييس القضية"، ووصف مسؤولون من حزب "بهاراتيا جاناتا" المتظاهرين ضد قانون الجنسية بأنهم "جهاديون".
وعلى الرغم من العنف الذي تعرض له السكان المسلمون، نقلت الوكالة الفرنسية عن بلقيس وهي أم لسبعة أطفال تعرض منزلها لهجوم من قبل متطرفين هندوس، قولها "لم يأت أحد (من الحكومة) لمساعدتنا، جيراننا الهندوس هم من ساعدونا، وأعانونا على إطفاء الحريق، فقد أحضروا أوعية مياه، ويحضرون لنا الشاي، ويسألوننا باستمرار ما إذا كنا نحتاج إلى شيء ما".