لم تكن السنوات الأولى التي تلت العام 2000 وقتاً مناسباً للتكنولوجيا. وبعد دخول الألفية الجديدة وسط ذعر بلغ حدّ العجز عن حلّ الخلل البرمجي المتعّلق بروزنامة المعلومات، وقد اشتُهِرْ بإسم "بقّة الألفية"/ "واي 2 كيه" Y2K، سرعان ما انفجرت فقاعة شركات الـ"دوت كوم" ما فجر أيضاً جميع الآمال بعصر جديد معتمد على الإنترنت. ولحسن الحظ، جاء الانتعاش سريعاً. وفي غضون سنوات قليلة، ظهرت تكنولوجيات جديدة أحدثت تحوّلات في الثقافة والسياسة والاقتصاد.
وقد حملت هذه التكنولوجيّات معها طرقاً جديدة في التواصل والاستهلاك والتنقّل، وأثارت في المقابل، مخاوف من "يوم قيامة" جديد. ومع دخول العالم في عقد جديد ثانٍ من القرن الحادي والعشرين، أجرينا مسحاً لأفضل التقنيات التي نقلت البشرية إلى هذه النقطة، وكذلك أسوأ ما ظهر في هذا المجال، مقدّمين أيضاً بعض الدلائل على الاتّجاه الذي قد نذهب إليه.
1- "آيفون"
لم يكن هناك أي جديد في شأن جهاز "آيفون". إذ وُجِدت الهواتف الخليوية قبله، وكذلك أجهزة الكومبيوتر والهواتف المدمجة في أجهزة الكومبيوتر كذلك. وقد قيل فيه كلام كثير بأنه لم يكن جيّداً أو ليس سريعاً بدرجة كافة، واتصاله بالإنترنت لا يحصل إلا بالكاد. واستغرق الأمر قرابة عامين حتى تمكّن الـ"آيفون" من الوصول إلى تقنية تصوير أشرطة الفيديو.
في المقابل، وباعتباره الهاتف الذكي الأهم، أحدث "آيفون" ثورة على صعيد تواصل الناس في ما بينهم، وكذلك طرق مشاهدتهم واستماعهم وإبداعهم. ولم يخلُ جانب في الحياة من دون أن يشهد تغييراً بسبب التقنيات المتجمّعة داخل هاتف "آيفون" الجاهز دائماً وأبداً للاتّصال بالإنترنت، مع كاميرا في تصرّف المستخدم كلّ لحظة، وجهاز كومبيوتر نقّال يتمتّع بقوة معالجةٍ هائلة يمكن إخراجه من الجيب في كل وقت.
ويمكن وصف سنوات الألفية الجديدة حتى الآن، بأنها عصر أجهزة الكومبيوتر المحمولة، والشبكات الاجتماعية التي تغيّر شكل مناخنا الثقافي والسياسي والاجتماعي. وترتبط جميع هذه التغييرات الضخمة سواءٌ أكانت نحو الأفضل أو الأسوأ، بهذا الهاتف الصغير. (آندرو غريفين)
2- وسائل التواصل الاجتماعي
عملياً، انطلقت الشبكات الاجتماعية عبر الإنترنت في نهاية القرن الماضي، على الرغم من أن قليلين لاحظوا ذلك. وكانت أولها شبكة "سيكس دِغِري" Six Degree في 1997، التي بُنيت على نظريةٍ مفادها أن كلّ شخص يكون على بعد ستّ خطوات أو أقلّ من كل شخص آخر في العالم. وتضمّنت ميّزاتٍ أصبحت شائعة مع التكرار اللاحق لنموذجها، بما في ذلك ملفّات التعريف وقوائم الأصدقاء. المفارقة أن تلك الشبكة لم تلقَ رواجاً على الإطلاق.
ولم تحقّق الشبكات الاجتماعية رواجاً ثابتاً في العالم إلا في وقتٍ مبكّر من سنوات الألفية الثانية، مع شبكتي "فريندز رييونايتد" Friend’s Reunited و"ماي سبايس" MySpace، على الرغم من أن نجاح هاتين الشبكتين لا يُقارن بالتفّوق الذي توصّل إليه "فيسبوك".
ولم يقتصر الأمر على أن ابتكار مارك زوكربيرغ قد شقّ طريقه نحو الاحتكار في ما يتعلق بالشبكات الاجتماعية، بل ابتلعأيضاً كل منافس ناشئ آخر في فضاء أصبح يعرف بإسم "وسائل التواصل الاجتماعي". في البداية، ضمّ "إنستغرام" في 2012 لقاء مبلغ متواضع قيمته مليار دولار، ثم جاء دور "واتساب" في 2014 في مقابل 19 مليار دولار.
وبفضل تطبيقات "فيسبوك" جميعها، تصل الشبكة الآن إلى أكثر من ملياري شخص يومياً. وقد تمكّنت من تحديد الطريقة التي يتواصل بها الناس. ودشّنت عصراً جديداً من الترابط الاجتماعي الفائق بالأخرين، مع تشكيل عميق لمفهوم الإنترنت الذي نعرفه. وبذا، لم يكتفِ "فيسبوك" برمي موقع "سيكس دِغِري" إلى كتب التاريخ، بل أعاد أيضاً صياغة نظرية [التواصل عبر الشبكات الاجتماعية] نفسها، فقلّص المسافة بين كل فرد وآخر في العالم من ستة خطوات إلى ثلاث خطوات ونصف الخطوة. (أنتوني كاثبرتسون)
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
3- "بيتكوين" والعملات المشفّرة
في بداية هذا القرن، لم يكن التجديد الكامل للنظام الاقتصادي برمّته شاناً يتحدّث عنه كثير من الناس حول العالم. في المقابل، صار ذلك أمراً شائعاً بعد الأزمة المالية في 2007 و2008. ومع تعثّر رهون عقارية وانهيار شركات عدّة، ومع لجوء الحكومات إلى مساعدة البنوك من خلال مدّها بكتلٍ نقدية بلغت قيمتها حوالى تريليونات من الدولارات، بدأ الناس يتساءلون عن وجود طريقة أفضل في التعاملات المالية.
آمن شخصٌ واحد، أو مجموعة، بتقديم جواب على تلك التساؤلات. وربما مازالت الهوية الحقيقية لساتوشي ناكاموتو لغزاً، لكن إنشاء "نظام نقدي إلكتروني" جديد سمّي "بيتكوين" في 2009، ولّد آثاراً تجاوزت مجرّد كونه عملة. فقد استطاعت تقنية الـ"بلوكتشين" المرتكزة على نوع سجّل حسابي إلكتروني يتسمّ بالثبات ولا يمكن اختراقه أو تبديله، تبديل طرق التعامل مع الأشياء كلها، من الرعاية الصحّية إلى العقارات.
لم تسلك عملة "بيتكوين" طريقها بعد كي تصبح وسيلة دفع رئيسية، أو تُحدِثَ تبديلاً في الاقتصاد العالمي كما وعدت به، لكننا ما زلنا في العقد الأول من الزمن على صعيد تجربة العملات المشفّرة الرائعة. وقد ألهمت "بيتكوين" الآلاف من المُقَلّدين، بما في ذلك العملات التي يجري العمل على تطويرها الآن سواء من قِبَلْ "فيسبوك" أو الصين. وقد يستغرق الأمر 10 سنواتٍ أخرى قبل أن تظهر إمكاناتها الحقيقية في النهاية. (أنتوني كاثبرتسون)
4- "يوتيوب"
"ها نحن الآن أمام الفيلة. ويتمثّل الجانب اللطيف في هذه المخلوقات بأن لديها خراطيم طويلة للغاية. إنه أمر رائع". ربما كانت البداية غير موفّقة، لكن هذه الكلمات التي علّق بواسطتها جاويد كريم على الفيديو الذي صوّره في حديقة الحيوانات، عملت على تغيير الطريقة التي استعمال الناس وسائل الإعلام في القرن الحادي والعشرين. زفي الثالث والعشرين من نيسان (إبريل) 2005، حمّل كريم أول فيديو على "يوتيوب" الذي يشكّل موقعاً لمشاركة أشرطة الفيديو، مع ملاحظة أن كريم قد ساهم أيضاً في إنشائه.
بعد أكثر من سنة بقليل، اشترى محرّك "غوغل" موقع "يوتيوب" بمبلغ 1,65 مليار دولار، وتبدّلت إلى الأبد مصائر كريم ومشاركيه من مؤسّسي "يوتيوب" وعددٍ لا يحصى من صانعي المحتوى في المستقبل. وحاضراً، يجري في كلّ دقيقة تحميل مئات الساعات من أشرطة الفيديو على موقع "يوتيوب"، وقد بدأ كلّ شيء مع ذلك المقطع من الفيديو الذي بلغت مدته 18 ثانية في حديقة الحيوان. (أنتوني كاثبرتسون)
5- الجيل الثالث والرابع والخامس من تقنية الاتّصالات
ثمة تعليق ساخر مصدره آرثر تشارلز كلارك، وهو كاتب خيالٍ علمي بريطاني، ويفيد إن "كل تقنية متطوّرة بما فيه الكفاية لا يمكن تمييزها عن السحر". لكن، بالتأكيد لا يوجد شيء يُشابِه هذا السحر، ولا يمكن للسحر أن يكون أكثر قوة من حقيقة أن القرن الحادي والعشرين أتاح القدرة على الاتصال الفوري مع مصادر المعلومات والأشخاص في أرجاء العالم.
في بداية القرن الجاري، ظهر أولاً الجيل الثالث ("جي 3" G3) من شبكات تقنية الاتّصالات. وبعد حوالى 10 سنوات أو أكثر، ظهرت تقنية الجيل الرابع ("جي 4" G4). وتميّز كلّ عقدٍ من هذا القرن بتطوّراتٍ جديدة على مستوى سرعة نقل البيانات عبر شبكات الاتّصالات المخصصة للهواتف المحمولة، وكذلك الحالة بالنسبة إلى إمكانية الاعتماد عليها.
وساعد نقل البيانات عبر شبكات الخليوي في إعادة صياغة العالم الذي يعتمد عليها. وبات كلّ ما تحقّق من تقدّم كبير في مجال التكنولوجيا التي ظهرت خلال الألفية الجديدة، من وسائل تواصل اجتماعي أو المشاركة الفورية للصور والفيديوهات، أو من خلال قيام صحافة المواطن، وجميع الجوانب الأخرى، بات كلّها يعتمد على وجود تقنية الاتّصال بالبيانات في أمكنة العالم كلها.
ومن المحتمل أن تسير تقنية شبكات الجيل الخامس ("جي 5" G5)، التي خرجت فعلاً إلى العلن ظاهرياً لكنها لم تحقّق بعد تأثيرها الكامل، على المنوال نفسه العقد المقبل، إذا ما صدّقنا المبشّرين بها. إذ بات النقاش يتمحور حول إذا كانت تقنية التواصل المستمر هذه، إلى جانب الالتباسات والمخاطر التي أحدثتها، قد سبّبت انقساماتٍ في الآراء بين صفوفنا حقّاً. في المقابل، يقدّم هذا الجدال دليلاً على قوتها. (آندرو غريفين)
6- اقتصاد الأعمال الحرّة الموقتة
لم يكن كثير من أهمّ التطوّرات التكنولوجية في الألفية الثانية يدور حول التكنولوجيا على الإطلاق. إذ غيّرت القرصنة ومن ثمّ تبدّل طريقة البثّ على الإنترنت، طريقة صنع ثقافتنا واستهلاكها بصورة تامة، وكذلك قلبتْ وسائل التواصل الاجتماعي السياسة رأساً على عقب. ولا يوجد شيء أكثر وضوحاً الآن من اقتصاد الأعمال الموقتة (بمعنى أنه سوق عمل يرتكز على عقود قصيرة الأجل ووظائف حرّة بدلاً من الوظائف الدائمة)، الذي تعمل تطبيقاتٌ ومواقع إلكترونية مثل "أوبر" و"ديليفيرو" و"إبربيأنبي" على تفعيله باستمرار. وفيما يُطلق عليها إسم الأعمال التكنولوجية إلا أنها في الواقع طرق جديدة لاسئتجار العمالة وبيعها.
لم تتجسّد الثورة الحقيقية التي أحدثها اقتصاد الأعمال الحرّة الموقتة، في التكنولوجيا التي تشغّل التطبيقات المتصلة بها. في الواقع، ثمة فارق بسيط جدّاً بين طلب سيّارة أجرة واستدعاء خدمة "أوبر". وكذلك لم تتمثّل تلك الثورة في ما تقوله الشركات عن أنها فتحت الطريق أمام أسلوبٍ جديدٍ وملهمٍ في الأعمال، يسمح لكل شخص بالمشاركة فيه بمجرد دخوله التطبيق الإلكتروني.
وبدلاً من ذلك، شكّلت هذه التطوّرات بداية عملية تغيير للطريقة التي يعمل بها الأشخاص، وتتعلّق بالذين يقدّمون الخدمات لهم. ومن المحتمل أننا لم نرَ بعد نهاية أنواع التغييرات العميقة التي أحدثتها هذه الشركات على مستوى ظروف العمل، أو الطرق التي قاوم العمّال بها تلك التغييرات. (آندرو غريفين)
7- الواقعين الافتراضي والمعزّز
قبل فترة ما، جرى الحديث عن الواقع الافتراضي بوصفه المستقبل. فمنذ ظهور أول المجسّمات، كان الناس متحمّسين لإمكان الغوص في عوالم أخرى تظهر أمام أعينهم. لكن هذا المستقبل لم يأتِ أبدا. لكن في الأعوام الأخيرة من الألفية الثانية، أخذت الأمور تتبلور في شكلٍ أكثر وضوحاً إلى حدّ ما. وعملت كبريات الشركات على انتاج خوذ الواقع الافتراضي، وأصبحت أجهزة الكومبيوتر الاستهلاكية أخيراً قويةً بما يكفي لتوليد عوالم تُحاكي الواقع، ويفرح الناس بقضاء وقتهم فيها.
وفي الأعوام الأخيرة، تحوّل التركيز أكثر نحو الواقع المعزّز Augmented Reality بدلاً من الواقع الافتراضي Virtual Reality. وتسمح هذه التقنية بإضافة المعلومات على العالم الواقعي، بدلاً من إدخال الناس في عالم افتراضي كامل. وإذا ما جرى تشغيله، وما لم يكن محصوراً بتجارب فاشلة مثل "غوغل غلاس"، فيمكنه تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم، ما قد يُمدّنا بالمعلومات طوال الوقت، ويمكّننا حتى التخلّص من أجهزة كالهواتف الذكية التي تعتبر الطريقة الأساسية الآن لتواصلنا مع التكنولوجيا. (آندرو غريفين)
8- الحوسبة الكمومية
لم تتحقّق بعد الحوسبة الكومومية Quantum Computing. وقبل بضعة أشهر، أعلن باحثون أنهم توصّلوا إلى "التفوّق الكمومي" بواسطة إجراء عمليات يستحيل إجراؤها على جهاز كمبيوتر تقليدي، لكنها كانت غير مجدية إلى حدّ كبير ومحدّدة للغاية، ولم تغيّر شيئاً فعليّاً في حدّ ذاتها.
ومع ذلك، يمكن للوعد الذي تقدّمه الحوسبة الكمومية وكذلك التهديد الذي تمثّله، تغيير العالم. ومن المفترض أنها [الحوسبة الكمومية] تقلب جميع افتراضاتنا في ما يتعلّق بأجهزة الكومبيوتر بأن تضاعف سرعاتها بشكل لا يمكن تصوّره، ما يعني القدرة على إنجاز الأعمال بطُرقٍ غير مسبوقة. وكذلك تستطيع هذه التقنية أن تطلق أنواعاً جديدة من البحوث الصحّية والمفاهيم العلمية، كما يمكن لها أيضاً أن تجعل عملية تفكيك الشيفرات التي تعتمد الآن على حسابات مستحيلة، أمراً يجريي بسرعة فائقة عبر استخدام أجهزة الكومبيوتر التي تعمل على تكنولوجيا الحوسبة الكمومية.
ليس واضحاً بعد متى توضع في الخدمة، وذلك أمر طبيعي بالنسبة إلى التقنيات التي يُحتمل أن تكون ثورية، وقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للغاية أو لا يتحقّق على الإطلاق. لكنه يقبع هناك في المستقبل، وجاهز لتبديل كل شيء رأساً على عقب. وفيما يطارد الباحثون الزمن لفهمه، فإنه يغير العالم من الآن. (آندرو غريفين)
9- المنزل الذكي وأجهزة المساعدة الصوتية
لا تكتمل رؤى المستقبل من دون القدرة على التحدّث إلى منزلك والتحكّم بأموره. ويبدو الآن أننا نعيش أخيراً في هذه المرحلة. وخلال العقد الأول من القرن العشرين، أصبح كل شيء تقريبًا متّصلاً بالإنترنت. ومثلاً، يمكن شراء غلاّيات ماء ذكية وأجراس أبوابٍ معدّة للاتصال بالإنترنت وكاميرا فيديو لكلّ غرفة في منزلك. وبهدف التحكم فيها، جاءت الميكروفونات والسمّاعات التي تضعها في المنزل ويمكنك أن تتحدّث إليها.
في المقابل، مع تزايد شعبية المنزل الذكي والأجهزة الصوتية المساعدة، ازدادت المخاوف بشأنها أيضاً. هل يشكّل إعطاء التحكّم في المنزل إلى أجهزة مزوّدة بإمكان الوصول إليها عبر الإنترنت، أمراً آمناً في وقتٍ يمكن لهذه الأجهزة أن تتعطّل أو يجري الاستيلاء عليها من قبل "هاكرز" متسلّلين؟ هل يجب أن نسمح لعمالقة الإنترنت مثل "آمازون" و"غوغل" بوضع ميكروفونات في منزلنا؟ مع دخولنا العقد الجديد من الألفية الثانية، يبدو أن منازلنا صارت تتحدد ليس بالقدرات التي توفرها لنا التكنولوجيا في دواخلها، بل بمن نريد أن تكون لديهم سلطة عليها. (آندرو غريفين)
10- البثّ عبر الإنترنت والقرصنة
قبل أن يكون هناك "سبوتيفاي" Spotify كان هنالك "نابستر" Napster. وقبل أن يشاهد الناس الأفلام على "نتفليكس"، كانوا يحصلون عليها عبر إنزالها من موقع "بايرت بي"PirateBay . ويرجع ذلك إلى أن القرصنة الإلكترونية اعتادت التقدّم على الطرق القانونية في استخدام وسائل الإعلام، لكنها أيضاً مهّدت الطريق لمنصّات جديدة باتت تهيمن الآن على حياتنا عبر الإنترنت.
ولم يكتفِ البث عبر الإنترنت بتغيير الطريقة التي نستمع بها إلى الموسيقى ونشاهد من خلالها الأفلام، بل أدّى أيضاً إلى ظهور طرقٍ جديدة في صنع المحتوى. ويُعدّ البث المباشر لألعاب الفيديو الإلكترونية على "تويتش" Twitch أحد أسرع الوسائط نموّاً، في حين أن بث أشرطة الفيديو مباشرةً عبر "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" يعطي الناس إمكانية الوصول الفوري إلى كلّ شيء بدءاً من الاحتجاجات في الشوارع وصولاً إلى إطلاق الصواريخ.
في المقابل، ومع نموّ البثّ عبر الإنترنت، تتزايد أعمال القرصنة. وتُجرى الآن ما يوصف بأنه "أكبر عملية قرصنة عبر الإنترنت في العالم" في السعودية. في المقابل، أطلقت "بايرت باي" [موقع معروف للهاكرز] منصّة بثّ عبر الإنترنت توفّر محتوى رقمي يفوق جميع ما تبثّه شركات "آمازون برايم" Amazon Prime و"نتفليكس" و"ديزني +" Disney +. (أنتوني كاثبرتسون)
11- الألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت
لا يمكن إلى حدّ ما الاعتقاد بأن ممارسة الألعاب ضدّ الأصدقاء كان تعني التزاحم على وحدة التحكّم في غرفة النوم. حاضراً، أصبحت الألعاب التي تعطي القدرة على فعل ذلك، قليلةً ومتباعدة. وباتت الألعاب الإلكترونية التي لا تجرى عبر الاتصال المستمر بالإنترنت ومواجه لاعبين غرباء، تُعتبر غير عادية تماماً.
وقد غيّرت الإنترنت مبدأ الألعاب بطرق أخرى أيضاً. إذ يُعدّ البث المباشر أحد أكثر أشكال الترفيه شيوعاً في العالم، وبات الناس يشاهدون بصورة فورية أشخاصاً آخرين يخوضون غمار تلك الألعاب.
ويمكن للمطوّرين أيضاً منح الأشخاص تحديثاتٍ مستمرّة ومحتوى إضافي قابل للتنزيل من الشبكة العنكبوتية، وكذلك الطلب من اللاعبين الدفع مراراً وتكراراً مقابل ترقيات رزم البرامج والتطبيقات التي يشترونها بواسطة معاملات صغيرة. وجعلت تلك التغييرات من الألعاب الإلكترونية أمراً غير مستقرً ولا نهائي، بل عالماً يتطوّر باستمرار (ويولّد المزيد من المال أيضاً). (آندرو غريفين)
12- الصواريخ التجارية القابلة لإعادة الاستخدام
بصورة مستمرة، اشتُهرت عوالم الفضاء الكوني بأنها صعبة، والأهمّ من ذلك أن استكشافها مكلفٌ للغاية. وفي مقلب مغاير، تستطيع الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام تجارياً، أن تغيّر المعادلتين كلتيهما. وفي الأعوام المنصرمة من الألفية الثالثة، جرى تسليم المسؤولية عن كثيرٍ من التقنيات المستخدمة بهدف إدخال روّاد إلى الفضاء الخارجي، إلى شركات خاصة مثل "سبايس إكس" SpaceX بصورة متزايدة. وللحفاظ على خفض التكاليف، وزيادة الأرباح، عملت تلك الشركات على صنع صواريخ يمكن إعادة استخدامها، فتكون على غرار المركبات المكّوكية التي تنقل الناس إلى الفضاء قبل أن تعود إلى الأرض لتستعدّ للمهمّة التالية.
وقد حقّقت "سبايس إكس" على وجه التحديد خطواتٍ هائلة في هذا الصدد. وقد أنجزت مهمّة مذهلة تمثلت في إعادة صواريخها إلى الأرض لتحطّ على باخرة عائمة في البحر. من ناحية اخرى، لم تخلُ هذه التطوّرات العلمية لم من بعض المشاكل. وتعرّض انخراط الشركات التجارية في مجال الفضاء للانتقاد من الذين يرَون أنه يمكن أن يعرّض سلامة الناس للخطر ويزيد قوّة الشركات الخاصة بشكلٍ كبير. (آندرو غريفين)
13- السيارات بلا سائق والمركبات الكهربائية
استغرق الأمرحوالى 50 عاماً لتتخلّص السيارات من الحصان والعربة كشكل رئيسي من وسائل النقل. واستطراداً، من المتوقع أن يكون الانتقال الكبير المقبل في مجال النقل البري على بعد سنواتٍ قليلة، بفضل ظهور ثورتين جديدتين في صناعة المركبات في أوائل القرن الحادي والعشرين، تتمثلان في السيّارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، وتلك التي تتمتّع بتقنية القيادة الذاتية.
وبصورة فعلية، تبدو السيّارات الكهربائية أكثر سرعةً وأماناً وأشد إثارة للاهتمام عندما ينظر إليها مستهلكو السيّارات التقليدية التي تعمل بالوقود، لكنها لا تزال غير قادرة على المنافسة في مجال رئيسي وحيد يتمثل في الوقت اللازم لإعادة الشحن. في المقابل، تعمل الاختراقات الحديثة في مجال تطوير البطّاريات بدأب كبير، ما يعني أن هذا الواقع قد يتغيّر قريباً. إذ اكتشف مهندسون طريقة لإعادة شحن سيّارة كهربائية في غضون 10 دقائق. وفي الأقل، جرى ذلك فعلياً داخل المختبر.
وأتت التطوّرات في السيّارات ذاتية القيادة أكثر حدّة، فمع تقنية "تسلا أوتو بايلوت" Tesla’s Autopilot التي تعتبر رائدة في ذلك المجال، أصبح في إمكان السائق الآن التنقّل من مكان إلى آخر بشكل مستقلّ تقريباً. وشرعت الشركات الكبرى لتصنيع السيّارات، مثل "فولفو"، في إنتاج نماذج عن سيّاراتٍ لا تحتوي حتى عجلة قيادة في تصميمها.
ومن شأن مثل هذا التقدّم أن يجعل من المحتّم في مرحلةٍ ما في المستقبل غير البعيد، أن تجري تسمية المركبات الكهربائية ذاتية القيادة ببساطة... "سيّارات"! (أنتوني كاثبرتسون)
14- الذكاء الاصطناعي
وفق توقع ذائع الصيت للعالم المتخصص في الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence راي كورزويل، سيكون 2045 عاماً يسود فيه التفرّد التكنولوجي في العالم. وفي تلك السنة، بحسب كورزويل، تتفوق أجهزة الكمبيوتر على الذكاء البشري، وتواصل التحسّن بمعدّلٍ لا يمكن السيطرة عليه، ما قد يشير إلى نهاية عصر البشرية. وحذّر كورزويل في كتابه الشهير عن الذكاء الاصطناعي الذي ألّفه في 2005 بعنوان "التفرد الوشيك" The Singularity is Near الذي جعل التكنولوجيا أقرب إلى عالم مخاوف الخيال العلمي، بالمقارنة مع المسافة التي تحدث فيها تداعياتها في العالم الحقيقي. وورد فيه أن "سرعة التغيير ستكون فائقة بشكلٍ مذهل، إلى درجة أننا لن نكون قادرين على مواكبته".
ومنذ زمن تأليفه ذلك الكتاب، يتولى كورزويل منصباً في شركة "غوغل" التي يعتقد بعض الخبراء البارزين في مجال الذكاء الاصطناعى أنها فازت في سباق بلورة ذكاء اصطناعي على مستوى الجنس البشري. ويعود أحد الأسباب في ذلك إلى استحواذ ذلك العملاق التكنولوجي على شركة "ديب مايند" DeepMind في 2014 التي يمكن الإشارة إليها بوصفها المؤسّسة الرائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي. ومع توفر موارد هائلة لدى "غوغل"، تخطّت "ديب مايند" بنجاح، بعد اندماجها في "غوغل"، المحطات الرئيسية المؤدّية إلى التفرّد التكنولوجي، على غرار التغلّب على الأبطال من البشر في لعبة "غو" Go المعقّدة للغاية.
وقد يكون من السابق للأوان الحكم على دقة توقّعات كورزويل (يزعم أنه من بين توقّعاته الـ147 منذ تسعينيّات القرن الماضي، تحقّق حوالى 86% منها)، على الرغم من أن التقدّم المحرز على مدى العقدين الماضيين يعني أن مخاوفه ربما لم تعد مجرد فرضية. وقد انضم إليه الآن بعضٌ من أذكى عقول هذا القرن في التحذير من التهديد الوجودي الذي لا يزال الذكاء الاصطناعي يشكّله على البشرية. (أنتوني كاثبرتسون)
15- "آمازون"
يُشار إلى شركة "آمازون" بوصفها متجرٌ لكلّ شيء في العالم. يتوفر ذلك المتجر الآن في كلّ مكان. إذ لا يقتصر وجوده على السوق المركزية للإنترنت، بل أدّت قوّته المبتكرة إلى تغيير ما يتوقّعه الناس من التسوّق عبر الإنترنت، وبذا أصبح هو الآخر أساساً للإنترنت نفسها.
وبالطبع، تعتبر الطريقة التي غيّر بها موقع "آمازون" التسوّق، أمراً مهمّاً للغاية. وبفضل تقديمه القدرة على شراء كل شيء تريده عبر الإنترنت والوصول إليه بسرعة، أحدث ثورةً في مجالات التسوّق عبر الإنترنت والشوارع الرئيسية للمدن.
يُعتبر المتجر عبر الإنترنت الجزء الأكثر وضوحاً في شركة "آمازون". وفي المقابل، تقدّم البنية التحتية لهذا المتجر دعماً إلى خدمات كثيرة على شبكة الويب. وتشكّل تقنية المساعد الصوتي "آليكسا" عاملاً رئيساً في ثورة المنزل الذكي. وكذلك تمتلك ["آمازون"] محلاتٍ حقيقية بما فيها "هول فودز" Whole Foods. وتشبه قراراتها في ما يتعلّق بأمور مثل تحديد المواقع والضرائب، سياسة الحكومة لكنها أكبر. وخلال أعوام الألفية الثالثة، بات موقع "آمازون" يمتلك أشياء كثيرة على الإنترنت، وسيقرّر مستقبل التكنولوجيا ما الذي سيفعله به. (آندرو غريفين)
16- "سكايب"
قبل انطلاق القرن الجديد، اعتُبِرَ إجراء مكالماتٍ هاتفية بعيدة المدى أمراً مكلفاً ومحبطاً. وكذلك نُظِرَ إلى التأخيرات الصوتية بوصفها جزءاً مقبولاً من الاتصال بين مناطق زمنية مختلفة، وكذلك جرى قبول ضرورة تكييف المحادثات بين المشاركين بشكل كبير حتى لا يقطع أحدهم الآخر أو يتحدّث في وقت يكون فيه الآخر آخذاً في الكلام. وقد تغيّر ذلك كله عندما ظهر "سكايب" في 2003. فقد أتاحت الإنترنت فعلاً إمكان إجراء مكالمات دولية رخيصة، لكن تقنية "سكايب" جعلت المكالمات العالية الجودة شيئاً مجّانياً تماماً.
وبدا ذلك النمو مذهلاً. ولم يستغرق الأمر سوى 10 سنوات للوصول إلى 300 مليون مستخدم متّصل بالإنترنت، واستغرق ذلك العمل صُنّاع الهاتف المحمول حوالى 25 عاماً، والهاتف التقليدي 104 سنوات. وقد وصلت تقنية "سكايب" أيضاً إلى المنطقة التكنولوجية النادرة التي تتشارك فيها محرّكات بحث مثل "غوغل" و"غزيروكس"، بينما تعاظم إسمها وكسبت اعترافاً واسعاً.
وألهم "سكايب" مقلّدين مهمّين كـ"فايس تايم" FaceTime التابع لشركة "آبل" وتطبيق "واتساب"، في نشر خدمة مكالمات الفيديو التي ساهمت جميعها في جعل العالم أصغر بفضل قاعدة مستخدمين تصل إلى مليارات الأفراد. (أنتوني كاثبرتسون)
17- "ويكيبيديا"
من أبرز الوعود المبكّرة لشبكة الإنترنت، تزويد العالم بمعلوماتٍ مجّانية يمكن الوصول إليها بسهولة. ومع إمكانية استثناء محرّك "غوغل"، لم تحقق المواقع الشبكية كلها ذلك الوعد، بمثل ما نهضت به "ويكيبيديا".
تأسست خدمة "ويكيبيديا" على يد جيمي ويلز في 2003. ولم تكن أول موسوعة على الإنترنت. وحتى أنها لم تكن الموسوعة الأولى على الإنترنت التي أنشأها ويلز. ققبل ذلك بثلاثة أعوام، ساعد ويلز في تأسيس موسوعة "نوبيديا" القابلة للمراجعة من القرّاء المختصين، وكان استخدامها حرّاً لكنها وضعت ضوابط صارمة بالنسبة للأشخاص الذين يسمح لهم بنشر مواد عليها.
وفتحت "ويكيبيديا" هذا المجال بفضل تبنّي مفهوم "ويكي" التي تجسّد شكلاً للعمل التعاوني على الويب، بمعنى أن يعمل المستخدمون معاً في عمليات وضع المعلومات في تلك الموسوعة. وعِبْرَ السماح لكل شخص لديه اتّصال بالإنترنت بالمساهمة في المحتوى المنشور وإجراء تعديلات، تمكّنت "ويكيبيديا" من النمو بمعدّل لم يكن ممكناً تصورّه من قبل. وفيما شهدت عمليات الموافقة المكوّنة من سبع خطوات على "نوبيديا" نشر 21 مقالاً في عامها الأول، نُشِرَ أكثر من 18 ألف مقال على "ويكيبيديا" في عامها الأول.
ويحتوي إصدار "ويكيبيديا" باللغة الإنجليزية الذي يعتبر مصدراً للمعلومات يتطوّر باستمرار، أكثر من 5 ملايين مقال، جميعها مجّاني تماماً، ويمكن الوصول إليها بسهولة. (أنتوني كاثبرتسون)
18- الروبوتات
في 2000، جرى تقديم الروبوت البشري "آسيمو" إلى العالم. أذهل ذلك الرجل الآلي الذي ابتكرته شركة "هوندا" الجمهور بفضل هبوطه بعض السلالم لحضور مؤتمر مفترض. وشكّل طرازاً أولاً في سلسلةٍ مثيرة للإعجاب من الروبوتات الثنائية العجلات التي طُوّرت بشكل متزايد، وباتت تقدر الآن على النهوض بمناورات حركية لا يستطيع معظم البشر إنجازاها، بدءاً من القفز إلى الوراء ووصولاً إلى زيارة الفضاء.
وبعد عقود من التطورات غير الواضحة في مجال الروبوتات في القرن العشرين، جرى الالتفات إلى تلبية استخدامات العالم الحقيقي في كلّ شيء، بدءاً من إعادة التدوير وحتى رعاية المسنّين. وتأتي مساهمة شبكة من التقنيات الجديدة الأخرى كالواقع الافتراضي وشبكات الجيل الخامس للخليوي، لتؤكّد انه بات ممكناً الآن التحكّم بالروبوتات من بُعد وفي الوقت الفعلي، على الرغم من أن الأمر قد يستغرق بضع سنواتٍ أخرى كي تتحقّق المفاعيل الكاملة لهذه التقنيات.
عند تحقيق تلك المفاعيل، يمكن للتقدّم الذي أُحرز في مطلع القرن الحادي والعشرين، أن يمهّد الطريق أمام استكشاف الروبوتات للأرجاء الخارجية من الفضاء الكوني نيابةً عن العنصر البشري. (أنتوني كاثبرتسون)
19- الأنظمة البيومترية والرقابية
من حيث لا يدري، بدا تحذير جورج أورويل الذي استبق عصره في روايته الشهيرة "1984" التي رسّخت شعار "الأخ الأكبر يراقبك"، بدا ساذجاً نسبياً. وبالتأكيد، ثمة كاميرات ذات دوائر تلفزيونية مغلقة في كلّ ركنٍ من أركان الشوارع في المملكة المتّحدة. في المقابل، يصح القول أيضاً أن الغزو التكنولوجي أوسع انتشاراً بكثير. فنحن ندعو الآن أجهزة الاستماع التي في جيوبنا وكاميراتها إلى منازلنا، كلّ ذلك على أمل أن تكون حياتنا أكثر ملاءمةً وأحياناً أقل وحدة.
في 2010، أعلن مؤسّس "فيسبوك" مارك زوغربيرغ، أن عصر الخصوصية قد انتهى. وأوضح في مقابلةٍ أجريت معه، أن الخصوصية لم تعد "قاعدة اجتماعية". وكذلك بدا أن مليارات الأشخاص الذين اشتركوا في شبكته الاجتماعية، شهوداً على ذلك. في مقلب آخر، عملت فضائح البيانات المتلاحقة على موقع "فيسبوك" وبروز البرامج المتطوّرة في التعرّف على الوجه، على صدمة باتت تعمل أخيراً على إحداث تراجع لتلك التقنيات، وفي اتجاه معاكس لمسار التراجع المضطرد للخصوصية.
وبمقدار ما بشّرت التكنولوجيا بعصرٍ جديد من المراقبة، فقد مكّنت أيضاً من ظهور أشكال جديدة من الخصوصية مثل "الشبكات الشخصية الافتراضية" VPN وبرامج التشفير. ويرجح أن تكون هذه الأمور من الأسلحة الموجودة في المعركة لمنع تحقّق المدينة الفاسدة التي تحدّث عنها جورج أورويل. (أنتوني كاثبرتسون)
20- الخرائط المتاحة بشكل دائم
ربما باتت قديمة فكرة أن يضلّ أحد ما طريقه، مع تطوّر تكنولوجي ابتدأ منذ مطالع الألفية الثالثة ولم يلق تقديراً مناسباً له. إذ جعلت خدمات كتطبيقي "غوغل مابس" و"آبل مابس" كلّ جزء من العالم قابلاً للمشاهدة والتصفّح، وبإطلالة من الأعلى. وقدّم آخرون مثل "ويز" Waze و"سيتي مابّر" Citymapper بياناتٍ غنية، تجعل الرحلات أسرع وأكثر ذكاء.
ومع التطوّر الذي شهدته هذه التطبيقات، تغيّر مفهوم التنقّل والوصول إلى الأماكن تغيّراً جذرياً. إذ سارت كتفاً إلى كتف مع متغيّراتٍ أخرى كتوفر المركبات الصغيرة ودرّاجات الـ"سكوتر" التي يجري توزيعها في أنحاء مدن كثيرة، والسيّارات الذكية الموعودة ذاتية القيادة. وبتنا نمتلك معلوماتٍ وفيرة حول الأمكنة التي نوجد فيها وتلك التي نتوجّه إليها، في وقتٍ لم يكن ممكناً للأجيال السابقة أن تتخيّل مثل هذا التطوّر. ويجري الآن استخدم تلك التقنيات بطرق من شأنها أن تعيد صياغة معالم المواقع الطبيعية، افتراضياً وواقعيّاً، على حدّ سواء.
وتُعدّ بيانات تحديد المواقع من أكثر البيانات قيمة بين تلك التي تعرضها شركات التكنولوجيا. وقد واجهت شركات مثل "غوغل" و"فيسبوك" أسئلة حول ما تجمعه من بيانات عن المستخدمين، والسبب في دأبها على ذلك. وفي المقابل، تبدو هذه المجموعة من التقنيات مفيدة للغاية، تحديداً لأنها تحمل في طّياتها طابعاً شخصياً، إضافةً إلى أنها تقدّم لنا مزايا مرتفعة القيمة أيضاً. (آندرو غريفين)
© The Independent