Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معاذ عمارنه... العين التي تقاوم المخرز

"إصابتي كانت حلقة في سلسلة الاعتداءات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة"

"إذا نجت إسرائيل من العقاب على جرائمها فإنها ستبقى مدانة بالاعتداء على الصحافيين" (اندبندنت عربية)

قبل إصابته برصاص قناص إسرائيلي في عينه اليسرى، لم يكن أحد يعرف المراسل الصحافي معاذ عمارنه، الذي قادته الأقدار والواجب المهني ليكون في مواجهة حاجز عسكري إسرائيلي، أطلق أحد جنوده رصاصة أفقدته عينه وتسببت له في كسور كبيرة في عظام الوجه والفك.

الرواية المؤلمة

لست مراسلاً عسكرياً وعملي كمراسل ميداني كان لتغطية احتجاجات شعبية على مصادرة إسرائيل أراضي في منطقة صوريف لتوسيع مستوطنة على حساب أراضي أهلها الفلسطينيين. لم تكن هناك مصادمات أو اشتباكات بين المتظاهرين والجنود الإسرائيليين الذين، ومن دون مقدمات، طلبوا منا إبعاد سياراتنا، ومن دون أي سبب أطلق القناص رصاصة أصابت عيني اليسرى مباشرة وهشمت عظام الوجه والفك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف معاذ عمارنه أنه لم يكن هو المستهدف بذاته من رصاصة القناص، بل كانت الرصاصة رسالة مضمونة الوصول لكي تغلق عيون الإعلام عما يفعله الإسرائيليون من جرائم بحق الفلسطينيين، بهذه الكلمات لخص المراسل الصحافي الفلسطيني الحكاية بعيداً من استحضار حكايات البطولة وتزييفها.

ففي حوار مع "اندبندنت عربية" تحدث عمارنه عن ظروف إصابته التي أفقدته نعمة النظر بعينه اليمنى، واصفاً ما جرى بأنها كانت عملية مدبرة ومقصودة. ولم يكن الصحافي الفلسطيني الأول الذي تعرض للاعتداءات المباشرة من القوات الإسرائيلية، فخلال عام 2019 تعرض عشرات الصحافيين الفلسطينيين لاعتداءات متفاوتة الخطورة، تعمدت إسرائيل إلحاقها بهم في محاولة لفرض الصمت وإجبار الصحافيين على الابتعاد وعدم متابعة وتغطية الاعتداءات التي تقوم بها بحق الفلسطينيين.

لست الأول وأخشى ألا أكون الأخير

الصحافي الجريح عمارنه ذكر أن عشرات الصحافيين ومراسلي وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية كانوا ضحايا لهذه الاعتداءات. وأضاف "إصابتي كانت حلقة في سلسلة الاعتداءات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأن إسرائيل ترفض احترام حرية العمل الإعلامي، ولا يقلقها التنديد والرفض الدولي لممارستها، فهي دولة تعتبر أنها فوق القانون ولا يمكن تطبيق القانون على ممارساتها وانتهاكاتها واعتداءاتها على الصحافيين".

وتمنى لو يكون آخر صحافي يتعرض للاعتداء من قبل الجنود الإسرائيليين الذين يريدون أن يغلقوا عيون الإعلاميين عما يرتكبونه من جرائم بحق الفلسطينيين.

لحظة تغيرت فيها المعاني

يصف معاذ آخر اللحظات قبل إصابته برصاص القناص الإسرائيلي في عينه اليسرى بأنها كانت خارج المتوقع، فمع تجمع عشرات الشبان للاحتجاج على مصادرة الأراضي، طلب عناصر من الجيش الإسرائيلي من الصحافيين نقل سياراتهم لمنطقة بعيدة من الحاجز الذي أقامه الجنود للتصدي للمحتجين، أحد الجنود طلب مني أن أتحرك بسيارتي، وأشار بيده لجندي يقف بعيداً، وقبل أن تتحرك السيارة، أحسست بألم في رأسي، وأن عيني أصيبت، لم أعد لحظتها، أرى أي شيء سوى الظلام، فهمت على الرغم من كل ما جرى، أنهم يريدون أن يحرمونا من النظر، وتسجيل ما يرتكبون من جرائم. كانت رصاصتهم التي اخترقت عيني هي رسالة مضمونة الوصول للإعلاميين والمراسلين الصحافيين بأن الرصاص سيطاول اليد التي تكتب أو الفم الذي يتكلم أو العين التي ترصد جرائمهم.

جريمة فشل الإسرائيليون في تبريرها

فور إصابته برصاصة في عينيه، التقطت عدسات زملائه الصحافيين الذين كانوا على مقربة منه صورة مؤلمة لمعاذ، وهو يلبس الصدرية التي كتب عليها صحافة، ويحمل الكاميرا بيده. ويقول معاذ إن الإسرائيليين لم يستطيعوا أن يقدموا تبريراً لهذه الجريمة، وهذا ما خلّف حالة من التعاطف العربي والدولي مع قضيته باعتبار أن الجريمة كانت مؤلمة للجميع، وقال إن سفير الاتحاد الأوروبي زاره في بيته في المخيم، وعبّر عن استنكاره هذه الجريمة. كما تلقى اتصالات من مئات الصحافيين من كثير من دول العالم ومن صحافيين إسرائيليين نددوا بهذا الاعتداء.

صورة حركت ضمير العالم

وستبقى الصورة التي ظهر فيها معاذ وهو ينزف دماً من عينيه ويحاول بعض زملائه الصحافيين مساعدته ونقله لسيارة الإسعاف، راسخة في تاريخ الاعتداءات على الصحافيين في العالم، ونجحت الصورة في خلق تعاطف دولي كبير، إذ وقف آلاف الصحافيين في العالم، ووضعوا ضمادة على أعينهم للتعبير عن استنكارهم للجريمة وللتضامن مع الصحافي الجريح، وأعاد هذا المد التضامني الكثير من المعاني لنضال الشعب الفلسطيني ضد الإسرائيليين، والذي فقد الكثير من الزخم جراء الأحداث التي شهدتها دول عربية عدة في السنوات التسع الأخيرة.

العين التي تقاوم المخرز

المصور الصحافي معاذ عمارنه أكد أن حرمانه نعمة البصر في عينيه اليسرى لن يمنعه من مواصلة عمله الإعلامي، وقال "إن الرصاصة التي حرمتني من النظر لن تستطيع أن تكبل حريتي وإيماني بعملي، وإذا نجت إسرائيل اليوم من العقاب على جرائمها فإنها ستبقى دائماً مدانة بالاعتداء على الصحافيين والإعلام وحريته"، متمنياً أن يكشف الإعلام ما تمارسه من انتهاكات وجرائم بحق الفلسطينيين.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات