ملخص
يجتمع الرئيس الأوكراني والمفاوضون الأميركيون مجدداً اليوم الإثنين في برلين بعد محادثات استمرت خمس ساعات أمس الأحد، فيما تأمل كييف في إقناع واشنطن بضرورة وقف إطلاق النار في أوكرانيا من دون تقديم تنازلات إقليمية مسبقة لروسيا.
اقترح قادة الدول الأوروبية الكبرى والاتحاد الأوروبي اليوم الإثنين نشر "قوة متعددة الجنسيات" في أوكرانيا بقيادة أوروبية ودعم الجيش الأوكراني "بشكل مستدام"، على أن يحدد عديده بـ800 ألف عنصر، وذلك وفق بيان مشترك صدر في برلين.
وأشار القادة الأوروبيون إلى أن هذه القوة ستكون "مؤلفة من مساهمات دول متطوعة، ومدعومة من الولايات المتحدة".
وفق البيان الذي وقعه قادة ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والدنمارك وهولندا وفنلندا والنرويج وإيطاليا وبولندا والسويد والاتحاد الأوروبي، اتفق الموقعون مع الولايات المتحدة على "العمل معاً لتوفير ضمانات أمنية صلبة لأوكرانيا وتدابير دعم للإنعاش الاقتصادي في إطار اتفاق يرمي إلى وضع حد للحرب".
يشمل ذلك "دعم أوكرانيا في بناء قواتها المسلحة التي يفترض أن يبقى عديدها عند مستوى 800 ألف جندي في زمن السلم"، ويتطرق البيان إلى "آلية لمراقبة وقف إطلاق النار والتحقق منه تديرها الولايات المتحدة".
ويشدد على أنه "يعود لروسيا أن تظهر رغبتها في العمل من أجل سلام دائم عبر قبول خطة السلام التي طرحها الرئيس دونالد ترمب"، وبحسب البيان، يتعين على موسكو أن "تُظهر التزامها وضع حد للمعارك عبر قبولها بوقف لإطلاق النار".
وقال القادة الأوروبيون في بيانهم المشترك إن القرارات في شأن احتمال تقديم تنازلات في شأن الأرض لا يمكن أن يتخذها سوى شعب أوكرانيا وبعد ضمانات أمنية قوية.
إحاز تقدم
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الإثنين إن اتفاقاً يهدف إلى إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا بات أقرب من أي وقت مضى، وذلك بعد أن أعلن فريقه عن إحراز تقدم عقب محادثات جرت في برلين.
وتحدث ترمب في فعالية بالبيت الأبيض بعد اتصال هاتفي به خلال مأدبة عشاء في برلين، حيث أجرى المبعوثان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر محادثات حول أوكرانيا مع رئيسها فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين.
وأعلن كبير المفاوضين الأوكرانيين في المحادثات مع الولايات المتحدة حول الخطة الهادفة إلى إنهاء الحرب مع روسيا، اليوم الإثنين "إحراز تقدم حقيقي"، وذلك إثر اجتماع مغلق في برلين.
وكتب رستم عمروف على منصة "إكس" أن "المفاوضات بين أوكرانيا والولايات المتحدة كانت بناءة ومثمرة، مع إحراز تقدم حقيقي، نأمل أن نتوصل إلى اتفاق يقربنا من السلام بحلول نهاية هذا اليوم".
لكن المكتب الإعلامي لرستم عمروف عاد وأوضح للصحافيين أنه من غير المتوقع التوصل لأي اتفاق الإثنين، وأن المقصود هو أنه "يأمل في مواءمة مواقفه" مع موقف الوفد الأميركي.
وقال عمروف إن الموفدين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر "يعملان بشكل بناء جداً لمساعدة أوكرانيا في إيجاد طريق نحو اتفاق سلام دائم".
في الوقت نفسه قال مسؤول أميركي إن الاتفاق المطروح على الطاولة مع أوكرانيا يشمل "ضمانات أمنية قوية" من الولايات المتحدة أشبه بضمانة الدفاع المشترك التي توفرها المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي بموجب اتفاق سلام جرت مناقشته في برلين.
وذكر المسؤول الأميركي الذي طلب عدم كشف هويته "أن أسس ذلك الاتفاق تستند بشكل رئيس إلى وجود ضمانات قوية حقاً، على غرار المادة الخامسة (من معاهدة الحلف)، إضافة إلى ردع قوي للغاية" بالأسلحة.
بدوره قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن المحادثات بين مفاوضي السلام الأميركيين والأوكرانيين لم تكن سهلة، لكنها كانت مثمرة، وإن روسيا تستخدم هجماتها على بلاده كوسيلة ضغط في تلك المحادثات.
وأضاف زيلينسكي، متحدثاً في منتدى أعمال في برلين، أنه لم تَسلَم محطة طاقة واحدة في أوكرانيا من الضربات الروسية على منظومة الطاقة في البلاد.
شركة لإنتاج مسيرات
اعتبر المستشار الألماني فريدريش ميرتس الإثنين أن المحادثات التي استمرت يومين بين الوفدين الأميركي والأوكراني في برلين منحت دفعاً للعملية الهادفة إلى إنهاء الحرب مع روسيا.
وقال ميرتس في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "لدينا الآن فرصة لعملية سلام حقيقية"، واصفاً الضمانات الأمنية التي اقترحتها واشنطن لأوكرانيا بأنها "خطوة مهمة إلى الأمام".
في الوقت نفسه، أعلنت شركة ألمانية لتصنيع الطائرات المسيرة وشركة أوكرانية ناشئة في مجال تكنولوجيا الدفاع الإثنين، تأسيس مشروع مشترك لإنتاج طائرات مسيّرة بكميات كبيرة لصالح الجيش الأوكراني.
وستقوم شركة "كوانتوم سيستمز"، ومقرها ولاية بافاريا جنوب ألمانيا، وشركة "فرونت لاين روبوتيكس" الأوكرانية، بتصنيع الطائرات المسيرة في ألمانيا.
وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن قيمة الصفقة تبلغ 100 مليون يورو (118 مليون دولار أميركي)، وأن الشركتين تسعيان إلى إنتاج 10 آلاف طائرة مسيّرة العام المقبل في مصنع جديد بجنوب ألمانيا.
ضربات ضد روسيا
قال مصدر أمني لـ"رويترز" اليوم الإثنين إن هجوماً أوكرانياً بطائرات مسيرة بعيدة المدى استهدف منصة إنتاج نفط روسية في بحر قزوين، وذلك للمرة الثالثة خلال أسبوع.
وأكد المصدر أن الهجوم الأخير شمل منصة كورتشاجين النفطية التي ضربتها القوات الأوكرانية الأيام القليلة الماضية، مشيراً إلى أن الإنتاج قد توقف.
كما أعلنت أوكرانيا أنها استهدفت غواصة روسية راسية في ميناء نوفوروسيك، للمرة الأولى بواسطة مسيرة بحرية، مؤكدة أنها ألحقت بها "أضراراً بالغة".
وجاء في منشور لجهاز الأمن الأوكراني على "تيليغرام"، "للمرة الأولى في التاريخ، فجرت مسيرة- غواصة من طراز ساب سي بيبي غواصة روسية" من فئة كيلو. وأضاف "على أثر الانفجار، لحقت بالغواصة أضرار بالغة ووُضعت خارج الخدمة".
أزمة دونباس
من ناحية أخرى، ما زال المفاوضون الأميركيون يريدون من أوكرانيا التخلي عن منطقتي دونيتسك ولوغانسك (شرق) اللتين يطلق عليهما معاً دونباس، كشرط لمحادثات السلام مع روسيا، بحسب ما أفاد مسؤول مطلع على المفاوضات وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المسؤول إن الرئيس فلاديمير بوتين "يريد أراضي"، مضيفاً أن الولايات المتحدة تطالب أوكرانيا "بالانسحاب" من المنطقتين لكن كييف "لا توافق" على هذا الطلب، وأضاف "إنه أمر لافت نوعاً ما بأن يتبنى الأميركيون موقف الروس في شأن هذه المسألة".
ويجتمع الرئيس الأوكراني والمفاوضون الأميركيون مجدداً اليوم الإثنين في برلين بعد محادثات استمرت خمس ساعات أمس الأحد، فيما تأمل كييف في إقناع واشنطن بضرورة وقف إطلاق النار في أوكرانيا من دون تقديم تنازلات إقليمية مسبقة لروسيا.
لم يقدم المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تفاصيل كثيرة، لكنه أكد عبر منصة "إكس" أنه تم إحراز "تقدم كبير" خلال "مناقشات معمقة حول خطة السلام المكونة من 20 نقطة والبرامج الاقتصادية وغيرها". ومن المقرر عقد جولة أخرى من المحادثات صباح اليوم الإثنين.
وقال ويتكوف "أجرى الممثلون مناقشات مستفيضة. أُحرز تقدم كبير، وسيجتمعون مرة أخرى صباح (الإثنين)".
بدوره قال مستشار الرئيس الأوكراني دميترو ليتفين للصحافيين إن الأطراف "اتفقت على الاستمرار (الإثنين)"، مضيفاً أن فولوديمير زيلينسكي سيتحدث اليوم عن تطورات المحادثات.
إضافة إلى الجولة الثانية من المحادثات الأوكرانية الأميركية من المتوقع أن يوجد عديد من القادة الأوروبيين في برلين مساء الإثنين لتنسيق مواقفهم والعمل على تعديل الخطة الأميركية لإنهاء الحرب بعدما اعتبروا نسختها الأولى مراعية إلى حد بعيد لموسكو وشروطها.
وعلى غرار كييف يعارض الأوروبيون الاستجابة لمطالب الكرملين التي يرونها متشددة، ويخشون أن يتخلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن أوكرانيا، وأن تُستبعد أوروبا من المناقشات المتعلقة بأمن القارة.
أسبوع حاسم أوروبياً بالنسبة لأوكرانيا
في سياق متصل قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الإثنين إن هذا الأسبوع في بروكسل سيكون "حاسماً" بالنسبة لأوكرانيا وتمويل حربها مع روسيا.
وقالت كالاس قبيل بدء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، "هذا أسبوع بالغ الأهمية" لتمويل أوكرانيا، إذ سيتعين على قادة الاتحاد اتخاذ قرار بهذا الشأن في قمة يعقدونها يومي الخميس والجمعة. وأكدت أن المفاوضات بين الدول الأعضاء الـ 27 بشأن الأصول الروسية المجمدة مستمرة، لكنها "تزداد صعوبة".
وتدرس الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل "قرض تعويضات" لأوكرانيا، إلا أن العديد من الدول الأوروبية تبدي ترددا في هذا الموضوع، وعلى رأسها بلجيكا حيث تتركز معظم هذه الأصول الروسية في أوروبا.
وأقرت كالاس بأن "الخيار الأكثر جدوى يتمثل في توفير قرض من أجل تمويل التعويضات، وهذا ما نعمل عليه. لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، والأمر يزداد صعوبة". لكنها رددت موقفاً سبق أن أطلقه رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا، قائلةً "لن نغادر الاجتماع (القمة) حتى نتوصل إلى نتيجة، وحتى نحصل على قرار بشأن تمويل أوكرانيا".
إلى جانب استخدام الأصول الروسية المجمدة، اقترحت المفوضية الأوروبية خياراً آخر يتمثل في تقديم قرض أوروبي، لكنه يصطدم بمعارضة دول أعضاء عدة ولا سيما ألمانيا.
وأكدت كالاس أن هذا الخيار "لا يحظى بالقبول"، مضيفةً أن استخدام الأصول الروسية المجمدة يتميز أيضاً بأنه لا يُكلف دافعي الضرائب الأوروبيين شيئاً، "وهذا أمر بالغ الأهمية". وأضافت، "إنها تبعث برسالة واضحة: إذا ألحقتم كل هذا الضرر بدولة أخرى، فعليكم دفع تعويضات".
وأشارت كالاس مجدداً إلى أن قرار استخدام هذه الأصول المجمدة يمكن أن تتخذه أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء، ولكن لا مجال للقيام بذلك من دون بلجيكا. وتابعت "أعتقد أنه من الضروري إشراكهم، أياً كان قرارنا".
تجميد خط المواجهة
واستقبل المستشار الألماني فريديريش ميرتس بعد ظهر الأحد فولوديمير زيلينسكي في المستشارية، حيث رفعت أعلام أميركية وأوكرانية وأوروبية بهذه المناسبة.
وأظهرت صور نشرتها الرئاسة الأوكرانية الزعيمين برفقة المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب. وتصافح زيلينسكي وويتكوف وهما يبتسمان.
وقال ميرتس عبر منصة "إكس" إن "أسئلة صعبة" طرحت على طاولة المحادثات، وإن "المصالح الأوكرانية هي أيضاً مصالح أوروبية".
قبل الاجتماع قال زيلينسكي إنه يريد إقناع الولايات المتحدة بدعم وقف لإطلاق النار يتضمن تجميد خط المواجهة، وليس التنازل عن كل إقليم دونباس (شرق)، وهو مطلب روسي ضمنته واشنطن في خطتها. وأضاف "أود أن يدعمنا الأميركيون في هذه النقطة". ولطالما رفضت كييف وأوروبا تقديم هذا التنازل، معتبرين أن من شأنه أن يكافئ المعتدي.
وأوضح زيلينسكي الأحد قبل المحادثات أن واشنطن لم ترد بعد على التعديلات التي أدخلتها أوكرانيا مع الأوروبيين على خطة إنهاء النزاع هذا الأسبوع.
"تنازل أوكراني"
في موسكو قال المستشار الرئاسي يوري أوشاكوف رداً على سؤال للتلفزيون الرسمي الروسي عن هذه التعديلات إنه يتوقع تقديم "اعتراضات قوية"، مشيراً في الآن نفسه إلى أنه لم يطلع عليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد زيلينسكي رغبته في الحصول على ضمانات أمنية أوروبية وأميركية لردع أي هجوم روسي مستقبلاً، قائلاً "نريد أن نكون على يقين من عدم تكرار الحرب بعد وقف إطلاق النار".
والضمانات المطلوبة مستوحاة من المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي تنص على الحماية المتبادلة بين الدول الأعضاء، لكن من دون انضمام أوكرانيا إلى الحلف، وهي مسألة كانت تطمح إليها.
وقال زيلينسكي "هذا بالفعل تنازل من جانبنا"، لأنه مطلب رئيس لموسكو.
مع استمرار الأعمال العدائية وسقوط مزيد من الضحايا اللذين صاروا يعدون بمئات الآلاف بين القتلى والجرحى أظهر ترمب هذا الأسبوع نفاد صبره إزاء بطء وتيرة المناقشات حول خطته لتسوية النزاع.
إسقاط مسيرة قبل وصولها إلى موسكو
ميدانياً قال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين إن وحدات الدفاع الجوي الروسية أسقطت طائرة مسيرة كانت متجهة إلى موسكو في وقت متأخر من مساء الأحد.
وأضاف سوبيانين في منشور على "تيليغرام" أن فرق الطوارئ تفحص شظايا الطائرة في موقع سقوطها على الأرض.
ودأبت القوات الأوكرانية على إرسال طائرات مسيرة باتجاه العاصمة الروسية، وجرى إسقاط نحو 40 طائرة فوق منطقة موسكو في غضون ساعات قليلة في إحدى المرات الأسبوع الماضي.