Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة المصرية: انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته في 30 عاما

خبراء: لا يعبّر عن الواقع... ومعظم الوظائف المعلنة مؤقتة وبعيدة عن اشتراطات "العمل الدولية"

عمال في موقع بناء بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر (رويترز)

تراجع معدل البطالة في دولة ما يشير إلى قوة اقتصاد تلك الدولة، ويمثل أحد مؤشرات تحسن أداء الاقتصاد الكليّ لديها، شريطة أن تعبّر مؤشرات ومعدلات البطالة وقوة سوق العمل عن الواقع الفعليّ الحقيقي، وأن ينعكس في النهاية على الحالة المعيشية للمواطنين بالدولة.

معدل البطالة في مصر ينخفض إلى 7.5%

مجلس الوزراء المصري نشر "إنفوغراف" الأسبوع الحالي يوضح خلاله معدل البطالة في مصر، وبحسب ما أوضحه "الإنفوغراف"، انخفض معدل البطالة في مصر إلى 7.5%، واصفا ذلك بأنه أدنى مستوى وصل إليه معدل البطالة في مصر منذ 30 عاما.

المعلومات الرسمية عرضت التفاصيل والأسباب الرئيسة التي أسهمت من وجهة نظر "المركز الإعلامي لمجلس الوزراء" في تراجع البطالة، كما عرضت معدلات البطالة بدول مختلفة على مستوى العالم.

مجلس الوزراء أشار إلى أن معدل البطالة في مصر وصل إلى أدنى مستوى منذ 30 عاماً، وبلغ 7.5% في الربع الثاني من عام 2019، مقارنة بـ9.9% في نفس الفترة من عام 2018، و8.8% في عام 1991، و8%‏ خلال عام 1990.

9039 مشروعاً في 4 سنوات بتكلفة 74 مليار دولار

وأرجع مجلس الوزراء المصري التحسن في معدل البطالة إلى عوامل عدة رئيسة ساعدت، من وجهة نظره، على خلق فرص عمل وانخفاض معدل البطالة، شملت تنفيذ الدولة 9039 مشروعاً في الفترة من يوليو (تموز) 2014 حتى ديسمبر (كانون الأول) 2018، بتكلفة 2.1 تريليون جنيه (نحو 74 مليار دولار).

وتابع المجلس أن الحكومة وفّرت نحو 144.2 مليار جنيه (9 مليارات دولار) قيمة محفظة القروض والتسهيلات للشركات والمنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر خلال الفترة من ديسمبر 2015 حتى يونيو (حزيران) 2019، مؤكدة أن نحو 565 ألف عميل استفادوا من تلك التسهيلات.

99.5 مليون نسمة حتى السبت الماضي

وقارن مجلس الوزراء بين عدد السكان في عام 1991، الذي بلغ 53 مليون نسمة مع معدل نمو 1.1%، ومعدل تضخم الحضر سجل 19.7%. بينما ارتفع عدد السكان في 2018 إلى 97.1 مليون نسمة، وأخيرا سجّل 99.5 مليون نسمة حتى  السبت الماضي 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

أبرز مجلس الوزراء المصري معدلات البطالة في بعض دول العالم لعام 2018، وذكر أن معدل البطالة في قارة أوروبا بالنسبة إلى ألمانيا نحو 3.4%، وفي هولندا نحو 3.9%، وفي المملكة المتحدة 4%، وفي فرنسا نحو 9.2%، وفي إسبانيا نحو 15.5%، وفي إيطاليا نحو 10.2%، وفي روسيا 4.7%.

وعرض مجلس الوزراء أرقام معدلات البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذكر أن معدل البطالة السعودي بلغ نحو 5.9%، وفي الإمارات نحو 2.6%، وفي الأردن نحو 15%، وفي المغرب نحو 9%، وفي الجزائر نحو 12.2%، وفي تونس نحو 15.5%، وفي إيران نحو 12%، وفي تركيا نحو 13.9%.
 
ورصد المجلس معدل البطالة في بعض دول قارة أفريقيا، والذي سجل نحو 12.9% في السودان، وفي كينيا نحو 9.3%، وفي جنوب أفريقيا نحو 27%، وفي أنغولا نحو 7.3%، وفي بوتسوانا نحو 17.9%.

 

تعريف المشتغلين في مصر يشوبه القصور

"الأرقام في لغة الاقتصاد دائما لا تكذب، إذا قورنت بما يضاهيها من أرقام فعلية"، هكذا علّق الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التضامن الاجتماعي الأسبق، مؤكدا لـ"اندبندنت عربية"، أنه مما لا شك فيه أن تراجع معدل البطالة يعد أحد مؤشرات تحسن أداء الاقتصاد الكلي، مستدركا "إلا أنه ينبغي التعامل بحرص مع هذه الأرقام، بخاصة وأن تعريف المشتغلين في مصر يشوبه القصور".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح عبد الخالق أن وزارة القوى العاملة المصرية، على سبيل المثال لا الحصر، "تعتبر من يعمل لمدة ساعة مشتغلا غير متعطل عن العمل".

وأضاف عبد الخالق أن "المتعطل عن العمل يُعرف بأنه كل شخص قادر وراغب وباحث عن العمل عند معدل الأجر السائد ولا يجده، وبناء عليه إذا انتفى أي عنصر من هذه العناصر لا يعد الشخص عاطلا"، مبينا أنه "بناء على هذا التعريف القاصر فإن انخفاض معدل البطالة في مصر لا يعني زيادة الوظائف المتاحة في الاقتصاد، وإنما يعود في جانب كبير منه إلى تراجع عدد الباحثين عن العمل والوظائف نتيجة اليأس من الحصول على فرصة".

واختتم عبد الخالق تعريف منظمة العمل الدولية للعمل اللائق  بأن يكون مستقرا ويوفر تغطية تأمينية ويراعي المخاطر الصحية المرتبطة بالوظيفة، وهل هو وليد الاقتصاد الرسمي أم وظائف غير رسمية، معلقا "إذا وضعنا تلك الشروط سنصل إلى معدل البطالة الحقيقي في مصر، والمقارنة ستكون أفضل على مدار الثلاثين عاما إذا كانت في إطار متشابه بالنظر إلى عناصر أخرى، مثل مستوى المعيشة وحجم قوة العمل وغيرها".

بين الأمس واليوم

المركز المصري للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أكد، في دراسة له أخيرا عن معدل البطالة وسوق العمل في مصر، أنه منذ فترة ستينيات القرن العشرين عجز الاقتصاد المصري عن توليد فرص عمل مستدامة في القطاع الخاص الرسمي، وهو ما دفع معظم الشباب إلى العمل بشكل غير رسمي لتأمين قوت حياتهم.

وأوضح المركز البحثي أن النمو خلال هذه الفترة لم يكن كثيف العمالة حتى 2010، ومنذ 2013 جاء النمو الاقتصادي مدفوعا بشكل أساسي بقطاعي التشييد والبناء والأنشطة العقارية والاستخراجات، وهو نمو غير مستدام وغير قادر على توليد فرص عمل منتجة ولائقة ومستدامة تستوعب شباب الخريجين، وإنما اعتمد بشكل أساسي على استيعاب العمالة غير الماهرة، كما أن قطاع التشييد والبناء يولد فرصا غير مستقرة ومؤقتة بطبيعتها.

عمالة مؤقتة

وأشار المركز، على سبيل المثال، إلى أن الاقتصاد المصري ولّد نحو 700 ألف وظيفة خلال 2016- 2017، 67% منها في قطاع التشييد والبناء، في حين استوعب قطاع الصناعة التحويلية 16% فقط من هذه الوظائف، على الرغم من كونه القطاع الأهم على الإطلاق في توليد فرص عمل منتجة ومستدامة.

واشترط المركز البحثي لخفض معدل البطالة بشكل حقيقي أن يعمل الاقتصاد أو الحكومة المصرية على علاج تشوهات سوق العمل المصرية، والتي تتمثل بشكل أساسي في

سيطرة اللارسمية، إذ لا يمثل العاملون بعقد قانوني سوى 41.4% من إجمالي العاملين بأجر، وارتفاع نسبة المتعطلين ممن سبق لهم العمل حيث تمثل 20%، وهو ما يتطلب توفير الحماية الاجتماعية لهؤلاء على أن تكون مشروطة بمدة محددة لحين الحصول على التدريب اللازم وإيجاد فرصة عمل من جديد.

وأكد المركز البحثي أن الهدف الأساسي من العمل هو توفير حياة كريمة للمواطنين، وبناء عليه يجب أن تكون فرص العمل لائقة ومنتجة وبأجر عادل يتناسب مع إسهام العامل في خلق الناتج وإضافة القيمة، فمنذ 1990 حتى 2015 استحوذ أغنى 10% من السكان على نحو 30% من الدخل في المتوسط، مقابل 4% في المتوسط لأفقر 10% من السكان، كما تراجعت القوة الشرائية للأجور، ومن ثم مستويات المعيشة بشكل واضح منذ خمسينيات القرن الماضي حتى الآن، ففي عام 1952 كان الحد الأدنى للأجر 18 قرشا في اليوم بما يعادل 34 كغم من اللحم في الشهر، وفي عام 1978 كان الحد الأدنى للأجر 22 جنيها شهريا بما يعادل 24 كغم من اللحم، وفي 2014 كان الحد الأدنى 1200 جنيه بما يعادل 17 كغم من اللحم بأسعار يناير (كانون الثاني) 2014 و8 كغم من اللحم بأسعار ديسمبر (كانون الأول) 2017.

وطالب المركز الحكومة المصرية بمنح المشروعات متناهية الصغر اهتماما حقيقيا والعمل على دمجها في الاقتصاد الرسمي من ناحية، ومساعدتها على النمو والتحول إلى مشروعات صغيرة ومتوسطة من ناحية أخرى، إذ لا يوجد في مصر سوى منشأة صغيرة أو متوسطة لكل 2000 مواطن، ويرتفع هذا العدد إلى 8 في الأردن و10 في ماليزيا.

مجدي البدوي، نائب رئيس اتحاد عمال مصر، أكد أن معدل البطالة في مصر غير حقيقي ولا يعبّر عن عدد المتعطلين عن العمل واقعيا، مطالبا الدولة بتوفير فرص عمل حقيقية دائمة تتوافق مع المعايير الدولية.

وأشار البدوي إلى أن الجميع يعي أن 65% من عدد سكان مصر أو أكثر من فئة الشباب، وهو ما يزيد من الضغوط على الدولة في توفير فرص عمل سنويا أمام خريجي الجامعات والمعاهد الفنية، ولكنه طالب في نفس الوقت بالتفكير خارج الصندوق وتوسيع النطاق لحل الأزمة.

وأضاف "لا بد من ربط مخرجات النظام التعليمي بسوق العمل، ولن يتأتى ذلك سوى بتوفر الإرادة السياسية وزيادة الاستثمار في التعليم وترسيخ مفهوم التعلم مدى الحياة لدى الطلاب، إلى جانب توفير الحماية الاجتماعية للعاطلين، كونها تعمل كأداة لتحقيق الاستقرار في أوقات الأزمات وتساعد العاطلين ممن سبق لهم العمل على الرجوع إلى سوق العمل مرة أخرى.

وطالب البدوي الدولة بدعم وتمكين اتحادات ونقابات العمال، وتعزيز قدرتهم التفاوضية فيما يتعلق بالأجور وساعات وظروف العمل.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد