Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المنخفضات تزيد من أمراض النازحين في غزة ونداءات الاستغاثة لا تهدأ

يعيشون في خيام لا تصمد طويلاً أمام الرياح العاتية وتتسلل إليها الأمطار

قي 25 شخصاً مصرعهم بينهم ستة أطفال توفوا بسبب البرد القارس في غزة (أ ف ب)

ملخص

بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن قطاع غزة يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في إصابات الإنفلونزا والأمراض التنفسية نتيجة التقلبات الحادة في الطقس، إذ تنخفض درجات الحرارة بصورة حادة ليلاً وتسود أجواء باردة ورطبة تضعف المناعة وتزيد فرص انتقال العدوى الفيروسية.

كانت الساعة تقترب من الواحدة بعد منتصف الليل عندما اشتدت سرعة الرياح في غزة، على الفور خرجت وفاء من مأواها برفقة زوجها وأطفالها، وأخذت تلف الخيمة التي تعيش فيها ببطانية وأقمشة علّها تتمكن من منع تسلل الهواء والماء إلى الداخل.

في زاوية صغيرة داخل خيمة وفاء، يجلس ابنها الذي كسرت ساقه بسبب الحرب، تدخل أمه نحوه تطمئن عليه، وتقول "البرد يسبب آلاماً شديدة لساق ابني لا يستطيع تحملها، لذلك أحاول أن أحميه من اندفاع الرياح وأحاول أن أبقي الخيمة متماسكة".

سرعة الرياح

يضرب غزة منخفض جوي عاصف تصل سرعة رياحه إلى نحو 90 كيلومتراً في الساعة، وهو محمل بأمطار غزيرة لا تهدأ طوال اليوم، وترافق مع انخفاض درجات الحرارة حد الصقيع، مما تسبب في كوارث صحية وبيئية أرهقت سكان القطاع.

ويعد هذا المنخفض الجوي الثالث الذي يضرب غزة في ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وبسبب هذا الجو السيئ أصيبت غزة بـ"متلازمة الخيمة المبتلة"، وباتت تعاني أمراضاً ومكاره صحية لها تداعيات نفسية واجتماعية صعبة.

هبت رياح عاتية، لفحت ظهر وفاء فقفزت من مكانها مسرعة وجلبت آخر بطانية وغطت بها ابنها المصاب، وتضيف "نتيجة الطقس العاصف أصبحت الخيمة مهترئة تماماً وفيها ثقوب وبسهولة يمكن أن يقتلعها الهواء".

لا شفاء من المرض

ولهذه العوامل الجوية آثار وخيمة على أسرة وفاء التي تقول "لا نشفى من المرض دائماً نشكو من الإنفلونزا والرشح والزكام، في الواقع كل ذلك لأن خيمتنا تبقى مبللة باستمرار خلال فصل الشتاء".

وبسبب المنخفض العاصف الذي يضرب غزة، انهارت خيمة حسين ليلاً وتسربت الأمطار إلى داخلها، تبلل الفراش والملابس وشعر أفراد أسرته بالبرد الشديد، يقول "المأوى نصب فوق الرمل مباشرة، وعندما يبتل التراب لا يجف بسهولة، يظل رطباً مما يعني برودة إضافية تنخر أجسادنا وتسبب لنا الأمراض دائماً".

وهبت الرياح الباردة، فهرع حسين وتشبث بأعمدة خيمته حتى لا تطير من قوة الهواء، غير قلق  على الخيمة المهترئة ولكنه خائف على زوجته المريضة، ويضيف "خلال الليل كله نمسك الأعمدة كي لا تطير بسبب الهواء، وإذا هدأت الريح ننام قليلاً ثم نصحو مجدداً وكأننا في نوبات حراسة".

البرد الممرض

زوجة حسين مريضة من البرد، والمياه تدرك طريقها إليها على رغم الشوادر والنايلون، مع أن الأب يكرس كامل وقته لحماية الخيمة التي تؤويه وأسرته من آثار المنخفض الجوي العميق.

من داخل خيمتها تقول عبير "الخيمة لا تحمينا والبرد يشتد ليلاً، أواجه التغيرات المناخية التي تزداد قسوة في هذا المأوى، أطفالي يعانون السعال والبرد طول الليل، ولا بطانيات كافية ولا أية وسيلة تدفئة".

وتضيف أن "حلول الليل يعني انخفاض درجات الحرارة وتحول الخيام إلى ما يشبه الثلاجة، فيرتعش أطفالي من البرد فالأغطية الخفيفة لا تقيهم شر الصقيع. لا أعرف ما الأسوأ، لكنني مقتنعة بأن الواقع الذي نعيشه سيئ جداً".

ارتفاع نسب الأمراض

بحسب منظمة الصحة العالمية، فإن قطاع غزة يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في إصابات الإنفلونزا والأمراض التنفسية نتيجة التقلبات الحادة في الطقس، إذ تنخفض درجات الحرارة بصورة حادة ليلاً وتسود أجواء باردة ورطبة تضعف المناعة وتزيد فرص انتقال العدوى الفيروسية.

وتشير بيانات الدفاع المدني في غزة إلى أن الأوضاع الإنسانية في مناطق النزوح تشهد تدهوراً خطراً، إذ لا تتوقف نداءات الاستغاثة من العائلات المتضررة جراء العاصفة العنيفة المصحوبة بأمطار غزيرة ورياح شديدة.

ولم تصمد خيام غزة أمام شدة الرياح، مما أدى إلى تمزق عدد كبير منها واقتلاع بعضها بالكامل، وتسببت الأمطار الغزيرة أيضاً في غرق عدد منها، وحذر اتحاد بلديات غزة من أخطار انتشار الأوبئة وتدهور الوضع الصحي في القطاع.

حالة وفاة بسبب المتلازمة

بسبب المنخفضات الجوية التي تضرب غزة، لقي 25 شخصاً مصرعهم بينهم ستة أطفال توفوا بسبب البرد القارس، كذلك أدت عوامل الطقس السيئ إلى تضرر أكثر من ربع مليون نازح، من أصل نحو 1.5 مليون يعيشون في خيام ومراكز إيواء بدائية لا يتوافر فيها الحد الأدنى من الحماية.

يقول عميد كلية العلوم الصحية في الجامعة الإسلامية بغزة عبدالرؤوف المناعمة "ما تمر به غزة يسمى ’متلازمة الخيمة المبتلة‘ وهي إحدى أخطر التداعيات الصحية للنزوح القسري والحرب المستمرة".

ويشرح أن "’متلازمة الخيمة المبتلة‘ هي مجموعة من المشكلات الصحية الناتجة من التعرض المزمن للبرد والرطوبة وسوء الإيواء، وتنتشر في مناطق الحروب والكوارث، إذ تعد مؤشراً واضحاً على تدهور معايير الإيواء الإنساني وارتفاع الأخطار الصحية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بيئة مرضية بالكامل

ويتابع المناعمة أن "آلاف الغزيين فقدوا منازلهم واضطروا إلى العيش في خيام بدائية لا توفر الحد الأدنى من الحماية من المطر أو البرد، مما خلق بيئة قاسية تتكامل فيها الرطوبة وانعدام التهوئة والتكدس البشري مع انهيار شبه كامل للخدمات الصحية، وهذه الظروف مجتمعة تنتج حالة صحية خطرة وليس مرضاً محدداً".

ويؤكد أن الوضع في غزة يجعل هذه المتلازمة أكثر حدة، إذ باتت الخيام بيئة مثالية لانتشار أمراض التهابات الجهاز التنفسي العلوي والتهاب القصبات والالتهاب الرئوي وتفاقم حالات الربو.

وبحسب المناعمة، فإن ’متلازمة الخيمة المبتلة‘ في غزة ليست مشكلة موسمية عابرة، بل أزمة صحية وإنسانية تعكس حجم الدمار الذي خلفته الحرب، لذلك يرى أنه يجب رفع أرضيات الخيام وعزلها عن التربة وتحسين تصريف مياه الأمطار وتوفير أغطية وملابس شتوية جافة ووسائل تدفئة آمنة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات