Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تمكن "عصابات غزة"... هل هو اليوم التالي؟

باتت التشكيلات المسلحة تصدر أوامر الإخلاء وتعتقل عناصر "حماس" ومحللون: ما زالت غير مقنعة لأميركا

وسط أنقاض المباني المدمرة في مخيم "جباليا" للاجئين، شمال قطاع غزة، 24 ديسمبر 2025 (أ ف ب)

ملخص

يقول هاني "من على بعد 100 متر كان يحدثنا عبر مكبر صوت صغير بالإخلاء التام من المكان، وأن تلك الأوامر العسكرية جاءت وفق تعليمات من الجيش الإسرائيلي".

بينما كان هاني يضرم النار في حطب يابس أمام خيمته سمع صوتاً يخرج من مكبر صوت صغير يخاطبه "عليكم الرحيل فوراً من هنا". للوهلة الأولى كان الرجل متأكداً أن الجيش الإسرائيلي يأمره بالتراجع قليلاً عن مكانه، لكن عندما أدار نظره صعق عندما شاهد عناصر من الميليشيات المسلحة يحادثونه.

يعيش هاني في خيمة تبعد نحو 150 متراً من الخط الأصفر الذي يفصل غزة الشرقية عن غزة الغربية، وليس وحده الذي ينصب مأواه البدائي هناك، فإلى جانبه نحو 90 عائلة يسكنون قرب الحد الذي يقسم القطاع لنصفين.

أمر إخلاء فلسطيني

عندما سمع السكان صوت مُنادٍ يخاطبهم من بعيد بواسطة مكبر صوت هرعوا جميعاً قرب هاني ليركزوا في الكلمات التي يتحدث بها مقاتلو الجماعات المسلحة.

في غزة الغربية، حيث تسيطر "حماس"، يعيش أكثرية سكان القطاع. أما في غزة الشرقية التي ينتشر فيها الجيش الإسرائيلي فيعيش فقط الغزيون الذين ينتمون للعصابات المسلحة حتى يتمتعوا بحماية قوات تل أبيب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في شرق مدينة غزة، تنتشر إلى جانب الجيش الإسرائيلي مجموعة مسلحة تعرف بـ"مجموعة رامي حلس"، وكان العنصر المسلح الذي يخاطب هاني والعدد القليل من السكان القريبين من الخط الأصفر ينتمي لتلك الميليشيات.

اقترب العنصر المسلح مما تبقى من منازل المواطنين قرب الخط الأصفر وأطلق النار في الهواء ثم غادر المكان، لكن مجموعة مسلحة عادت من جديد بعد ساعات وطالبت السكان بالإخلاء، وأمهلتهم حتى غروب الشمس، مهددة بإطلاق النار على كل من لا يلتزم ذلك.

يقول هاني "من على بعد 100 متر كان يحدثنا عبر مكبر صوت صغير بالإخلاء التام من المكان، وأن تلك الأوامر العسكرية جاءت وفق تعليمات من الجيش الإسرائيلي".

ويضيف هاني "لم يقترب عناصر الميليشيات منا بصورة مباشرة ربما خشية تعرضهم لأي هجوم، لكنهم هددونا جميعاً في حال عدم الإخلاء بإطلاق النار على كل من لا يلتزم الأمر، لقد أبلغونا أن الإخلاء خطوة أولى تمهيداً لتوسيع الخط الأصفر ونسف المنطقة".

توسيع أدوار

في الواقع هذه هي المرة الأولى منذ بدء الحرب التي تجبر فيها مجموعة مسلحة أحياء سكان غزة بالنزوح تحت تهديد السلاح، ففي العادة كانت إسرائيل من تقوم بتوزيع أوامر الإخلاء على الغزيين.

هرب هاني مسرعاً، انتشل مستلزماته الأساسية وغادر غرباً، ومثله اضطرت جميع العائلات إلى النزوح في تجربة مرة ومأساة لا تنتهي للنجاة من زحف الخط الأصفر نحوهم.

بالفعل، قدمت القوات الإسرائيلية الخط الأصفر نحو المنطقة التي طلب عناصر المجموعة المسلحة إخلاءها، وهذه ليست المرة الأولى التي تعدل فيها إسرائيل الحدود الصفراء، مما وسع سيطرتها على المناطق السكنية المحيطة بالخط، وسمح لها بالتمدد أكثر في عمق القطاع.

لكن هذا ليس المثير في هذا الموضوع، بل إن الجيش الإسرائيلي بات يعتمد على التشكيلات المسلحة لتنفيذ مهام في غزة، ويحاول منحها صلاحيات وتوسيع نفوذها، على الغالب لتجهيزها لليوم التالي بعد رحيل "حماس" عن السلطة.

وهذه ليست المهمة الأولى التي توكلها إسرائيل للعصابات المسلحة ضد الغزيين، إذ سبق أن اختطف عناصر مسلحون أربعة من العاملين في طواقم وزارة الصحة بتعليمات من الجيش الإسرائيلي، كما أعدم عناصر الميليشيات قيادياً حمساوياً بعد أدائه الصلاة قرب بيته.

تؤكد تحقيقات مراكز حقوق الإنسان أن إسرائيل تعمل على تجنيد عناصر محلية من قطاع غزة ضمن عصابات مسلحة لتنفيذ عمليات داخل مناطق سيطرة "حماس"، وتسعى تل أبيب لزيادة صلاحيات تلك الميليشيات.

تأكيد إسرائيلي

لم ينفِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذلك، بل أقر بتشكيل عصابة مسلحة لتنفيذ مهام قتالية في قطاع غزة، وقال "نحاول تعزيز مكانتهم في غزة ومنحهم صلاحيات". وتفعل تل أبيب ذلك بحجة تعثر إقامة قوة دولية تدير شؤون القطاع على رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أكد أن هذه القوة جاهزة.

بحسب هيئة البث الإسرائيلي "كان"، فإن إسرائيل تخطط لمنح عصابة أبو شباب مهمة تأمين أعمال إعادة الإعمار في رفح، في إطار منحها صلاحيات أوسع.

وذكرت "كان" أن قيادات من مجموعة أبو شباب شاركوا في اجتماعات مع مسؤولين أميركيين لتقييم قدرات هذه الميليشيات ومجالات نفوذها وسيطرتها، بهدف دراسة إمكان التعاون مع هذه العصابات.

وتؤكد "كان" أن إسرائيل تسهم في ترسيخ هذه الميليشيات كقوة لفرض النظام، وإذا أثبتت فاعليتها فستمنح صلاحيات إضافية في مناطق أوسع من القطاع.

يقول مدير عام مركز "الزيتونة" للدراسات والاستشارات محسن صالح "العصابات المسلحة التي شكلتها إسرائيل في قطاع غزة تنفذ مهام أمنية وميدانية تسهل فرض السيطرة على السكان والأحياء في القطاع، وباتت تتجاوز كونها أداة تكتيكية موقتة لتتحول إلى جزء من مستقبل القطاع، على رغم أنها لم تقدم نموذجاً ناجحاً يمكن للإسرائيليين البناء عليه". ويضيف "صحيح أن الجماعات المسلحة نما نفوذها واستقرت ضمن شبكة ميليشيات منظمة ومنسقة، وتعد نفسها علناً للاضطلاع بدور قيادي في مرحلة اليوم التالي حال غياب حركة (حماس) عن المشهد، لكن لا إسرائيل ولا أميركا تعتقد أن هذه العصابات قادرة على قيادة اليوم التالي في غزة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير