Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتدام المعارك قرب كادوقلي والجيش يتقدم في شمال كردفان

استمرار موجات النزوح وإدريس يطرح مبادرة تسوية أمام مجلس الأمن تشمل وقف النار ونزع سلاح "الدعم السريع"

نيران تتصاعد جراء قصف خلال معارك السودان (رويترز)

ملخص

قالت مصادر ميدانية إن مسيرات الجيش استهدفت أمس الإثنين مناطق عدة في ولاية غرب كردفان تنتشر بها قوات "الدعم السريع" من بينها أبو زبد وأبو قلب والمحفورة، مما أدى إلى تدمير عدد من المركبات القتالية وتحييد عناصر مقاتلة تتبع للأخيرة.

في وقت تتصاعد فيه حدة المواجهات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في ولاية جنوب كردفان، وتحديداً قرب مدينة كادوقلي عاصمة الولاية من خلال عمليات القصف الجوي المتبادل بين الطرفين بالمسيرات، تمكن الجيش أمس الإثنين من السيطرة على بلدة علوبة الاستراتيجية الواقعة في ولاية شمال كردفان بعد معارك عنيفة.

وبحسب مصادر عسكرية، فإن سيطرة الجيش على هذه البلدة الاستراتيجية جرت بواسطة متحرك خصص للانفتاح باتجاه محور جنوب غربي الرهد بولاية شمال كردفان، حيث تكبدت "الدعم السريع" خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، مما أجبرها على التراجع إلى مناطق سيطرتها.

وأشارت تلك المصادر إلى أن تأمين الجيش منطقة علوبة يسهم في تعزيز الأمن بمدينة الرهد، مما ينعكس مباشرة على استقرار الحركة التجارية والإغاثية على طول الطريق القومي، تندلتي - أم روابة - الرهد - الأبيض، الذي يعد أحد أهم الشرايين الحيوية بالولاية. وأكدت أن إحكام السيطرة على هذه البلدة يحد من محاولات تسلل عناصر "الدعم السريع" من منطقة كازقيل الواقعة جنوب مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، مما يعزز الطوق الأمني حول الأخيرة (الأبيض) ويقلص التهديدات المحتملة على المناطق السكنية وخطوط الإمداد.

وبث أفراد من الجيش مقاطع فيديو تظهر انتشارهم داخل البلدة وهي خاوية من السكان وقوات "الدعم السريع"، وتوعدوا بمواصلة التقدم نحو مدينة الدلنج وبقية مناطق جنوب كردفان.

هجوم متواصل

في الأثناء هاجم طيران الجيش لليوم الثالث على التوالي مواقع تمركز قوات "الدعم السريع" في منطقة برنو القريبة من مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من تلك القوات.

وأكدت المصادر أن الغارات الجوية التي نفذها طيران الجيش كانت عنيفة، حيث استهدفت تدمير القوة الصلبة لقوات "الدعم السريع" بعد انسحاب الجيش من بلدة برنو الجمعة الماضي.

 

ويسعى الجيش من خلال عملياته العسكرية في جنوب كردفان، إلى فك الحصار المستمر لأكثر من عامين عن كادوقلي والدلنج، أكبر مدن الولاية، في وقت تحاول "الدعم السريع" السيطرة على المدينتين والتوغل في باقي المناطق لتحقيق السيطرة الكاملة على ولاية جنوب كردفان، بعد سيطرتها على كامل ولاية غرب كردفان خلال الأيام الماضية.

وتعرضت كادوقلي والدلنج، في الفترة الأخيرة، لقصف مدفعي مستمر من قبل "الدعم السريع" والحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، باستخدام المدافع الثقيلة والطيران المسير، وكان آخرها قصف مقر الأمم المتحدة في كادوقلي بطائرة مسيرة، أسفر عن مقتل ستة جنود بنغاليين وإصابة آخرين.

قصف متبادل

إلى ذلك أفادت مصادر ميدانية بأن مسيرات الجيش استهدفت أمس الإثنين مناطق عدة في ولاية غرب كردفان تنتشر بها قوات "الدعم السريع" من بينها أبو زبد وأبو قلب والمحفورة، مما أدى إلى تدمير عدد من المركبات القتالية وتحييد عناصر مقاتلة تتبع للأخيرة.

في حين أشارت المصادر نفسها إلى أن مسيرة تتبع "للدعم السريع" قصفت مواقع عدة بمدينة كادوقلي، حيث تصدت لها الدفاعات الأرضية للجيش بنجاح ويقظة تامتين. وأوضحت تلك المصادر أن المسيرة كانت تستهدف مقر جهاز الاستخبارات العامة بكادوقلي.

غطاء للاحتماء

من جانبها اتهمت غرفة طوارئ دار حمر قوات "الدعم السريع" باستجلاب طواقم من الفنيين الأجانب (كولومبيين) لتشغيل وإدارة منظومة المسيرات من داخل مستشفى النهود المرجعي عقب سيطرة الأخيرة على مدينة النهود في ولاية غرب كردفان مطلع مايو (أيار) الماضي.

وأشارت الغرفة في بيان إلى أن هذا التكتيك الإجرامي يندرج ضمن سلسلة جرائم "الدعم السريع" الممنهجة لاستغلال الحماية الخاصة التي توفرها القوانين الدولية للمستشفيات، وتحويلها قسراً إلى دروع بشرية ومقار عسكرية محصنة، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الإنسانية، حيث اتخذت من هذا المرفق الصحي غطاءً للاحتماء من الضربات الجوية التي ينفذها سلاح الطيران التابع للجيش.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قالت شبكة أطباء السودان إن قوات "الدعم السريع" حولت جزءاً كبيراً من مستشفى النهود إلى مركز قيادة عسكري وثكنة للقوات منذ اجتياح المدينة قبل أكثر من خمسة أشهر، مؤكدة أنها منعت المستشفى من أداء دوره الأساس في تقديم الرعاية الصحية للسكان.

وعد البيان هذا الاستخدام العسكري للمرفق الصحي بأنه يمثل انتهاكاً صارخاً لحرمة المؤسسات الطبية ويقوض حق المدنيين في الحصول على العلاج.

وسبق أن ربط عديد من التقارير والتحقيقات المحلية والدولية بين قوات "الدعم السريع" والمرتزقة، آخرها ما نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، عن تورط شركات مسجلة بالمملكة المتحدة في تجنيد مئات المرتزقة الكولومبيين للقتال إلى جانب قوات "الدعم السريع" المتهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية.

وربط التحقيق بين شقة سكنية متواضعة في شمال لندن وشبكة دولية لتجنيد المرتزقة، يديرها أشخاص فرضت عليهم الولايات المتحدة عقوبات بسبب دورهم في تأجيج الحرب الدائرة بالسودان.

موجات نزوح

في المقابل تسببت حدة المواجهات بين طرفي الحرب بمناطق كردفان المختلفة في موجات نزوح كبيرة من مناطق النزاع إلى المناطق الأمنة نسبياً، إذ أفادت المنظمة الدولية للهجرة بنزوح نحو 475 شخصاً من بلدتي الكويك وبرنو في محلية الريف الشرقي بولاية جنوب كردفان نتيجة تصاعد القتال وانعدام الأمن في المنطقة، وذلك بانتقالهم إلى مواقع متفرقة في محليتي كادوقلي وهبيلة، بحثاً عن الأمان والاستقرار بعيداً من مناطق النزاع.

وتواصل تدفق النازحين من منطقة هجليج بولاية غرب كردفان إلى مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، إذ ارتفع عددهم إلى نحو 1700 نازح، معظمهم من الأطفال والنساء.

 

في حين أشارت وكالة الإغاثة وإعادة التأهيل السودانية الزراع الإنساني للحركة الشعبية - شمال إلى استضافة المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة لأكثر من 1.7 مليون نازح ونازحة بسبب اشتداد المعارك في جنوب كردفان خصوصاً مدينتي كادوقلي والدلنج المحاصرتين من قبل "الدعم السريع" والحركة الشعبية.

وتعد مدينة الأبيض مركزاً لتجمعات النازحين الفارين من مناطق القتال من ولايات كردفان وإقليم دارفور، إذ تحتضن بحسب مفوضية العون الإنساني حوالي مليون نازح وزعوا على سبعة مخيمات رئيسة في المدينة.

خريطة المعارك

وولاية شمال كردفان أكبر ولايات كردفان، تشهد سيطرة الجيش على عاصمتها الأبيض ومدن أخرى مثل أم روابة والرهد والسميح، بينما يسيطر "الدعم السريع" على مدن بارا وجبرة الشيخ وحمرة الشيخ. وتدور المعارك في هذه الولاية في مدن بارا التي كانت تحت سيطرة الجيش قبل شهرين قبل أن تفرض "الدعم السريع" سيطرتها عليها.

ويحاول كل طرف الانفراد بالسيطرة على بارا بحكم موقعها الاستراتيجي القريب من العاصمة الخرطوم. وتدور معارك أخرى في الولاية تشمل بلدات تتبع لمحلية جبرة الشيخ مثل أم سيالة وام قرفة وكازقيل والحمادي ورياش ومدينة جبرة الشيخ نفسها، وهي بلدات خاضعة لسيطرة "الدعم السريع".

أما في ولاية غرب كردفان التي بسط "الدعم السريع" سيطرته عليها بالكامل فتدور المعارك حول مدينة الخوي التي يسعى الجيش لاستعادتها من ثم التقدم نحو مدن أخرى في الولاية ذاتها بينها النهود وبابنوسة والفولة والمجلد وجميعها تحت سيطرة الطرف الآخر.

وفي ولاية جنوب كردفان تدور المعارك حول مدينتي كادوقلي والدلنج المحاصرتين بواسطة تحالف "الدعم السريع" والحركة الشعبية شمال لأكثر من عامين، فضلاً عن مدينة الدبيبات بجنوب كردفان وهي المدينة الوحيدة التي يسيطر عليها "الدعم السريع" في هذه الولاية.

نازحو الفاشر

في محور دارفور، أشارت المنظمة الدولية للهجرة، إلى نزوح نحو 107294 شخصاً من مدينة الفاشر والقرى المحيطة بها بولاية شمال دارفور، خلال الفترة بين الـ26 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، على خلفية توغل قوات "الدعم السريع" داخل الفرقة العسكرية التابعة للجيش، وإعلانها السيطرة على العاصمة الأخيرة في إقليم دارفور التي كانت لا تزال تحت سيطرة الجيش.

ووفقاً للمنظمة فإن 81 في المئة من النازحين بقوا داخل ولاية شمال دارفور، حيث استقر نحو 76744 شخصاً، أي ما يعادل 72 في المئة من إجمالي النازحين، داخل محلية الفاشر، معظمهم في قرى ريفية تقع غرب وشمال المدينة.

وأشارت المنظمة إلى نزوح ما يقدر بنحو 8 في المئة من النازحين إلى محلية طويلة، فيما توزع نحو واحد في المئة على محليات أخرى داخل ولاية شمال دارفور. في المقابل، نزح قرابة 19 في المئة إلى ولايات أخرى، شملت الخرطوم وجنوب ووسط وشرق وغرب دارفور والقضارف وكسلا والبحر الأحمر، إضافة إلى ولايات الجزيرة والنيل الأزرق والنيل الأبيض وغرب كردفان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوهت المنظمة إلى أن نحو 75 في المئة من إجمالي النازحين هم من النازحين داخلياً الذين تعرضوا لنزوح متكرر، بعدما كانوا قد نزحوا سابقاً نتيجة موجات عنف سابقة، قبل أن يُجبروا على النزوح مجدداً عقب تصاعد العنف مع سقوط الفاشر.

وأكدت المنظمة أن هذه الأرقام أولية وقابلة للتغيير، في ظل استمرار انعدام الأمن وتسارع وتيرة تحركات السكان. وأفادت الفرق الميدانية بوجود أخطار أمنية جسيمة على طول الطرق، مما قد يقيد حركة النازحين ويصعب عمليات الرصد والاستجابة الإنسانية.

وصاحبت سيطرة "الدعم السريع" على مدينة الفاشر أعمال عنف واسعة النطاق وإعدامات ميدانية وأعمال قتل جماعي، فضلاً عن عنف جنسي بحق المئات، مما أثار موجة إدانات على المستويين المحلي والعالمي.

مبادرة لتسوية النزاع

سياسياً، طرح رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أمس الإثنين أمام مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة مبادرة لتسوية النزاع في بلاده أساسها وقف إطلاق النار ونزع سلاح "الدعم السريع" وتحقيق العدالة والمصالحة.

وقال إدريس في خطاب أمام مجلس الأمن، إن "مبادرة حكومة السودان المدنية لإنهاء النزاع تبدأ بوقف إطلاق النار ونزع السلاح والعدالة غير الانتقائية والمصالحة غير الشكلية". وبيّن أن المبادرة تبدأ بوقف إطلاق نار شامل تحت رقابة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، يعقبه انسحاب مقاتلي "الدعم السريع" من المدن الخاضعة لسيطرتهم إلى معسكرات يتم التوافق عليها تحت إشراف أممي وعربي وأفريقي. وأشار إلى أن المبادرة تشمل نزع سلاح "الدعم السريع" بمراقبة دولية مع ضمانات بعدم إعادة تدوير الأسلحة، وتتضمن تسهيل وتأمين عودة النازحين واللاجئين وانسياب المساعدات الإنسانية.

وأكد إدريس أن الحكومة السودانية ستتخذ تدابير لبناء الثقة، منها إخضاع مرتكبي الجرائم للعدالة الانتقالية، ومراجعة الدعاوى المقيدة، وتوفيق أوضاع الذين يرغبون في العودة إلى البلاد تمهيداً لإطلاق الحوار. ولفت الانتباه إلى أن المبادرة تتيح دمج أفراد "الدعم السريع" المستوفين لمعايير الحكومة في القوات النظامية بالتزامن مع إعادة الدمج، علاوة على دعم المشاريع التنموية في دارفور وكردفان والمناطق المتضررة. ونبه إلى أن المبادرة تشمل عقد مؤتمرات محلية ودولية لإعادة ترسيخ السلم الاجتماعي والمصالحة، إضافة إلى انعقاد الحوار السوداني – السوداني، تتفق خلاله القوى السياسية على كيفية إدارة الدولة وحكم البلاد، يعقبه إجراء انتخابات عامة. وأوضح أن المبادرة تعد تكاملاً لخريطة الطريق التي طرحتها الحكومة السودانية ومبادرة السعودية ومصر.

وقدم السودان في 10 مارس (آذار) الماضي خريطة طريق إلى الأمم المتحدة، تضمنت رؤية وخطوات عملية لوقف النزاع وترتيبات مرحلة الانتقال بعد الحرب. ونصت على وقف إطلاق النار بالتزامن مع انسحاب "الدعم السريع" من المدن وتجميع قواته في مناطق بدارفور تُقبل بوجودها خلال 10 أيام.

ووضعت الخريطة ثلاثة أشهر لعودة النازحين ودخول الإغاثة، يعقبها استعادة خدمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم خلال فترة ستة أشهر، بعدها يحدث تفاوض حول مستقبل "الدعم السريع" وتشكيل حكومة مستقلة، وإطلاق حوار سوداني – سوداني شامل داخل البلاد برعاية الأمم المتحدة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات