ملخص
نددت مصادر إنسانية ودبلوماسية عدة بما اعتبرت أنه إضاعة لوقتها من قبل "مركز التنسيق المدني العسكري لغزة" من أجل تحقيق نتائج لا تذكر، وأقر المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) الكابتن تيم بوجود بعض "التوترات والتحديات"، من دون تقديم تفاصيل، لكنه لفت إلى نجاحات تحققت مثل فتح مزيد من المعابر لإدخال المساعدات إلى غزة، وقال "نحقق تقدماً مع الإدراك تماماً أن ثمة مزيداً من العمل يتعين القيام به".
يواجه "مركز التنسيق المدني العسكري لغزة"، والذي أطلقته الولايات المتحدة عقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، صعوبة في تنفيذ المهمات التي أوكلت إليه، والمتمثلة في مراقبة الهدنة وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية.
ويتمثل هدف المركز بالتمهيد للخطوات التالية لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في القطاع الفلسطيني بعد الحرب المدمرة التي استمرت عامين، وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية "في البداية لم يكن أحد يعلم ما هو لكن الجميع أرادوه"، مضيفاً "يشعر الناس الآن بخيبة أمل نوعاً ما لأننا نشعر بأن شيئاً لا يتحرك، لكن لا خيار أمامنا، إما الإبقاء عليه أو التحدث مع الإسرائيليين بشكل غير رسمي".
من جانبه علّق مصدر في المجال الإنساني زار المركز مرات عدة لبحث مسألة إيجاد مراكز إيواء لمئات آلاف النازحين جراء حرب غزة أنه "في بعض الأحيان تعتقد أننا بلغنا الحضيض، لكننا نواصل الحفر".
وجرى تقديم المركز المقام في مستودع كبير في مدينة كريات غات جنوب إسرائيل للجهات المعنية مثل المنظمات غير الحكومية والوكالات الأممية والدبلوماسيين، كجهة تبلور أفكاراً جديدة من أجل غزة ما بعد الحرب، وأفاد المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) الكابتن تيم هوكنز وكالة الصحافة الفرنسية بأنه "عندما افتتحناه أوضحنا أنه يركز على أمرين: الأول تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية واللوجستية والأمنية إلى غزة، والثاني المساعدة في المراقبة الآنية لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار".
وتفيد كثير من البلدان والجهات المعنية بالمجال الإنساني بأنها اندفعت إلى المشروع على أمل كسب شريك جديد يمكن التواصل معه لإيجاد الحلول، والمقصود هنا الولايات المتحدة.
"لا شيء تغير"
وبعد شهرين من إطلاق "مركز التنسيق المدني العسكري لغزة" قال كثير من العاملين في المجال الإنساني الذين تواصلت معهم وكالة الصحافة الفرنسية إنهم يشعرون بأن "قدرة أو رغبة الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل محدودة"، وأورد مهندس في المجال الإنساني أنه "في البداية أبلغنا الأميركيون بأنهم بدأوا يكتشفون أن إسرائيل تحظر دخول مجموعة واسعة من السلع الشهيرة ذات الاستخدام المزدوج إلى غزة، وبدوا في حال صدمة واعتقدنا أننا سنتجاوز أخيراً هذه العقبة"، وتدارك "لكن الحقيقة هي أن شيئاً لم يتغير على الإطلاق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتحدث من يزورون المركز عن مستودع كبير يجتمع فيه كثير من العسكريين الأميركيين والإسرائيليين مع آخرين يعملون في المجال الإنساني إضافة إلى دبلوماسيين ومستشارين، وقد خصص الطابق الأول للموظفين الإسرائيليين فيما الثالث للجنود الأميركيين، وتمنع زيارة أي من الطابقين، أما الطابق الثاني حيث جرى مد عشب اصطناعي فهو منطقة استقبال مفتوحة يجتمع فيه دبلوماسيون وعاملون في وكالات الأمم المتحدة.
وقال دبلوماسي "إنه أشبه بمساحة عمل مشتركة، لكن الأفراد فيه يرتدون زياً موحداً"، فيما شاهد آخرون زاروا المركز لوحاً كتب عليه سؤال مفاده "ما هي 'حماس'؟".
وقال مصدر يعمل في المجال الإنساني إن "النقاشات تدور في شأن كل شيء، من توزيع المياه والغذاء وصولاً إلى الأمن"، لكن دبلوماسياً آخر لفت إلى أن "هذا ليس المكان الذي تتخذ فيه القرارات"، مشيراً إلى قنوات نقاش موازية، بينها فريق يشرف عليه آرييه لايتستون، وهو أحد مساعدي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في تل أبيب.
"فقدنا البوصلة الأخلاقية"
وانتقد عدد من الدبلوماسيين والمصادر الإنسانية غياب الأصوات الفلسطينية وحقيقة أنه جرت استشارتهم بسبب خبرتهم، لكن ليس لاستطلاع رأيهم في شأن الطريقة الأمثل للمضي قدماً، إذ تكمن مشكلة أخرى في بروز أفكار يرفضها المجتمع الدولي إلى حد كبير، ولا سيما إنشاء "مجتمعات آمنة بديلة" في غزة.
وتقوم الفكرة على جمع أهالي غزة الذين "جرى التدقيق في شأنهم" وغير المرتبطين بـ "حماس" داخل مجتمعات مبنية من الصفر في "المنطقة الخضراء" في غزة، حيث ستتوافر خدمات أساس تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، وقال دبلوماسي "فقدنا البوصلة الأخلاقية للقانون"، مضيفاً "هناك تشنج واضح جداً بين فكرة أن يسمح للمرء بفعل أي شيء تقريباً، وهذا الإبداع مطلوب، وطبيعة القانون الدولي الإنساني نفسه، وهو في ماهيته ثابت وغير قابل للتغيير".
أما الانتقادات الأكثر تكراراً فهي أن التساؤلات السياسية، على غرار من يتعين عليه حكم غزة ومن يجب أن يتولى مسؤولية الأمن، مستبعدة من النقاش، فيما تتجه النقاشات نحو تساؤلات عملية محورها كيف؟
وقال دبلوماسي إنهم "يفكرون في المكان الذي يتعين فيه إنشاء محطات معالجة مياه النفايات ولا يفكرون في هوية الشخص الذي سيتعين عليه تشغيل محطات معالجة مياه النفايات أو من يدفع للأشخاص الذين يشغلونها"، وفي نهاية المطاف نددت مصادر إنسانية ودبلوماسية عدة بما اعتبرت أنه إضاعة لوقتها من قبل "مركز التنسيق المدني العسكري لغزة" من أجل تحقيق نتائج لا تذكر.
وأقر الكابتن هوكنز بوجود بعض "التوترات والتحديات" من دون تقديم تفاصيل، لكنه لفت إلى نجاحات تحققت مثل فتح مزيد من المعابر لإدخال المساعدات إلى غزة، وقال "نحقق تقدماً مع الإدراك تماماً أن ثمة مزيداً من العمل يتعين القيام به".