Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أمحق ديمقراطية واسحق حرية!

الليبرالية الغربية اصطدمت خلال العقود الثلاثة الأخيرة بصخور من التناقض

في بريطانيا حيث الحريات العريقة لا تستطيع رفع لافتة تضامن مع فلسطين (أ ف ب)

ملخص

الازدواجية والنفاق السياسي في إسرائيل، التي يتشدق مؤيدوها في الغرب المؤسسي بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، طلب ترمب من رئيسها إسحاق هرتسوغ أن يعفو عن رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو الذي يحاكم بتهم الفساد.

لا يدعي الكاتب هنا أنه قادم من عالم ديمقراطي لا يشق له غبار، ولا من منطقة تصدر الحريات وتتباهى بها، بل إننا معشر الكُتاب العرب نكتب عن أوضاع الآخرين غالباً لأننا لا نستطيع أن نكتب عن أوضاعنا، وهذه بدهية لا بد من البدء بالتذكير بها، فالغرب هو الذي يقدم نفسه منبراً للديمقراطية ونبراساً لحرية التعبير وحقوق الإنسان، ويسوقهما كبضاعة فريدة للآخرين، ويدّعي أنها ديدنه ونهجه، لكن الليبرالية الديمقراطية الغربية اصطدمت خلال العقود الثلاثة الأخيرة بصخور من التناقض والازدواجية والنفاق السياسي، وإليكم بعض الأمثلة الفاضحة الواضحة التي لا يمكن مزاوجتها مع الادعاءات الغربية الرسمية بشعارات الديمقراطية والحرية:

أولاً، لا يمكنك التساؤل حول الـ"هولوكوست"، أي مذابح ومحارق النازية لليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، في فرنسا ولو من باب البحث العلمي الأكاديمي البحت، وحتى لو كان بحثك يرغب في زيادة أعداد ضحايا الـ"هولوكوست" من 6 ملايين إلى 60 مليوناً مثلاً، لأن ذلك يعد نوعاً من التشكيك الذي يمكن أن يعرضك للمساءلة، وهذا القانون موجود بأشكال وعبارات منوعة في كل من ألمانيا وبلجيكا والنمسا وسويسرا وبولندا ولوكسمبورغ وغيرها من الدول الأوروبية، وكلها قوانين تجرّم التشكيك بجرائم النازية بما في ذلك الـ "هولوكوست".

ثانياً، في الولايات المتحدة الأميركية التي يفترض أنها قائدة العالم الغربي الديمقراطي، تدور حملة محمومة لتجريم معاداة السامية لتشمل التشكيك في الـ "هولوكوست" وانتقاد إسرائيل والصهيونية، وقد فُصل رؤساء جامعات مرموقة من مناصبهم لأنهم لم يمنعوا الحركات الطلابية في جامعاتهم من التعاطف والاعتصامات مع إبادة غزة، وفيها أيضاً عفا الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن رئيس هندوراس السابق أورلاندو هنرانديس وأخرجه من السجن قبل أيام، وهو الذي دانه القضاء الأميركي العام الماضي بتهريب 400 طن من المخدرات إلى الولايات المتحدة الأميركية، وحكم عليه في محاكم أميركية بالسجن 45 عاماً، لكنه اليوم حر طليق في هندوراس بعد عفو ترمب عنه، ليس لأنه لم ينل محاكمة عادلة أو لأسباب صحية أو لأنه قضى معظم محكوميته، بل لأن الرئيس أراد الإفراج عنه، "وسلّم لي على سيادة القانون"، وفي الوقت نفسه تشن إدارة الرئيس دونالد ترمب حرباً إعلامية تصاعدية تمهيداً لحملة عسكرية ضد فنزويلا، لأنها تصنع المخدرات وتهربها إلى داخل الولايات المتحدة الأميركية.

ثالثاً، في إسرائيل التي يتشدق مؤيدوها في الغرب المؤسسي بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، طلب رئيس الولايات المتحدة الأميركية من رئيسها إسحاق هرتسوغ أن يعفو عن رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو الذي يحاكم بتهم الفساد، ونتنياهو نفسه تقدم بطلب إلى الرئيس الإسرائيلي يطلب منه أن يعفو عنه ويسقط القضايا المرفوعة ضده من الادعاء العام الإسرائيلي، فدان نتنياهو نفسه بنفسه، فالمتهم يفترض أنه بريء حتى تثبت إدانته، وليست هناك إدانة نهائية لنتنياهو في المحاكم الإسرائيلية بعد، لكن طلبه العفو يعد بمثابة إدانة ذاتية قبل الحكم النهائي للقضاء الإسرائيلي، ليصدق عليه القول العربي "أتى لينفي فأثبت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رابعاً، في بريطانيا حيث الحريات العريقة والـ"هايد بارك كورنر"، لا تستطيع رفع لافتة "تضامن مع فلسطين"Palestine Action لأن ذلك يجعلك عرضة للمساءلة القانونية وفقاً لقانون الإرهاب لعام 2025.

خامساً، في ولاية تكساس تخوض مرشحة جمهورية معتوهة اسمها فالنتينا جوميز انتخابات الولاية بخطاب كراهية لا جدال ولا مراء فيه ضد الإسلام والمسلمين بعمومهم، وتطالب بترحيل كل المسلمين من ولاية تكساس تمهيداً لطردهم من أميركا كلها، ويتزامن خطابها هذا مع خطاب كراهية ضد الصومال كبلد والصوماليين كجالية في أميركا من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي يفترض أنه حامي الدستور الأميركي الذي يجرّم التفرقة بين البشر على أية أسس عرقية أو دينية أو لغوية.

هذه النماذج الواضحة الفاضحة لمن يدعون الحرية والديمقراطية ويبشرون بها تجعل المتابع يتساءل: أين ستنتهي مثل هذه الظواهر المخيفة؟ وهل يمكن أن تتصاعد نحو فاشية مطلقة؟ أم أن النظم الديمقراطية تصحح نفسها بنفسها وإن مرت بمطبات ومواقف وخروقات سرعان ما تتجاوزها؟

إيماءة لهجوية: "أمحق واسحق" تقال باللهجة الخليجية لتعني أسوأ وأكثر هزلاً، وأصلهما عربي صحيح من محق وسحق.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء