ملخص
استبقت إسرائيل زيارة أورتيغاس برسالة بعثت بها إلى لبنان عبر واشنطن تطلب فيها تحديد موعد نهائي يتفق عليه خلال الزيارة مع الحكومة اللبنانية لنزع سلاح "حزب الله"، وأعدت تقارير تتحدث فيها عن زيادة تعزيز قدرات الحزب واستعداده لمواجهة إسرائيل، مهددة بهجمات تطال مناطق عدة في لبنان لم يصلها الجيش خلال الحرب الأخيرة بعدما عدت الدولة اللبنانية غير محصنة في أي قرار لتوسيع القتال.
أبقت إسرائيل الجبهة الشمالية على طول الحدود من لبنان حتى سوريا في حالة طوارئ واستعداد حربي ووضعت جدولاً زمنياً لتحركاتها العسكرية، تحديداً تجاه لبنان من حيث توسيعها وتعميقها.
وبانتظار وصول المبعوثة الأميركية مورغان أورتيغاس إلى تل أبيب وبيروت، هذا الأسبوع، تعد الأجهزة الأمنية والعسكرية خططاً لاستمرار القتال في لبنان وسوريا والاستعداد لحرب جديدة مع إيران فيما مستقبل غزة مجهول. وإذا كانت سياسة "صفر تسامح" ستنطلق قريباً تجاه مختلف الجبهات، فالاتجاه هو الحسم في شأن غزة قريباً، في حال ستستمر تل أبيب في تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب وما يجري التخطيط له لبدء المرحلة الثانية من الخطة أو العودة إلى القتال.
واستبقت إسرائيل زيارة أورتيغاس برسالة بعثت بها إلى لبنان عبر واشنطن تطلب فيها تحديد موعد نهائي يتفق عليه خلال الزيارة مع الحكومة اللبنانية لنزع سلاح "حزب الله"، وأعدت تقارير تتحدث فيها عن زيادة تعزيز قدرات الحزب واستعداده لمواجهة إسرائيل، مهددة بهجمات تطال مناطق عدة في لبنان لم يصلها الجيش خلال الحرب الأخيرة بعدما عدت الدولة اللبنانية غير محصنة في أي قرار لتوسيع القتال.
في السياق قال المتخصص العسكري إيتي بلومنطل، إن هدف توجه إسرائيل إلى الولايات المتحدة للاتفاق على موعد كحد أقصى لتجريد الحزب من سلاحه، ولإطلاق خطتها لتوسيع وتعميق وتشديد الهجمات بما في ذلك مناطق تجنبها سلاح الجو بطلب من إدارة ترمب وأخرى لم يصلها في الحرب الأخيرة وباتت اليوم في بنك أهدافه.
من جهته، رأى عقيد احتياط أورون سلومون المدير السابق للقتال في وحدة غزة أن الهدف المركزي لإسرائيل لدى حسمها الوضع الأمني على مختلف الجبهات هو ضمان منطقة أمنية عازلة في مساحة كبيرة تمنع اقتراب أي جهة للحدود سواء من طرف لبنان أو سوريا أو غزة. وبحسبه فإن التنسيق المستمر مع واشنطن حاجة ضرورية ومهمة لإسرائيل لضمان تحقيق أهدافها ومطالبها "المنطقة الأمنية وحدها تحبط نشاطات ليس فقط عناصر التنظيمات المعادية إنما السكان المدنيون"، مضيفاً "يشكل السكان مصدر قوة لكل تنظيم ويقدمون المساعدة في مختلف المجالات حتى في جمع المعلومات، وهذا ما يحدث جنوب لبنان وما يستدعي الطلب الواضح من واشنطن ليس فقط بعدم إعادة سكان البلدات اللبنانية المحاذية للحدود إنما أيضاً بضمان منطقة أمنية عازلة عميقة تمنع أي خطر على إسرائيل"، وبرأيه أيضاً يجب الطلب "بعدم عودة السكان جنوب الليطاني إذا ما خاضت إسرائيل جولة قتال جديدة، كما القول بكل صراحة إن الدولة اللبنانية لن تكون محصنة".
ما بين سوريا ولبنان وإيران
أمام هذا الوضع عدت جهات أمنية إسرائيلية لبنان وسوريا جبهة واحدة في التحديات الأمنية الحالية، وتوقعت أن تصل ذروة هذه التحديات مطلع العام المقبل، إزاء تعزيز إيران دورها. وكشف مسؤول أمني إسرائيلي أن الملف الإيراني بقي في صلب أبحاث المستويين السياسي والعسكري خلال الأسبوع الأخير، في أعقاب معلومات استخباراتية إسرائيلية تتحدث عن أن الإيرانيين يعيدون التسلح خشية عملية إضافية للجيش الإسرائيلي داخل إيران ويعملون على تزويد الحوثيين و"حزب الله" بالسلاح، ويزيدون وتيرة التهريب إلى مناطق الضفة الغربية، وحذر ميخائيل ميلشتاين الرئيس السابق للساحة الفلسطينية في الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي من أنه في ضوء الاحتمال المتزايد لتطور معركة واسعة قريباً ضد "حزب الله" والحاجة إلى جولة جديدة مع إيران بهدف ضمان الضربة العميقة لبرنامجها النووي، "من الحيوي ألا تنجر إسرائيل إلى ساحة مواجهة جديدة تقتطع من قدرتها في التركيز على التحديات الاستراتيجية الأهم"، وعدّ ميلشتاين أن إسرائيل تقف أمام معضلة حقيقية في الملف السوري بعد نحو سنة هادئة نسبياً، "مما يتطلب صياغة واضحة للمصالح الإسرائيلية تجاه الساحة السورية، وفحص إمكان نشاطات فعالة قبل أن تفرض خطوات خارجية مثلما كان في القطاع"، وتابع "سوريا بعد الأسد (الرئيس المخلوع بشار الأسد) مليئة بالتهديدات: الحكم غير مستقر وحوله جملة متنوعة من الجهات المحلية المعادية التي تخطط للعمليات المضادة بما في ذلك بمجال الحدود، بينما تركيا، التي تمنح الرعاية للشرع (الرئيس السوري أحمد الشرع)، تثبت أقدامها في سوريا وإيران تحاول ترميم قوتها في الدولة. كل هذه الأمور تبرر وجوداً إسرائيلياً واسعاً في منطقة أمنية عازلة"، ونبه من أنه في حال قرر الرئيس السوري البدء بتشجيع أو دعم النشاطات والعمليات ضد الوجود الإسرائيلي في سوريا "فهذا سيضع تل أبيب أمام تحد آخر إضافة إلى القضاء على الإرهاب في المنطقة التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي"، ولفت ميلشتاين إلى أنه "في مثل هذا السيناريو من شأن أيدي إسرائيل أن تكون مكبلة كون الشرع يعد كالأمل لنظام جديد ومستقر في سوريا في نظر ترمب الذي استقبله بشرف عظيم في البيت الأبيض وكذلك في العالم العربي والغربي، وهذا على ما يبدو لن يسمح لإسرائيل بالعمل ضد دمشق بحرية".
وأوصى المسؤول الإسرائيلي متخذي القرار بأنه في ضوء ما سبق "من الحيوي أن ينفض الإسرائيليون عنهم المفهوم الذي تثبت بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 ويقضي بأن استخدام القوة والسيطرة على الأرض يوفران أمناً، وكذلك الخيالات حول اختفاء أعداد وتحقيق انتصارات مطلقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خطط عملياتية في غزة
في غزة تجري إسرائيل جلسات تقييم عدة لبلورة خطط نشاطاتها في انتظار حسم سلاح "حماس" قبل البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترمب. وبحث ملف غزة جاء في أعقاب ما كشف في تل أبيب عن أن الولايات المتحدة لا تمتلك خطة واضحة ومحددة لنزع سلاح الحركة في قطاع غزة، وهدد مصدر أمنى من أن العودة للقتال في غزة باتت مسألة وقت. وضمن الجهود المبذولة لتحريك الملف قام رئيس الشاباك ديفيد زيني بزيارة إلى القاهرة للبحث مع مدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد اتفاق وقف النار في غزة واتصالات المرحلة الثانية. وبحسب تقرير هيئة البث الإسرائيلية، فقد "تناول الاجتماع ملف غزة، واتصالات المرحلة الثانية من الاتفاق"، نقلاً عن مصدر مطلع لم تسمه. ورفض جهاز "الشاباك" التعقيب على فحوى التقرير، مشيراً إلى أنه "لن يتطرق إلى جدول أعمال رئيس الجهاز". وكان زيني استقبل رشاد خلال زيارته لإسرائيل في 21 أكتوبر الماضي.
وترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بتسلمها كل جثث الأسرى، وتقول إنه لا تزال في غزة رفات أسيرين، بينما تقول حركة "حماس" عن أنها سلمت جميع الأسرى الإسرائيليين الـ20 الأحياء، ورفات الأسرى القتلى الـ28.
خيارات مطروحة
وفي الـ10 من أكتوبر دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" وتل أبيب حيز التنفيذ، منهياً الحرب الإسرائيلية التي خلفت أكثر من 70 ألف قتيل، ونحو 171 ألف مصاب. لكن إسرائيل خرقت الاتفاق مراراً، موقعة قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، بينما أعلنت حركة "حماس" التزامها بنود الاتفاق، وطالبت الوسطاء بإلزام تل أبيب بتنفيذها.
من جهته يعمل الجيش الإسرائيلي على بلورة خطط عملياتية تهدف إلى منع تعاظم قدرات وقوة "حماس" العسكرية والنظامية. وتتضمن هذه الخطط خيارات عدة مطروحة، بينها احتلال كامل لقطاع غزة وتنفيذ سلسلة من المداهمات العسكرية المتتالية تعتمد على اتفاقات بين القيادة السياسية الإسرائيلية وإدارة ترمب، وفق ما جاء في تقرير إسرائيلي أضاف، "الضباط الأميركيون في قيادة كريات غات يعتقدون أنه لن يكون من الضروري أن يحتل الجيش الإسرائيلي المنطقة الخاضعة حالياً لسيطرة حماس، بل إن الحركة، بالاتفاق مع الوسطاء قطر وتركيا ومصر، ستوافق على إلقاء سلاحها وإخلاء قطاع غزة، عندما تدرك أنها معزولة ولا تستطيع حتى القتال بكفاءة".