Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واشنطن تضبط الإيقاع... دور القيادة المركزية في هندسة ما بعد حرب غزة

إذا كان العالم يتغير فإن "سنتكوم" تضمن أن التغيير لا يحدث من دون موافقة أميركية

ترمب (يمين) ونتنياهو بعد مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، 29 سبتمبر الماضي (أ ف ب)

ملخص

لا يزال الشرق الأوسط، بكل تناقضاته، منطقة لا يمكن لأميركا الانسحاب منها، فمن يسيطر على ممرات الطاقة يملك ورقة الضغط على الصين وأوروبا، ومن يضبط الوكلاء الإيرانيين يحدد مستقبل الأمن الإقليمي، ومن يدير التوازنات في غزة ولبنان يرسم شكل النظام الإقليمي المقبل.

كان لافتاً بل صادماً ما جاء في حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ضمن المقابلة المطولة التي أجرتها معه مجلة "تايم" الأميركية، واستطاع ترمب عبر تلك المقابلة أن يعود إلى واجهة السجال الدولي، بعدما وضع مجدداً الشرق الأوسط في صدارة أجندته، من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة إلى ما يقدمه باعتباره "خطة السلام" التي طرحها خلال قمة شرم الشيخ الأخيرة. إلا أن ما كشفه ترمب في هذا الحوار تخطى حدود الدبلوماسية التقليدية، فخطابه اتخذ هيئة لوائح اتهام سياسية وأمنية تحمل في طياتها تبعات قد تلاحقه في المحاكم، وربما أبعد. لم يتخلّ الرئيس الأميركي عن أسلوب "إغراق المشهد"، وهي العقيدة الإعلامية التي رسخها مستشاره السابق ستيف بانون، "نحن نُغرِق الرأي العام بالتصريحات"، وقد فعلها ترمب مرة أخرى، عبر تلك التصريحات الصادمة، والاعترافات اللافتة، والتهديدات المباشرة، كلها صيغت بنبرة واثقة لا تخلو من المجازفة. وطاولت مروحة كلامه كل المنطقة تقريباً، وأهمها ما قاله عن غزو العراق، إذ اعتبر أن الغزو من قبل إدارة الرئيس جورج بوش الابن لهذا البلد، كان كارثة استراتيجية أطاحت ببلد كان صمام الأمان أمام التمدد والطمع الإيرانيين. وتابع أن تدمير بغداد، أفسح المجال لطهران لتشييد منظومة نفوذ إقليمية وترسانة تهدد إسرائيل والخليج وتعطل أي مشروع سلام في المنطقة.

 

لكن المفاجأة لم تكمن فقط في النقد التاريخي لواشنطن، بل في نبرة هجومية لم تألفها إسرائيل من رئيس أميركي سابقاً، ولم يتوانَ عن تهديدها علناً، إذ لوّح بوقف الدعم إذا مضت تل أبيب نحو ضم الضفة الغربية، واتهمها بالأخطاء الفادحة. وأشار إلى أنها باتت، بعد عامين من الإبادة الجماعية، دولة "صغيرة" في مواجهة عالم غاضب، وقال إنها لم تعد محبوبة وسيحاربها العالم أجمع. وأوضح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية (بنيامين نتنياهو) "كان سيستمر في القتال لأعوام لو لم أوقفه"، موبخاً إياه، ومعتبراً أن قصف قطر كان خطأ تكتيكياً كاد يكلفهم المنطقة بأسرها. كل ذلك دفع اليمين الإسرائيلي إلى الرد بعنف، إذ اعتبر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، في تصريح، أنه "يقدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب كثيراً، لكن إسرائيل دولة ذات سيادة ومروان البرغوثي قاتل، لن يفرج عنه ولن يحكم غزة".

ترمب كان على علم بعملية "البيجر"

لكن الأخطر في حديث ترمب على الإطلاق، هو ما أقرّ به بشأن عملية "البيجر" التي استهدفت عناصر من "حزب الله"، ومهدت لاحقاً لاغتيال الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله، في سبتمبر (أيلول) عام 2024. وقال بوضوح "لقد كانت إسرائيل تحترم هذا البلد، وكانوا يطلعونني على كل شيء. وفي بعض الأحيان كنت أقول لهم لا، وكانوا يحترمون ذلك". وهو حينها لم يكن رئيساً ولا مسؤولاً رسمياً، ما سيفتح باباً من الأسئلة القانونية، كيف تم إشراكه في عمل عسكري سري؟ وتحت أي صفة؟ ولمصلحة من؟ حرّك ترمب بهذه المقابلة وحدها، ركائز الصراع في الشرق الأوسط، وكسر محرمات راسخة في العلاقة مع إسرائيل. وهو إذ يضع المنطقة أمام مرحلة جديدة من المكاشفة السياسية، يضع نفسه أيضاً أمام احتمالات مفتوحة، ذلك أنه اعتبر ترمب نفسه المحرك الأساس وراء صفقة وقف الحرب في غزة.

المقابلة تشكل تصعيداً استراتيجياً من جانب ترمب، فهو لا يقدم نفسه فقط وسيطاً بل رئيساً دولياً فعالاً في الشرق الأوسط، راغباً في تحويل "أميركا أولاً" إلى "أميركا ناشطة" في المنطقة.

 

ومن الممكن اعتبار هذه المقابلة بمثابة إعلان نية أكثر من كونها حصاداً نهائياً. ويبدو أن الرئيس الأميركي يسعى إلى وضع بصمته في الشرق الأوسط عبر صفقة غزة ورفع مستوى النفوذ الأميركي. لكنها، كما قال بنفسه، "المرحلة الأصعب لم تأتِ بعد". والسؤال المركزي يصبح هل لديه القدرة والإرادة لإكمال المسار في مواجهة مقاومة إقليمية وشُركاء متذبذبين؟ وإذا نجح، فسيكون تحولاً حقيقياً في دور الولايات المتحدة، وإذا خَلَفَ الفعل القول، فتبقى المقابلة مجرد "بيان" يُنتظر ترجمته على الأرض.

إعادة تعريف دور أميركا في المنطقة

ترمب إذ يعيد تعريف ما يعنيه أن تكون أميركا "قوة فاعلة" في الشرق الأوسط، فهذا يعيد بدوره القيادة الوسطى الأميركية، أو CENTCOM، إلى صدارة المشهد. وحين يتحدث عن إنهاء الحرب في غزة، وضبط نفوذ إيران، وإعادة تشكيل قواعد الأمن الإقليمي، فهو في الواقع يعيد تفويض المهمة التكتيكية إلى "سنتكوم" كـ"ذراع" تنفيذية لهذا الطموح، باعتبارها القائد العسكري الموحد الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، وتصبح الأداة التي ينبغي أن تحقق ما أعلنت واشنطن أنها تريد تحقيقه، أي إنهاء النزاع، وضبط الميليشيات، وضمان أمن الممرات البحرية الحيوية، فإذا نجح التناغم بين الرؤية التي طرحها ترمب وبين القدرات التي تمتلكها القيادة الأميركية، فسنكون أمام مرحلة أميركية جديدة في إدارة المنطقة.

القيادة العسكرية الأميركية الوسطى عائدة إلى قلب المسرح

تعرف أيضاً باسم القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم"، وهي إحدى أهم القيادات العسكرية الموحدة التابعة لوزارة الحرب الأميركية "البنتاغون". ومنذ مطلع القرن، كانت مركز الثقل العسكري للولايات المتحدة حول العالم، من أفغانستان إلى العراق، ومن الخليج إلى البحر الأحمر وشرق المتوسط. وعلى رغم التحولات الدولية نحو آسيا، بقيت منطقة مسؤولياتها، الشرق الأوسط وجواره، مصدر أخطر التهديدات الاستراتيجية للأمن القومي الأميركي. وتعود جذورها إلى التحولات الجيوسياسية الكبرى التي عصفت بالشرق الأوسط مطلع الثمانينيات. فبعد أزمة احتجاز الرهائن الأميركيين في طهران عام 1979، والتي أعقبت إسقاط نظام الشاه محمد رضا بهلوي وصعود "الثورة الإيرانية"، وجدت واشنطن نفسها أمام واقع إقليمي جديد يهدد مصالحها الحيوية وأمن حلفائها. وتزامن ذلك مع الغزو السوفياتي لأفغانستان في العام نفسه، ما ضاعف الحاجة إلى بنية عسكرية قادرة على بسط النفوذ الأميركي واحتواء خصومه في منطقة حساسة من العالم. ورداً على الأزمة، أنشأ الرئيس جيمي كارتر في مارس (آذار) عام 1980 قوة المهام المشتركة للانتشار السريع كأداة للتدخل السريع في بؤر التوتر. وعلى رغم انتهاء أزمة الرهائن بعد أكثر من عام على احتجازهم، وتحديداً في الأيام الأولى من عهد الرئيس رونالد ريغان، فإن واشنطن خلصت إلى أن بقاء هذه القوة ضرورة استراتيجية لا ظرفية. وعليه، قرر ريغان في الأول من يناير (كانون الثاني) عام 1983 الارتقاء بهذه القوة إلى قيادة عسكرية متكاملة تغطي ما يُعرف بالمنطقة الوسطى من العالم، لتولد بذلك القيادة المركزية الأميركية وتتحول لاحقاً إلى الفاعل العسكري الأول على مسرح الشرق الأوسط.

واليوم، وبعد سلسلة الانكفاءات والتراجعات التكتيكية، تعود "سنتكوم" لتثبت أن "الشرق الأوسط لم يعد خارج المعادلة"، بل هو بوابة النفوذ الأميركي في التنافس مع القوى الصاعدة.

 

دور "سنتكوم" اليوم بين الردع والاحتواء

تتحرك تلك القيادة ضمن مشهد إقليمي متحول، من تفكك مخرجات "الحرب على الإرهاب"، وعودة الجماعات المتطرفة بأشكال جديدة، إلى تصاعد نفوذ إيران عبر وكلائها من اليمن حتى المتوسط، كذلك سباق التموضع الدولي بين روسيا والصين في الموانئ والطاقة والبنى الاستراتيجية، إلى أمن الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب والخليج، وأخيراً حرب غزة، والتي أشعلت جبهة ممتدة من العراق إلى لبنان وسوريا. أضف إلى الأزمات التي تلاحق الدول الهشة، كاليمن، وسوريا، والعراق، ولبنان. ووفقاً لوزارة الحرب الأميركية، فإن العلاقات العدائية بين دول المنطقة، والصراعات العرقية والطائفية، والنفوذ الخبيث والأنشطة المزعزعة للاستقرار، والتهديدات الإلكترونية، وترسانات الأسلحة التقليدية المتطورة وأسلحة الدمار الشامل، كلها عوامل تتضافر لتهدد المصالح القومية الحيوية للولايات المتحدة، فضلاً عن مصالح شركائها وحلفائها. هذه العوامل تبقي المنطقة في حال اشتعال دائم، ما يعني أن واشنطن لا تستطيع ترك الفراغ لمنافسيها. وتشير تلك القيادة وعلى موقعها الرسمي إلى أن مهمتها الأساسية تقوم على توجيه ودعم العمليات العسكرية والشراكات الأمنية مع الدول الحليفة، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين وبما يخدم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة. وبذلك تضع على رأس أولوياتها، ردع السلوكيات العدائية التي تلعب فيها دول مثل إيران وروسيا والصين دوراً محورياً عبر دعم وكلائها في المنطقة، ومكافحة التنظيمات المصنفة إرهابية وحرمانها من الملاذات والقدرات، وتعزيز التنافس الاستراتيجي عبر ترسيخ الوجود العسكري الأميركي وإنشاء قواعد متقدمة، وتطوير شبكة دفاع جوي متكاملة وأنظمة لمواجهة الطائرات المسيرة التي باتت أحد أسلحة الحروب الحديثة.

وتعدّ "سنتكوم" إحدى القيادات الموحدة الـ 11 في الجيش الأميركي، والتي تجمع تحت مظلتها قوات برية وبحرية وجوية وفضائية وقوات العمليات الخاصة. وتخضع هذه القيادات لإشراف مباشر من وزير الحرب ورئيس هيئة الأركان المشتركة، وتكلّف بمهام تتصل بشكل مباشر بأمن الولايات المتحدة وحلفائها حول العالم. أما الهيكل التنفيذي التابع لها، فيتوزع على فرق عمل مشتركة تمثل الأفرع العملياتية المتقدمة، وتشمل: القيادة المركزية للقوات البرية، القيادة المركزية للقوات البحرية، القيادة المركزية للقوات الجوية، قيادة العمليات الخاصة، قيادة مشاة البحرية، والقيادة الفضائية الأميركية المركزية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مواقع انتشار "سنتكوم"

يقع المقر الرئيس لتلك القيادة في قاعدة "ماكديل" الجوية قرب مدينة تامبا بولاية فلوريدا، بينما تنتشر وحداتها وقواعدها العملياتية عبر شبكة واسعة في مناطق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وجنوب آسيا. وتضطلع هذه القيادة بمهام جوهرية تشمل التدخلات العسكرية السريعة، وتدريب الجيوش الحليفة، وإجراء المناورات المشتركة لضمان التفوق العسكري الأميركي في أكثر بقاع العالم حساسية.

وتشير وزارة الحرب الأميركية إلى أن نطاق مسؤوليات "سنتكوم" يمتد على مساحة تقدّر بنحو 6.5 مليون كيلومتر مربع، يقطنها ما يزيد على 560 مليون نسمة من خلفيات عرقية وثقافية ودينية متعددة. وتشمل هذه المنطقة دول الخليج العربي والعراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر، إضافة إلى إيران وباكستان وعدد من الدول الآسيوية المحيطة.

وتتخذ "سنتكوم" من منطقة تتقاطع فيها ثلاث قارات وتمتد عبر أهم الممرات البحرية الدولية، ساحة رئيسة لعملياتها، إذ تمرّ عبرها طرق التجارة والطيران العالمية وخطوط الطاقة الكبرى، وتختزن ما يزيد على 70 في المئة من احتياط النفط العالمي، ما يجعلها مركز ثقل استراتيجياً في التوازنات الدولية.

وتحتل القواعد الأميركية المنتشرة في الخليج العربي موقعاً متقدماً ضمن منظومة "سنتكوم"، وفي مقدّمها قاعدة "العديد" الجوية في قطر، التي تعدّ مركزاً رئيساً للعمليات الجوية، وتضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاع متطورة، إضافة إلى وحدات مدرعة وقوات دعم لوجستي تعزز الجاهزية الأميركية في المنطقة، وقواعد في البحرين: قاعدة الدعم البحري، وقاعدة الشيخ عيسى الجوية، والسعودية: قاعدة الأمير سلطان الجوية، والتي تعود جذور انتشار القوات الأميركية فيها إلى حرب الخليج. وقواعد في الكويت مثل قاعدة "عريفجان" وقاعدة "علي السالم" الجوية. كذلك توجد قواعد في العراق، مثل "عين الأسد" و"الحرير"، والإمارات مثل "الظفرة"، وتضم هذه القواعد جنوداً أميركيين ومعدات عسكرية.

عودة واشنطن إلى قلب مشهد الصراعات الإقليمية

ومع عودة واشنطن إلى قلب مشهد الصراعات الإقليمية، يبرز دور "سنتكوم" مجدداً بوصفه الذراع التنفيذية لرؤية سياسية أميركية تسعى إلى إعادة هندسة موازين القوة من غزة إلى لبنان وإيران. وتتحرك تلك القيادة بين ثلاثة سيناريوهات مفتوحة على التحول، الأول يقوم على الردع النشط والمستدام، من خلال ضربات مركزة لاحتواء النفوذ الإيراني ووكلائه، وتعزيز الدفاعات في الخليج وضبط جبهة لبنان ضمن معادلة "لا حرب ولا سلام". أما الثاني فهو التصعيد الإقليمي الواسع الذي قد يندلع إذا خرجت المواجهات عن السيطرة، سواء عبر عملية نوعية لـ "حزب الله" أو استهداف كبير للقوات الأميركية، بما يفتح الباب أمام حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران وتمدد العمليات العسكرية من الخليج إلى المتوسط، ويضع لبنان في مركز النار. بينما يقوم الثالث على تهدئة صعبة تقودها واشنطن باتجاه ترتيبات أمنية وسياسية جديدة، أي وقف إطلاق نار مستدام في غزة، وتثبيت الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وربط التطبيع الإقليمي بضبط سلوك إيران ووكلائها، بحيث تتحول "سنتكوم" إلى الضامن الأساس لمنع الانفجار وترسيخ موازين القوى في الشرق الأوسط.

في هذا السياق، يُقرأ حديث الرئيس الأميركي عن إشرافه المباشر على عمليات ضد "حزب الله"، وطرحه المتجدد فكرة سحب سلاح الحزب، كإشارة إلى أن واشنطن لم تعد تكتفي بدور المراقب. فالرسالة تتجاوز السجال الداخلي الأميركي إلى ترتيب قواعد اللعبة الإقليمية نفسها، وضبط حدود نفوذ إيران وأذرعها المسلحة. وبينما تتقدم مساعي وقف الحرب في غزة نحو تسوية مشروطة، تدفع الولايات المتحدة بثقلها العسكري والدبلوماسي لتأمين ما تعتبره ضمانات ما بعد الحرب، أي عدم السماح بعودة التهديد الصاروخي إلى حدود إسرائيل الشمالية، وإعادة صياغة موقع لبنان الأمني ضمن معادلة شرق أوسط جديد قيد التبلور.

هنا، تبرز "سنتكوم" كقائد ميداني ومنفذ لمنهج سياسي أوضح، عبر احتواء "حزب الله" لا مواجهته الشاملة، وتقليص العمق الاستراتيجي لإيران في سوريا ولبنان، واستباق الفوضى التي قد تنشأ عن أي تسوية غير محصنة. وبذلك، يصبح دور القيادة المركزية ليس مجرد تحريك قطع عسكرية في الميدان، بل هندسة البيئة الأمنية التي ستقام عليها ترتيبات اليوم التالي للحرب. ترتيبات ترى واشنطن أنها فرصة لإعادة الإمساك بمفاصل المنطقة، بعد سنوات من التراجع النسبي.

في المحصلة، لا يزال الشرق الأوسط، بكل تناقضاته، منطقة لا يمكن لأميركا الانسحاب منها، فمن يسيطر على ممرات الطاقة يملك ورقة الضغط على الصين وأوروبا، ومن يضبط الوكلاء الإيرانيين يحدد مستقبل الأمن الإقليمي، ومن يدير التوازنات في غزة ولبنان يرسم شكل النظام الإقليمي المقبل. وإذا كان العالم يتغير، فإن "سنتكوم" تضمن أن التغيير لا يحدث من دون موافقة أميركية.

المزيد من تحلیل