Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة سلام أميركية جديدة في أوكرانيا... من وراءها؟

تتفاوض عليها واشنطن مع موسكو سراً ويناقشها ويتكوف والممثل الخاص للرئيس الروسي كيريل دميتروف

يتلخص مضمون الخطة الأميركية الرئيس في ما هو أقرب إلى استسلام أوكرانيا (أ ف ب)

ملخص

تقول المصادر الغربية إن خطة الإدارة الأميركية تتكون من 28 نقطة، وتتضمن التنازل عن منطقة الدونباس في جنوب شرقي أوكرانيا، واعتراف الولايات المتحدة بشبه جزيرة القرم ودونباس كأراض روسية، مع تجميد خط المواجهة في كل من مقاطعتي زابوروجيا وخيرسون، إلى جانب تقليص حجم القوات الأوكرانية المسلحة والحد من استخدام كييف للأسلحة البعيدة المدى القادرة على ضرب عمق روسيا، في مقابل حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

لم يكد الجانب الروسي يفرغ من مناقشة ما خلص إليه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في مناقشاته مع نظيره الأميركي ماركو روبيو حول جدول أعمال القمة التي كان مقرراً انعقادها في العاصمة المجرية بودابست، حتى دهمه قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي تناقلته وكالات الأنباء العالمية في صيغة ضبابية تتراوح بين "إلغاء" أو "تأجيل" اجتماع القمة للرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين. وما إن غرقت العاصمة الروسية في لجة الحيرة والشك بسبب ذلك القرار الذي جاء على النقيض من السياق العام والآمال المعقودة عليه، حتى اتخذت موسكو قرارها بإيفاد المبعوث الشخصي للرئيس ورئيس صندوق الاستثمارات الأجنبية "الأوكراني الأصل" كيريل دميتروف إلى العاصمة الأميركية، في مهمة تستهدف "إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، أو في أقل تقدير معرفة كنه ما اتخذه ترمب من قرار، سرعان ما تلته موجة عاتية من التفسيرات التي تقول ضمناً إن مارك روبيو كان وراء ذلك القرار، فضلاً عما قرره ترمب من عقوبات تنال من مواقع روسيا في الساحة العالمية. وذلك ما ألقى بالمراقبين المحليين والدوليين في غمار الحيرة المشوبة بكثير من الدهشة.

وعاد هؤلاء لللحظات الأولى لأول لقاء روسي - أميركي أجراه الجانبان في الرياض بعد انقطاع دام أطول مما ينبغي، آنذاك ظهر الوفد الروسي مكوناً من عضوين هما سيرغي لافروف وزير الخارجية، ويوري أوشاكوف مساعد الرئيس للشؤون الخارجية، في مواجهة ثلاثة من الجانب الأميركي هم مارك روبيو وزير الخارجية، يرافقه كل من مساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي مارك والترز، والمبعوث الخاص لشؤون الشرق الأوسط ستيف ويتكوف. ولم يكن الجانب الروسي أعلن انضمام دميتروف كعضو ثالث بدا واضحاً أن لافروف لم يبد ارتياحاً لظهوره، ما كان تفسيراً لإقصائه إلى الصفوف الخلفية للحضور، ولم ينته الأمر عند هذا الحد.

وما أن عاد دميتروف لموسكو حتى صدر قرار الرئيس بوتين بمنصب رسمي يرتبط مباشرة به شخصياً، وهو "المبعوث الشخصي للرئيس لشؤون الاستثمارات الأجنبية". ومن هذا الموقع سافر كيريل دميتروف إلى الولايات المتحدة في مهمة خاصة تستهدف ضمناً تقصي أسباب إلغاء أو تأجيل موعد قمة بودابست، واستئناف لقاءاته التي كان بدأها في موسكو في غياب ممثلي وزارة الخارجية الروسية، وعميدها لافروف الذي أثار غيابه عن المشهد السياسي في العاصمة حيرة ودهشة الأوساط السياسية والدبلوماسية الغربية، وهو ما تناولته "اندبندنت عربية" في تقرير سابق لها من موسكو.

تفاصيل الخطة

ها هي الإدارة الأميركية تكشف عما تسميه "خطة أميركية جديدة حول السلام في أوكرانيا"، أشارت المصادر الغربية إلى أنها، وفقاً للمعلومات المتاحة، من إعداد المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف، ونائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر. وأفادت شبكة "إن بي سي نيوز" أيضاً أن مسؤولين كباراً في الإدارة الأميركية تشاوروا مع كيريل دميتروف، ومع مسؤولين أوكرانيين، أثناء العمل على هذه الخطة الأميركية الجديدة، وصرح مسؤول أميركي لم يكشف عن هويته بأن "الخطة تركز على توفير ضمانات أمنية للطرفين لضمان سلام دائم".

ولم يمض من الزمن سوى قليل حتى عاد الجانبان لاستئناف اتصالاتهما، وها هو "البيت الأبيض" يعلن توصله إلى خطة "سلام" باسم الإدارة الأميركية، يتلخص مضمونها الرئيس في ما هو أقرب إلى استسلام أوكرانيا، نتيجة ما دار من اتصالات ومفاوضات بين ممثلي الجانبين ومنهم دميتروف، أسفرت عما حمله المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف إلى تركيا لطرحه على الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي. وتقول المصادر الغربية إن خطة الإدارة الأميركية تتكون من 28 نقطة، وتتضمن التنازل عن منطقة الدونباس في جنوب شرقي أوكرانيا، واعتراف الولايات المتحدة بشبه جزيرة القرم ودونباس كأراض روسية، مع تجميد خط المواجهة في كل من مقاطعتي زابوروجيا وخيرسون، إلى جانب تقليص حجم القوات الأوكرانية المسلحة والحد من استخدام كييف للأسلحة البعيدة المدى القادرة على ضرب عمق روسيا، في مقابل حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 

وأشارت المصادر الروسية إلى أن الخطة تنص على أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى (لم تحددها، ومن المرجح أن تكون من الحلفاء الأوروبيين لأوكرانيا) ستعترف رسمياً بمنطقة الدونباس والقرم بوصفها أراضي روسية، لكنها لن تجبر أوكرانيا على ذلك. كما تتضمن الخطة كذلك شرطاً بخفض حجم القوات المسلحة الأوكرانية إلى النصف، وفقاً لصحيفة "فاينانشال تايمز"، وإلى اثنين ونصف، وفقاً لصحيفة "الإيكونوميست"، فضلاً عن الحد من استخدام كييف للأسلحة البعيدة المدى القادرة على ضرب عمق روسيا. ووفقاً لمصادر "فاينانشال تايمز"، تلزم الخطة أوكرانيا بالاعتراف باللغة الروسية كلغة رسمية للدولة، ومنح الكنيسة الأرثوذكسية الروسية صفة رسمية. وعلاوة على ذلك، تنص الخطة على حظر نشر قوات أجنبية في أوكرانيا، لكنها لم تشر إلى البند الأول السابق في كل مطالب موسكو منذ ما قبل بداية عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وهو "تخلي أوكرانيا عن طلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) للأبد". غير أن الخطة الأميركية الجديدة تضمنت بنداً ينص على "رفض أوكرانيا الانضمام إلى (الناتو) لسنوات عدة في الأقل"، في مقابل أن تتعهد الولايات المتحدة، ووفقاً لموقع "أكسيوس"، بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا في حال أي عدوان عسكري روسي جديد، من دون الإشارة إلى أي من هذه الضمانات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن اللافت بهذا الصدد ما أشارت إليه المصادر الغربية حول "أن الخطة الأميركية الجديدة تتوافق إلى حد كبير مع المطالب التي قدمتها روسيا بالفعل لإنهاء الحرب، فعلى سبيل المثال ورد إنذار نهائي مماثل في المذكرة الروسية المقدمة إلى أوكرانيا خلال محادثات إسطنبول في يونيو (حزيران) عام 2024". كما أفادت تقارير سابقة بأن "خطة ترمب" تركز على أربعة جوانب: السلام في أوكرانيا، والضمانات الأمنية، والأمن في أوروبا، ومستقبل علاقات واشنطن مع موسكو وكييف. كما تجدر الإشارة أيضاً إلى ما كشف عنه موقع "أكسيوس" حول "أن الولايات المتحدة تتفاوض سراً مع السلطات الروسية في شأن خطة جديدة لإنهاء الحرب مع أوكرانيا، وهي الخطة التي عكف المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف على إعدادها، وناقش تفاصيلها مع الممثل الخاص للرئيس الروسي كيريل دميتروف".

موقف روسيا

في تصريحات خاصة لموقع "أكسيوس" قال دميتروف إنه "متفائل في شأن هذه الخطة، لأن صوت موسكو سمع حقاً للمرة الأولى" على حد تعبيره. وأضاف أن الخطة تستند إلى المبادئ التي ناقشها الرئيسان الروسي والأميركي في ألاسكا، أغسطس (آب) من العام الحالي، وقال أيضاً إن ما اتفق عليه الجانبان في ألاسكا كان في حقيقته "اتفاقاً إطارياً أوسع نطاقاً بكثير".

من جانبه أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئيس الروسي دميتري بيسكوف في تصريحات لوكالة "تاس" الرسمية الروسية أن الكرملين منفتح على مواصلة المفاوضات لحل النزاع مع أوكرانيا في إسطنبول، وذلك "لأن التوقف الذي حدث يعود في الواقع لإحجام نظام كييف عن مواصلة هذا الحوار".

وبعد توقف طويل نسبياً في عملية حل النزاع في أوكرانيا، شهدنا نشاطاً متزايداً بصورة غير معتادة، فقد ضجت وسائل الإعلام الأميركية بأخبار عن إعداد إدارة ترمب لخطة سلام جديدة، علاوة على ذلك استشهدت الميديا الأميركية بمصادر مختلفة ظلت جميعها مجهولة تماماً.

وهناك من يقول "أن يكون السلام أو لا يكون"، وقد دفع هذا الوضع بعض الخبراء والمحللين إلى تقديم تقييمات وتعليقات متفائلة مثل "السلام سيتحقق". ورد آخرون على نحو مفعم بكثير من الشكوك "أو قد لا يكون ذلك"، تحسباً لما صادفهم قبل ذلك من عثرات شهدتها عملية السلام بعد بصيص أمل ظهر في نهاية النفق.

 

ووفقاً للمعلومات المتداولة، وكما ذكرنا أعلاه، شارك المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص ستيفن ويتكوف، ونائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، في وضع هذه الخطة. وأفادت شبكة "إن بي سي نيوز" أيضاً بأن مسؤولين كباراً في الإدارة الأميركية تشاوروا مع كيريل دميتروف ومسؤولين أوكرانيين، أثناء العمل على هذه الخطة التي "تركز على توفير ضمانات أمنية للطرفين لضمان سلام دائم"، بحسب ما أكدت مصادر رفيعة المستوي في الإدارة الأميركية.

وما إن تناثرت التساؤلات، ومنها "هل ذاع أمر ما جري من اتصالات ومحادثات؟"، ومع تزايد عدد التسريبات المجهولة المصدر حول "المفاوضات السرية"، حزم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أمره وكشف النقاب عما يدور وراء الكواليس، مؤكداً أن الإدارة الأميركية تعد بالفعل مقترحات لتسوية النزاع في أوكرانيا، مع مراعاة مواقف موسكو وكييف، وأنه يعتقد أن على "كلا الجانبين" تقديم "التنازلات اللازمة". وكما كتب على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" فإن التسوية "تتطلب تبادلاً مفصلاً للأفكار الجادة والواقعية". ومضى في القول "لهذا السبب، نحن نطور وسنواصل تطوير قائمة بالمقترحات المحتملة لإنهاء هذه الحرب، بناء على ما يتيسر من معلومات من طرفي النزاع".

وعلى رغم كل ما تناثر من توضيحات وتسريبات إعلامية عديدة يبقى عديد من الأسئلة من دون إجابة، ومنه على سبيل المثال: ماذا سيحدث لمنطقتي زابورجيا وخيرسون، المدرجتين في قائمة الكيانات المكونة لروسيا الاتحادية في الدستور الروسي؟ هل سينتظران اعترافاً رسمياً من الخارج؟ وماذا سيحدث للقضاء على النازية في أوكرانيا؟ وكيف سيضمن وضعها كدولة محايدة وغير منحازة وخالية من الأسلحة النووية؟ وماذا عن رفع العقوبات المفروضة على روسيا؟ والأهم من ذلك، كيف سيضمنون ألا تتحول خطة السلام الأخيرة إلى "مينسك- 3"، وألا يحل نظام معاد محل آخر؟

من جانبها صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في مقابلة مع وكالة "تاس"، بأن روسيا لم تتلق معلومات من الولايات المتحدة عبر القنوات الرسمية في شأن بعض "الاتفاقات" المتعلقة بأوكرانيا التي تتناولها وسائل الإعلام الغربية. وقالت، رداً على سؤال حول هذا الموضوع "كما تعلمون، شهدنا حالات عديدة من المقالات المكلفة، ومقالات تصف عمليات مختلفة بكل وضوح من دون تأكيد أي شيء، لذلك سأوضح ما يجب أن نبني عليه تقييمنا لمثل هذه المنشورات. هناك قنوات رسمية يجب استخدامها، ولم تتلق وزارة الخارجية أية معلومات من الجانب الأميركي في السياق المذكور".

من إذاً يناقش خطة السلام الجديدة لأوكرانيا مع الأميركيين نيابة عن روسيا، حتى ولو بصورة غير رسمية؟ تشير وسائل الإعلام الأميركية، كما أشرنا أعلاه، إلى المبعوث الشخصي للرئيس ورئيس صندوق الاستثمارات الأجنبية كيريل دميتروف، الذي يشار إليه أحياناً برئيس صندوق الثروة السيادية الروسي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير