Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تلقى الذراع السياسية لـ"إخوان الأردن" مصير الجماعة؟

مراقبون يؤكدون أن حل حزب جبهة العمل الإسلامي بات وشيكاً وآخرون يحذرون من لجوئه إلى العمل السري

كثيراً ما أكدت قيادات من حزب جبهة العمل الإسلامي التزامها العمل السياسي السلمي في إطار الدستور (مواقع التواصل)

ملخص

على رغم تأكيد الحزب التزامه الدستور والقانون تشير التطورات الأخيرة إلى أن مصيره أصبح غير محسوم ويعتمد على القرارات القضائية والإجراءات التنفيذية المستمرة في ظل تقارير محلية تتحدث عن إجراءات حكومية بحقه مع بداية العام الجديد على أبعد تقدير.

تتزايد التكهنات في الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية حول احتمال اتخاذ قرار وشيك بحل حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية الأبرز لجماعة الإخوان المسلمين، في أعقاب سلسلة من الإجراءات الحكومية والقضائية التي استهدفت الجماعة الأم.

وعلى رغم تأكيد الحزب التزامه الدستور والقانون تشير التطورات الأخيرة إلى أن مصيره أصبح غير محسوم ويعتمد على القرارات القضائية والإجراءات التنفيذية المستمرة في ظل تقارير محلية تتحدث عن إجراءات حكومية بحقه مع بداية العام الجديد على أبعد تقدير.

ملف قيد الدراسة

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة أن ملف حزب جبهة العمل الإسلامي وضع فوق الطاولة بعد نحو سبعة أشهر على قرار حظر جميع أنشطة جماعة الإخوان، مضيفاً أن "الدولة تدرس خياراتها بدقة وعمق والتداخل بين نشاطات الجماعة المحظورة والحزب يشير إلى ضبط وثائق وبيانات تدين الأخير بارتكاب مخالفات جسيمة لقانوني الانتخاب والأحزاب قد تعرضه للمساءلة القانونية التي تفضي إلى حله".

‏يصف الرواشدة ممارسات الحزب وتجاوزاته بأنها قديمة ومتراكمه وثقيلة، ويعتقد أنه على امتداد العامين الماضيين، استخدم الحرب على غزة كفزاعة لتحشيد الشارع واختطافه لحسابات ومكاسب سياسية، بصورة تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا، وأطلق حملات جمع الأموال والتبرعات لغزة، تخللتها تجاوزات مالية وفق التحقيقات الرسمية، كاشفاً عن محاولات من قبل الحزب للمساومة على بعض الملفات، وإعادة الحياة والنشاط للجماعة المحظورة.

تصويب أوضاع

كانت السلطات الأردنية وجهت ضربة قاصمة للجماعة في أبريل (نيسان) 2025، حينما أعلن وزير الداخلية عن حظر نشاطها واعتبارها "جمعية غير مشروعة"، وشمل ذلك مصادرة الأموال والممتلكات وإغلاق المقار التي تستخدمها الجماعة، حتى لو كانت بالتشارك مع جهات أخرى.

وتصاعد التوتر بصورة حادة بعد الإعلان عن إحباط مخطط لـ"خلية" لتصنيع صواريخ ومسيرات في البلاد، شملت اعتقال 16 شخصاً معظمهم من قواعد الجماعة، وكان من بينهم قيادي في حزب جبهة العمل الإسلامي. وعلى رغم أن الحزب سارع إلى تجميد عضوية المتهمين ونفي أي تورط تنظيمي له، فإن هذه الحادثة أثارت مطالب نيابية وشعبية واسعة بحل الحزب.

وكثيراً ما أكدت قيادات من حزب جبهة العمل الإسلامي التزامها العمل السياسي السلمي من داخل الإطار الدستوري والقانوني الأردني، مشددين على أن قرار حظر الإخوان المسلمين لا يعنيهم كحزب سياسي مرخص، لكن مراقبين يعتقدون أن عدم قيام الحزب بتصويب أوضاعه وتدارك بعض المخالفات قد يكون السبب الرئيس في قرار الحل.

مسار قضائي

لكن آخرين يرون أن حل أي حزب سياسي في الأردن لن يتم إلا بموجب قانون الأحزاب وعبر مسار متوقع يمر عبر مراحل عدة، كطلب الإحالة للمحكمة من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب، إذا ثبت ارتكابه مخالفات جسيمة تهدد الأمن الوطني أو تخالف شروط الترخيص.

لاحقاً تنظر المحكمة في الدعوى، وإذا ثبت لديها تورط الحزب أو إخلاله بشروط القانون ستقرر حله. بعد استنفاد درجات التقاضي يكون القرار قابلاً للطعن أمام محكمة الاستئناف، ومن ثم محكمة التمييز، لكن نقطة الجدل الجوهرية حول فرضية حل الحزب تدور حول ما إذا كان استخدام مقار الحزب بالتشارك مع الجماعة المحظورة يشكل مخالفة كافية لحل الحزب بموجب القانون، أم أن الأمر متعلق بارتباطه الفكري والأيديولوجي بالجماعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن قرار الحل قد يثير تداعيات سياسية واجتماعية كبيرة، إذ يتوقع أن يترك فراغاً سياسياً كبيراً في المشهد الحزبي، وقد يدفع أعضاء الحزب للعمل السري أو تحت تسميات جديدة، ومن شأن حل حزب جبهة العمل الإسلامي أن يؤدي إلى فقدان كتلة برلمانية مؤثرة.

ولم يصدر عن الحكومة الأردنية حتى الآن أي قرار رسمي يفيد بحل جبهة العمل الإسلامي في الأردن، لكن ثمة مؤشرات تشي بذلك، وقد يتعلق الأمر باختيار التوقيت المناسب، وهو ما يفسر تردد السلطات في اتخاذ هذا القرار.

بحسب قانون الأحزاب الأردني، فإن حل الحزب يمكن أن يتم بقرار قضائي نهائي إذا ما ثبت ارتكابه جرائم معينة مثل التحريض على تظاهرات ذات طابع مسلح، أو الإسهام في تنظيمات أو مجموعات تهدف إلى تقويض نظام الحكم أو المساس بالدستور. أو الارتباط أو التبعية لأي تنظيم خارجي سياسي أو ديني أو عسكري.

وكانت الهيئة المستقلة للانتخاب وجهت مذكرة لحزب جبهة العمل الإسلامي تطالبه فيها بتصحيح مخالفات قانون الأحزاب خلال 60 يوماً وإلا ستواجه مقاضاة قانونية. وفي حال عدم التصويب أو ثبوت المخالفة الجسيمة، تصدر المحكمة قراراً بحله ومصادرة أمواله أو نقلها إلى الخزانة العامة، لكن القرار النهائي بحل الحزب قد يكون مرهوناً بنتائج التحقيقات، أو تقديم أدلة على ارتباط مباشر أو مخالفات جوهرية قانونياً.

سيناريوهات محتملة

لكن رئيس كتلة نواب الحزب في البرلمان صالح العرموطي، دعا إلى التوقف عما سماه التحريض والإساءة الموجهة ضد جبهة العمل الإسلامي من قبل بعض وسائل الإعلام والأقلام، بينما يؤكد الحزب في بياناته أنه كيان وطني مستقل، ولا يرتبط تنظيمياً أو مالياً بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. واعتبر أن أية محاولة لحله ستكون قراراً سياسياً أكثر منه قانونياً.

وفقاً لمراقبين فإن ثمة سيناريوهات محتملة لعلاقة الحكومة الأردنية مع حزب جبهة العمل الإسلامي في الفترة المقبلة إضافة لخيار الحل، من بينها منح الحزب مهلة إضافية وجديدة لتصويب أوضاعه تجنباً لأي تصعيد سياسي، أو تجميد نشاط الحزب موقتاً كإجراء إداري بانتظار البت القضائي.

يؤكد المتخصص الأمني عمر الرداد لـ"اندبندنت عربية"، أنه وفقاً لكثير من المعطيات والمؤشرات فإن سيناريو حل حزب جبهة العمل الإسلامي عبر تقديم توصيات بالأدلة والشواهد من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات المعنية بشؤون الأحزاب يبقى سيناريو وارداً في هذه المرحلة. فخلال الفترة الماضية ثبت أن هناك تداخلاً كبيراً للحزب مع الجماعة، كما أنه لم يقدم ما يثبت أنه يقوم بمراجعة نقدية لعلاقته مع الجماعة، بل على العكس بقي التماهي بين الطرفين تحت يافطة كبرى هي يافطة الحركة الإسلامية.

ويوضح الرداد "هذ الخلط والتداخل تبعه عديد من المحطات الفاصلة مثل جمع الأموال لقطاع غزة، لكن ثبت أنه الجمع كان لأهداف سياسية، فضلاً عن ارتكاب أعمال ومواقف تحريضية تتنافى مع قانون الجرائم الإلكترونية"، مضيفاً "باختصار الحزب لم يقدم ما يشير إلى أنه يقدم مراجعات تاريخية ونقدية على رغم بعض الأصوات التي طالبت بذلك. لذا فإن حل حزب الجبهة ليس الخيار المفضل للدولة، ولكنه أقرب من أي وقت مضى وفق المؤشرات، وهو ما لا يتنافى مع مخططات التحديث السياسي والحزبي التي تتبناها المملكة".

يعتقد العميد المتقاعد بسام روبين أن حل حزب الجبهة قد يحمل انعكاسات عميقة ومتعددة المستويات، فهو من جهة سيعيد خلط الأوراق داخل البرلمان، وقد يفرغ الساحة السياسية من أحد أهم أركان المعارضة المنظمة، ومن جهة أخرى سيفتح الباب أمام تساؤلات داخلية وخارجية حول مستقبل التعددية السياسية في الأردن.

ويوضح أن أية خطوة من هذا النوع يجب أن تواكبها رسالة رسمية متزنة وواضحة تشرح مبررات القرار القانونية والسياسية لتجنب أي سوء فهم داخلي أو استغلال خارجي للحدث.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير