Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مزارعو أم روابة يتحدون معضلات أحداث بارا والفاشر

تعد ثاني مدن ولاية شمال كردفان بعد العاصمة الأبيض

سودانيون فارّون من الفاشر يحضّرون وجبة طعام في مخيم للنازحين في بلدة الدبة الشمالية، 13 نوفمبر 2025 (أ ف ب)

ملخص

الاستقرار النسبي الذي تشهده أم روابة، مكن المزارعين من فرصة استئناف نشاطهم خلال الموسم الزراعي الحالي وصولاً إلى الحصاد، إذ تحدى هؤلاء المزارعون المعضلات المتشابكة التي أوجدتها أحداث بارا والفاشر، إلى جانب المشكلات التي واجهت المواسم الزراعية، منذ اندلاع الصراع في منتصف أبريل عام 2023.

مع تصاعد المواجهات العسكرية في شمال كردفان، عقب سيطرة قوات "الدعم السريع" على مدينة بارا في الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يعيش سكان مدينة أم روابة حالاً من القلق والترقب في ظل توسع رقعة الصراع، وما يصاحبه من عمليات نهب وقتل واختطاف وغيرها، وعلى رغم أن المدينة لم تطلها المواجهات العسكرية بصورة مباشرة بعد أن استعادها الجيش في الـ30 من يناير (كانون الثاني) الماضي، إلا أن سكانها يخشون من تمدد الصراع الذي يشكل تأثيراً في حياة المواطنين ليشمل مناطقهم الزراعية، لا سيما أنهم يحاولون انتزاع الحياة اليومية في الأسواق والمزارع في ظل توتر الأوضاع، نتيجة تمركز "الدعم السريع" غرب مدينتهم. فالاستقرار النسبي الذي تشهده أم روابة مكن المزارعين من فرصة استئناف نشاطهم خلال الموسم الزراعي الحالي وصولاً إلى الحصاد، إذ تحدى هؤلاء المزارعون المعضلات المتشابكة التي أوجدتها أحداث بارا والفاشر، إلى جانب المشكلات التي واجهت المواسم الزراعية منذ اندلاع الصراع في منتصف أبريل (نيسان) عام 2023، المتمثلة في النقل والأسواق بسبب إغلاق الطرق، فضلاً عن التدهور الأمني وطبيعة الأمطار والتغيرات المناخية.

وتعد مدينة أم روابة ثاني مدن ولاية شمال كردفان بعد العاصمة الأبيض وتقع على الطريق الاستراتيجي الرابط بين شمال كردفان والخرطوم، إذ بعد سيطرة "الدعم السريع" عليها حولتها إلى مركز لقيادة العمليات بالولاية، بعد أن كانت مركزاً للنشاط التجاري والزراعي. ووفقاً لمنظمة الهجرة الدولية، فإن إحكام "الدعم السريع" سيطرتها على أجزاء واسعة في إقليم كردفان أدى إلى نزوح أكثر من 36 ألف شخص أخيراً من المناطق التي اجتاحتها الأخيرة، لافتة إلى أن هذا النزوح يعكس قلقاً جماعياً لسكان شمال كردفان كلما زادت وتيرة المواجهات العسكرية.

من جانبها، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار إن المدنيين في ولايات كردفان يواجهون أخطاراً جسيمة، بيد أن العالم لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي في ظل تعرض المدنيين للقتل والانتهاكات على يد مسلحي "الدعم السريع"، مشددة على ضرورة منع تكرار المآسي التي شهدتها مدينة بارا.

هدوء نسبي

المزارع محمد محجوب من سكان مدينة أم روابة، قال "في حقيقة الأمر، أم روابة تعيش هدوءاً نسبياً بعد سيطرة الجيش عليها من قبضة الدعم السريع التي فرضت حصاراً خانقاً أوقف كل مظاهر الحياة فيها، فالمزارعون الآن تمكنوا من زراعة أراضيهم خلال الموسم الحالي على رغم تصاعد وتيرة الصراع واجتياح الدعم السريع أجزاء واسعة من ولاية شمال كردفان، بخاصة محليتي بارا وأم دم حاج حمد، لكن سكان منطقة أم روابة تغلبوا على حال الرعب بسبب الانتهاكات المؤسفة التي ظلت ترتكبها هذه القوات في حق المدنيين، فبذلوا كل ما في وسعهم من أجل استمرار الحياة اليومية في الأسواق والمزارع"، وأضاف محجوب "هناك بعض المزارعين بدأوا بالفعل حصاد الفول السوداني والسمسم في مناطق القوز الواقعة غرب الطريق القومي الذي يربط ولايتي شمال كردفان وجنوبها، بينما تعثر آخرون في المناطق الجنوبية بسبب قلة المياه، لا سيما أن تفاوت الأمطار خلال موسم الخريف لهذا العام انعكس على نسبة الإنتاج في إقليم كردفان بصورة عامة"، وتابع "سكان أم روابة بمن فيهم المزارعون بعد سقوط مدينة بارا سارعوا لجمع محصولهم وبيعه ونزوح بعضهم إلى مدن ولاية النيل الأبيض لحين هدوء الأحوال في شمال كردفان، لا سيما أن تمركز الدعم السريع غرب المدينة وإطلاقها القذائف العشوائية أدى إلى سقوطها في الأحياء السكنية، مما أثار الهلع والذعر وسط السكان وسبب نزوحاً جماعياً"، وأوضح أن "منطقة أم روابة لم تطلها العمليات العسكرية بصورة مباشرة، إلا أن وصول تعزيزات الجيش إلى المدينة وانتشار المركبات القتالية تحسباً لتطورات ميدانية قادمة عقب سقوط مدينتي الفاشر وبارا، أدى إلى اضطراب واسع في المناطق المجاورة"، وأشار إلى أن "الأسواق والمزارع تمارس نشاطها بصورة عادية، في حين يتابع المواطنون بقلق ما يجري من تطورات، فضلاً عن أن المخاوف لا تزال قائمة في أن تمتد التوترات إلى مناطق الإنتاج الزراعي".

قلق وترقب

في السياق ذاته، قال الفاضل حاج حمد أحد مواطني مدينة أم روابة "الوضع داخل المدينة يثير القلق والخوف بسبب الانتشار الكثيف للجيش والترقب لاندلاع معارك قريباً والهدوء الحالي قد يكون موقتاً"، وتابع "صوت قذائف الدعم السريع يزداد بصورة مكثفة، لا سيما أن الأهالي في المنطقة توقف بعضهم عن الذهاب إلى مزارعهم خوفاً من اندلاع مواجهات مسلحة، والمؤسف أن أم روابة تشهد حالياً موسم الحصاد، إذ إن المزارعين تغلبوا على التحديات التي أدت الى فشل المواسم الزراعية السابقة، وباتوا يراقبون التحركات العسكرية بكثير من الحذر في ظل انتشار مكثف للأسلحة والمركبات العسكرية، مما يعكس حالاً من التأهب لمواجهات محتملة في الولاية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

آثار نفسية

من جهتها، أوضحت المتطوعة في العمل الإنساني نادين مصطفى أن "حياة المواطنين في شمال كردفان يشوبها القلق الذي بات يسيطر عليهم بسبب الأحداث الدامية في بارا والفاشر، مما ترك آثاراً نفسية واجتماعية على سكان تلك المناطق بخاصة الموجودين في أم روابة"، وتابعت مصطفى "سكان المدينة غالبيتهم مزارعون، إذ إن موجات النزوح التي تشهدها المناطق المجاورة يمكن أن تأثر في أنشطتهم الزراعية والتجارية، بخاصة أن المنطقة تحتفل بموسم الحصاد، فضلاً عن أن حركة النزوح في هذه المدينة حتى الآن ليست بالصورة الكبيرة، لكن اجتياح المدن والقرى في محيطها يقود إلى القلق والنزوح الجماعي"، مضيفة "سقوط أم دم حاج حمد على يد الدعم السريع وأصوات الرصاص والانفجارات ليلاً تروع السكان، إلى جانب حملات الاعتقالات، فكل هذه العوامل دفعت بعض أهالي أم روابة من بينهم موظفون في القطاع الحكومي إلى النزوح بصورة احترازية خوفاً على أسرهم، لا سيما أن المعارك كلما اقتربت من حدودهم أثارت الهلع"، ولفتت المتطوعة في العمل الإنساني إلى أن "سيطرة الدعم السريع على كامل حدود ولاية شمال كردفان مع جنوبها وتوغلها في بعض المناطق يشكل مخاوف أمنية، إذ إن هذا الحضور يؤدي إلى قلق المزارعين، الذين يرون أن أي تحرك في اتجاه الشمال يعتبر تهديداً للخط التجاري والزراعي بين الولايتين".

تقلب الأسعار

وقال أحمد إبراهيم الناشط في سوق المحاصيل بمدينة أم روابة "في الحقيقة توتر الأوضاع في ولايتي شمال كردفان وجنوبها تسبب في تقلب الأسعار بسوق المحاصيل بمدينة أم روابة، فهناك مزارعون يرغبون في التخلص من إنتاجهم عقب نجاح موسم الحصاد، إلى جانب مخاوفهم من قطع الطرق التجارية والزراعية بين الولايتين نتيجة تصاعد المواجهات"، وأضاف إبراهيم "المحاصيل المتوفرة الآن في سوق أم روابة، بعد موسم الحصاد أبرزها السمسم والفول السوداني والذرة والكركديه".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير