Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيديو ترمب" يهز صدقية "بي بي سي" ويعيد الجدل حول حيادها

هيئة الإذاعة البريطانية في مرمى الانتقادات بعد نشرها محتوى يخص الرئيس الأميركي

المقر الرئيسي لهيئة الإذاعة البريطانية في لندن (غيتي) 

ملخص

 تواجه هيئة الإذاعة البريطانية"انتقادات حول فيديو مركب نشرته للرئيس الأميركي ومجموعة ملاحظات وردت في مذكرة وصلت إلى البرلمان للرد عليها، فما هي قصة الفيديو؟ وما هي الملاحظات الأخرى على إنتاج المحطة؟

أقرت هيئة الإذاعة البريطانية بنشر فيديو مركب للرئيس الأميركي دونالد ترمب عام 2021 عندما خطب في مؤيديه الذين هاجموا الـ "كابيتول" احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها جو بايدن، فقد جمعت "بي بي سي" جزأين من الخطاب لتصنع فيديو يدعو فيه ترمب الناس إلى القتال، في حين أنه بالنسخة الأصلية كان يحث أنصاره على أن يرفعوا أصواتهم ليسمعها المجتمعون من أجل إقرار نتائج الاستحقاق حينها.

وبحسب صحيفة "تايمز" فقد  قررت "الهيئة البريطانية" الاعتذار من "الفيديو التحريضي"، لكن قرارها ربما جاء متأخراً قليلاً بعد أن تعالت الأصوات المنتقدة لها داخلياً وخارجياً، ليس فقط في ما يخص هذا الفيديو وإنما أيضاً لجوانب أخرى من المحتوى الذي تنشره في سياق سياستها التحريرية المتعلقة بالمثلية والتحول الجنسي داخل البلاد، وفي إطار تغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبخاصة عبر منصتها الناطقة بالعربية.

والمسألة من وجهة نظر بعضهم تتمثل في خلل بات يشوب صدقية الشبكة ذات الانتشار الواسع في العالم، وأصحاب هذا الرأي من الساسة ينتمون في غالبيتهم إلى اليمين، وآخر المنتقدين كان رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون الذي أثار فضيحة "فيديو ترمب" وطالب الهيئة بالاعتذار منه، مهدداً بالتوقف عن دفع رسوم البث المباشر لـ "بي بي سي" في حال واصلت التهرب من الخطأ ورفضت الإقرار به علانية ورسمياً.

والتهديد بالتوقف عن دفع فاتورة البث المباشر، وهي رسوم مفروضة على البريطانيين تستفيد منها "بي بي سي" حصراً عن جميع مؤسسات الإعلام الأخرى، ينتشر منذ أعوام على نطاق واسع داخل المملكة المتحدة لأسباب اقتصادية أو تقنية، أو لمواقف تجاه المحتوى المنشور، وقد وضع كثر تهديدهم حيز التنفيذ متحدين القانون الذي يسمح للهيئة الإذاعية بملاحقتهم قانونياً وتغريمهم أكثر من 1000 دولار أميركي في مقابل ذلك.

وقصة الرسوم الحصرية لـ "بي بي سي" تمتد لأكثر من قرن وتستند إلى تعاقد مع الدولة أبرمته  الهيئة عام 1922 بغرض ضمان استقلالية بثها الإذاعي أولاً، ثم انضم إليه الإنتاج التلفزيوني، وتفرض تحت اسم "رخصة التلفزيون" على كل من يشاهد البث المباشر لأية محطة تذيع عبر الأثير البريطاني أو داخل جغرافية المملكة المتحدة، ولكنها تذهب للهيئة وحدها، وقد ارتفعت قيمتها تدريجياً وباتت تزيد على 222 دولار سنوياً.

وبعيداً من خشية فقدان الرسوم، مصدر التمويل الأول للهيئة باعتبارها لا تنشر إعلانات، فثمة قلق يتزايد داخل "بي بي سي" من مواقف تمس بصدقية المحتوى الذي تقدمه، إذ يشكو بعض العاملين فيها، كما نقلت "تايمز" البريطانية، من تجاهل الإدارة الانتقادات مثلما حدث مع "فيديو ترمب"، فيقولون إن المدير التنفيذي للهيئة تيم ديف تهرّب كثيراً من مسألة الفيديو على رغم أنه خطأ تحريري واضح ويحتاج إلى معالجة.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن تصدر للمشكلة اليوم وقرر مواجهتها هو رئيس مجلس إدارة الهيئة سمير شاه الذي تولى منصبه منذ 18 شهراً، فقد أعد رداً رسمياً على أزمة الفيديو ليعلنه أمام البريطانيين و"لجنة الثقافة والإعلام" في البرلمان، وهي لجنة عابرة للأحزاب ولا تعكس موقف تيار أو تجمع محدد تحت قبة مجلس العموم، حتى إن وزيرة الثقافة في الحكومة العمالية ليزا ناندي قالت إن "بي بي سي" تتعامل بجدية مع مزاعم التحيز التي أثيرت أخيراً.

والإجماع حول خطأ فيديو ترمب لا يظهر في شأن الانتقادات المتعلقة بحرب غزة، فالتحيز في تلك الحرب تهمة توجه إلى "الهيئة" من قبل أصدقاء إسرائيل وخصومها، إذ يأخذ مؤيدو الدولة العبرية على "بي بي سي" عدم استخدام كلمة "الإرهابية" عند الحديث عن "حماس"، ويقولون إن تغطيات المحطة للصراع قد تدنو أحياناً من "معاداة للسامية"، بينما يرى أنصار القضية الفلسطينية أن الهيئة تحابي تل أبيب وجيشها منذ ثلاثة أعوام.

وربما يسهل على الطرفين تتبع ومراقبة ما تنشره "بي بي سي" حول الحرب باللغة الإنجليزية، لكن المشكلة التي كبرت أخيراً تتعلق بالمحتوى الذي يبث عبر منصتها العربية، إذ ورد في المذكرة التي أعدها أستاذ السياسات في جامعة "كينغز كوليج" فيرنون بوجدانو أن "هناك تحيزاً ضد إسرائيل في التقارير والقصص التي تبثها 'هيئة الإذاعة البريطانية' باللغة العربية"، مرفقاً مذكرته بمجموعة من الاقتباسات والأمثلة.

والامتناع من وصف "حماس" بالإرهابية إنما يعود لكتاب الأسلوب المعتمد في الهيئة منذ عقود، وهو يحظر على الصحافيين استخدام حكم تقييمي لجهة أو شخصية ما لم ترد على لسان مصدر، كما رد متحدث باسم "بي بي سي" على المذكرة بأن "الهيئة تأخذ الملاحظات حول إنتاجها على محمل الجد، وتلتقي مجموعة من الأشخاص والمؤسسات لمناقشة وجهات نظرهم، كما تلتزم التزاماً تاماً بتغطية الصراع بحيادية، وقد أنتجت تغطية إعلامية فعّالة من المنطقة واعترفت بالأخطاء التي اُرتكبت بكل شفافية".

ويقول مدير حملة "التضامن مع فلسطين" كامل حواش إن البريطانيين يتوقعون دائماً من "بي بي سي" الموضوعية والحيادية في إنتاجها بسبب استقلالها المالي، ومع أزمات مستمرة لفترة طويلة مثل الحرب على غزة يسهل على المؤيدين أو المعارضين تغطية المحطة أن يجمعوا ما يظنون أنه أدلة على التحيز لمصلحة هذا الطرف أو ذاك، لكن الحقيقة أن السياق الخبري اليومي يفرض نفسه على التغطية كماً وكيفاً، وفق تعبيره.  

ويلفت حواش في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن "بي بي سي" تتعرض لضغوط سياسية كبيرة من إسرائيل وأصدقائها في بريطانيا، ولكن لا يمكن القول إنها تؤيد القضية الفلسطينية بصورة كاملة أو أنها تتجاهل رواية الدولة العبرية للأحداث، وهذا برأيه يرتبط بتلك التوازنات الداخلية في المؤسسة والشخصيات القائمة عليها، فهؤلاء هم من يديرون الدفة في السياسات العامة، وليست مشكلة سرديات خبرية يصوغها الصحافيون.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير