ملخص
تبدو الأسواق العالمية عالقة بين ضغطين متعاكسين، أولهما تصاعد الأخطار الجيوسياسية التي تدعم الملاذات الآمنة، وثانيهما توقعات خفض الفائدة الأميركية التي تدعم الأصول الخطرة.
ارتفعت أسعار الذهب خلال تعاملات اليوم الخميس مدفوعة بتصاعد الأخطار الجيوسياسية وتزايد التوتر بين واشنطن وموسكو وبكين، فيما شهدت أسواق الأسهم والنفط والسلع تفاعلات متباينة مع تشديد العقوبات الأميركية على روسيا واستعداد إدارة الرئيس دونالد ترمب لفرض قيود جديدة على الصادرات إلى الصين.
ويأتي ذلك خلال وقت يترقب فيه المستثمرون صدور بيانات التضخم الأميركية التي ستحدد ملامح قرار الفائدة المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، مما يعمق حال الترقب والقلق في الأسواق العالمية.
بريق الذهب يزداد وسط العواصف الجيوسياسية
من جديد، عادت أسعار الذهب إلى الارتفاع، إذ صعد ضمن المعاملات الفورية 0.7 في المئة إلى 4123.39 دولار للأوقية (الأونصة)، بينما صعدت العقود الأميركية الآجلة تسليم ديسمبر (كانون الأول) المقبل بنسبة 1.8 في المئة إلى 4138.10 دولار.
وجاءت المكاسب مدفوعة بتجدد العقوبات الأميركية على روسيا واستهدافها شركتي النفط "لوك أويل" و"روسنفت"، إلى جانب بحث واشنطن فرض قيود صارمة على صادراتها إلى الصين، مما رفع الطلب على الذهب كملاذ آمن.
ويرى محللون أن تزايد احتمالات خفض الفائدة الأميركية خلال الأسبوع المقبل قد يعزز مكاسب المعدن النفيس، إذ يقلل تراجع الفائدة من كلفة الاحتفاظ بالذهب الذي لا يدر عائداً مباشراً.
وتعليقاً على ذلك، قال كبير مسؤولي الاستثمار في "يو بي أس" مارك هيفيل إن "الذهب يظل أداة فعالة لتنويع المحافظ الاستثمارية، مع إمكانية تحقيق مزيد من المكاسب في حال تفاقمت الأخطار الاقتصادية أو السياسية".
وارتفعت أسعار الذهب بنحو 57 في المئة منذ بداية العام وحتى الآن ووصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 4381.21 الإثنين الماضي، مستفيدة من حال عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي ورهانات خفض أسعار الفائدة واستمرار الشراء من جانب البنوك المركزية.
وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة ضمن المعاملات الفورية 1.2 في المئة إلى 49.10 دولار للأوقية، وتراجع البلاتين 1.1 في المئة إلى 1603.70 دولار، وانخفض البلاديوم 0.9 في المئة إلى 1445.43 دولار.
الأسهم الأوروبية تصعد على رغم الضبابية
في أوروبا، سجلت الأسهم مكاسب طفيفة خلال تعاملات اليوم، إذ ارتفع مؤشر "ستوكس 600" بنسبة 0.2 في المئة إلى 573.19 نقطة، مدعوماً بنتائج إيجابية لعدد من الشركات الكبرى مثل "نوكيا" التي قفز سهمها بأكثر من 10 في المئة، وارتفعت أسهم الطاقة الأوروبية بقيادة "بي بي" و"شل" بعد صعود أسعار النفط نتيجة العقوبات الأميركية على موسكو.
لكن الحذر ما زال يخيم على المستثمرين مع تزايد القلق من تطورات الملف التجاري بين الولايات المتحدة والصين، وارتباك الإشارات الصادرة عن إدارة ترمب في شأن المفاوضات المقبلة.
الليرة التركية تحت ضغط التضخم
في تركيا، قرر البنك المركزي خفض سعر الفائدة الأساس 100 نقطة أساس إلى 39.5 في المئة، مواصلاً سياسة التيسير النقدي لكن بوتيرة أبطأ من الأشهر الماضية، في ظل تزايد ضغوط التضخم التي بلغت 33.29 في المئة على أساس سنوي خلال سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويرى محللون أن القرار يعكس محاولة لتهدئة الأسواق من دون إشعال موجة جديدة من فقدان الثقة بالليرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي اجتماعه السابق خلال سبتمبر 2025، خفض البنك أسعار الفائدة 250 نقطة أساس، وهو ما كان أكثر قليلاً من المتوقع بعد ارتفاع التضخم بصورة تفوق التوقعات في ظل تزايد الأخطار السياسية.
تراجع الأسهم اليابانية مع توتر العلاقات الأميركية - الصينية
في طوكيو، أغلق مؤشر "نيكاي" منخفضاً بنسبة 1.35 في المئة عند 48641.61 نقطة، متأثراً بعمليات جني أرباح عقب موجة صعود قوية، وبالأنباء عن احتمال فرض قيود أميركية جديدة على الصادرات إلى الصين.
وهوى سهم "سوفت بنك" بأكثر من 4.6 في المئة ليضغط على المؤشر، في حين استفادت أسهم شركات الدفاع اليابانية من توقعات زيادة الإنفاق العسكري، لتقفز بنسب تجاوزت 10 في المئة.
الأسواق في اختبار مزدوج
على أية حال، تبدو الأسواق العالمية عالقة بين ضغطين متعاكسين، أولهما تصاعد الأخطار الجيوسياسية التي تدعم الملاذات الآمنة، وثانيهما توقعات خفض الفائدة الأميركية التي تدعم الأصول الخطرة.
وبين الذهب الذي يلمع والنفط الذي يتحرك تحت وطأة العقوبات، تبدو المرحلة المقبلة رهينة لنتائج بيانات التضخم الأميركية، التي ستحدد ما إذا كان التوتر الحالي مجرد موجة موقتة أم بداية دورة اقتصادية جديدة عنوانها "القلق العالمي".