Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسعار والتضخم ورسوم ترمب... "الفيدرالي" في مهمة مستحيلة

تحذيرات من انهيار سوق العمل ومحللون يرون أن تأثير التعريفات لم يظهر بعد

"الفيدرالي" يرى في ضعف سوق العمل خطراً على المدى القريب (أ ف ب)

ملخص

من المتوقع على نطاق واسع أن يتجه البنك المركزي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع سبتمبر الجاري، إذ تخطت نسبة التوقعات حاجز الـ95 في المئة حتى أمس الجمعة.

 

يواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) المكلف فهم الاقتصاد الأميركي لتحديد أسعار الفائدة مهمة شاقة، وربما شبه مستحيلة. ففي غضون أسبوعين من المتوقع وعلى نطاق واسع أن يخفض البنك كلف الاقتراض للمرة الأولى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ولا يزال صانعو السياسات في "الفيدرالي" يجهلون المدى الكامل الذي يمكن أن تؤثر فيه الرسوم الجمركية واسعة النطاق التي فرضها الرئيس دونالد ترمب في التضخم، ولا ما إذا كانت سوق العمل الأميركية على وشك الانهيار، خصوصاً مع تزايد علامات الضعف.

ويواجه "الفيدرالي" أحد أكثر ألغازه الاقتصادية تعقيداً منذ عقود، ويتعرض كلا الجانبين، في إطار ولايته المزدوجة المتمثلة في استقرار الأسعار والحد الأقصى للتوظيف، لضغوط لم تشهدها البلاد منذ أزمة الركود التضخمي في السبعينيات وأوائل الثمانينيات، مما يربك توقعات خفض أسعار الفائدة.

وفي تعليقه دعا محافظ "الفيدرالي" كريستوفر والر إلى خفوض متعددة لأسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، ولكن بعد هذه التصريحات بأقل من ساعتين أشار رئيس "الفيدرالي" في أتلانتا رافائيل بوستيك إلى أن خفضاً واحداً فحسب "سيكون مناسباً خلال الفترة المتبقية من هذا العام"، لكن بوستيك لا يصوت على أي تحركات سياسية هذا العام.

 "نحن في منطقة مجهولة"

في مذكرة بحثية حديثة قال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "نورث وسترن ميوتشوال" لإدارة الثروات برنت شوت "نحن في منطقة مجهولة، وهذا ينعكس في تفكير البنك المركزي، وما زلنا في حيرة من أمرنا في شأن التعريفات الجمركية، إضافة إلى كل ما يحدث حالياً، لكن الفيدرالي يرى في ضعف سوق العمل خطراً على المدى القريب".

والسؤال الملح حول آثار التعريفات الجمركية، فقد أصبح عديد من مسؤولي "الفيدرالي" أكثر ارتياحاً لاحتمالية أن يكون تضخم التعريفات الجمركية موقتاً فحسب، ولكن ليس جميعهم مقتنعين بهذه الفكرة.

كريستوفر والر الذي عينه ترمب عام 2020، ويعد الآن مرشحاً محتملاً لرئاسة البنك بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي جيروم باول في مايو (أيار) المقبل دأب على الترويج لهذا التوجه منذ أشهر، وقد أثار هذه النقطة في بيان أصدره في يوليو (تموز) الماضي بعد معارضته لقرار "الفيدرالي" إبقاء كلف الاقتراض ثابتة في ذلك الشهر للمرة الخامسة.

وشهدت أسعار بعض السلع، خصوصاً الأكثر عرضة للرسوم الجمركية (الأثاث والأجهزة المنزلية)، ارتفاعاً في الأشهر الأخيرة، وفقاً لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى المركزي الأميركي، لكن مع وجود احتمال كبير لاستمرار ارتفاع التضخم، فإن مزيداً من محافظي البنوك المركزية يؤيدون الآن وجهة نظر كريستوفر والر القائلة إن "تضخم الرسوم الجمركية لن يدوم طويلاً على الأرجح".

متى تظهر تداعيات الرسوم الجمركية؟

قبل أيام قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس ألبرتو موساليم "كخط أساس، أتوقع أن تؤثر الرسوم الجمركية في الاقتصاد خلال الربعين أو الأرباع الثلاثة المقبلة، وأن يتلاشى تأثيرها في التضخم بعد ذلك".

خلال الأسبوع الماضي كتبت رئيسة "الفيدرالي" في سان فرانسيسكو ماري دالي في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي أن "زيادات الأسعار المرتبطة بالرسوم الجمركية ستكون لمرة واحدة"، كما أشار جيروم باول إلى هذا الاحتمال في خطابه الرئيس خلال الشهر الماضي في الندوة الاقتصادية السنوية للبنك في كانساس سيتي في جاكسون هول، قائلاً "الافتراض المنطقي هو أن هذه الزيادة ستكون لمرة واحدة، وفي النهاية سنتأكد من ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن بعض مسؤولي بنك الاحتياط ما زالوا مترددين، ومنهم رئيسة البنك في كليفلاند بيث هاماك التي لا تصوت على أي تحركات سياسية هذا العام، وكذلك رئيسة البنك في بوسطن سوزان كولينز التي يحق لها التصويت، وهناك احتمال أن تعارض كولينز قرار "الفيدرالي" في اجتماعه يومي الـ16 والـ17 من سبتمبر (أيلول) الجاري إذا قرر المسؤولون خفض أسعار الفائدة، وفقاً لما ذكره كبير المحللين في "أكسفورد إيكونوميكس" جون كانافان.

من جانبه قال بيث هاماك لصحيفة "وول ستريت جورنال" على هامش مؤتمر جاكسون هول "أرى صورة تضخم مرتفعة للغاية، وتتجه نحو الارتفاع، وتسير في الاتجاه الخاطئ، ولن أؤيد خفض أسعار الفائدة في ظل البيانات الحالية المتوافرة لدى اليوم".

البطالة ترتفع بين الأميركيين السود

منذ أن أطلق ترمب حملته الشرسة على الرسوم الجمركية في وقت سابق من هذا العام كانت استراتيجية البنك المركزي الأميركي هي الثبات على موقفه وانتظار تطورات الأمور، ولكن مع تذبذب سوق العمل الآن، لم يعد هذا خياراً مجدياً.

وبحسب بيانات وزارة العمل كان نمو الوظائف ضعيفاً في الأشهر الأخيرة، وأصبح هناك الآن عدداً أقل من فرص العمل مقارنة بعدد العاطلين من العمل الباحثين عن عمل، فكما ارتفعت معدلات البطالة بين الفئات الديموغرافية الأكثر عرضة للدورة الاقتصادية، مثل الأميركيين السود.

وعلق رئيس "الفيدرالي" في مينيابوليس المسؤول غير المصوت في البنك نيل كاشكاري خلال فعالية المائدة المستديرة الاقتصادية النسائية في مينيسوتا قائلاً إن "ارتفاع معدلات البطالة بين العمال السود مؤشر مبكر يجب الانتباه إليه، وعلامة أخرى على ضعف سوق العمل، وعندما تحدث فترات ركود اقتصادي، غالباً ما يفقد الأميركيون السود والسمر وظائفهم أولاً، أو يكونون آخر من يحصل على فرص العمل".

ومع ذلك لا يزال معدل البطالة منخفضاً نسبياً عند 4.2 في المئة، ولم تشهد طلبات إعانة البطالة الجديدة ارتفاعاً حاداً، لكن مسؤولي "الفيدرالي" أقروا بوجود مؤشرات إلى الحذر في شأن مستقبل سوق العمل، وهو ما يتضح في البيانات الاقتصادية وما تفصله الشركات في استطلاعات الرأي.

وتشير بيانات حديثة صادرة من البنك المركزي الأميركي إلى ضعف سوق العمل في بعض أنحاء البلاد.

وذكر عديد من الشركات أنها قلصت ساعات عمل عمالها وأرجأت رفع الأجور لجذب الكفاءات على رغم أن الشركات لا تزال توظف في بعض القطاعات.

وأفاد التقرير بأن "وكالة توظيف في شمال ولاية نيويورك أفادت بصعوبة الحصول على وظائف، فالعمال يبقون في أماكنهم، وظل معدل الاستنزاف منخفضاً للغاية".

وخلال الأيام الـ10 المقبلة سيتمكن "الفيدرالي" و"وول ستريت" من تكوين فكرة أوضح عن أداء الاقتصاد الأميركي في مواجهة أجندة ترمب الاقتصادية الشاملة.

اقرأ المزيد