Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جورجيا ميلوني... سيدة اليمين الأنثوي

من ناشطة شابة في شوارع روما إلى أول رئيسة لحكومة إيطاليا أعادت تعريف القوة والسيادة في أوروبا من منظور قومي جديد

رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني (اندبندنت عربية)

ملخص

اليوم، بينما يحتفظ حزبها بشعبية قياسية وتجلس بثقة إلى طاولة قادة العالم، تبدو ميلوني أكثر من مجرد سياسية ناجحة: إنها اختبار حقيقي لقدرة امرأة على إعادة تعريف اليمين الأوروبي، من دون أن تفقد ملامحها الإيطالية أو صلابتها الرمزية.

خلال كلمة أمام أنصارها في روما عام 2019، قالت "أنا جورجيا، أنا امرأة، أنا أم، أنا إيطالية، وأنا مسيحية"، ومنذ ذلك الوقت وهي تعتمد هذه النظرية الناجحة.

منذ سنواتها الأولى في الحركات الطلابية، أدركت أن الزعامة لا تكتسب بالكلام فقط، بل تبنى عبر صورة وإيقاع، ونبرة يعرف الناس صدقها، كانت تملك لغة تخاطب الشارع وتستفز النخب، وتعرف متى ترفع الصوت ومتى تكتفي بالنظرة.

وهكذا نسجت حضورها ببطء، كمن يخطط لحكاية طويلة لا لمشهد عابر. في كل ظهور، كانت تصنع مزيجاً محسوباً من الصرامة والهدوء، من الجرأة الأنثوية والانضباط العسكري، حتى تحول اسمها إلى ما يشبه العلامة السياسية في الوعي الإيطالي الحديث.

لكن صعود ميلوني لم يكن فقط نتيجة ذكاء فردي، بل انعكاس لتحول أعمق في المزاج العام. إيطاليا التي عاشت عقوداً من الخضوع لإملاءات الاتحاد الأوروبي والتقشف الاقتصادي، كانت تبحث عن صوت يعيد لها الثقة والكرامة.

 

 

جاءت ميلوني في اللحظة المناسبة، بخطاب وطني صريح عن الهوية والسيادة، متحررة من عقدة الخوف من الماضي. لم تتبرأ من جذورها اليمينية، بل أعادت صياغتها بلغة واقعية وشعبوية في آن، مدركة أن الجمهور يحتاج إلى من يمنحه معنى جديداً للانتماء في عالم متحول.

قبل ثلاث سنوات، عندما جلست جورجيا ميلوني على مقعد رئاسة الحكومة الإيطالية، ظن كثيرون أن التجربة لن تصمد طويلاً، لكن الزعيمة اليمينية التي بدأت من أحياء روما المتواضعة، أثبتت أن اليمين يمكن أن يرتدي وجهاً أنثوياً، صارماً ومقنعاً في آن.

اليوم، بينما يحتفظ حزبها بشعبية قياسية وتجلس بثقة إلى طاولة قادة العالم، تبدو ميلوني أكثر من مجرد سياسية ناجحة: إنها اختبار حقيقي لقدرة امرأة على إعادة تعريف اليمين الأوروبي، دون أن تفقد ملامحها الإيطالية أو صلابتها الرمزية.

ومع مرور ثلاث سنوات على توليها الرئاسة، يحظى حزبها اليميني المتشدد بشعبية غير مسبوقة، وحكومتها تتمتع بوضع متين، فيما يشهد الاقتصاد استقراراً ملاحظاً.

 

 

بصفتها رئيسة حكومة، حجزت ميلوني لنفسها مقعداً في المناسبات الرئيسة وزارت البيت الأبيض بصورة منتظمة وكانت المرأة الوحيدة من بين قادة الدول الذين حضروا التوقيع في مصر على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

في تلك المناسبة، قطع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطاباً كان يلقيه عن جهوده لتحقيق السلام في الشرق الأوسط من أجل الإشادة بميلوني التي وصفها بأنها "مذهلة، وسياسية ناجحة جداً" و"سيدة جميلة".

ولفت دبلوماسي أوروبي أن "الإيطاليين يشعرون بالفخر من طريقة تمثيلها لهم على الساحة الدولية، إنها تتواصل ببراعة".

 

قبل ثلاث سنوات، عندما جلست جورجيا ميلوني على مقعد رئاسة الحكومة الإيطالية، ظن كثيرون أن التجربة لن تصمد طويلاً، لكن الزعيمة اليمينية التي بدأت من أحياء روما المتواضعة، أثبتت أن اليمين يمكن أن يرتدي وجهاً أنثوياً، صارماً ومقنعاً في آن.

 

 

هذه المتحدثة الموهوبة التي تعرف كيف تدق على وتر الإيطاليين الحساس تعتمد لهجة شعبية خاصة بعاصمة بلدها، لكنها قد تكون أيضاً عدائية أحياناً، وقد تقع أيضاً في الابتذال كما توضح لقطة فيديو عبر تطبيق "تيك توك" تظهر فيها مع حبتين من الشمام عند مستوى الصدر، في إشارة إلى اسم عائلتها الذي يرمز إلى هذه الفاكهة.

كانت جورجيا تحل ضيفة على كثير من البرامج التلفزيونية، فشبابها وحماستها والصيغ التي اعتمدتها تستقطب وسائل الإعلام، وقد أدركت أيضاً أن شخصية امرأة شقراء وشابة مهمة بقدر الأفكار التي تطرحها في المجتمع الذكوري النزعة في إيطاليا.

لكن ميلوني ليست مثالية. النقد الأبرز يتركز حول تضخيم الخطابات الشعبوية أحياناً على حساب التفاصيل الاقتصادية والاجتماعية، وعلى ميلها أحياناً إلى القسوة الرمزية تجاه المعارضين.

 

 

بعض السياسات التي اعتمدتها، مثل الضوابط المشددة على الهجرة أو الدعم المحدود للمناطق الأكثر هشاشة، تظهر أن قدرتها على القيادة السياسية قد تواجه قيوداً حقيقية أمام الواقع الاجتماعي المعقد.

ومع ذلك، تبقى ميلوني شخصية لا يمكن تجاهلها، ليس فقط بسبب منصبها، بل بسبب قدرتها على المزج بين الرمزية السياسية، والذكاء الاستراتيجي، والقدرة على الصمود في مواجهة الانتقادات الداخلية والخارجية.

إنها امرأة صنعت من نفسها علامة سياسية قوية، وربما الأكثر تأثيراً بين زعماء أوروبا الجدد من اليمين، وذلك عبر مزيج من الجرأة، الحسابات الدقيقة، والرؤية الرمزية.

مقارباتها

الفاشية موضوع لا تستطيع ميلوني الهرب منه، عندما وصلت إلى السلطة في أكتوبر 2022 على رأس حركة أسسها آخر أتباع بينيتو موسوليني المخلصين، قال المنتقدون في إيطاليا وفي جميع أنحاء أوروبا إن دعواتها إلى الكرامة الوطنية والدفاع عن "الحضارة الغربية" تنذر بتحول يميني متطرف لثامن أكبر اقتصاد في العالم، واستشهد آنذاك الرئيس جو بايدن بانتخابها كمثال على التهديد الذي يشكله الاستبداد على الديمقراطية العالمية، لكن ميلوني أربكت منتقديها. ففي الداخل، مالت إلى الوسط في بعض وعودها الانتخابية الأكثر إثارة، مثل فرض حصار بحري لوقف المهاجرين غير الشرعيين الذين يحملون على متن السفن.

 

 

أما على الساحة الدولية، فقد تصرفت بصورة أقل ثورية يمينية منها كمحافظة براغماتية.   احتضنت ميلوني الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، وعملت على عزل الصين، وبذلت جهداً للتوفيق بين العلاقات المتصدعة بين أميركا وأوروبا خلال بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترمب.

 

لكن ميلوني ليست مثالية. النقد الأبرز يتركز حول تضخيم الخطابات الشعبوية أحياناً على حساب التفاصيل الاقتصادية والاجتماعية، وعلى ميلها أحياناً إلى القسوة الرمزية تجاه المعارضين.

 

وعلى طول الطريق، نجحت في كسب تأييد قادة من مختلف الأطياف الأيديولوجية، من بايدن وترمب إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى نائب الرئيس جيه دي فانس.

بعد ثلاث سنوات من ولايتها، برزت ميلوني (48 سنة) كواحدة من أكثر الشخصيات الأوروبية إثارة للاهتمام: فهي أم غير متزوجة من الطبقة العاملة وغير حاصلة على شهادة جامعية، وقد تحدى صعودها توقعات أقرانها.

وهي أول امرأة تتولى زعامة إيطاليا، وتقول إنها اضطرت خلال مسيرتها المهنية إلى "مواجهة الصور النمطية السخيفة"، لكنها ترفض محاولات الحكومة لإصلاح ذلك أو غيره من أشكال التمييز التي تسميها "الحصص".

انتصارات

وهي تدعي تحقيق انتصارات محافظة في تحقيق الاستقرار في الحكومة الإيطالية التي تشتهر بالفوضى وتحسين تصنيف ديونها، بينما تتبع أجندة سياسية تتماشى مع الكادر العالمي للقادة الصاعدين: تعزيز السلطة التنفيذية، قمع وسائل الإعلام، وممارسة السيطرة على القضاء، واستهداف المهاجرين غير الموثقين، والحد من بعض أشكال الاحتجاج. من كل هذه التناقضات، تبني ميلوني نوعاً جديداً من القومية: شعبوية، ووطنية، وموالية للغرب، لكنها ملتزمة بالتحالفات الأوروبية والأطلسية.

تقول في حديث لها، وهي تجلس متشابكة الذراعين والساقين أمام العلم الإيطالي "قبل كل شيء، علينا أن ندافع عن ماهيتنا، وثقافتنا، وهويتنا، وحضارتنا".

 

 

أين يقودنا ذلك بالضبط لما هو أبعد من إيطاليا، فمن البرتغال إلى رومانيا، يتفوق المتطرفون الذين كانوا منبوذين في السابق من اليمين المتطرف على الأحزاب المحافظة التقليدية، على غرار حركة "ماغا" في الولايات المتحدة، وهو ما شكل أزمة للحكومات الأوروبية الوسطية التي نبذت شعوبها لعقود بعد الحرب العالمية الثانية الأحزاب اليمينية المتطرفة. يرى المعجبون بميلوني إنها وجدت طريقة لدمج تلك القوى اليمينية المتطرفة الصاعدة في العملية الديمقراطية، وتحييد تهديدها. ويقول كبير مستشاريها السياسيين جيوفانباتيستا فازولاري "نحن ورثة الحزب اليميني".

لكن الحزب المنبثق الذي أسسته، "إخوان إيطاليا"، بحسبه، "أصبح الحزب الذي يجمع بين أشخاص من اليمين، وأشخاص وطنيين من بلدنا، معتدلين، بغض النظر عن خلفيتهم السياسية السابقة". فيما يرى منتقدوها آفاقاً أكثر قتامة، فبعد أن رسخت سمعة معتدلة في البداية، كما يقولون، فإنها تنحرف إلى اليمين الآن بعد أن أصبح ترمب في السلطة، وتتخذ خطوات صغيرة ولكنها مألوفة لتقويض الديمقراطية وتمهد الطريق لتحالف دولي صاعد من المتطرفين اليمينيين يهدد الليبرالية الأوروبية في فترة ما بعد الحرب.

 

جاءت ميلوني في اللحظة المناسبة، بخطاب وطني صريح عن الهوية والسيادة، متحررة من عقدة الخوف من الماضي. لم تتبرأ من جذورها اليمينية، بل أعادت صياغتها بلغة واقعية وشعبوية في آن، مدركة أن الجمهور يحتاج إلى من يمنحه معنى جديداً للانتماء في عالم متحول.

 

 

من جهتها، أعلنت ناتالي توتشي، مديرة "معهد الشؤون الدولية" Institute of International Affairs  في روما، أنه "من السذاجة أن نتخيل أنها ستتمكن من الدفاع عن مصالح الاتحاد الأوروبي، بينما تستعد للعمل، على الأرجح، كحصان طروادة لمصلحة ترمب في أوروبا". وتضيف "عند مواجهتها لخيارات صعبة، سينتهي بها المطاف دوماً باعتماد نهج معاد لليورو، لأنه كثيراً ما كان المكان الذي يهف له قلبها فعلياً".

 

 

وبالنسبة إلى مؤسس معهد "يوتريند" لاستطلاعات الرأي لورينزو بريلياسكو، فإن "نشاط" رئيسة الوزراء الدبلوماسي "عزز صورتها كزعيمة" بينما "لم ترتكب أية زلات كبيرة"، مشيراً إلى أنها لم تقم بتغييرات كبيرة على الصعيد الداخلي من شأنها أن تبعد ناخبيها.

موسوليني "سياسي جيد"

في سن الـ19 أكدت في تصريح لمحطة "فرانس3" التلفزيونية الفرنسية أن الديكتاتور بينيتو موسوليني كان "سياسياً جيداً"، وهي أدركت أن عليها أن تراعي قاعدتها التي تؤكد انتماءها إلى هذا الماضي، كما عليها في الوقت نفسه طمأنة المعتدلين للتمكن من الفوز، وقالت في مقابلة مع مجلة "ذي سبكتيتور" البريطانية "لو كنت فاشية لقلت ذلك".

وفي حين لا تزال تقر بأن موسوليني "أنجز كثيراً لكنه ارتكب أخطاء ومنها القوانين المناهضة لليهود ودخول الحرب"، توضح أنه "لا مكان للأشخاص الذين يحنون إلى الفاشية والعنصرية ومعاداة السامية" في صفوف حزبها.

 

 

في المقابل، استبعدت ميلوني إزالة الشعلة "ثلاثية الألوان" من شعار حزبها "إخوان إيطاليا"، على رغم الدعوات الصادرة حتى ضمن صفوف الحزب للتخلي عن الرموز الفاشية.

وقالت ميلوني، في مقابلة أجرتها معها صحيفة "كورييري ديلا سيرا"، إن "إزالة الشعلة لم تكن يوماً قضية مدرجة على جدول الأعمال".

وجاءت تصريحاتها بعدما قال لوكا تشيرياني، العضو في حزبها المحافظ المتشدد "فراتيلي ديتاليا" الذي يتولى منصب وزير العلاقات مع البرلمان، "ستأتي لحظة إخماد الشعلة".

وقال لصحيفة "إل فوليو" إن الشعلة "رمزية وحالها حال عدد من الأمور الرمزية الأخرى سيأتي يوم (التحرك حيالها)، حتى وإن لم يتخل عنها كلياً".

سعت ميلوني، الزعيمة الإيطالية الأكثر يمينية منذ عام 1945، للنأي بنفسها عن إرث حزبها القومي الذي تأسس في 2021 وتعود أصوله لـ"الحركة الاجتماعية الإيطالية" التي شكلها أنصار الدكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني بعد الحرب العالمية الثانية.

فيما تأسس حزب "إخوان إيطاليا" عام 2012، ولديه جذور سياسية في الحركة الاجتماعية الإيطالية (MSI)، التي نشأت على أنقاض فاشية موسوليني.

 

 

وشعار الحزب مماثل لشعار أحزاب اليمين المتطرف في فترة ما بعد الحرب: اللهب ثلاثي الألوان، الذي ينظر إليه غالباً على أنه النار المشتعلة في قبر موسوليني.

 

بعد ثلاث سنوات من ولايتها، برزت ميلوني كواحدة من أكثر الشخصيات الأوروبية إثارة للاهتمام: فهي أم غير متزوجة من الطبقة العاملة وغير حاصلة على شهادة جامعية، وقد تحدى صعودها توقعات أقرانها.

ويقول جيانلوكا باساريلي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابينزا في روما "لا تريد جورجيا ميلوني إسقاط الرمز لأنها الهوية التي لا تستطيع الهرب منها، إنها تمثل شبابها".

 

 

ويشرح "حزبها ليس فاشياً، الفاشية تعني الاستئثار بالسلطة وتدمير النظام. هي لن تفعل ذلك وليس بمقدورها فعل ذلك، لكن هناك أجنحة في الحزب مرتبطة بالحركة الفاشية الجديدة، وجورجيا بطريقة أو بأخرى كانت دائماً في الوسط".

مواجهة الهجرة: بين الشعبوية والواقع الأوروبي

الهجرة كانت، وما تزال، أكبر تحد لميلوني منذ توليها السلطة. منذ الأيام الأولى للحكومة، وضعت موضوع تدفق المهاجرين على رأس جدول أعمالها، معبرة عن موقف صارم: حماية الحدود، تعزيز القانون، وتقليص تدفق المهاجرين غير الشرعيين.

في خطاب متلفز، قالت "لن نسمح بأن تصبح إيطاليا محطة عبور للأخطار، ولا مستودعاً للتهريب البشري".

 

 

لكن الواقع كان أكثر تعقيداً، مع بحرية البحر الأبيض المتوسط وموجات النزوح من أفريقيا والشرق الأوسط، اصطدمت سياساتها بالقوانين الأوروبية وبتوقعات مؤسسات حقوق الإنسان. ميلوني حاولت الموازنة بين الصرامة السياسية والشعور الإنساني، فعلى رغم تشديدها الرقابة على السواحل، أطلقت برامج تعاون مع ليبيا وتونس لاحتواء المهاجرين قبل وصولهم إلى إيطاليا، معتمدة على مفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبي.

السياسة نفسها أثارت جدلاً داخلياً وخارجياً: مؤيدوها رأوا في موقفها حماية للهوية الوطنية، بينما اعتبرها المعارضون شعبوية متشددة تهدد سمعة إيطاليا في الخارج. هذه المعضلة تكشف عن جانبها الواقعي: ليست مجرد خطاب شعبي، بل سياسة قائمة على حسابات معقدة وقيود أوروبية.

الاقتصاد: النمو والقيود

الاقتصاد الإيطالي كان اختباراً آخر لميلوني، خصوصاً في ظل موازنة متأرجحة ونمو ضعيف. ركزت حكومتها على دعم الصناعات المحلية وتقليص الاعتماد على الاستيراد، وسعت إلى تسهيل الإجراءات للشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الإيطالي.

 

 

في الوقت نفسه، اعتمدت سياسات تقشف حذر في بعض القطاعات، مثل النفقات الحكومية غير الأساسية، لمحاولة تحقيق توازن بين النمو والسيولة. لكن انتقادات ظهرت سريعاً: الاقتصاديون أكدوا أن بعض سياساتها تقيد الابتكار والاستثمار الأجنبي، مما قد يضعف اقتصاد البلاد على المدى الطويل.

تبنت ميلوني أيضاً سياسة دعم التوظيف للشباب والمناطق الجنوبية المهملة، محاولة سد الفجوة بين الشمال الصناعي الغني والجنوب الزراعي الأكثر هشاشة. هنا يظهر جانبها الواقعي: قدرتها على التكيف مع الأزمات من دون التخلي عن مبادئها الوطنية.

التحالفات الدولية: بين أوروبا والأطلسي

عندما يتعلق الأمر بالتحالفات الدولية، تظهر ميلوني مزيجاً من الوطنية والحذر الأوروبي. فهي تؤكد الولاء للحلف الأطلسي وتدعم التعاون الدفاعي مع فرنسا وألمانيا، لكنها تبقى مترددة تجاه سياسات بروكسل التي تتعارض مع سياساتها الداخلية، خصوصاً في الهجرة والطاقة.

 

 

في الملف الأوروبي، نجحت ميلوني في إظهار قدرتها على اللعب على الحبال الدقيقة: رفضت بعض التوصيات الأوروبية من دون التسبب في أزمة دبلوماسية، وأعادت تعريف دور إيطاليا كعضو مؤثر في الاتحاد. هذه المرونة تجعلها زعيمة غير متوقعة، تجمع بين الشعبوية المحلية والدبلوماسية الأوروبية الحذرة.

الطاقة: الأمن والاستقلالية

وضعت الأزمة الأوروبية للطاقة ميلوني أمام اختبار جديد، مع ارتفاع أسعار الغاز والنفط، وتهديدات الاعتماد على روسيا، اتخذت خطوات جريئة لتعزيز الاستقلالية الطاقية لإيطاليا:

•           توسيع استثمارات الطاقة المتجددة، خصوصاً الشمسية والرياح، لتقليل الاعتماد على استيراد الطاقة التقليدية.

•           تعزيز التنقيب المحلي عن الغاز والنفط مع الحفاظ على معايير البيئة، وهو ما عرضها لانتقادات منظمات حماية البيئة لكنها اعتبرت خطوة ضرورية للأمن الوطني.

•           مفاوضات مع دول شمال أفريقيا لتأمين إمدادات الغاز بأسعار مناسبة، مما يعكس رؤيتها الاستراتيجية للتوازن بين الأمن الوطني والاقتصاد.

هذه السياسات لم تكن سهلة: توازنت بين ضغط المستهلك المحلي، والالتزامات الدولية، وتحديات المناخ، لكنها أبرزت قدرة ميلوني على اتخاذ قرارات استراتيجية صعبة مع الحفاظ على خطاب وطني واضح.

السلطة والشعب: زعيمة في مواجهة التحديات

في كل هذه الملفات، يبدو أن ميلوني تتقن فن الموازنة بين الرمزية السياسية والواقع العملي. قوة حضورها وصرامتها لا تعني عنفاً سياسياً، بل حذراً استراتيجياً: كل خطاب لها، كل قرار، محسوب بعناية ليخدم قاعدة شعبيتها ويحافظ على صدقيتها في الداخل والخارج.

 

 

لكن التحديات مستمرة: الانتقادات من الداخل والخارج، الضغوط الأوروبية، والمطالب الشعبية المتزايدة، كلها عوامل تجعل أي خطوة سياسية اختباراً لقدرتها على الصمود.

موقفها من روسيا

تقول ميلوني إن روسيا تشكل تهديداً أكبر لأمن الاتحاد الأوروبي من مجرد قضايا الدفاع، إذ يمكن لموسكو استخدام الهجرة غير المشروعة وقضايا أخرى لزعزعة أمن التكتل.

وتوضح خلال مؤتمر صحافي "علينا أن نفهم أن التهديد أكبر بكثير مما نتصور"، مضيفة  أن الخطر على أمن الاتحاد الأوروبي من روسيا أو من أي كيان آخر لن يتوقف بمجرد انتهاء الصراع في أوكرانيا، ويجب على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعداً لذلك.

وترى أن "الأمر يتعلق بديمقراطيتنا ويتعلق بالتأثير في الرأي العام ويتعلق بما يحدث في أفريقيا ويتعلق بالمواد الخام ويتعلق باستغلال الهجرة، نحتاج إلى أن ندرك الفكرة الأوسع للأمن".

 

 

وحثت الاتحاد الأوروبي على بذل مزيد من الجهود لحماية حدوده، وعدم السماح لروسيا أو أية "منظمة إجرامية" بتوجيه تدفقات الهجرة غير المشروعة.

واتهمت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل فنلندا وإستونيا، روسيا بالسماح لمهاجرين غير شرعيين من الشرق الأوسط وأماكن أخرى بالدخول إلى دول التكتل من دون إجراء عمليات فحص وتفتيش مناسبة، مما يضر بأمن الاتحاد الأوروبي.

ورأت ميلوني أن الاتحاد الأوروبي كان مخطئاً في التعامل مع قضية الهجرة على مدى سنوات، إذ اقتصر على تقاسم الأعباء فحسب.

 

 

وأضافت أن "معالجة قضية الهجرة غير المشروعة كنقاش قائم على التضامن فقط خاطئة، والنتيجة هي أننا لم نتمكن من حماية حدودنا، نريد الدفاع عن حدودنا الخارجية ولن نسمح لروسيا أو المنظمات الإجرامية بزعزعة أمننا"، مشيرة إلى أن حلف شمال الأطلسي يظل "حجر زاوية" لأمن الاتحاد الأوروبي، لكن على التكتل أيضاً التصدي لتحديات أوسع نطاقاً.

مذكرات

بعد ساعات من انتهاء قمة غزة في شرم الشيخ، كتب دونالد ترمب، على منصته "تروث سوشيال"، منشوراً أشاد فيه بميلوني وروج لمذكراتها التي تحمل اسم "I Am Giorgia: My Roots، My Principles"  بعنوان "أنا جورجيا: جذوري ومبادئي"، التي صدرت طبعتها الإنجليزية في الولايات المتحدة منتصف هذا العام.

 

 

تسرد ميلوني الحياة الشخصية والسياسية المبكرة لها كرئيسة وزراء إيطاليا الحالية، وتقول في المقدمة "سمعت كثيراً من الناس يتحدثون عني وعن أفكاري، حتى أدركت كم تختلف حياتي الحقيقية وشخصيتي عما يقال عني. لذلك قررت أن أفتح قلبي وأكشف من أنا، وما الذي أؤمن به، وكيف وصلت إلى ما أنا عليه اليوم.

وتتحدث ميلوني في هذه المذكرات للمرة الأولى بعمق عن نفسها، وعن جذورها وطفولتها وعلاقتها بوالدتها آنا، وشقيقتها أريانا، وجديها ماريا وجياني، والألم الذي سببه غياب والدها. كما تروي شغفها العميق بالسياسة الذي قادها من حيها الشعبي غاربانيلا إلى الحكومة كوزيرة، ثم إلى زعامة حزب إخوة إيطاليا والمحافظين الأوروبيين.

وتعبر ميلوني أيضاً عن سعادتها بدور الأم لابنتها جينيفرا، وعن قصة حبها مع أندريا، وتتحدث عن أحلامها والرؤية التي تحملها لمستقبل إيطاليا وأوروبا، وبأسلوبها الصريح والواضح، تتناول قضايا معقدة مثل الأمومة والهوية والإيمان، مقدمة سرداً حيوياً ومؤثراً يكشف عن ماضيها وحاضرها ورؤيتها للمستقبل، كامرأة سياسية جذبت أنظار العالم داخل إيطاليا وخارجها.

 

 

وصدرت مذكرات جورجيا ميلوني للمرة الأولى باللغة الإيطالية عام 2021 وباعت في السنة الأولى 150 ألف نسخة وكان يعد من الكتب الأكثر مبيعاً في إيطاليا، وفي يونيو (حزيران) 2025 صدرت الطبعة الإنجليزية التي كتب مقدمتها دونالد ترمب الابن، وهي المقدمة التي وصفت بـ"المختصرة"، إذ وصلت إلى 268 كلمة فحسب وصف فيها ترمب الابن ميلوني بأنها قائدة شجاعة، وتمثل طموحات الأجنحة المحافظة العابرة للقارات، كما أنها شابة من الطبقة العاملة، تحمل حباً كبيراً ورؤية عميقة لوطنها، وأن هذه المذكرات تؤكد مكونات شخصية ميلوني كمسيحية وأم ومواطنة إيطالية.

سيرة

ولدت جورجا ميلوني في الـ15 من يونيو (حزيران) 1977 في العاصمة الإيطالية روما، وتنحدر من أصول سردينية من جهة والدها فرانشيسكو ميلوني، ومن أصول صقلية من جهة والدتها آنا باراتوري.

عمل والدها مستشاراً قانونياً في مجال الضرائب، بينما كانت والدتها روائية تكتب باسمين مستعارين هما "جوزي بيل" و"أماندا كينغ"، وكانت ميلوني الابنة الثانية للعائلة ولديها أخت تدعى آريانا.

انفصل والداها بعد ولادتها، وانتقل والدها للعيش في جزر الكناري تاركا إياها لمواجهة الحياة، إلى جانب والدتها التي تولت تربيتها.

 

 

أمضت سنوات طفولتها الأولى في منطقة "كاميلوتشا" التي ينحدر منها والدها، وفي سن الثالثة انتقلت مع والدتها وأختها إلى حي "غارباتيلا"، أحد أحياء روما الشعبية.

يقول معارف ميلوني ورفقاؤها إنها تميزت منذ صغرها "بشخصية قوية وحازمة"، و"حس عال بالمسؤولية".

تعرفت على أندريا غامبرونو أثناء مشاركتها في برنامج "كولونا كينتا"، وهو برنامج سياسي حواري عام 2014، وأنجبا ابنة سمياها جينيفارا في 2016، وانفصلت عنه عام 2023.

وكتبت في رسالة نشرتها على شبكات التواصل الاجتماعي مرفقة بصورة سلفي تعود لسنوات عدة تظهر فيها معه وطفلتهما، "علاقتي بأندريا غامبرونو التي استمرت نحو 10 سنوات، انتهت (...) لقد تباعدت مساراتنا منذ بعض الوقت وحان الوقت لنأخذ ذلك في الاعتبار".

وأضافت رئيسة الحكومة الإيطالية، "أشكره على السنوات الرائعة التي قضيناها معاً، وعلى الصعوبات التي واجهناها، وعلى منحي أهم شيء في حياتي، ابنتنا جينيفرا".

الدراسة

بعدما أكملت دراستها الابتدائية والإعدادية حصلت على شهادة المدرسة الثانوية في اللغات من معهد "أميريغو فيسبوتشي" بروما عام 1996، وثارت تساؤلات كثيرة حول المستوى التعليمي لميلوني وما إذا كانت حصلت على شهادة جامعية أم لا، وأثار ذلك جدلاً واسعاً على منصات التواصل.

 

 

فقد نفى بعضهم حصولها على شهادة جامعية، واستدلوا على ذلك بالقول إن سيرتها الذاتية المنشورة على موقع مجلس النواب الإيطالي لا تتحدث إلا عن شهادة في الثانوية العامة من مدرسة للغات.

وذهب آخرون إلى التشكيك حتى في تلك الشهادة الثانوية قائلين إن المؤسسة التي درست فيها هي معهد مهني للفندقة يدرس اللغات، معتبرين أن ذلك لا يعني أن الشهادة التي يمنحها هي شهادة ثانوية من مدرسة للغات.

ورأى فريق آخر أن ميلوني نفسها تعترف بذلك، لأنها صرحت بأنها التحقت بالمعهد للحصول على شهادة في اللغات لأنها لم تجد ثانوية تدرسها بصورة رسمية، فكان الالتحاق بمعهد "أميريغو فيسبوتشي" خيارها الوحيد.

وأشارت ميلوني إلى أن غياب الشهادة الجامعية في مشوراها التعليمي لم يكن ناتجاً من عدم رغبة، بل لظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، إضافة إلى انشغالها بالعمل السياسي.

التجربة المهنية

في مرحلة شبابها وقبل الانخراط الكامل في الحياة السياسية، عملت ميلوني في وظائف بسيطة ومتنوعة لدعم عائلتها.

 

 

فقد عملت نادلة في مطاعم وحانات روما لتأمين قوت يومها، كما اشتغلت مربية للأطفال في البيوت، ومن أشهر تجاربها اهتمامها بـ"أوليفيا" ابنة الممثل والمغني الإيطالي روزاريو فيوريلو.

وتحدثت عبر حسابها على منصة "إكس" عن عملها بائعة للخضروات في سوق "بورتا بورتيزي" بروما، لمساعدة والدتها في مصاريف البيت، معربة عن فخرها بهذه التجارب، وهي جزء مهم من مسيرتها.

التجربة الصحافية

انضمت بين عامي 2004 و2006 إلى نقابة الصحافيين الإيطاليين وأصبحت صحافية محترفة. وقد مثل هذا الانضمام خطوة مهمة في مسيرتها المهني، مما ساعدها في تعزيز حضورها في المؤسسات الإعلامية قبل انخراطها في العمل السياسي.

اشتغلت أيضاً محررة وكاتبة عن بعد في صحيفة "إل سيكولو ديتاليا" التابعة لحزب التحالف الوطني (أليانتسي ناتسيونالي)، وتعهدت في أحد مؤتمراتها الصحفية بالعودة لمهنة الصحافة، واعتبرت السياسية مرحلة انتقالية.

التجربة السياسية

استهلت نشاطها السياسي في سن الـ15 ضمن الجناح الطلابي لحزب الحركة الاجتماعية الإيطالية، وهو حزب يميني أسسه مؤيدو الزعيم الفاشي السابق بينيتو موسوليني في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وفي 1994 غيرت الحركة اسمها إلى "التحالف الوطني" (آليانتسي ناتسيونالي)، تقلدت ميلوني منصب مستشارة في الحكومة الإقليمية لروما عام 1998، وظلت فيه أربع سنوات.

 

 

وفي مايو (أيار) 2001 فاز سيلفيو برلسكوني في الانتخابات وعاد مرة ثانية لرئاسة مجلس الوزراء في إيطاليا، ومثلت عودته تحولاً لافتاً في مسيرة ميلوني السياسية، إذ كان حزبها جزءاً من حكومته، مما أتاح لها ولزملائها فرصة أكبر للمشاركة في الحياة السياسية.

زادت حظوظها في الظهور الإعلامي، وحملها ذلك عام 2004 إلى رئاسة الجناح الطلابي لحزب الحركة الاجتماعية الإيطالية.

في الـ29 من عمرها انتخبت نائبة في البرلمان للمرة الأولى، وفي الدورة التشريعية الـ15 شغلت منصب نائبة رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) الإيطالي عام 2006.

وبعد توسع نفوذ حزبها، تولت حقيبة وزارة الشباب، وكانت أصغر وزيرة في تاريخ الجمهورية الإيطالية عام 2008 وهي في الـ31 من عمرها.

تأسيس "إخوة إيطاليا"

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 سقطت حكومة برلسكوني بعدما لاحقته سلسلة من الفضائح والمحاكمات القضائية بتهم فساد مالي وأخلاقي، فقدم استقالته، وبذلك انتهى منصب ميلوني الوزاري.

دخلت إيطاليا بعد ذلك مرحلة انتقالية تقودها حكومة تكنوقراط، وعين الخبير الاقتصادي والمفوض الأوروبي السابق ماريو مونتي لقيادتها.

 

 

في عام 2012 قررت ميلوني وزميلاها من قدامى "التحالف الوطني" إغناسيو لاروسا وغويدو كروسيتو تأسيس حزب "إخوة إيطاليا"، وهو اسم استمدوه من النشيد الوطني الإيطالي.

سعى الحزب إلى إعادة بناء اليمين الإيطالي على أسس قومية ومسيحية محافظة، واتبعت أجندته نهجاً شعبوياً ومعارضاً للهجرة ورافضاً لهيمنة قوانين الاتحاد الأوروبي على التشريعات الوطنية.

وعلى رغم أن الحزب لم يحقق نجاحاً باهراً في 2013، إلا أن ميلوني انتخبت زعيمة له في 2014 خلفاً لإغناسيو لاروسا.

ترشحت عام 2016 إلى منصب عمدة روما، لكنها حلت في المركز الثالث ولم تنجح في التأهل للجولة الثانية، أما في الانتخابات العامة لعام 2018 فحصل حزبها على أربعة في المئة من الأصوات.

وفي 2019 نجح الحزب في الحصول على أكثر من ستة في المئة من الأصوات في البرلمان الأوروبي، وفي العام ذاته لفتت ميلوني الأنظار بعد انتشار واسع لمقطع من خطابها في مدينة روما قالت فيه "أنا جورجيا، أنا امرأة، أنا أم، أنا مسيحية ولن يتمكن أحد من أن يسلبني ذلك".

وقاد الصعود المتسارع لميلوني إلى اعتراف أحزاب شعبوية أوروبية أخرى بها، وانتخابها رئيسة لحزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين عام 2020.

رئيسة للوزراء

بعد دخول إيطاليا مرحلة عدم استقرار سياسي، تعاقب على رئاسة الوزراء عدد من الشخصيات، أبرزها إينريكو ليتا الذي تولى المنصب بين عامي 2013 و2014، ومن ثم ماتيو رينزي الذي خلفه وقاد الحكومة حتى عام 2016.

وتولى بعده باولو جينتوليني إلى غاية 2018، ومالت هذه الحكومات إلى الوسط واليسار، وركزت على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ضمن الاتحاد الأوروبي.

وفي عام 2018 وبعد الانتخابات العامة، تولى جوزيبي كونتي رئاسة الوزراء وشكل حكومة بدعم من القوى الجديدة التي صعدت في الانتخابات مثل حركة "خمس نجوم" و"الرابطة".

وفي يناير (كانون الثاني) 2021 انهارت حكومة كونتي وكلف الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتريلا رئيس البنك الأوروبي السابق ماريو دراغي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، ضمت طيفاً واسعاً من الأحزاب السياسية.

واختار حزب "إخوة إيطاليا" مرة أخرى أن يقف في صفوف المعارضة، وكان الحزب الرئيس الوحيد الذي اتخذ هذا الموقف.

 

 

ومع اقتراب انتخابات 2023 حاولت ميلوني إبعاد حزبها من "جذور الفاشية"، وأمرت أعضاءه بالامتناع عن التصريحات المتطرفة أو الإشارة إلى الفاشية.

كما حظرت استخدام "التحية الرومانية"، وهي إيماءة تشبه إلى حد كبير تحية كان يستعملها النازيون والفاشيون، وهي محظورة في كثير من الدول الأوروبية.

وفي الوقت ذاته واصلت جورجيا تعزيز حضورها الإعلامي داخل بلادها وخارجها.

وبعد تقديم دراغي استقالته في يوليو (تموز) 2022 ودعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة، وجدت ميلوني في ذلك فرصة كونها معارضة لسياسته، مما جعل الأحزاب اليمينية تتوحد حولها تحت شعار "إيطاليا والإيطاليون أولاً".

أصبحت ميلوني وجه التحالف السياسي الذي جمع حزبي "فورزا إيطاليا" و"الرابطة" بقيادة ماتيو سالفيني، في حين فشلت الأحزاب اليسارية الأخرى في تشكيل أي تحالف.

وأثناء الحملة الانتخابية لطفت ميلوني خطاباتها المشككة في الاتحاد الأوروبي، معلنة دعمها لأوكرانيا في حربها مع روسيا.

توجه الإيطاليون في الـ25 من سبتمبر (أيلول) 2022 إلى صناديق الاقتراع، وأسفرت الانتخابات عن فوز كاسح لجورجيا ميلوني، فقد حصل حزب "إخوة إيطاليا" على 26 في المئة من الأصوات، بينما تراجعت بشدة أحزاب "خمس النجوم" و"فورزا إيطاليا" و"الرابطة".

وفي الأسابيع التي تلت إعلان الانتخابات شكلت ميلوني أول حكومة من أقصى اليمين لإيطاليا، منذ الحرب العالمية الثانية.

اقرأ المزيد

المزيد من بيوغرافيا