Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل نرى اتجاهات جديدة في أسواق الطاقة العالمية؟

بكين توقف وارداتها من النفط والغاز المسال من الولايات المتحدة بسبب الحروب التجارية بين إدارة ترمب والحكومة الصينية

تشير البيانات إلى زيادة كبيرة في استهلاك الغاز خلال الأعوام الأخيرة (أ ف ب)

ملخص

التطور الجديد الذي أثر في أسواق الغاز المسال سلباً هو قيام الصين باستيراد سبع شحنات من الغاز المسال الروسي من محطة "أركتيك إل إن جي-2" المحظورة أميركياً، ونقلها عبر الممر الشمالي على حاملات محظورة أميركياً أيضاً، فهذه الشحنات والحاملات لم تكن محسوبة في أي توقع، ومن ثم فهي تؤثر سلباً في أسواق الغاز المسال وأسواق ناقلات الغاز المسال.

تتوقع مراكز البياناتو الذكاء الاصطناعي زيادة كبيرة ومستمرة في الطلب العالمي على الكهرباء لأسباب عدة، منها الانتقال من الريف إلى المدن والهجرة من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية وزيادة الدخول التي تؤدي إلى زيادة الرفاه، والذي يعني زيادة الطلب على التكييف، إلا أن أهم وأكبر زيادة ستأتي من الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والسيارات ذاتية القيادة، وبناء على ذلك يُتوقع زيادة استخدام الغاز الطبيعي على نطاق كبير لأسباب عدة، بخاصة أنه الوقود المفضل للمحافظين في الولايات المتحدة وأوروبا، والوقود الذي سيرضى به الليبراليون على مضض لعدم تمكن الطاقة المتجددة من الإحلال محل الغاز من جهة، وبسبب التراجع الكبير عن أهداف التغير المناخي من الحكومات والشركات الغربية.

وتشير البيانات إلى زيادة كبيرة في استهلاك الغاز خلال الأعوام الأخيرة وخطط لتوسع مستمر خلال الأعوام المقبلة، ولكن هناك مشكلة كبيرة، فمحطات الكهرباء العاملة بالغاز تحتاج إلى توربينات، وهناك عجز كبير في التصنيع مما يعني أن خطط التوسع في محطات الغاز لن تتحقق، وسيكون هناك تأخر كبير، إذ تشير بعض البيانات إلى أن فترة الانتظار للطلبات الجديدة بلغت ثلاثة أعوام، والسؤال هنا: ما أثر هذا التأخير في أسواق الطاقة العالمية؟ شركات التقنية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات تدرك تماماً أن السباق المحموم في هذا المجال يعتمد على توافر الطاقة بصورة مستمرة، ومن ثم فلن تتباطأ بسبب العجز في تصنيع توربينات الغاز، والطاقة النووية لن تحل المشكلة لأن بناء المفاعلات يحتاج أعواماً، والطاقة الشمسية والرياح غير مضمونتين طوال الوقت، وفي ظل هذه الظروف يتوقع أن تقوم شركات التقنية والحكومات بمطالبة شركات الكهرباء بزيادة نسبة تشغيل المحطات العاملة بالفحم، مما يعني أن الطلب العالمي على الفحم لن يصل إلى ذروته خلال هذا العالم، كما تتوقع "وكالة الطاقة الدولية"، والتي رجحت أن يصل إلى ذروته منذ أعوام ثم تقوم لاحقاً بتعديل توقعاتها، ولكن رفع معدلات التشغيل لن يحصل في بعض المناطق لأسباب عدة منها القوانين البيئية، وهناك مناطق ليست فيها محطات عاملة بالفحم أصلاً، فما هو الحل؟

هناك كثير من المناطق، مثل شمال شرقي الولايات المتحدة، لا تزال لديها محطات كهرباء تعمل بالنفط، ولكن لا يجري تشغيلها إلا في حالات الطوارئ، وهناك بعض الدول الأوروبية التي لديها هذا النوع من المحطات ومنها السويد، ولهذا يتوقع أن يزيد استخدام النفط في قطاع الكهرباء عبر مناطق عدة حول العالم، وقد تلجأ بعض الشركات إلى التوليد الخاص الذي يتمثل في شراء مولدات كهرباء ضخمة تعمل بالديزل وسوائل أخرى، وخلاصة القول إن هناك بوادر اتجاه جديد لاستهلاك النفط في قطاع الكهرباء، بسبب الطلب المتزايد لشركات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.

الغاز المسال بين الصين ومصر

تحاول الصين منذ ثلاثة أعوام خفض اعتمادها على واردات الطاقة من طريق البحر، ولهذا قررت زيادة إنتاج كل مصادر الطاقة فيها، بما في ذلك النفط والغاز والفحم والطاقة الشمسية والهوائية والكهرومائية، كما قررت بناء مخزون ضخم من النفط والغاز والفحم، والتوسع في الطاقة الكهرومائية بصورة كبيرة، وهذه السياسة تتطلب أيضاً زيادة استيراد الغاز عبر الأنابيب من روسيا وشحن الفحم برياً من منغوليا، وبسبب الحروب التجارية بين إدارة ترمب والحكومة الصينية فقد أوقفت الحكومة الصينية وارداتها من النفط والغاز المسال من الولايات المتحدة، كما أنه لم يجر توقيع أي عقود جديدة لاستيراد الغاز المسال الأميركي، وقد كان المحللون يتوقعون العام الماضي أن تقوم الشركات الصينية بتوقيع عقود طويلة المدة مع شركات غاز أميركية، وهو أمر عرقلته حروب ترمب التجارية.

والتطور الجديد الذي أثر في أسواق الغاز المسال سلباً هو قيام الصين باستيراد سبع شحنات من الغاز المسال الروسي من محطة "أركتيك إل إن جي -2" المحظورة أميركياً، ونقلها عبر الممر الشمالي على حاملات محظورة أميركياً أيضاً، وهذه الشحنات والحاملات لم تكن محسوبة في أي توقع، ومن ثم فهي تؤثر سلباً في أسواق الغاز المسال وأسواق ناقلات الغاز المسال، وبغض النظر عن أية خصومات حصلت عليها الصين فإن كُلف النقل عبر الممر الشمالي أقل بكثير من ذهاب حاملات النفط الروسية حول أفريقيا للوصول إلى الصين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إذاً نحن أمام اتجاهين جديدين، الأول قدرة روسيا على تشغيل المحطة على رغم الحظر وإرسال الحاملات المحظورة إلى الصين، وهو أمر لم يكن متوقعاً من قبل المحللين، والثاني استغلال الممر الشمالي بكثافة في فصل الصيف عندما يذوب الجليد، والسؤال الآن ماذا سيحصل لإنتاج الغاز المسال في محطة "أركتيك إل إن جي-2"، وكيف سيجري تصديره؟ وهل ستبقى هذه الكميات على ما هي عليه أم ستكون أقل؟ لأن بعض الحاملات مبنية لكسح الجليد ومن ثم يمكنها العبور من الممر الشمالي على كل الحالات.

وكانت مصر قد طلبت من موردي الغاز المسال تأخير 20 شحنة منه حتى الربع الأول من العام المقبل، وتشير بيانات شركة "كبلر" إلى أنه وللمرة الأولى منذ زمن طويل لا توجد أية ناقلات غاز مسال في العين السخنة ولا في قناة السويس، بينما هناك ثلاث ناقلات كانت متجهة إلى العين السخنة ولكنها توقفت في البحر الأبيض المتوسط قبل دخولها القناة، وفيما لم يعلن رسمياً عن سبب القرار لكن قد تكون هناك أسباب عدة أهمها انخفاض الطلب مع انتهاء فصل الصيف وزيادة واردات الغاز عبر الأنابيب من إسرائيل وزيادة الإنتاج المحلي، وزيادة واردات زيت الوقود ومواد نفطية أخرى من روسيا، والتي تباع عادة بخصومات تجعل سعرها أقل من أسعار السوق، وما يهمنا في هذه المقالة هو النقطة الأخيرة، وهي أن استمرار أسعار النفط بالانخفاض قد يخفض الطلب على الغاز المسال ومن ثم يخفض أسعاره.

الاتجاه الجديد هنا أنه قد تكون هناك أسباب لانخفاض أسعار الغاز المسال لم يتوقعها المحللون، وللتوضيح فهناك عدد كبير من المحللين يتوقعون حصول فائض في أسواق الغاز المسال وانخفاض أسعاره، ولكن توقعاتهم لا تشمل الاتجاهين المذكورين أعلاه، وختاماً فالاتجاه الأول المتعلق بالنفط قد يبقى لفترة طويلة، بينما الاتجاهات الأخرى المتعلقة بالغاز المسال موقتة.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء