ملخص
منذ إطلاقه أواخر عام 2022 كان الذكور يهيمنون على قائمة مستخدمي "تشات جي بي تي" بما يقارب 80 في المئة من المستخدمين النشطين أسبوعياً، لكن التقرير يخبرنا اليوم عن انقلاب هذه النسبة لمصلحة الإناث، فنحو 52.4 في المئة من المستخدمين حتى يوليو (تموز) 2025 كانوا يحملون أسماء أولى مؤنثة.
نشرت مدونة "أوبن أيه آي" ورقة عمل للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER)، وهي منظمة بحثية أميركية خاصة غير ربحية، أجراها فريق البحوث الاقتصادية في "أوبن أيه آي" وخبير الاقتصاد بجامعة هارفرد ديفيد ديمينغ، لتتبع كيفية تطور استخدام المستهلك لـ "تشات جي بي تي" منذ إطلاقه قبل ثلاثة أعوام.
واستندت الدراسة، وهي الأكبر من نوعها، إلى تحليل واسع النطاق شمل 1.5 مليون محادثة، وقدمت رؤى حول كيفية تفاعل المستخدمين مع بوت الدردشة الذكي، كشفت نتائجها عن ثلاث نقاط رئيسة هي: من يستخدم "تشات جي بي تي"؟ وما الغرض منه؟ ولماذا؟ وكيف يتطور استخدام الذكاء الاصطناعي مع مرور الوقت.
والأكيد أن استخدام "تشات جي بي تي" وغيره من نماذج الذكاء الاصطناعي قد تطور مع الوقت وازدادت أعداد متبنيه بصورة غير مسبوقة، سواء في الحياة الشخصية اليومية أو في الإطار المهني، وارتفع عدد الرسائل التي تعالجها "أوبن أيه آي" من 451 مليون في يونيو (حزيران) 2024 إلى أكثر من 2.6 مليار في يونيو 2025، إذ تتباهى "أوبن أيه آي" اليوم بأكثر من 700 مليون مستخدم أو ما يقارب 10 في المئة من السكان البالغين في العالم، فنحن هنا أمام نمو مستمر بالارتفاع، في حين تشير التقارير إلى أن أقلية صغيرة فقط من هؤلاء المستخدمين يدفعون في مقابل استخدام "تشات جي بي تي"، وقد يدل هذا على أن غالبية الأشخاص لديهم فضول لتجربة هذه التقنية لا أكثر.
من يستخدم "تشات جي بي تي"؟
منذ إطلاقه أواخر عام 2022 كان الذكور يهيمنون على قائمة مستخدمي "تشات جي بي تي" بما يقارب 80 في المئة من المستخدمين النشطين أسبوعياً، لكن التقرير يخبرنا اليوم بانقلاب هذه النسبة لمصلحة الإناث، فنحو 52.4 في المئة من المستخدمين حتى يوليو (تموز) 2025 كانوا يحملون أسماء أولى مؤنثة، في حين أظهرت دراسة سابقة أجريت في يناير (كانون الثاني) 2024 أن 37 في المئة من المستخدمين الذين يمتلكون أسماء أولى، يمكن تصنيفها كمذكر أو مؤنث، يحملون أسماء أنثوية، لتظهر هذه البيانات تقلص الفجوة في الاستخدام بين الجنسين، في حين أن الأعمار بين 18و25 سنة لا يزالون المستخدمين الأساس لـ "تشات جي بي تي" مشكلين نحو 46 في المئة من الرسائل، وهو أمر متوقع في سياق أن الشباب دائماً أكثر طموحاً لاستخدام التقنيات الجديدة، إضافة إلى أعداد كبيرة ممن تقل أعمارهم عن 18 سنة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما عن سياق استخدامه فتشير "أوبن أيه آي" إلى أن ثلاثة أرباع المحادثات تركز على الإرشاد العملي والبحث عن المعلومات والكتابة، إذ تعد الكتابة أكثر مهمات العمل شيوعاً، بينما لا تزال البرمجة والتعبير عن الذات أنشطة أكثر تخصصاً، أي أن النسبة الأكبر للاستخدام، بما يتجاوز 70 في المئة، هي لأغراض غير مرتبطة بالعمل أو الإطار المهني والإنتاجية، أي إن هذه التقنية تستخدم غالباً خارج أوقات العمل.
وبحسب الدراسة فقد صنف ما يزيد على نصف المحادثات على أنها للسؤال أو الطلب (طلب المشورة والمعلومات)، أي التفاعل للحصول على نصائح وإرشادات، وهي فئة متنامية ذات تقييم مرتفع، تكشف عن تقدير الناس لـ "تشات جي بي تي" كمستشار أكثر وليس فقط لإنجاز المهمات، بينما حصل التنفيذ والفعل (إتمام مهمة) على نحو ثلث نسبة الاستخدام، ويشمل التفاعلات الموجهة نحو المهمات مثل صياغة نص أو التخطيط أو البرمجة، والنسبة الباقية بنحو 10 في المئة، تشمل استخدامات تندرج ضمن إطار التعبير التي تتضمن أنشطة التأمل الذاتي والاستكشاف واللعب.
وبحسب البيانات فإن استخدامات المستخدمين ذوي الأسماء المؤنثة تتركز على الكتابة والإرشاد العملي، بينما يسعى المستخدمون ذوي الأسماء المذكرة إلى الحصول على المعلومات والمساعدة الفنية أو الوسائط المتعددة.
نسب مفاجئة خلاف المتوقع
في حين مثلت بعض حالات الاستخدام الأخرى التي رُوج لها بصورة كبيرة لـ "تشات جي بي تي" جزءاً صغيراً من المحادثات، فقد كنا نسمع عن تجارب تطوير الأداء وتحسين الإنتاجية في مجالات عدة، مثل البرمجة والتصميم والتفكير الإبداعي وغيرها، فحازت الوسائط المتعددة (إنشاء صورة) على ستة في المئة فقط، وبرمجة الكمبيوتر 4.2 في المئة، بينما لم يتجاوز التفكير الإبداعي 3.9 في المئة، واكتفى الحساب الرياضي بثلاثة في المئة، وبذلك فإن الاستخدام الأعلى هو للبحث والحصول على معلومات، أي إن معظم الأشخاص يستخدمون "تشات جي بي تي" كبديل عن محرك البحث "غوغل"، إذ ارتفعت نسبة المحادثات المتعلقة بالبحث عن المعلومات من 14 في المئة في يونيو 2024 إلى 24.4 في المئة بحلول يونيو 2025.
ولأنه لم يكن لدينا دراسات تحلل طريقة استخدام الناس للنماذج اللغوية، ولأي سبب يقومون بالضغط على أيقونة التطبيق، فقد جاءت النتائج، بخاصة في ما يتعلق بنوعية الاستخدام، مفاجئة بعض الشيء، إذ كان من الواضح أن معظم المستخدمين يستعينون به في بيئة العمل، وفي حين لدينا قصص متفرقه ينشرها أصحابها على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن معظم تلك القصص تتحدث عن استخدامات أقلها في المهمات المكتبية فما فوق، وحتى على المستوى الشخصي نسمع كثيراً من القصص الإبداعية في هذا الخصوص، لكن يبدو أن هذه النسبة تظل قليلة وإن جرى تسليط الضوء عليها بصورة أكبر من غيرها.
وربما تكشف هذه النتائج أنه وعلى رغم الانتشار والاستخدام الكثيف لـ "بوتات" الدردشة لكن كثيراً من المستخدمين أنفسهم لا يعرفون عن كيفية استخدامها، أو لنقل لا يقدرون قيمة ما بين أيديهم اليوم، فنحن نتحدث عن تقنية كان من المفترض أن تحدث ثورة في مكان العمل، إلا أن الدراسة تشير إلى ما يخالف ذلك تماماً، والأكيد أن تقنية بهذا الحجم وهذه القدرة تحتاج إلى طبيعة استخدام تتناسب مع قدراتها، ومما لا شك فيه أن بإمكانها أن تطلق العنان للإمكانات البشرية وتسهم بصورة أو أخرى في تشكيل مستقبلنا.