Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الثورة بلغة المانغا… جيل زد يرسم احتجاجاته بأعلام "ون بيس"

كانت الشعوب الحانقة في العقود الفارطة تهتف بشعارات جيفارا وخطابات مانديلا بينما "جيل زد" باتت تلهمه اليوم رموز ثقافة البوب والأنمي والرسومات المستوحاة من الخيال.

علم "ون بيس" معلق على أبواب مقر الحكومة في نيبال، بينما يتصاعد الدخان واللهب من المبنى (غيتي)

ملخص

كانت الشعوب الحانقة في العقود الفارطة تهتف بشعارات جيفارا وخطابات مانديلا بينما "جيل زد" باتت تلهمه اليوم رموز ثقافة البوب والأنمي ورسومات المانغا المستوحاة من الخيال.

في يوليو (تموز) الماضي رفع المحتجون الإندونيسيون من "جيل زد" علماً يُظهر جمجمة مبتسمة ترتدي قبعة قش صفراء وشريطاً أحمر، وعلق العلم ذاته في سبتمبر (أيلول) الماضي على البوابات الذهبية للقصر الذي يضم البرلمان النيبالي، ليجتاح بعد ذلك خريطة الاحتجاجات من تيمور ومدغشقر والفلبين وصولاً إلى دول أخرى.. فما قصته؟.

العلم المثير للجدل الذي اعتبره المحتجون من "جيل زد" أيقونة للحرية والتعبير ظهر للمرة الأولى عام 1997 عبر أشهر قصص المانغا اليابانية على مر التاريخ "ون بيس" وهي المانغا الوحيدة التي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية بـ"أكثر المانغا مبيعاً".

وحققت "ون بيس" مبيعات تقدر بـ523.2 مليون نسخة حول العالم، مما جعلها أفضل مانغا تحقيقاً للمبيعات في التاريخ بفارق أكثر من 200 مليون نسخة عن ثاني أكثر مانغا مبيعاً، وحُوِّلت بعد ذلك إلى مسلسل واقعي على "نتفليكس"، إضافة إلى أفلام رسوم متحركة ولعبة ورق.

 

وللمفارقة أنه ومنذ صدورها للمرة الأولى قبل نحو ثلاثة عقود إلا أنها حتى اليوم تصدر بصورة دورية في سلسلة أشبه باللامتناهية، لكن مؤلفها الياباني إييتشيرو أودا (50 سنة) قال أخيراً إنها دخلت ما يسمى "الساغا الأخيرة"، ويعني بذلك الأحداث الأخيرة التي ستقود للنهاية.

ويتوقع معجبوها أن تنتهي بين عامي 2026 – 2028.

الشعار الذي بات أيقونة للمحتجين مستوحى من قصة القراصنة الذين يتحدون ضد السلطات الفاسدة، وتدور قصة "ون بيس" عن طاقم قراصنة بقيادة القبطان مونكي دي لوفي ولكل فرد من الطاقم هدف يود تحقيقه، أما الهدف الرئيس للكابتن فهو أن يجد الكنز الأسطوري "ون بيس (القطعة النادرة)" ويصبح ملك القراصنة.

وبَدأَ مسلسل المانغا عام 1997، بينما بدأ بث الأنمي في اليابان عام 1999 ولا يزال مستمراً إلى الآن، وعرض منه حتى الآن 1.122 حلقة ما بين عادية وخاصة إضافة إلى 12 فيلماً.

 تحول في اللافتات

ما كان لافتاً أن المتظاهرين في العقود الماضية كانوا يلوحون بشعارات أيديولوجية وفكرية، بينما "جيل زد" في احتجاجاته اليوم بات يستلهم شعاراته من قصص الأنمي ورسومات المانغا المستوحاة من الخيال.

 

 

كما اختلفت وسائلهم بدلاً من تلك التقليدية، إذ بات الشبان الذين لا يتجاوز عمر أكبرهم اليوم 28 سنة يعتمدون بصورة كبيرة على TikTok، وإنستغرام، وتويتر، وديسكورد، والبث المباشر (لايف ستريم) والـmemes جزء أساس من الرسائل.

و"جيل زد" هم الأشخاص المولودون من عام 1997 إلى عام 2012.

من خطب مانديلا إلى رموز المانغا والبوب

وبينما كانت الشعوب الحانقة في العقود الفارطة تهتف بشعارات جيفارا وخطابات مانديلا ومارتن لوثر كينغ، باتت تطغى اليوم على أصوات الشبان رموز ثقافة البوب (أنمي، موسيقى K-pop، ميمز).

وفي أول رد حكومي على "قبعة القراصنة"، حذرت الحكومة الإندونيسية من فرض عقوبات جنائية على أي تصرف يُهين شرف العلم الوطني، ووصفت استخدام العلم "القرصاني" بأنه "خيانة" و"دعاية لتفريق البلاد".

 

 

لكنه وعلى رغم ذلك انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وعززت من شعبيته شعبية المانغا في المنطقة، ويعتبره المحتجون أقوى رمز للتمرد ضد الفساد والامتيازات السياسية، وهم بذلك يستذكرون القبطان مونكي دي لوفي الذي أكل فاكهة الشيطان وبات مطاطياً خارقاً في فيلم "ون بيس".

حين نمضي مع "جيل زد" في احتجاجاته نجد أن ثمة مشتركات بينهم، ومنها شعار "ون بيس" وقبعة القش تماماً كما ظهر في نيبال حين رفع الشبان والفتيات العلم أثناء احتجاجاتهم.

وزعموا أنها جاءت ضد الفساد والرقابة على وسائل التواصل، مما أدى إلى حرق بوابات قصر البرلمان في كاتماندو.

وفي الفلبين، ظهر العلم في مسيرة تعرف بـ"التريليون بيسو" ضد ما وصفوه بالفساد والمشاريع الوهمية، وفي تيمور الشرقية، رفع الطلاب العلم احتجاجاً على معاشات المشرعين مدى الحياة.

من قصص ترفيهية أسطورية إلى أداة للنضال السياسي

هذا الانتشار يفسره مراقبون أنه يأتي كدليل على تحول ثقافة المانغا والأنمي من قصص ترفيهية أسطورية إلى أداة للنضال السياسي، ومن خلالها يعبر الشباب عن هويتهم الجماعية من خلال رموز مألوفة، حتى وإن كانوا من خلفيات مختلفة، كـ"اللغة والدين والجغرافيا".

ويصف البروفيسور إيكويا توكورو من جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية، في حديثه إلى وكالة "جيجي برس" وهي وكالة أنباء يابانية مقرها في طوكيو الأمر بـ"الظاهرة التي بدأت في إندونيسيا ونيبال وانتشرت إلى دول أخرى بين الشباب الذين يتابعون الأخبار العالمية بانتظام على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأشار الرجل، الذي يدرس انتشار الثقافة الشعبية اليابانية عبر الحدود في جنوب شرقي آسيا، إلى خلفية انتشار العلم، قائلاً "علم القراصنة كان بمثابة رمز ينقل رسالة يمكن فهمها حتى في ظل اختلافات الأعراق".

 

 

وأشار محللون إلى أن هذه الرموز باتت تنتشر بصورة طبيعية عبر الإنترنت وتحظى بشعبية واسعة نظراً إلى بساطتها وقربها من وجدان أبناء الجيل الذي يمثل شريحة واسعة في معظم البلدان.

ولم يقتصر الشباب على الثقافة الشعبية ولا الرموز الأنمية وحسب، بل استعانوا أيضاً بالفكاهة اللاذعة.

وأشار موقع "رابلر" الإخباري الفلبيني إلى أن "الفكاهة الساخرة" التي أظهرها المتظاهرون الشباب في المسيرات التي رُفعت فيها لافتات كُتب عليها "لسنا أسماكاً، ولكن لماذا نعيش في الماء؟"، إشارة إلى فضيحة تمويل الفيضانات.

بينما تختلف المطالب المحددة للاحتجاجات في مختلف أنحاء المنطقة، إلا أن الرسائل الكامنة وراءها تتناغم مع بعضها البعض، وتتجاوز رموز، مثل "ون بيس"، الحدود، كما يقول النشطاء، وقال ليبيراتو في حديثه لصحيفة فلبينية محلية "جميعنا نشارك في النضال نفسه، ألا وهو الحصول على مستقبل كريم".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات