Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سحب الجنسية ملاذ أنظمة الساحل لإبعاد الخصوم السياسيين

تتخبط المجالس العسكرية الحاكمة في تلك الدول بفترات انتقالية وبمواجهة جماعة متشددة

كانت مالي دشنت خلال عام 2021 موجة انقلابات عسكرية مهدت الطريق لقادة عسكريين شباب لتولي الحكم في منطقة الساحل الأفريقي (رويترز)

ملخص

ليست تشاد وحدها في الساحل الأفريقي التي لجأت حكومتها إلى تجريد معارضين من الجنسية، إذ سبقتها في ذلك النيجر عندما سحبت الحكومة المدعومة من المجلس العسكري المنبثق من انقلاب، الجنسية من مقربين من النظام السابق برئاسة محمد بازوم.

خلال وقت تسعى فيه إلى إنهاء التوترات وحركات التمرد التي تشهدها، لجأت أنظمة دول الساحل الأفريقي العسكرية إلى "سحب الجنسية" كسلاح قوي ضد الخصوم السياسيين، مما يكشف عن تحول نوعي في المعارك السياسية في هذه البلدان.
وسحبت الحكومة التشادية أخيراً الجنسية من ثلاثة ناشطين يعيشون في فرنسا، وذلك بعد اتهامهم بـ"التواطؤ مع قوى أجنبية" مما أحيا الجدل حول الحريات السياسية والحقوق الأساس داخل هذا البلد الذي يشهد توتراً أمنياً يكاد يكون مزمناً.
واضطر أحد الناشطين وهو مكيلا نجيبلا، الذي سبق له أن شغل منصب مستشار لدى الرئيس الراحل محمد إدريس ديبي إنتو، لرفع شكوى ضد السلطات التشادية لدى المدعي العام في فرنسا، بتهمة "سوء استخدام السلطة" وكذلك "تقويض الحقوق الأساس".

حدث غير مسبوق

وتشاد ليست وحدها داخل الساحل الأفريقي التي لجأت حكومتها إلى تجريد معارضين من الجنسية، إذ سبقتها في ذلك النيجر عندما سحبت الحكومة المدعومة من المجلس العسكري المنبثق من انقلاب، الجنسية من مقربين من النظام السابق برئاسة محمد بازوم.
واعتبر الباحث السياسي التشادي إبراهيم زين كونجي أن "قرار السلطات التشادية لسحب الجنسية من ثلاثة ناشطين بارزين حدث غير مسبوق، بما أن النظام التعسفي والاستبدادي في إنجامينا (العاصمة التشادية) قائم منذ فبراير/ شباط 1962، وفي الواقع يشهد هذا البلد ما هو أبعد من سحب الجنسية، حيث عرف اغتيالات سياسية وتصفيات واعتقالات خلال وقت سابق".
وتابع كونجي أن "التجريد من الجنسية وسحبها هو أمر غير مسبوق، ويبدو ذلك إشارة واضحة إلى التشاديين لتحذيرهم من معارضة السلطة القائمة أو الانتظام في حركات مناهضة لها، وذلك خلال وقت تشهد فيه البلاد تفشياً للفساد". وشدد على أن "الناشطين لا ذنب لهم، بل ذنبهم الوحيد أن لهم مواقف وآراء يعبرون عنها ويحظون بثقة عالية من الشارع، ولديهم معلومات عن الفساد المستشري في البلاد، والاتهامات التي وجهت إليهم لا أساس لها أو دليل. هناك محاولة لتجريم حرية الرأي والتعبير في منطقة الساحل الأفريقي سواء في تشاد أو النيجر أو مالي".
وخلص كونجي إلى أن "سحب الجنسية أمر لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة إلى الناشطين التشاديين بما أنهم يعيشون في فرنسا، ولا أعتقد أن هناك تداعيات قانونية لهذه التطورات حتى في بقية الدول خصوصاً في ظل الفوضى التي تعرفها منطقة الساحل الأفريقي لا سيما في تشاد حيث يسري ما يشبه قانون الغاب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تكريس للانحراف بالسلطة

وتأتي هذه التطورات خلال وقت يترقب فيه الشارع في دول الساحل الأفريقي إنهاء المراحل الانتقالية وإعادة السلطة إلى المدنيين، فيما تستمر المواجهات بين جيوش المنطقة والجماعات المتشددة والمتمردة وفي مقدمها "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" الإرهابي، التي نجحت أخيراً في محاصرة عاصمة مالي، باماكو، في تطور ميداني لافت.
في هذا الشأن، يرى الباحث السياسي النيجري محمد أوال أن "مثل هذه القرارات يعكس بالفعل محاولة الطغمة العسكرية الحاكمة في الساحل الأفريقي تكريس الانحراف بالسلطة، فهم أنفسهم، سواء آسيمي غويتا في مالي، أو عبدالرحمن تياني في النيجر، أو إبراهيم تراوري في بوركينا فاسو، يقرون بأن سلطتهم انتقالية ومن المفترض أن صلاحياتهم محدودة، ومع ذلك يتخذون إجراءات تبعد من طريقهم كل معارض أو ناشط سياسي". وأردف أوال "في ما يتعلق بتشاد، أعتقد أن ديبي الابن يستنسخ تجربة حكم والده، الذي قتل على الجبهة، فهو يقوم بتصفية أي خصم له وإقصائه من المشهد بأية طريقة كانت في محاولة لتثبيت حكمه، وهو أمر وإن كان يثير حفيظة كثر إلا أنه نجح في فرض سياسة الأمر الواقع".


تعكير المشهد

وكانت مالي دشنت خلال عام 2021 موجة انقلابات عسكرية مهدت الطريق لقادة عسكريين شباب لتولي الحكم في منطقة الساحل الأفريقي، فبينما تولى غويتا السلطة في مالي، نجح النقيب إبراهيم تراوري في إطاحة سلطة مدنية في بوركينا فاسو وتولي الحكم هناك، وحذا حذوهم الجنرال عبدالرحمن تياني في النيجر عندما أسقط الرئيس محمد بازوم، ووعد كل هؤلاء باستعادة الأمن والاستقرار في دولهم، وأيضاً تسليم السلطة إلى المدنيين.
وقال أوال إن "كل هذه الوعود لم يتم الإيفاء بها، إذ تعمقت الفوضى في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وأيضاً تشاد، فيما لم يتم بعد إنهاء المراحل الانتقالية التي تعرفها هذه الدول بل على العكس مددت سلطة بعض هؤلاء الحكام". وبيَّن المتحدث أن "هذا التوجه، إلى جانب العمل على تصفية الخصوم لا يمكن إلا أن يقود إلى تعكير المشهد في هذه الدول وزيادة حدة الفوضى، إذ لا يمكن لسلطات تفتقر إلى الشرعية بصورة رئيسة أن تنجح في حشد الشارع معها لمواجهة المتشددين أو المتمردين بل على العكس هي تنجح في إنتاج أعداء جدد سواء محليين أو إقليميين أو دوليين".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات