Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عام على السلطة والشرع لا يزال في المتاهة

على رغم نجاحه خارجياً لم يستطع بعد ضبط الأمن وفشل كقائد للمصالحة الوطنية وتشكل إسرائيل تحدياً آخر

لم ينجح بعد، وفق محللين، في إرساء مؤسسات تضبط الأمن وتحظى بثقة جميع السوريين (أ ف ب)

ملخص

زعزعت الأحداث الدامية على خلفية طائفية في معقلي الأقليتين العلوية ثم الدرزية، والهجمات الإسرائيلية المستمرة، مسار المرحلة الانتقالية، فيما كانت انتظارات السوريين كبيرة لأن يقود الشرع بلدهم إلى برّ الأمان والاستقرار بعد نحو 14 عاماً من نزاع مدمر.

بعد عام من وصوله إلى السلطة نجح الرئيس السوري أحمد الشرع في تلميع صورته على الساحة الدولية والتحرّر من عقوبات أرهقت بلاده، لكنه لم ينجح بعد، وفق محللين، في إرساء مؤسسات تضبط الأمن وتحظى بثقة جميع السوريين.

وزعزعت الأحداث الدامية على خلفية طائفية في معقلي الأقليتين العلوية ثم الدرزية، والهجمات الإسرائيلية المستمرة، مسار المرحلة الانتقالية، فيما كانت انتظارات السوريين كبيرة لأن يقود الشرع بلدهم إلى برّ الأمان والاستقرار بعد نحو 14 عاماً من نزاع مدمر.

ويقول كبير باحثي سوريا في "مجموعة الأزمات الدولية"، نانار هواش "بعد مرور عام على سقوط نظام الأسد، فتحت سوريا فصلاً جديداً ظن كثر أنه مستحيل، إذ بنيت علاقات دبلوماسية، وبدأت الاستثمارات تعود، وأخذت البلاد في التخلص من أعوام من العزلة".

ويضيف "لكن إعادة التأهيل دولياً لا تعني كثيراً، إذا لم يشعر جميع السوريين بالأمان في شوارعهم".

في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، وصلت الفصائل الإسلامية بقيادة الشرع إلى دمشق، بعد هجوم مباغت انطلق من معقلها في شمال غربي البلاد، ومكنها خلال أقل من أسبوعين من إطاحة بشار الأسد الذي حكمت عائلته البلاد بقبضة من حديد لأكثر من خمسة عقود.

خلال العام الماضي جاب الشرع مرتدياً بزات رسمية وربطات عنق ملونة عواصم كبرى، بعدما تخلى عن اسمه العسكري وماضيه، وحظي بإعجاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي شرع له أبواب "البيت الأبيض" ووصفه بـ"صديق" و"رجل قوي".

تحدث الشرع في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وتنقل بين فرنسا والسعودية وقطر وتركيا، ووصل إلى موسكو التي فر إليها الأسد وسبق أن قصفت طائراتها مراراً معقل الشرع في إدلب.

وأزالت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات اقتصادية عن بلاده، بموازاة شطب اسمه من قوائم الإرهاب الأميركية وفي مجلس الأمن.

ووقعت دمشق التي زارها موفدون من أنحاء العالم مذكرات واتفاقات استثمار بمليارات الدولارات في مجالات عدة بينها البنى التحتية والطاقة.

تمثيل متنوع

لكن في الداخل لا يزال يتعين على الشرع القيام بكثير، ويقول هواش لوكالة الصحافة الفرنسية "فاز الشرع في الخارج، لكن الحكم الحقيقي يتأتى من الداخل، حيث يحتاج السوريون إلى رؤية قوات منضبطة، وتمثيل متنوع، ومساءلة حقيقية عند وقوع انتهاكات".

كل ذلك، برأيه، عبر "مؤسسات قوية تتمتع باستقلالية حقيقية، أي قضاء قادر على كبح جماح السلطة، وبرلمان لا يكتفي بالتصديق على القرارات، ومجتمع مدني يستطيع العمل بحرية".

ويقول هواش إنه يمكن للشرع أن "يحول الانتصار العسكري الى إرث دولة مستدام، إذا عززت المرحلة الانتقالية التعددية بدلاً من تركيز السلطة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتخذ الشرع خطوات عدة لترسيخ حكمه في المرحلة الانتقالية، فأصدر إعلاناً دستورياً منحه صلاحيات مطلقة، وشكل حكومة حظي مقربون منه بحقائبها الرئيسة، ولم تلحظ آلية اختيار مجلس الشعب الذي يتعين عليه بعد تسمية ثلث أعضائه، أية انتخابات مباشرة.

وحصر الشرع السلطات بيده واستُبعد تمثيل مكونات رئيسة، بينها الأكراد. ووقع الطرفان اتفاقاً لدمج مؤسسات الإدارة الكردية ضمن الدولة، لكن مهلة تنفيذه توشك على الانتهاء، من دون إحراز تقدم على صعيد تطبيقه.

وعمقت أعمال العنف التي أودت بحياة أكثر من 1700 علوي في الساحل في مارس (آذار) الماضي، وأكثر من 2000 قتيل بينهم 789 مدنياً درزياً في محافظة السويداء في يوليو (تموز) الماضي الانقسامات والمخاوف.

ونشر مقاتلون في الجيش الجديد مقاطع فيديو وثقوا فيها قتلهم أشخاصاً عزلاً في المنطقتين وتنفيذهم إعدامات ميدانية، وحاولت السلطات احتواء الموقف عبر إجراءات بينها تشكيل لجان تحقيق محلية وتوقيف متورطين وبدء محاكمات.

وضع حرج

يقول الباحث في معهد "نيو لاينز"، نيك هيراس "فشل الشرع مرتين كقائد للمصالحة الوطنية"، مما يطرح "أسئلة مشروعة حول مدى رغبته الشخصية في كبح جماح" فصائل كانت لها "اليد الطولى بإيصاله" إلى دمشق.

ويرى أن الرئيس السوري الذي لا يبدو مستعجلاً لإجراء انتخابات في "وضع حرج، لأنه لا يملك جهازاً أمنياً موحداً قادراً على إنفاذ قواعد وضعتها حكومته".

وتتألف قوات الأمن والجيش الجديدة من مقاتلي فصائل إسلامية، بينها مجموعات من المقاتلين الأجانب، وغالباً ما يرتبط اسمها بانتهاكات.

ويشكل ضبط قادة تلك الفصائل "تحدياً"، وفق ما يقول الباحث في العلوم السياسية في جامعة "تورونتو" جمال منصور للصحافة الفرنسية، فهم "أمراء حرب باتوا في مناصب رسمية أو شبه رسمية".

ويفسر هذا برأيه "حالات التفلت الأمني" التي تشهدها مناطق عدة من عمليات قتل وخطف أودت بالعشرات منذ مطلع العام.

ويرى منصور أن كل هذا يسهم في تكريس "أزمة ثقة" بين الشرع والأقليات، معرباً عن اعتقاده في الوقت ذاته بأن "غالبية من السوريين تؤمن أن الشرع هو الخيار الوحيد"، لأن البديل عنه هو "الفراغ المرعب".

كذلك يواجه الشرع تحدياً رئيساً في الحفاظ على وحدة سوريا، مع ارتفاع أصوات في الجنوب وأخرى في الساحل الذي شهد تظاهرات غير مسبوقة احتجاجاً على الوضع الأمني والمعيشي، تطالب بالانفصال أو بحماية دولية، وإصرار الأكراد على حكم لا مركزي.

وتشكل إسرائيل التي ترغب بدورها بتكريس منطقة خالية من السلاح تصل تخوم دمشق، وتتوغل قواتها بشكل يومي في عمق سوريا، تحدياً آخر لسلطة الشرع.

وخاض الطرفان السوري والإسرائيلي جولات تفاوض مباشر على مستوى وزاري، لكن ذلك لم يوقف هجمات إسرائيل التي حذرها ترمب الإثنين الماضي من زعزعة استقرار سوريا.

ويرى منصور أن إسرائيل تضع الشرع في "وضع حرج"، مع مواصلة ضغطها و"التمادي في هجماتها وفي عرض عضلاتها وقوتها".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات