Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من يوقف التصحر؟ قوافل النازحين إلى نواكشوط تسأل

يعانون زحف الرمال واحتباس الأمطار وتدهور الأراضي الصالحة للزراعة وفقدانها وهلاك المواشي

أجبرت هذه الظاهرة آلاف الأسر الريفية على النزوح من الريف إلى المدن (وزارة البيئة الموريتانية)

ملخص

في نواكشوط يعج حي "حياة جديدة"، الذي هيأته الحكومة الموريتانية كسكن لـ10 آلاف أسرة، بكثير من قصص النزوح المرتبطة بقضايا التصحر والتغير المناخي.

فاطمة الزهراء (54 سنة) أحد سكان الحي تقول إن التصحر وانعدام الأمطار دفعاها إلى ترك مسقط رأسها في أقصى الشمال الشرقي الموريتاني والاستقرار في العاصمة بحثاً عن مصدر رزق ثابت.

في مايو (أيار) الماضي وصلت أسرة محمد الأمين إلى العاصمة نواكشوط قادمة من القرية التي تنحدر منها في وسط موريتانيا، حيث قضى التصحر على آخر أمل في بقاء الأسرة داخل قرية عصف احتباس الأمطار بمواشيها التي يعتمد عليها الأب في إعالة أسرته المكونة من ثلاث بنات.

لكن وضع محمد الأمين يبدو مثالياً حين تُقارنه بآلاف الأسر الموريتانية التي لم تجد طريقة للنزوح إلى نواكشوط التي ابتلعت أطرافها أكثر من ثلث سكان الدولة البالغ عددهم 5 ملايين نسمة.

تحديات سكان القرى

يتذكر الأمين بكثير من المرارة كيف ضاعف التصحر من مشكلاته وسكان قريته في ولاية تكانت (وسط موريتانيا)، ويضيف "قبل عام 2013 كانت معدلات التساقطات المطرية في حدود المعقول، حيث تجد مواشينا ما يكفيها من الكلأ والماء، وغير بعيد من مضارب قريتنا يعيش جيراننا من المزارعين من حصاد حقولهم، لكن الوضع تغير بصورة كبيرة منذ ذلك التاريخ، فمن ساعتها تحولنا فجأة إلى فقراء وهلكت مواشينا ولم تعد الأرض صالحة للزراعة بفعل الجفاف".

 

في العاصمة نواكشوط ظهر بصورة جلية تفاقم الوضع الاقتصادي لآلاف الأسر الموريتانية التي تأثرت حياتها بفعل التغير المناخي، مما حدا بهم للهجرة من الريف إلى كبريات المدن كنواكشوط ونواذيبو وأزويرات، وبالفعل ظهرت أحياء جديدة في هذه المدن تقطنها أسر عبثت التغيرات المناخية باستقرارها.

في نواكشوط يعج حي "حياة جديدة"، الذي هيأته الحكومة الموريتانية كسكن لـ10 آلاف أسرة، بكثير من قصص النزوح المرتبطة بقضايا التصحر والتغير المناخي، فاطمة الزهراء (54 سنة) أحد سكان الحي تقول إن التصحر وانعدام الأمطار دفعاها إلى ترك مسقط رأسها في أقصى الشمال الشرقي الموريتاني والاستقرار في العاصمة بحثاً عن مصدر رزق ثابت.

من أجل موريتانيا خضراء

ظل التصحر أحد أبرز التحديات البيئية التي تواجهها موريتانيا، فمنذ الاستقلال في مطلع الستينيات وقف الجفاف والتصحر في وجه التمدن المنشود لأمة تحاول أن تجد لها مكاناً تحت الشمس، لكن شمس الصحراء الحارقة تكاد تقضي اليوم على حياة غالبية الموريتانيين، حيث تغطي الصحراء نحو 80 في المئة من مساحة البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول المدير العام المساعد للوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير عبدالرحمن السالم، إن "موريتانيا يوجد بها مسار مناطق جفاف بطول 1100 كيلومتر يمر بست محافظات هي الترارزة ولبراكنة وتكانت ولعصابة والحوضين.

هذا المسار يخترق 16 مقاطعة و45 بلدية من هذه المحافظات التي تعاني التصحر كثيراً، على مستوى زحف الرمال وتدهور الأراضي الصالحة للزراعة المروية والموسمية وفقدانها".

ويخلص عبدالرحمن إلى أن "موريتانيا تتشارك مع الدول المشكلة للوكالة الأفريقية للسور الأخضر الكبير وهي السنغال ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو والسودان ونيجيريا وإثيوبيا وإريتيريا وجيبوتي، التي اعتمدت معيار التساقطات المطرية ما بين 100 إلى 400 متر مكعب سنوياً كشرط لدخول المبادرة الأفريقية".

 

وشهدت الفترة الماضية في الداخل الموريتاني حملات لاستعادة الغطاء النباتي وزرع ثقافة بيئية في المناطق الواقعة على مسار السور الأخضر الكبير.

وذكرت رئيسة الشبكة الخضراء لنساء السور الأخضر الكبير في موريتانيا خديجة باب أحمد السالك، لوسائل إعلام محلية أن شبكتهم تضم "نساء يسهرن على تنفيذ أعمال التشجير والنظافة مع القيام بحملات توعوية ستسهم في إنجاح حملة التشجير على مستوى مسار السور ضمن فعاليات الأسبوع الوطني للشجرة".

من يوقف التصحر؟

والمناطق الشمالية والوسطى والجوفية من موريتانيا هي الأكثر جفافاً، حيث تتميز بمناخ صحراوي حار وجاف في معظم أوقات العام، مع ندرة الأمطار وقلة الغطاء النباتي، بينما تتمتع المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية بمناخ مداري صيفي ممطر وأكثر رطوبة.

هذا الواقع جعل موريتانيا من أكثر الدول تأثراً بالتصحر، ونجمت عن هذه الظاهرة آثار اقتصادية واجتماعية أجبرت آلاف الأسر الريفية على النزوح من الريف إلى المدن.

يرى رئيس المنظمة الموريتانية للمساعدة والتضامن ودعم وحماية البيئة محمد يحيى، أن المظاهر الاقتصادية الأساسية لآثار التصحر في الريف الموريتاني تتمثل في "تدهور الإنتاجية في قطاع الزراعة والتنمية الحيوانية بالفضاء الريفي، مما يسبب تراجعاً في دخل الأسر التي تنشط في القطاعين وتمثل الأقلية في هذا الوسط".

وذكرت وزيرة البيئة والتنمية المستدامة الموريتانية مسعودة بحام، خلال نشاط بيئي نظمته وزارتها في مناسبة الأسبوع الوطني للشجرة قبل أسابيع، أن قطاعها قام بإعادة تأهيل 4000 هكتار من الأراضي المتدهورة على مسار السور الأخضر الكبير، منها 3500 هكتار عبر تقنية البذر المباشر و500 هكتار عبر التشجير في 89 موقعاً بست محافظات موريتانية".

تُلقي التحديات البيئية بظلالها على المستوى المعيشي لمجتمعات الداخل الموريتاني، وبحسب محمد يحيى الذي تتابع منظمته خطط السياسات الحكومية في مجال صمود الأهالي للبقاء بمناطقهم الأصلية فإن الحكومة الموريتانية مطالبة برسم "سياسات الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي وعصرنة التنمية الحيوانية بإدخال مكونات تحويلية لمنتجات القطاع، وكذلك متابعة مستوى نجاعة التدخلات التي يقام بها في سياسات الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى تقييم حقيقي لتوفر الإرشاد الزراعي والبيطري لمصلحة الفئات الهشة التي لا تزال تنشط في هذين القطاعين".

ويضيف رئيس المنظمة الموريتانية للمساعدة والتضامن ودعم وحماية البيئة أن "توجيه الشباب من باب التكوين والعمل في القطاعين من أجل إحداث صمود معتبر في الوسط الريفي، ونجاعة سياسات محاربة آثار التغير المناخي، يُمثلان خطوة في اتجاه مساعدة الأهالي على مواجهة آثار الجفاف".

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة