Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موريتانيا تتحول إلى سوق توزيع وممر قاري لتجارة المخدرات

قوات الأمن تدعو إلى "هبة شعبية" لمواجهة الآفة وتحركات سياسية ومدنية لحماية الشباب

السلطات الموريتانية تكثف حملاتها لملاحقة شبكات تهريب المخدرات وتفكيكها (وسائل التواصل) 

ملخص

تحولت موريتانيا خلال الأعوام الأخيرة إلى سوق لتوزيع المخدرات وممر لتهريبها من أفريقيا إلى أوروبا، لكن قوات الأمن فككت أخيراً شبكات كبيرة ودعت الناس إلى "هبة شعبية" في مواجهة هذه الآفة، فتضافرت الجهود السياسية والمدنية وبدأت تظهر بوادر استجابة وتنسيق بين فئات المجتمع ومؤسساته كافة في سبيل هذه الغاية.  

اجتاحت موريتانيا موجة تهريب للمخدرات والمنشطات الجنسية، وصودرت أطنان من الحشيش والقنب الهندي من عصابات تضم موريتانيين وأجانب من كل قارات العالم تقريباً، وأروقة قصر العدالة في العاصمة نواكشوط اكتظت بعشرات الموقوفين على ذمة قضايا تهريب تلك السموم، وامتلأت بهم السجون إلى حين انتهاء محاكماتهم.

في نهاية عام 2024 قال وزير الداخلية محمد أحمد محمد الأمين أمام البرلمان إن المخدرات أصبحت منتشرة في جميع الأماكن، مما استدعى تحركاً عاجلاً لضرب تجارها وموزعيها بيد من حديد الذين من أهمهم حراس المدارس والمنازل قيد الإنشاء، بحسب الوزير.

وكشفت محاضر الدرك عن حجم الكارثة، فبيّنت ضبط جميع أصناف المخدرات، إضافة إلى أدوية عصبية ومنشطات جنسية محملة بنحو 900 علبة كرتونية مخزنة بظروف سيئة لناحية التهوئة ودرجة الحرارة، وأوضح مصدر قضائي نوعية الأدوية، قائلاً إنها تتضمن منشطاً جنسياً ينطوي استخدامه على أضرار صحية، كما ضبطت كمية كبيرة من مسكن للآلام الناتجة من تلف الأعصاب، ويمنع بيعه من دون وصفة طبية لأنه يستخدم من طرف بعض المدمنين.

وضبط أيضاً بين الأدوية وفق محاضر الدرك، مضاداً حيوياً يستخدم في علاج أمراض معدية أو طفيلية تصيب الأمعاء والجهاز التناسلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صرخة مجتمعية

بكثير من المرارة تحدثت رئيسة منظمة "نور القمر للتعبئة الاجتماعية" النوها محمد صالح عن واقع انتشار المخدرات في البلاد وتصفه بـ"المؤسف والمقلق"، إذ أظهرت تقارير صادرة عن المكتب الوطني لمكافحة المخدرات والهيئات الأممية المعنية أن موريتانيا باتت معبراً في طريق تجارة المخدرات الآتية من أميركا الجنوبية باتجاه أوروبا عبر منطقة الساحل، ولفتت محمد صالح إلى أن الأخطر هو الانتقال من مرحلة العبور إلى الاستهلاك الداخلي، بخاصة في صفوف الشباب ضمن الأحياء الشعبية بنواكشوط وبعض المدن الداخلية. وأكدت أن أنواعاً مختلفة من المخدرات مثل الحشيش، تنتشر اليوم في أحياء نواكشوط، إضافة إلى حبوب الهلوسة والقنب الهندي.

أنواع وممرات

وأعلن وزير الداخلية قبل فترة عن لجنة وزارية دائمة لمتابعة العمل على مكافحة المخدرات، مطالباً الموريتانيين بـ"هبّة شعبية" ضد هذه السموم ودعاهم إلى تحمل مسؤولياتهم في التبليغ عنها ومساعدة جهاز الشرطة في الوصول إلى شبكاتها وموزعيها.

وأوضح  المدير الناشر لموقع وصحيفة "الحوادث" محمد أحمد حبيب الله أن شبكات التهريب التي تنشط في المخدرات من بينها ما هو قاري وأخرى محلية، مفصلاً في حديث إلى "اندبندنت عربية" الفرق بينهما بالقول إن "الشبكات القارية هي التي تنظم تهريب المخدرات ذات الخطر البالغ مثل الكوكايين والهروين إلى الخارج، وتقف عادة وراءها جهات نافذة تعمل في التصدير وتختبئ خلف واجهات تجارية عادية كما شهدنا في واقعة عام 2007 الشهيرة التي كشفت عن تورط رجل أعمال في تجارة المخدرات، وقضايا أخرى كبيرة يعرفها الناس وتؤكد أن موريتانيا كانت ممراً للمخدرات ذات الخطر البالغ من غينيا بيساو إلى أوروبا".

وبالنسبة إلى الشبكات المحلية، فتبيع عصاباتها وفق حبيب الله، القنب الهندي وحبوب الهلوسة، ويوزعها غالباً مواطنون موريتانيون بمساعدة أجانب من السنغال ومالي، كما يستعان أحياناً بالنساء، وتنتشر هذه الشبكات في جميع أنحاء البلاد وبدأت تستهدف أخيراً الشباب، بخاصة القصر في المدارس.

 

توعية ومخاوف

ودقت السلطات الموريتانية ناقوس الخطر بعد الإيقاع بشبكات تهريب المخدرات وانتشرت قصصها في الإعلام الرسمي، كما نظمت مؤتمرات حول الظاهرة تحدث خلالها الأمنيون وناشطو المجتمع المدني، وكذلك نظمت حملات للتوعية داخل الأحياء والمدارس قدمت خلالها شهادات مدمنين سابقين لإيصال رسالة صادقة ومؤثرة، وفق رئيسة منظمة "نور القمر" التي رصدت أيضاً تزايد تعاطي الفئات العمرية بين 13 و25 سنة للمخدرات، مما يشير، برأي مديرتها، إلى خطر بنيوي يهدد الصحة النفسية والاجتماعية لجيل كامل، لافتة إلى جهود تبذل من أجل الدفع نحو إنشاء أول مركز حكومي لمعالجة الإدمان في البلاد، مما أكد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات أنه "ضرورة ملحة".

وتعمل "نور القمر" أيضاً مع الأحزاب السياسية وفاعلين في البرلمان لدعم قوانين أكثر صرامة ضد مروّجي المخدرات ومراجعة قوانين حيازة المواد المخدرة، للموازنة بين الردع وإعادة الإدماج وتأهيل المدمنين، كما تتعاون المنظمة مع بعض القطاعات الحكومية والأمنية مثل وزارتي الثقافة والداخلية في سبيل ذات الغاية. وتشير إلى أن التنسيق ما زال دون المطلوب، لكن المنظمة بدأت تلمس اهتماماً أكبر بعد الجهود التي تبذلها قوات الأمن في الكشف عن عصابات المخدرات وتوعية الرأي العام بخطرها، فمواجهة هذه الآفة في نهاية المطاف تحتاج إلى عمل وطني تتضافر ضمنه جهود كل مكونات المجتمع في جميع مجالات العمل والحياة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير