ملخص
باستثناء الولايات المتحدة، انخفض الدين العام في الاقتصادات المتقدمة بأكثر من 2.5 نقطة مئوية ليصل إلى 110 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقد قابلت الزيادات في بعض الاقتصادات الكبيرة والمتقدمة، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، انخفاضات في اليابان واقتصادات أصغر، مثل اليونان والبرتغال.
تشير البيانات المتاحة، إلى أن الدين العالمي في حالة من الاستقرار، وإن ظل عند مستوى مرتفع، إذ عوض الانخفاض المستمر في إقراض القطاع الخاص زيادة اقتراض الحكومات.
فوفق بيانات حديثة لصندوق النقد الدولي، شهد إجمالي الدين تغيراً طفيفاً العام الماضي، بعدما تجاوز 235 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بقليل، وفقاً لآخر تحديث لقاعدة بيانات الدين العالمي لصندوق النقد الدولي.
وانخفض الدين الخاص إلى أقل من 143 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2015، مما يعكس انخفاضاً في التزامات الأسر وتغيراً طفيفاً في ديون الشركات غير المالية.
في المقابل، ارتفع الدين العام إلى ما يقارب من 93 في المئة، وفقاً لقاعدة بيانات صندوق النقد والتي تعكس مسحاً سنوياً لمقدار وتكوين ديون الحكومات والشركات والأسر.
بالدولار الأميركي، ارتفع إجمالي الدين بصورة طفيفة إلى 251 تريليون دولار، إذ ارتفع الدين العام إلى 99.2 تريليون دولار وانخفض الدين الخاص إلى 151.8 تريليون دولار.
مستويات الدين والعجز ترتفع بصورة مقلقة
تخفي المتوسطات العالمية اختلافات ملحوظة بين البلدان وفئات الدخل، فبينما تواصل الولايات المتحدة والصين لعب دور مهيمن في تشكيل ديناميكيات الدين العالمي، وتشير بيانات الصندوق عن رصد المالية العامة لأبريل (نيسان) الماضي، ولا تزال مستويات الدين والعجز في العديد من البلدان مرتفعة ومثيرة للقلق، وفقاً للمعايير التاريخية، في كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
في الولايات المتحدة، ارتفع الدين الحكومي العام خلال العام الماضي إلى مستوى 121 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (من 119 في المئة)، بينما شهدت الصين زيادة إلى مستوى 88 في المئة (من 82 في المئة).
وباستثناء الولايات المتحدة، انخفض الدين العام في الاقتصادات المتقدمة بأكثر من 2.5 نقطة مئوية ليصل إلى 110 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقد قابلت الزيادات في بعض الاقتصادات الكبيرة والمتقدمة، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، انخفاضات في اليابان واقتصادات أصغر، مثل اليونان والبرتغال.
وباستثناء الصين، انخفض الدين العام في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية تدريجاً إلى أقل من مستوى 56 في المئة في المتوسط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد تباينت اتجاهات الدين الخاص بصورة كبيرة بين البلدان، إذ شهدت الولايات المتحدة انخفاضاً ملحوظاً بنسبة 4.5 نقطة مئوية، ليصل إلى 143 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما سجلت الصين زيادة قدرها 6 نقاط مئوية، ليصل إلى 206 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن بين الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأخرى، ارتفع الاقتراض الخاص بصورة حادة في الاقتصادات الأكبر مثل البرازيل والهند والمكسيك، لكنه انخفض في تشيلي وكولومبيا وتايلاند.
كيف تتحرك أنماط الدين العام والخاص؟
يشير صندوق النقد الدولي، إلى أن العجز المالي العالمي المرتفع باستمرار، والذي يبلغ متوسطه نحو 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، يعد الدافع الرئيس لارتفاع الدين العام، ولا يزال هذا العجز يعكس الكلف الموروثة من جائحة "كوفيد-19" (الدعم والمزايا الاجتماعية) إلى جانب ارتفاع صافي تكاليف الفائدة.
ينبع انخفاض الدين الخاص من عوامل مختلفة تبعاً للبلد وفئة الدخل، ففي العديد من الاقتصادات المتقدمة، تتجه الشركات إلى تقليل اقتراضها، على الأرجح استجابة لتوقعات النمو الضعيفة، مواصلة بذلك اتجاهاً بدأ في عام 2023.
وفي الولايات المتحدة، تسهم مراكز الموازنة العمومية القوية والمخزون النقدي أيضاً في انخفاض اقتراض الشركات.
وفي حالات أخرى، يشير ارتفاع الدين العام إلى جانب انخفاض الدين الخاص إلى تأثير الإزاحة، إذ يحد الاقتراض العام الكبير من توافر الائتمان أو يرفع كلفته على القطاع الخاص.
ففي الصين، قادت ديون الشركات غير المالية ارتفاع الدين الخاص، ويعكس هذا الانتعاش، على رغم الضعف المستمر في قطاع العقارات، وفرة في عرض الائتمان، لا سيما لدعم القطاعات الاستراتيجية.
في المقابل، انخفضت ديون الأسر بصورة طفيفة، فلا يزال ضعف الطلب على الرهن العقاري والمخاوف في شأن التوظيف ونمو الأجور يؤثران سلباً في الاقتراض.
وفي أماكن أخرى من الأسواق الناشئة الكبيرة والاقتصادات النامية، ينبع ارتفاع الدين الخاص من ارتفاع أسعار الفائدة وتأثيرها في القروض المتعثرة (كما في البرازيل)، وتحسن آفاق النمو على المدى القريب (كما في الهند)، وعمليات الدمج والاستحواذ بين الشركات، بينما أدى ضعف آفاق النمو إلى انخفاض الدين الخاص في دول مثل كولومبيا وتايلاند.
في البلدان منخفضة الدخل، تعكس ديناميكيات الدين الأخيرة مجموعة من العوامل الإضافية. وتشمل هذه العوامل محدودية التنمية المالية، وضيق ظروف السيولة، وتأثيرات الإزاحة المرتبطة بالعلاقة بين الدين السيادي والديون الخاصة.
وقال الصندوق الدولي، إنه ينبغي للحكومات أن تسهم في إدارة هذه الاتجاهات من خلال إعطاء الأولوية للتعديلات المالية التدرجية ضمن خطة متوسطة الأجل موثوقة لخفض الدين العام، مع المساعدة في تجنب إزاحة الاقتراض والاستثمار الخاص.
وفي الوقت نفسه فإن تهيئة بيئة تعزز النمو الاقتصادي وتقلل من حالة عدم اليقين من شأنها أن تسهم في تخفيف عبء الدين العام وتشجيع استثمارات القطاع الخاص.