ملخص
بينما بدأت إسرائيل تنفيذ مرحلة الهجوم الأوَّلي على مدينة غزة، أعدت "حماس" خطط الدفاع القائمة على أسر الجنود والاشتباك معهم مباشرة، وهذه ملامح خطة "حماس" القتالية الجديدة.
مع إعلان إسرائيل فرض حصار على مدينة غزة المركزية، والبدء في المراحل الأولية للهجوم على أكبر تجمع حضري في القطاع، لم تقف حركة "حماس" مكتوفة الأيدي، بل أعدت خطة قتالية جديدة عنوانها "فرض المعادلات"، حاولت خلالها أسر جنود من القوات البرية التي تتوغل في غزة مع إبقاء الرهائن الذين تحتجزهم داخل مناطق القتال.
عندما اشتدت المجاعة في غزة قبل نحو شهر، سمحت إسرائيل للقوافل المحملة بالطعام بالدخول إلى جميع مناطق القطاع بما في ذلك مدينة غزة المركزية، وذلك ضمن هدن إنسانية شملت تعليقاً تكتيكياً للأنشطة العسكرية.
وبينما كان الطعام يصل إلى مدينة غزة، وافق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" على خطة احتلال المدينة التي اقترحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتشمل حصار المجمع الحضري وإخلاء السكان منه قسراً نحو جنوب القطاع، وشن هجوم عسكري كبير لتدمير قدرات "حماس" فوق الأرض وتحتها.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان"، فإن الجيش انتهى من التجهيزات اللوجيستية والعسكرية لاحتلال مدينة غزة، إذ جهز مناطق في الجنوب لاستقبال النازحين من شمال القطاع، وكذلك استدعى جنود الاحتياط ودربهم على خطط الهجوم الكبير.
بعد انتهاء الجيش الإسرائيلي من تجهيزات احتلال مدينة غزة، أعلن عن بدء المراحل الأولية للهجوم الكبير على المجمع الحضري، وألغى الهدنة التكتيكية وأوقف إلقاء المساعدات على شمال القطاع، وقلص إدخال البضائع الغذائية براً إلى مناطق الهجوم.
فرض حصار
يقول المتحدث العسكري إيفي دفرين "يعمل الجيش الإسرائيلي حالياً بقوة كبيرة على مشارف مدينة غزة، ويواصل الطيران الحربي استهداف المناطق ونطلب من المدنيين النزوح نحو جنوب القطاع، لقد بدأنا في المرحلة الأولية للهجوم الكبير على مدينة غزة".
ويضيف "الحكومة في إسرائيل قررت عدم شمول مدينة غزة بالهدن التكتيكية الموقتة لإدخال مساعدات إنسانية وأطعمة، فالمدينة المحاصرة ستعد منطقة قتال خطرة، وسنواصل العملية البرية والأنشطة الهجومية ضد حركة ’حماس‘، ونزيد الضربات على مدينة غزة خلال الأسابيع المقبلة".
وفقاً لـ"كان"، فإن إسرائيل حددت مدينة غزة ومحيطها منطقة قتال خطرة لإجبار 1.1 مليون نسمة على الذهاب جنوباً، إذ باتت البنى التحتية الإنسانية هناك جاهزة لاستقبال السكان، ويستعد الجيش لإصدار أوامر إخلائها خلال قرابة أسبوع ونصف الأسبوع، في خطوة تهدف لتوسيع القوات عملياتها العسكرية في غزة، التي تشهد حدودها الجنوبية والشمالية قصفاً جوياً ومدفعياً مكثفاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الأرض، تتمركز القوات الإسرائيلية على أطراف حي الزيتون والصبرة جنوب مدينة غزة، بينما توجد قوات أخرى في بلدة جباليا، وينفذ الجنود عمليات نسف كبيرة للمنازل لإجبار المدنيين على النزوح.
وبينما يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتلال مدينة غزة المركزية، لم تقف حركة "حماس" مكتوفة الأيدي، وأعدت خطة قتالية جديدة عنوانها "فرض المعادلات"، وبدأ مقاتلوها في نصب مكامن للجنود وحاولوا خطفهم.
وتوعد الناطق العسكري لحركة "حماس" أبو عبيدة بتحويل خطط احتلال مدينة غزة إلى وبال جديد على القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، وقال "لن نترك غزة مستباحة من جنود تل أبيب، أنهينا أيضاً الاستعداد لدحرهم وإفشال خططهم، سيدفع الجيش من دمائه وستزيد فرص أسر جنود جدد".
وأضاف أبو عبيدة "مقاتلونا في حال استنفار وجهوزية ومعنوياتهم عالية، وسيقدمون نماذج فذة في البطولة والاستبسال وسيلقنون الغزاة دروساً قاسية، نتنياهو قرر تقليص عدد الرهائن الأحياء للنصف وأن تختفي معظم جثث القتلى إلى الأبد".
عدم نقل الرهائن
بحسب خطة "حماس" التي أفصح عنها أبو عبيدة، فإن الحركة قررت عدم نقل الرهائن الأحياء من شمال القطاع إلى جنوبه، وإبقاء المحتجزين في مدينة غزة حيث الهجوم الكبير والاشتباكات الضارية وعمليات التوغل البري.
يوضح أبو عبيدة أن "حماس" ستحافظ على الرهائن بقدر استطاعتها، ولكنه أفصح عن شيء غريب هو أن الرهائن سيظلون مع مقاتلي الفصائل في أماكن القتال والمواجهة، لافتاً إلى أن "حماس" ستعلن كل رهينة يقتل بفعل العملية العسكرية الإسرائيلية باسمه وصورته وإثبات لمقتله.
ويعلق الباحث في الشؤون العسكرية طلال حسنين قائلاً "رسمت ’حماس‘ خطتها الدفاعية رداً على احتلال غزة وهي قائمة على المواجهة المباشرة، وتخطط لاتباع أسلوب حرب الاستنزاف وقتال العصابات حيث المكامن والاشتباكات المباشرة".
ويضيف "بحسب الخطة الحمساوية التي أفصح عنها أبو عبيدة، ستستخدم الحركة وسائل قتالية بدائية مثل العبوات الناسفة وقذائف ’آر بي جي‘ والأسلحة الخفيفة، وهذا يعني مواجهات من مسافات قريبة".
ويوضح حسنين أن "حماس" قررت استخدام الرهائن كدروع بشرية وعدم إجلائهم لمناطق آمنة، وتركهم في أماكن القتال والمواجهة، لافتاً إلى أن الحركة تنوي تنفيذ عمليات أسر مزيد من الجنود لإجبار تل أبيب إيقاف عمليتها العسكرية.
بالفعل، نفذ مقاتلو "حماس" هجوماً مركباً ضد القوات الإسرائيلية حاولوا فيه أسر جنود جدد من الجيش الإسرائيلي في حي الزيتون بمدينة غزة، وبحسب موقع "حدشوت بزمان" الإخباري العبري فإن عناصر الفصائل المسلحة أوقعوا جنود الجيش فجر اليوم السبت داخل ثلاثة مكامن قتالية أمنية صعبة.
وفقاً للمعلومات الواردة، فإن مقاتلي "حماس" خرجوا على جنود الجيش في حي الزيتون وفجروا لغماً أرضياً في القوات، ثم اشتبكوا مع الجيش وحاولوا أسر أربعة جنود، لكن تل أبيب فعلت بروتوكول التخلص الفوري (هانيبال) لقتل الآسرين والمأسورين.
وبحسب المعلومات فإن الجيش يشتبه بفقدان أربعة جنود. وقُتل جندي وجرح 11 آخرون، وتعرضت مروحيات الإجلاء لإطلاق نيران كثيف، إذ شن مسلحو "حماس" هجمات متزامنة ونفذوا مكامن مرعبة. وعلقت الحركة على ذلك الحدث بعبارة واحدة فقط "نذكر من ينسى… الموت أو الأسر".
محاولات الأسر
يقول الباحث الأمني رباح فتوح "لم تمر سوى ساعات قليلة على إعلان ’حماس‘ أن احتلال غزة سيكون وبالاً على القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، عندما نفذ مقاتلوها المكامن ضد جنود الجيش وباغتوهم، وهذا يعني أن الحركة أعدت الخطط ورسمت تفاصيل المواجهة الجديدة".
ويضيف "أسلوب أسر مزيد من الرهائن هو أسلوب قديم حاولت ’حماس‘ تنفيذه كثيراً في خان يونس وبيت حانون وجباليا، لكن هذه المرة تعلمت الحركة من الدرس، وأشركت أكبر عدد ممكن من المقاتلين الذين ينفصلون في مجموعات عدة، ويهاجمون أكثر من نقطة في آن واحد، لعلها تنجح في المهمة".
ويوضح فتوح أن خطة "حماس" الجديدة بدأت تظهر ملامحها، وهي مكامن واشتباكات مباشرة ومحاولات أسر جنود، ويبدو أن الحركة تتجهز لذلك منذ فترة، إذ لم ينجح الجيش في كشف بعض العبوات الناسفة المزروعة في أماكن المكامن، كما لم يكشف الأنفاق التي تسلل منها المقاتلون، على رغم أنه استخدم أطناناً من المتفجرات قبل دخول قواته البرية تلك المنطقة، واستخدم سياسة الأرض المحروقة لتدمير أية أنفاق أو قدرات لـ"حماس".
ويقول القيادي في الحركة عزت الرشق "مقاتلونا يتبعون أسلوب فرض المعادلات، احتلال غزة يعني أسر جنود جدد ومكامن ستجبر الجيش على الانسحاب، خططنا وصمود الغزيين سيفشلان مخططات نتنياهو".
ويضيف "’حماس‘ ما زالت مرنة وتقول نعم للمفاوضات ومقترحات وقف إطلاق النار، لكن نتنياهو يرفضها ويريد تنفيذ مخططاته الفاشلة، ولن ينجح في أي منها، غزة لن تحتلها إسرائيل، وستبقى للفلسطينيين".