Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحديات إسرائيل في احتلال غزة: إخلاء مليون فلسطيني وجنود احتياط غير مستعدين

6 من بين 19 منطقة مدرجة للإخلاء تقع خارج الحدود المسموح بها وبعض المناطق عبارة عن كثبان رملية يستحال العيش فيها

دبابة إسرائيلية تتحرك على طول الحدود بين إسرائيل وغزة في الـ28 من أغسطس 2025 (أ ب)

ملخص

يتوقع الجيش الإسرائيلي مواجهة صعوبة في إخلاء السكان أمام عدم استعداده لعملية إخلاء مليون غزي من بيوتهم، وتوقعاته أن الموجات الأولى للنزوح ستبدأ خلال الأيام المقبلة، فيما لا يتجاوب معه العدد الأكبر من السكان الذين سيخلون بيوتهم، بحسب التوقعات الإسرائيلية، إلا بعد سماع أصوات الانفجارات وجنازير الدبابات.

دخلت إسرائيل الخميس مرحلة جديدة في حربها على غزة، رافقها اتساع الشرخ الداخلي واحتدام الخلافات بين متخذي القرار والمؤسسة العسكرية وحتى داخل الجيش نفسه، بعد أن بدأت قواته تحضير غزة لتنفيذ خطة الاحتلال ودعوات الجيش للسكان إلى إخلاء مناطقهم.

واعترف الجيش أنه غير مستعد بعد لتنفيذ عملية الاحتلال، ليس فقط في البنى التحتية التي يسعى إلى تحضيرها جنوب القطاع، وإنما أيضاً لمختلف سيناريوهات العمليات التي يتوقعها في المناطق التي سيحتلها بعد أن يخلي سكانها، إذ يضع أمامه هدف القضاء على من تبقى من مقاتلي "حماس" في هذه المناطق وفق تقديره، في مقابل سيناريوهات مواجهة كمائن ومتفجرات وتفخيخ بيوت، وهذه يخشى منها الجيش وهو غير متدرب عليها، من حيث التزود بآليات وأجهزة يمكنها الكشف عن متفجرات قبل وصول الجنود إليها.

ويشكل عدم استعداد الجيش تحدياً مركزياً في المرحلة الجديدة من حرب "طوفان الأقصى"، ليكون التحدي الآخر هو سبل التعامل مع إخلاء مليون فلسطيني، معظمهم جرى إخلاؤهم من بيوتهم أكثر من مرة.

التحدي الأكبر

ما بين الاستعداد والإخلاء تبقى مسألة تجنيد جنود الاحتياط التحدي الأكبر، وحتى الأخطر، كما وصفها بعضهم، في ظل تصعيد الاحتجاجات الداخلية والتجنيد الجماهيري حول مطلب صفقة أسرى شاملة وفورية مع إنهاء الحرب، وهو مطلب يقوده إلى جانب عائلات الأسرى أمنيون وعسكريون سابقون يتمتعون بمكانة خاصة بين السكان، وينجحون يومياً في تجنيد الاحتياط، إلى جانب الاحتجاجات ورفض الخدمة في الجيش، كما يجري العمل على تجنيد عائلات جنود الاحتياط لتكون سنداً مركزياً لهم.

واعترف الجيش بنقص جنود الاحتياط المخطط أن تشملهم الأولوية والفرق العسكرية المعدة لتنفيذ عملية الاحتلال، وهو يعمل في هذه الأيام على تجنيد أكبر عدد ممكن من الجنود، إذ قد تتطلب الحاجة الوصول إلى 130 ألفاً.

عملية الاحتلال، بصورة فعلية تتطلب أسابيع، وهي بدأت بمرحلة ما يسميه الجيش البنى التحتية لها، ما بين الشمال والجنوب، سواء بإخلاء السكان أم تجهيز مناطق إيوائهم ومتطلباتهم والمساعدات الإنسانية والاحتياجات الضرورية كافة.

وأشار تقرير إسرائيلي إلى زيادة التحديات يومياً أمام الجيش، فمطلوب منه نقل كثير من القوات النظامية من المناطق القتالية المختلفة وتجهيزها للمعركة في غزة، وبالتوازي يتوقع الجيش مواجهة صعوبة في إخلاء السكان أمام عدم استعداده لعملية إخلاء مليون غزي من بيوتهم، وتوقعاته أن الموجات الأولى للنزوح ستبدأ خلال الأيام المقبلة، فيما لا يتجاوب معه العدد الأكبر من السكان الذين سيخلون بيوتهم، بحسب التوقعات الإسرائيلية، إلا بعد سماع أصوات الانفجارات وجنازير الدبابات.

 

الرهائن و"حماس" والسابع من أكتوبر

رئيس أركان الجيش إيال زامير، الذي يواصل معارضة المستوى السياسي ويدخل في صراعات داخلية جراء خلاف الرأي بكل ما يتعلق باحتلال غزة، قرر أن يعلن موقفه من قلب غزة وبين لواء الاحتياط "عتسيوني".

صحيح أنه لا يريد عملية احتلال غزة، والتخوف المركزي هو خشيته على مصير الرهائن الأحياء في الأنفاق، لكن في أهدافه تجاه غزة لا يقل عن المستوى السياسي في شأن خطورة عمليات الجيش وأهدافه على الفلسطينيين المدنيين.

زامير أوضح أن الجهد المركزي لجيشه اليوم هو "تعميق عملياته داخل غزة"، وقال "نواصل الخطوات العملياتية على الأرض، نحن ملتزمون بإعادة المخطوفين وحسم 'حماس'، وضمان ألا يتكرر حدث مثل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)".

تحقيق هذه الأهداف يعني تعميق القتال واستمرار الحرب من دون أفق قريب لإنهائها، وقد ألمح زامير إلى العبء الكبير على الجيش النظامي والاحتياط، وهو بذلك يوجه انتقاده للمستوى السياسي الذي يتجاهل تجنيد المتشددين دينياً ويبعث أمر "8" لآلاف الجنود للامتثال للخدمة في معسكراتهم للمرة الثامنة والتاسعة منذ بداية الحرب.

خرائط غير صحيحة ومناطق كثبان

في الجانب الآخر، من جهة الفلسطينيين، يتعاظم الخطر المحدق بهم، فإلى جانب توقعات ارتكاب جرائم قتل في حقهم وفق تحذير جهات أمنية، تعالت أصواتها أخيراً ضد الحرب، من تداعيات ذلك على صورة الجيش وتجنيد العالم ضد إسرائيل وتحذير مؤسسات حقوق الإنسان وأخرى فلسطينية. فقد أدخل المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي السكان في حالة عدم يقين، فالخرائط التي نشرها وأعلن بموجبها للسكان مغادرة بيوتهم ليست فقط غير مطابقة للواقع، بل إنها تشمل مناطق عسكرية ومعظمها غير صحيحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا ما كشف عنه خبيرا الخرائط عدي بن نون من الجامعة العبرية ويعقوب غارب من جامعة بن غوريون، وعرضا ما كشفا عنه للنشر، إذ تبين أن بعض هذه المناطق مصنفة من الجيش الإسرائيلي نفسه "كمناطق محظور على المدنيين دخولها بسبب النشاط العسكري"، أي أنها مناطق عسكرية. والخريطة الرسمية التي نشرها الجيش بالعربية ميز بعضها باللون الأحمر، مما يترك السكان في حالة عدم يقين لغياب أي تحديث رسمي يغير من وضعيتها.

وبحسب تحليل الخبير غارب للخرائط التي نشرها الجيش، فإن ستة من أصل 19 منطقة مدرجة كمواقع إخلاء تقع جميعها خارج الحدود المسموح بها، كما أبرز التحليل مشكلة المساحة المحدودة. وبحسب تحليل الخبيرين، "المناطق المخصصة للإخلاء لا تتجاوز سبعة كيلومترات مربعة، بينما يقيم في مدينة غزة ومحيطها نحو مليون نسمة. وبحساب بسيط، لا يتعدى نصيب كل نازح سبعة أمتار مربعة تشمل السكن والخدمات والبنى التحتية".

في جانب آخر، من صور أقمار اصطناعية حديثة حللها الخبيران، تبين أن بعض المناطق المخصصة للنزوح عبارة عن كثبان رملية يستحيل العيش فيها، أو طرقات معرضة للغرق بمياه الأمطار، وفي مواقع أخرى تنتشر بالفعل خيام نازحين مكتظة.

إلى جانب هذا، أوضح رئيس بلدية دير البلح نزار عياش، أن مدينته عاجزة تماماً عن استيعاب خيام جديدة، محذراً من كارثة إنسانية مشابهة في عموم المحافظة الوسطى.

 

أصعب وأخطر القرارات

اللواء احتياط اليعيزر مروم، القائد السابق لسلاح البحرية، الذي عينه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بداية الحرب، مسؤول عن تنظيم أمن السكان في منطقة الشمال، اعتبر احتلال غزة أصعب وأخطر القرارات التي اتخذت، وهو يأمل أن تتسارع عملية المفاوضات لصفقة أسرى قبل إنهاء إخلاء السكان وبدء الاحتلال.

ويقول "بعد نحو عامين من حرب كان فيها هدفان غير مفضلين الواحد عن الآخر للحرب، وهما هزيمة 'حماس' عسكرياً وسلطوياً وإعادة المخطوفين، وقرار الكابينت الأخير فضل هزيمة 'حماس' على إعادة المخطوفين، هكذا أكد الكابينت للمرة الأولى حقيقة أن هزيمة 'حماس' هي الهدف بالأفضلية الأولى، حتى لو أدت الخطوة العسكرية إلى تعريض المخطوفين للخطر".

حديثه هذا أسهم في تعالي صرخات عائلات الأسرى وداعمي صفقة شاملة وفورية ووقف الحرب، إذ التوقعات تشير إلى احتمال تراجع عدد 20 أسيراً حياً إذا ما انطلقت مدفعيات عملية الاحتلال في المنطقة بعد إخلاء السكان والمواجهات مع مقاتلي "حماس".

بحسب مروم، توجد اليوم إمكانيتان أمام إسرائيل: الأولى هي احتلال مدينة غزة ومخيمات الوسط بهدف هزيمة "حماس" وإنهاء الحرب، في ظل احتمال إصابة الرهائن في الخطوة العسكرية. ويقول "الجيش الإسرائيلي سيحتل المدينة، يضرب البنى التحتية للإرهاب والمخربين، وبعد ذلك ينتشر حولها ويفرض عليها الحصار"، مضيفاً أن الجيش سيتحكم بما يجري في المدينة من خلال نقاط رقابة، نار واجتياحات. وأوضح "الفرق بين الاحتلال والسيطرة هو وجود الجنود جسدياً في الأرض المحتلة، وهنا تكمن الخطورة الأكبر".

هذه العملية، بحسبه، ستستمر لبضعة أشهر، وبعدها ينتقل الجيش إلى تلك العملية في مخيمات الوسط، وهي الأخرى ستستغرق بضعة أشهر، وستنتهي الحملة بهزيمة "حماس" أو إذا اقترحت اتفاقات تتضمن إعادة كل الرهائن ووقف الحرب في مقابل انسحاب الجيش وتحرير القتلة، حرب كهذه ستستمر بضعة أشهر، وفق تقديرات مروم.

أما الإمكانية الثانية، بحسبه، فهي صفقة جزئية تؤدي إلى وقف نار لمدة 60 يوماً. وخلال هذه الفترة الزمنية، بحسب توقعاته، ستعمل "حماس" على إعادة بناء قوتها العسكرية والسلطوية من خلال المساعدات الإنسانية المتزايدة التي ستدخل إلى مدينة غزة وإلى مخيمات الوسط التي تسيطر فيها "حماس"، بحسب ادعائه، مضيفاً "إذا لم يتحقق اتفاق في غضون 60 يوماً، سيستأنف القتال، وهذه المرة حيال 'حماس' التي كانت قد أعادت بناء نفسها عسكرياً وسلطوياً ومع طول نفس لوجستي مهم. في هذا الوضع، قد تنجر إسرائيل إلى حرب استنزاف تتواصل لفترة طويلة جداً حيال 'حماس'، التي أعادت بناء نفسها".

المزيد من تقارير