ملخص
الملحن المصري حسن الشافعي قاده حب التجريب الموسيقي إلى أزمة كبيرة اضطر بعدها إلى تقديم اعتذارات مطولة، بعدما أقدم على إعادة توزيع نشيد تستخدمه جماعة الحوثيين اليمنية في الحشد، مبرراً موقفه بأنه لم يكن يعلم وسوف يصحح خطأه بتقديم عمل جديد يتغنى بالسلام
وجد الملحن والموزع الموسيقي المصري حسن الشافعي نفسه خلال ساعات قليلة متهماً بأنه جزء من دائرة إعلام الحرب التابعة لجماعة الحوثي، فالموزع الموسيقي الذي يعرف بمشاريعه الواعدة في دمج الأنماط الموسيقية التراثية مع التكنولوجية بطريقة لافتة، أصبح في نظر مئات التعليقات المصدومة من مقطعه الإبداعي الجديد، وكأنه ضمن منظومة الإرهاب الموسيقي، إن جاز التعبير، إذ إن الحوثيين مصنفون وفقاً لقرار الولايات المتحدة الأميركية في منتصف العام الماضي منظمة إرهابية.
الأغنية التي نشر الشافعي لمحات قصيرة منها، ضمن حفل موسيقي أحياه في منطقة الساحل الشمالي الشاطئية بمصر، عبارة عن مقطع يحمل إعادة توزيع مبتكر لنشيد "مانبالي" التي كتبها الشاعر عبدالمحسن النمري، ومن ضمن كلمات النشيد الذي يعتبره الحوثيون ضمن أغانيهم الحماسية لاستقطاب المؤيدين في المعارك والتظاهرات، "مانبالي مانبالي، واجعلوها حرب كبرى عالمية، حن قلبي للجرامل والأوالي، والله إن العيش ذا يحرم عليا"، إذ أعجب الموسيقي المصري حسن الشافعي بإيقاعها واعتبرها تكريماً للتراث اليمني، ومن ثمّ أقدم على تضمينها في مشروعه الموسيقي الذي ينبش من خلاله عن قصائد قديمة، ويعيد تقديمها على طريقته إذ كان قد طرح الشهر الماضي عملاً في الإطار نفسه مع الفنان أحمد سعد يحمل عنوان "يا من هواه".
موسيقى الحرب
الهوى الفني وحب التجريب هذه المرة أطاح طموح الشافعي الموسيقي، الذي صدم من التعليقات المستهجنة وسارع إلى حذف الفيديو الذي أثار عاصفة الهجوم، كذلك ظهر بنفسه في فيديو سريع شارحاً كواليس القصة ويبرر سلوكه غير المتعمد، ويشرح باستفاضة ظروف خروج الأغنية للنور. مشيراً إلى أنه تعامل معها على أنها عمل فني فقط، من دون أن يفتش عن ارتباطها سياسياً بجماعة الحوثيين اليمنية التي أسست مطلع تسعينيات القرن الماضي، وارتبط اسمها بالتمرد ضد النظام السياسي، إذ تسيطر الجماعة على أجزاء من اليمن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قال حسن الشافعي إنه يعتذر بشدة لكل من ساءهم الاستماع لهذا النشيد، مؤكداً أنه لم يكن يعلم أنه مرتبط بجماعة تستخدم العنف أبداً، وأنه اعتبرها قصيدة من التراث اليمني، ولهذا سارع إلى العمل عليها، لكن فور أن انتبه أنها عُرفت أخيراً نشيداً سياسياً تراجع عن قراره، وكرر اعتذاره لكل من تضرر من هذا الأمر. معلناً أنه سيعمل على أغنية جديدة تمجد السلام، لأنه أبعد ما يكون عن أفكار عنيفة أو متطرفة.
اللافت أن الغضب اليمني الكبير الذي أجبر حسن الشافعي على التراجع والاعتذار عن الزامل/ النشيد الحوثي، لم يكن رد الفعل الوحيد الذي صاحب الموقف المعقد الذي نقل الموسيقى من خانة الفن والترفيه والإبداع، إلى عناوين جماعات السياسة والحروب، إذ لام قسم من المعلقين على حسن الشافعي سرعة إقدامه على التخلي عن عمل فني هو بالأساس يتضمن لمحة من التراث الموسيقي اليمني، مشيرين إلى أن استخدام جماعة الحوثي النشيد لا يجب أن يجعل الفنانين يتجاهلون أصل العمل، ولا الفنون اليمنية بصورة عامة. فيما قلل فريق آخر من هذه الآراء، معتبرين أن الزامل بات وقعه مربكاً بصورة عامة بعدما جرى توظيفه لخدمة التيارات السياسية في البلاد.
انتقادات الاستسهال
بينما من بدا مرتبكاً ومصدوماً هو الملحن حسن الشافعي نفسه الذي اتهمه كثر بأنه لم يكلف نفسه عناء البحث والتدقيق قبل أن يقدم على إعادة توزيع عمل فني أيا كانت خلفيته الثقافية، مستشهدين بمدى شهرة نشيد "مانبالي" الذي يستخدم في التأجيج والحشد في مواقف الصراعات بين الجماعية اليمنية الأكثر حضوراً على ساحة الخلاف السياسي.
وأشار أصحاب هذا الرأي إلى أن هذا الموقف بات يتكرر كثيراً من قبل نجوم الفن عموماً ومشاهير المطربين على وجه التحديد، مذكرين بما فعلته كارول سماحة قبل عامين حينما قدمت ألبوماً مخصصاً لمؤلفات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وضمت له أغنية بعنوان "ستنتهي الحرب" نسبتها بالخطأ إلى الشاعر الراحل، وأثار الأمر استياء الجماهير ومؤسسة محمود درويش التي سارعت إلى إصدار بيان تتبرأ فيه من القصيدة الملفقة، وعاب المنتقدون على ما سمّوه فكرة الاستسهال في التدقيق، وعدم الوعي الثقافي والسياسي التي أصبحت تسيطر على قرارات بعض المشاهير.
بينما دافع الشاعر والسيناريست مدحت العدل، رئيس جمعية المؤلفين والملحنين عن الشافعي، مؤكداً أن الأمر كله قد يكون قلة تركيز. مشيراً إلى أن هذا الموقف شائع في عالم موسيقى الديجتال بصورة عامة، ومتابعاً في تصريحات تلفزيونية أن الجمعية بالطبع لن تتخذ أي موقف ضد حسن الشافعي، لأنه يتفهّم الظروف التي جرى فيها إنتاج الأغنية، التي اعتبر كلماتها صعبة الفهم من الأساس. مشدداً على حُسن نية الشافعي وأنه لم يكن يقصد، ولهذا استغرب العدل من الضجة الكبيرة التي صاحبت نشر حسن الشافعي المقطع.
يذكر أن حسن الشافعي موزع وملحن موسيقي تعاون مع أسماء لامعة، مثل أنغام وعمرو دياب وشيرين عبدالوهاب، وحقق شهرة كبيرة بمشاركته في لجنة تحكيم برنامج اكتشاف المواهب "آراب أيدول" منذ موسمه الأول، وعرف بميله إلى تقديم أنماط مختلفة من دمج الموسيقى، وكذلك تقديم نجوم الطرب بطريقة غير اعتيادية، إذ قدم تعاونات متفردة في هذا الإطار منها عبدالباسط حمودة ونيكول سابا، وغيرهما.