ملخص
دخلت شركة "إكسون موبيل" الأميركية في محادثات سرية مع "روسنفت" أكبر شركة طاقة حكومية داخل روسيا، بهدف إحياء مشروع "سخالين" الذي يضم ثلاث حقول نفطية روسية، وكانت "إكسون" تملك فيه حصة بنسبة 30 في المئة قبل اندلاع الحرب بين موسكو وكييف.
بعد قمة ألاسكا، أبدى الرئيسان الأميركي والروسي رغبتهما في توسيع العلاقات. تباهى دونالد ترمب بقدراته التفاوضية وقال "نتطلع لعقد الصفقات"، في حين أكد فلاديمير بوتين إمكانية توسيع التعاملات التجارية مع واشنطن. لكن خلف العبارات الفضفاضة مساع جدية وغير معلنة لإعادة العلاقات إلى مسارها، عبر التعاون في مجال الطاقة.
مفاوضات سرية
قبل القمة، دخلت شركة "إكسون موبيل" الأميركية في محادثات سرية مع "روسنفت" أكبر شركة طاقة حكومية داخل روسيا، بهدف إحياء مشروع "سخالين" الذي يضم ثلاث حقول نفطية روسية، وكانت "إكسون" تملك فيه حصة بنسبة 30 في المئة قبل اندلاع الحرب بين موسكو وكييف.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "إكسون" دخلت في محادثات مع نظيرتها الروسية، قادها من الشركة الأميركية نائب الرئيس نيل تشابمان، ولم يكن سوى عدد محدود جداً من موظفي الشركة على علم بالمحادثات للحفاظ على سريتها، مع تصاعد الضغوط الاقتصادية من إدارة ترمب لدفع روسيا نحو وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وأوضحت الصحيفة أن اللقاء السري بين تشابمان والرئيس التنفيذي لشركة "روسنفت" الروسية إيغور ستيشين عُقد داخل العاصمة القطرية، الدوحة. وتمنع واشنطن التعامل مع ستيشين الخاضع لعقوبات أميركية إلا بتراخيص استثنائية من وزارة الخزانة. وتأمل الشركة الروسية الاستفادة من رأسمال "إكسون" وتقنياتها وخبرتها الإدارية.
وذكرت "رويترز" خلال وقت سابق أن مسؤولين أميركيين وروساً ناقشوا هذا الشهر اتفاقات محتملة في مجال الطاقة، من بينها عودة "إكسون".
وهذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها شركات أميركية في محادثات مع نظيراتها الروسية، فحتى في عهد جو بايدن حصلت "إكسون" وشركات أخرى على تراخيص من وزارة الخزانة تسمح لها بإجراء محادثات مع الروس في شأن الأصول المجمدة، وجرت الجولة الأولى من المفاوضات بعد فترة قصيرة من انسحاب روسيا عام 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والوعود المتبادلة بين الطرفين بتعزيز الاستثمار في مجال الطاقة نوقشت أيضاً خلال فبراير (شباط) الماضي، عندما اجتمع كبار المسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا داخل العاصمة السعودية الرياض، للمرة الأولى منذ أعوام من القطيعة بهدف التفاوض على إنهاء الحرب الأوكرانية، وآنذاك قدمت موسكو وعوداً بتسهيل الاستثمارات الأميركية في مشاريع الطاقة داخل القطب الشمالي.
وأبدت إدارة ترمب تفهما لطلب "إكسون" بالحصول على دعم الحكومة الأميركية في حال عودتها للسوق الروسية، وناقش الرئيس التنفيذي للشركة مع الرئيس ترمب احتمال إحياء مشاريعها داخل روسيا، في خطوة من شأنها تعزيز التقارب الأميركي – الروسي بعد أعوام من القطيعة والخصومة في عهد بايدن.
وباعتبارها أكبر منتج غربي للنفط، دخلت "إكسون" السوق الروسية بقوة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ويعود تاريخ أبرز استثماراتها في روسيا إلى عام 1995 عندما تولت إدارة مشروع "سخالين – 1" الذي يضم ثلاثة حقول نفطية، وكانت إلى عام 2022 تملك 30 في المئة إلى جانب "روسنفت" الروسية وشركات يابانية وهندية.
لكن الشركة الأميركية تكبدت خسائر كبيرة بعد الحرب في أوكرانيا، فمع خروج نظيراتها الغربية من السوق الروسية خفضت "إكسون" إنتاجها وأعلنت نيتها بيع حصتها، مسجلة خسائر بأكثر من 4 مليارات دولارات. ومن ثم منعت روسيا الصفقة، وصفت حصة "إكسون"، فيما وصفته الشركة بـ"الاستيلاء القسري".
مكاسب للطرفين
عودة "إكسون" إلى روسيا سترجع بالمنفعة على الطرفين، فبينما تسعى الشركة الأميركية لاستعادة مكانتها في السوق الروسية الغنية، تسعى موسكو إلى إغراء وجذب الشركات الغربية للاستثمار، غير أن عودة عملاق الطاقة الأميركي ليست مضمونة، وتعتمد جزئياً على نجاح ترمب في التوصل إلى نهاية للحرب داخل أوكرانيا، وفق الصحيفة الأميركية.
وخلال يوم عقد قمة ألاسكا، أزال بوتين أحد العوائق أمام عودة "إكسون" بإصداره مرسوماً يسمح للشركات الأجنبية بامتلاك حصص في الشركة الروسية التي تدير مشروع "سخالين"، وتتضمن الشروط توفير معدات وقطع غيار من الخارج والسعي لإلغاء العقوبات.
ونجحت صناعة النفط الروسية في الحفاظ على معدلات مرتفعة للإنتاج على رغم العقوبات الأميركية، إلا أن قدراتها ستتآكل تدريجاً نتيجة نقص الخبرة والاستثمارات وفق "وول ستريت جورنال"، في حين استهدفت المسيرات الأوكرانية مصافي وأنابيب، مما أضر بإمدادات الوقود المحلية.
وما زالت المفاوضات لإنهاء الحرب أمام طريق مسدود، فبينما تريد كييف وشركاؤها وقفاً فورياً لإطلاق النار، يصر بوتين على مطالبه ببقاء أوكرانيا خارج "الناتو" والاعتراف بالسيطرة الروسية علي الأراضي المحتلة. وتخيم الشكوك على إمكانية عقد قمة بين بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خصوصاً بعد تشكيك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشرعية زيلينسكي.