Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان والنداء الأخير: هل ينفذ "حزب الله" تهديداته بحرق البلاد؟

لم تصف إسرائيل نعيم قاسم لأنه الأقل تأثيراً والأكثر تنفيراً للناس بعكس كاريزمية نصر الله وجاذبيته الخطابية

الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم (رويترز)

ملخص

يحاول "حزب الله" أن يظهر أمر تسليم السلاح بأنه تهديد للطائفة الشيعية، وبأنه لو سلم سلاحه لتعرض الشيعة للاضطهاد، وهذا أمر أصبح صعب التسويق بعد ما حل بالشيعة اللبنانيين من كوارث بسبب الحزب، كما يدعي أنه لن يسمح بتسليم سلاحه لأنه سلاح "مقاومة" ضد إسرائيل، وهو الذي وقع اتفاق ترسيم الحدود البحرية معها، ووافق على التراجع لما بعد الليطاني تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701، فعن أية مقاومة ما زال يتحدث نعيم قاسم وإسرائيل لا تزال تقتنص قيادات حزبه الإيراني من دون أن يرد منذ أن وافق على وقف النار قبل أشهر؟

للبنان مكانة خاصة لدى معظم العرب وخصوصاً الخليجيين، فهم يقدرون تراث لبنان وحاضره وجماله وتضحياته طوال تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي.

كان لبنان مصدة للمواجهة مع إسرائيل، وكان أيضاً صورة مصغرة للمشكلات العربية، فلم تبق استخبارات لدول العسكر والبطش العربية لم يكن لها "حزبها" وتنظيمها ومقاوموها ومقاولوها ومرتزقتها وقتلتها في الوقت نفسه.

هدد "حزب الله" الإيراني قبل أيام على لسان أمينه العام نعيم قاسم ونوابه بالبرلمان بأن نزع سلاحه سيعني حرباً "كربلائية" ضد الدولة والجيش اللبناني، فهل ينفذ "حزب الله" تهديده الطائفي الخطر هذا؟

لا أتوقع أن ينفذ "حزب الله" الإيراني تهديده بإشعال حرب أهلية داخل لبنان للأسباب الآتية:

- لم يعد الحزب كما كان بالسابق بعد الضربات التي تلقاها العام الماضي بمعركة "البيجرات" والضربات الجوية الإسرائيلية التي محت قياداته العسكرية والسياسية، وعلى رأسها الأمين العام للحزب السابق حسن نصر الله، وخليفته ابن خاله هاشم صفي الدين.

لم تصف إسرائيل نعيم قاسم لأنه الأقل تأثيراً والأكثر تنفيراً للناس بعكس كاريزمية حسن نصر الله وجاذبيته الخطابية، ولا يزال الحزب يتلقى الضربات الإسرائيلية التي تستهدف قياداته من دون أن يرد عليها، مما يشير إلى تراجع واضح لقوته عما كانت عليه قبل العام الماضي.

- ضاقت دائرة الحاضنة الشيعية للحزب بعد الدمار الذي ألحقه بها وبمناطقها بالجنوب، ثم تخلى عنها بالموافقة على قرار 1701 والانسحاب شمال نهر الليطاني، لينجو بكوادره وقياداته، ويخذل الحاضنة الشعبية من "معتري" الشيعة وخصوصاً بالجنوب المنكوب.

- تلاشي الحاضنة الإقليمية للحزب، فنظام بشار الأسد سقط وحل محله نظام "سني" معاد للحزب وله ثارات دامية معه، ولن يسمح بهيمنته على خاصرته بلبنان ثانية، ولو اضطر إلى التدخل ميدانياً، كما تخلت إيران عن حزبها بلبنان حفاظاً على النظام بطهران، وتراجعت عن تمسكها بسلاح الحزب بعد زيارة علي لاريجاني - رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني - إلى بيروت ولقائه بالرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، ففي مؤتمره الصحافي بعد اللقاءات قال لاريجاني إن إيران لا تتدخل في الشؤون اللبنانية، وإنها تدعم ما يتفق عليه اللبنانيون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

- الإجماع العربي والإقليمي والدولي على ضرورة تنفيذ بنود اتفاق الطائف، بما في ذلك بند تسليم السلاح للدولة، يزيد من عزلة الحزب ومحاصرته.

- الحالة الشعبية اللبنانية العارمة التي تتجاوز الطوائف تشتم رائحة أمل بإعادة بناء الدولة والجيش، وستقف مع الدولة بإجراءات حصر السلاح بيدها وحدها، وهو أمل قد يتيح للبنان تنفس الصعداء والعودة لبعض الحياة الطبيعية.

 فلماذا أطلق "حزب الله" الإيراني تهديداته "الكربلائية" الطائفية بحرق لبنان لو حاولت الدولة تجريده من سلاحه، وهو يعلم أن المواجهة الكربلائية التي يهدد بها ستكون كارثية عليه مثلما كانت كارثة تاريخية مأسوية على آل البيت قبل 14 قرناً؟

يحاول "حزب الله" أن يظهر أمر تسليم السلاح بأنه تهديد للطائفة الشيعية، وبأنه لو سلم سلاحه لتعرض الشيعة للاضطهاد، وهذا أمر أصبح صعب التسويق بعد ما حل بالشيعة اللبنانيين من كوارث بسبب الحزب، كما يدعي أنه لن يسمح بتسليم سلاحه لأنه سلاح "مقاومة" ضد إسرائيل، وهو الذي وقع اتفاق ترسيم الحدود البحرية معها، ووافق على التراجع لما بعد الليطاني تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701، فعن أية مقاومة ما زال يتحدث نعيم قاسم وإسرائيل لا تزال تقتنص قيادات حزبه الإيراني من دون أن يرد منذ أن وافق على وقف النار قبل أشهر؟

فهل من المعقول أن يحرق "حزب الله" الإيراني لبنان على من فيه وموازين القوى ليست في صالحه؟ وماذا يستهدف من تهديده بحرق البلد الذي يدعي أنه يحمل السلاح ويقاوم لحمايته؟

الحقيقة أن "حزب الله" الإيراني ينشد مسألتين أساسيتين في مقابل تسليم السلاح:

الأولى، عدم فتح ملفات الحزب بالجرائم الكبرى التي اقترفها بتفجير مرفأ بيروت، وملفات الاغتيالات السياسية وعلى رأسها اغتيال رفيق الحريري، وعدم المساءلة في جرائم الحرب التي ارتكبها ضد السوريين داخل سوريا، وغلق ملفات نهب مدخرات اللبنانيين بالمصارف التي كانت تحت تصرفه، هذا هو بيت القصيد، أما الدفاع عن الشيعة، والتمسك بالسلاح لمقاومة إسرائيل، فقد أصبح "كلام مأخوذ خيره"، كما يقول المثل الشعبي بالخليج.

 لبنان أمام مفترق طرق، فإما أن تكون الدولة ويتم تسليم السلاح المنفلت للدولة، أو أن تكون "كربلائية" لا تستثني من بلائها أحداً أبداً.

المزيد من آراء