Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تتعامل إسرائيل مع "سوريا الشرع" دبلوماسيا وعسكريا؟

حكومة نتنياهو تكثف جهودها لدعم الدروز وقائد منطقة الشمال يعلن عن مزيد من العدوانية والحزم

آليات عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل (أ ف ب)

ملخص

بحثت الأجهزة الأمنية في إسرائيل بالتعاون مع القيادة العسكرية سبل استمرار "الدعم الإنساني" لدروز سوريا بأقل ما يمكن من الاحتكاك داخل منطقة الجنوب السوري.

في وقت تواصل فيه إسرائيل جهودها عبر مبعوثي الولايات المتحدة في المنطقة لإقناع دمشق بالسماح لها بفتح ما سمته ممراً إنسانياً يبدأ من الحدود عند الجولان المحتل ويمتد عشرات الكيلومترات وصولاً إلى السويداء ومناطق سورية، هدد قائد منطقة الشمال أوري غوردين باستمرار استخدام مزيد من القوة والعدوانية تجاه سوريا، وتحديداً منطقة الجنوب "لمنع تنامي محور سني متطرف يشكل تهديداً على أمن إسرائيل وحدودها".

وقال غوردين، الذي سينهي قريباً ولايته كقائد لمنطقة الشمال، إن الجيش الإسرائيلي يواصل بذل جهوده لمنع تطور أي تهديد والسماح به على مختلف الجبهات، وتحديداً الشمالية تجاه لبنان وسوريا.

وبحسب غوردين فإن الجيش يواصل تحركاته التي بدأها منذ انهيار نظام بشار الأسد للدفاع عن دروز سوريا، والسويداء بصورة خاصة، مضيفاً "على رغم أن رأي إخواننا الدروز في إسرائيل أن دعمنا جاء متأخراً، فإننا في رأيي قمنا بكثير من العمليات والتحركات لمنع إلحاق الضرر بدروز سوريا ويجب القول حقيقة إن السويداء بعيدة من هنا بصورة ملحوظة".

ورأى أن إنجازات الجيش الإسرائيلي تجاه "حزب الله" في لبنان تنعكس أيضاً على الجبهة السورية، قائلاً "لقد نجحنا في لبنان وسوريا في تحقيق إنجاز باهر بقطع المحور الشيعي بصورة كبيرة. هذا الأمر الجيد لا يجعل بالضرورة ميليشيات متطرفة أمراً جيداً من الجهة الأخرى، وهو ما يدفعنا إلى تكثيف نشاطاتنا تجاه سوريا بكثافة، ولكن في الوقت نفسه بحذر من ألا يتطور لدينا محور سني متطرف في هذه المنطقة يمكن أن يجلب تهديداً من نوع آخر باتجاه إسرائيل". وأكد أن "هذا يتطلب من إسرائيل كثيراً من العدوانية والحزم من أجل إبقاء هذا التهديد بعيداً، والأهم، أن يكون جنوب سوريا منزوع السلاح، وبالتأكيد من السلاح الثقيل".

جهود باءت بالفشل

في أعقاب احتدام التوتر ووقوع صدامات مستمرة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر مقاتلة في جنوب سوريا بعد الأحداث العنيفة التي شهدتها السويداء وأدت إلى مقتل المئات من الدروز، بحثت الأجهزة الأمنية بالتعاون مع القيادة العسكرية سبل استمرار "الدعم الإنساني"، كما تسميه إسرائيل، لدروز سوريا بأقل ما يمكن من الاحتكاك داخل هذه المنطقة.

وأعدت خطة لفتح "ممر إنساني" تنقل عبره جميع متطلبات دروز السويداء من مساعدات إنسانية، بما في ذلك الدواء، إذ تتواصل إسرائيل منذ نحو شهر عبر طرف ثالث بالأساس هو واشنطن مع الحكومة السورية للسماح لها بفتح هذا الممر، لكن، وفق ما قاله مسؤولون إسرائيليون رفضت دمشق ذلك خشية استغلال الممر من قبل تنظيمات معادية للنظام لنقل أسلحة عبره.

وكان متوقعاً أن يبحث وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، هذا الأسبوع، مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والمبعوث الأميركي توم براك في باريس هذا المطلب مع جوانب أخرى، لكنه جرى تأجيل اللقاء، وفق مسؤول إسرائيلي كبير، لضرورة بلورة الوضع على هذه الجبهة بما يضمن موقفاً واضحاً لمختلف النقاط التي سبق وطرحت للنقاش وجرى تأجيلها في أعقاب أحداث السويداء.

ويرى مراقبون أن فتح "الممر الإنساني" يشكل في مضمونه خطوة استيلاء جديدة على الأرض السورية وتريد إسرائيل من خلاله تنفيذ مشروعها الجديد ضمن مشاريع أخرى تسعى إليها تحت ذريعة التزام استمرار الدعم لدروز سوريا.

وبحسب سياسيين وعسكريين فإن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى إلى إعادة بناء الثقة مع نظيرتها السورية، وهناك توقعات بأن يسهم الممر الإنساني من جهة في هذا الأمر، علاوة على الآمال المعقودة على لقاء ديرمر والشيباني، حيث تبذل الجهود لعقده الأسبوع المقبل، لدفع ترتيبات إضافية لتخفيف التوتر على هذه الجبهة التي شهدت تصعيداً أمنياً بعد الهجوم الذي تعرضت له السويداء كما المساهمة في تطبيع علاقات مستقبلية بين الطرفين.

وكشف عسكريون عن أن إسرائيل بذلت جهوداً لنقل مساعدات إلى السويداء بواسطة الأردن، إلا أن الأخير رفض، مما دفع الجيش إلى إسقاط مساعدات من الجو، لكنها خطوة يرفض الجيش الاستمرار بها كما توصي أجهزة الأمن بعدم استخدامها لمنع احتكاك بين الجيش وعناصر سورية معادية.

تزامناً مع ذلك وخلافاً لادعاءات الإسرائيليين بالعمل لتخفيف التوتر يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته على الجبهة السورية ويركز نشاطه العسكري هناك، وذلك من خلال لواء غولاني بتنفيذ عمليات شبه يومية في جنوب سوريا تشمل اعتقالات بادعاء صلة العناصر الذين تقاتلهم بالإرهاب كما يقوم اللواء بمصادرة أسلحة قتالية.

وهدد الجيش الإسرائيلي باستمرار هذه العمليات وتكثيفها بذريعة حماية أمن إسرائيل ومستوطنات الجولان، وهو ما يناقض كلياً جهود تخفيف التوتر على هذه الجبهة الشمالية وما يطلقه الإسرائيليون من تصريحات، خصوصاً هذه الأيام قبيل لقاء ديرمر والشيباني المتوقع قريباً.

الخطر في تعدد التنظيمات

في مقابل النقاش حول مدى أهمية استمرار الدعم للدروز تسيطر على أبحاث الأمنيين تداعيات الوضع الداخلي في سوريا على إسرائيل لعدم وجود تنظيم واحد ونظام واحد، بل عدة تنظيمات وهي بمضمونها معادية لتل أبيب، كما أن نظام أحمد الشرع لا يقل خطورة عن هذه التنظيمات، وفق مسؤولين في حكومة نتنياهو.

ويقول المستشرق والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط حاييم غولدونفيتش إن المصلحة الإسرائيلية اليوم تتطلب الحفاظ على طرف مركزي واحد يسيطر على سوريا، مضيفاً "الخطر اليوم أن الرئيس الشرع غير قادر على السيطرة على سوريا وهو بنفسه قال ذلك خصوصاً سيطرته على الفصائل المنتشرة في الجبال". ولفت إلى أن إسرائيل تدير اليوم مفاوضات بطريقة جيدة عبر أطراف أخرى للوصول إلى وقف إطلاق نار مع إمكان التطبيع مستقبلاً، لكنها حتى اليوم، "لم تحقق هذه الجهود نجاحاً، ومع هذا على إسرائيل أن تضع أمامها هدف الحفاظ على نظام الشرع، بغض النظر إذا نجحت الجهود في الاستمرار بدعم دروز سوريا، ففي نهاية الأمر هم ليسوا في إسرائيل وبعيدون منا، ونحن في حاجة أولاً ضمان مصلحة أمن إسرائيل وحدودها".

الأيديولوجية المتطرفة

وفي حين تضع إسرائيل مسألة منع أي اعتداء على الدروز في سوريا ذريعة لتنفيذ أهدافها في السيطرة على سوريا تحذر جهات أخرى من خطر التعامل مع نظام الشرع من منطلق ثقة.

وفي تصريحات إعلامية حذر الباحث في شؤون الأقليات دولياً والأقلية الدرزية في الشرق الأوسط يعقوب حلبي من أن السكان في سوريا في خطر إبادة بعدما اتخذ الصراع طابعاً متطرفاً.

وقال إن الأحداث الأخيرة تضع الدروز في خطر إبادة جسدية حقيقية، فالأجواء العامة في سوريا التي سادت مع صعود الشرع إلى الحكم كانت أجواء نشوة، سرعان ما تحولت إلى أجواء كئيبة وقاسية لا تحتمل بالنسبة إلى الأقليات في سوريا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب قوله فإن "خشية الأقليات ليست فقط من سن قوانين الشريعة الأصولية، بل من الأيديولوجية المتطرفة السائدة بين الجماهير في سوريا، والتي تحرضهم ضد الأقليات، وبخاصة الدروز".

وعد حلبي التصريحات السياسية الإسرائيلية أسهمت في تفاقم الوضع، موضحاً أن "على إسرائيل أن توضح وتضغط على القيادة الدرزية في السويداء للتوصل إلى تفاهمات مع النظام الجديد. هذه القيادة رفضت المشاركة في مؤتمر عمان بسبب الغضب من المجزرة التي ارتكبها نظام الشرع ضد الدروز، لكن هذا الرفض من الدروز قد يجلب عليهم كارثة ومجزرة أخرى. على إسرائيل أن توضح لزعماء الدروز أنها تستطيع فقط أن تضمن إنشاء منطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا، لكن فقط النظام يمكنه أن يضمن تنفيذ رفع الحصار عن السويداء، ووقف القتال مع البدو، وإعادة جميع المخطوفين بخاصة المخطوفات، وعودة الطلاب إلى الحرم الجامعي، وإعادة دمج الأقليات في حياة الدولة".

دعوى قضائية ضد الشرع

من ناحية أخرى بادر الوزير الإسرائيلي السابق الدرزي أيوب قرا إلى حملة دولية ضد أحمد الشرع معلناً رفع دعوى قضائية في ألمانيا ضد الرئيس السوري.

وبحسب قرا فإنه "بعد تحقيقات قانونية في دول أوروبية مختلفة ومنظمات حقوق الإنسان، بما فيها محكمة العدل الدولية في لاهاي، قررنا رفع دعوى قضائية قريباً في ألمانيا ضد الشرع وعصابته الإرهابية على جرائم الحرب التي ارتكبوها في السويداء، وضد الشعب السوري الذي يقدس الحياة لا الموت. كما سنبذل قصارى جهدنا لاستبدال زعيم سوري سني يؤمن بالحرية والديمقراطية بالشرع في أقرب وقت ممكن".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير