ملخص
ليفربول يكتب فصلاً جديداً في تاريخه تحت قيادة آرني سلوت، مستفيداً من إرث كلوب، ويدخل الموسم بطموحات متجددة وصفقات قياسية، وسط تساؤلات عن قدرة الفريق على الحفاظ على اللقب وتحقيق المجد الأوروبي مجدداً.
انتهى موسم (2023 - 2024) في ملعب "أنفيلد"، بينما كان يورغن كلوب يغني باسم خليفته آرني سلوت، وقد رد المدرب الهولندي التحية في الموسم التالي. وكان محقاً في ذلك، فقد بدا دائماً أن الإرث الذي تركه كلوب في ليفربول لسلوت كان محل حسد، لكن تبين لاحقاً أنه أفضل مما ظنه كثيرون، فبعد صيف من الجمود في سوق الانتقالات خلال الموسم الماضي، اتسم بالعجز عن التعاقد مع مارتن زوبيميندي، سار سلوت بسهولة نحو لقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
سلوت بطل موسمه الأول في ليفربول
من بين 418 مشاركة أساسية في الدوري الإنجليزي الممتاز لليفربول خلال الموسم الماضي، لم يأت سوى ظهور واحد - من فيديريكو كييزا في هزيمة مايو (أيار) أمام برايتون - من لاعب جرى التعاقد معه في عهد سلوت، وحتى هذا، لم يكن حقاً من اختياره.
من بعض الزوايا، لن يتكرر ذلك. لكن من نواح أخرى، قد يتكرر. قبل 12 شهراً، كان ليفربول ثالث المرشحين للفوز بالدوري. أما الآن، وبعد صيف من الإنفاق وموسم لم يتلق فيه الفريق سوى هزيمتين في الدوري قبل أن يصبح بطلاً، فقد أصبح هو المرشح الأول. وإذا ما احتفظ باللقب، فسيكون ذلك بفضل فريق سلوت.
على النقيض من ذلك، بدا العام الماضي وكأن خليفة كلوب يسير على خطى بوب بيزلي وجو فيغان وكيني دالغليش، الذين فاز كل منهم بأول ألقابه في الدوري مستفيدين من عنصر الاستمرارية، ومن تشكيلات بنيت في الأساس على يد غيرهم.
من "ليفربول 2.0" إلى هوية جديدة مع سلوت
أما الآن، فحجم التغيير كبير لدرجة أن "ليفربول 2.0"، على حد تعبير كلوب، قد لا يدوم سوى موسمين: الموسم الأخير للألماني والأول للهولندي. ويبدو أن ما نراه اليوم مختلف، وإن كانت ملامحه مرسومة بأيدي فريق تعاقدات يستحضر ماضي ليفربول القريب، مع المدير الرياضي ريتشارد هيوز الذي اختاره العائد مايكل إدواردز، وإلهام من الدوري الألماني.
بالنسبة إلى المالكين، مجموعة "فينواي" الرياضية، فإن سياسة التقشف قد تفسح المجال للإنفاق. فلا يمكن اتهامهم، ولا سلوت، بقلة الطموح هذا الصيف. ويبقى أن نرى ما إذا كان ذلك سيثمر عن التعاقد مع ألكسندر إيساك، الذي من شأنه أن يمنح الفريق خط هجوم مرعب.
عرض بقيمة 110 ملايين جنيه استرليني (149.33 مليون دولار) سيشكل صفقة قياسية في تاريخ النادي، ومع ذلك فقد أبرم ليفربول بالفعل صفقة قد تحطم الرقم القياسي البريطاني إذا جرى تفعيل الحوافز الإضافية، إذ إن صفقة فلوريان فيرتز، البالغة 100 مليون جنيه استرليني (135.76 مليون دولار)، قد ترتفع إلى 116 مليوناً (157.48 مليون دولار).
وبجانب التعاقد مع لاعب قد يصبح صانع ألعاب "أنفيلد" الأول لعقد قادم، كانت للصفقة دلالة أخرى، إذ رفض أحد أبرز المواهب الألمانية نادي بايرن ميونيخ مفضلاً الانضمام إلى ليفربول.
في فترات سابقة، بدا وكأن ليفربول يتجه للتسوق في أسواق أرخص مقارنة ببعض النخب الأوروبية.
الطموحات الأوروبية تعيد ترتيب طموح ليفربول المحلي
أما الآن فالوضع مختلف، لقد بدت خريطة التراتبية الأوروبية راسخة حين سلك ترينت ألكسندر أرنولد الطريق المألوف من "أنفيلد" إلى ريال مدريد الإسباني، لكن يطرح الآن سؤال مشروع حول موقع ليفربول بين القوى العظمى في القارة: فهم تصدروا مجموعتهم في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، وتغلبوا على ريال مدريد، قبل أن يقصوا من دور الـ16، وإن كان ذلك على يد البطل المستقبلي باريس سان جيرمان الفرنسي.
أما بديل ألكسندر أرنولد، جيريمي فريمبونغ، ومعه ميلوش كيركيز، فيمثلان ثنائياً جديداً في مركز الظهير، وقد ظهرت مؤشرات تراجع أداء أندي روبرتسون حتى في ظل المستوى المذهل للفريق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سواء وصل إيساك أم لا، فإن ليفربول يمتلك مهاجماً سريعاً جداً من شأنه أن يجعلهم أكثر فتكاً في الهجمات المرتدة، وهو هوغو إيكيتيكي الذي كلف انضمامه 69 مليون جنيه استرليني (93.67 مليون دولار)، وقدم بداية مبشرة للغاية.
وقد جرى تمويل مثل هذه التعاقدات جزئياً بفضل قدرة ريتشارد هيوز على تحصيل أسعار ممتازة في مقابل اللاعبين الراحلين، مثل لويس دياز وداروين نونيز وجاريل كوانساه وتايلر مورتون.
الاحتفاظ بمحمد صلاح وفان دايك يخفف عبء إعادة البناء
لكن إعادة البناء بدأت مع اثنين بقيا، وكانت الانطلاقة من الثوابت. فقد بقي ليفربول معلقاً في حالة من الترقب العام الماضي، غير متأكد مما إذا كان سيفقد محمد صلاح وفيرجيل فان دايك إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد. وكان هناك سيناريو محتمل يصبح فيه الفريق أضعف بكثير الآن، وقد يضطر إلى تخصيص جزء كبير من موازنة الانتقالات لجلب جناح أيمن وقلب دفاع، لكن عوضاً عن ذلك، احتفظ الفريق بكليهما، وعلى رغم من أن من غير العادل توقع أن يكرر النجم المصري ما قدمه الموسم الماضي بتسجيل 28 هدفاً و19 تمريرة حاسمة في الدوري الإنجليزي وحده، إلا أن صلاح وفان دايك لا يزالان قادرين على تحدي عامل الزمن.
ليفربول يعاني نقص العمق ورحيل جوتا المأسوي
ومع ذلك، فإن تشكيل الفريق، على رغم ما يزخر به من مواهب مثيرة للإعجاب في بعض المراكز، قد يبدو محدود العمق في مراكز أخرى، فبيع كوانساه إلى باير ليفركوزن الألماني ترك ليفربول بثلاثة مدافعين متخصصين فقط في مركز قلب الدفاع، وهو ما كلفهم كثيراً آخر مرة حاولوا فيها الدفاع عن لقب الدوري.
وبينما يعد بروز ريو نغوموها أحد أبرز إيجابيات فترة الإعداد، إلا أن الجناح ما يزال في الـ16 من عمره فقط. أما في الهجوم، فالفريق يملك الجودة، لكن ربما لا يملك العدد الكافي.
يعكس ذلك مأساة صيف ليفربول، وهي مأساة لا يمكن تجاوزها، وعلى رغم وضوح أسبابها، من الصعب الحديث عنها. فقبل كل شيء، فقد النادي زوجاً وأباً وشخصية محبوبة داخل أروقته، وكان رحيل ديوغو جوتا في حادثة سيارة خسارة فادحة ليس فقط على المستوى الإنساني، بل أيضاً على مستوى كرة القدم، إذ فقد ليفربول لاعباً مميزاً يتمتع بقدرة نادرة على إيجاد المساحات داخل منطقة الجزاء. لذا فلا يمكن لأحد أن يتنبأ بما قد يخلفه هذا الرحيل المفاجئ من آثار نفسية، سواء في الأفراد أو في الفريق ككل، وسيكون من المفهوم تماماً إن ظهرت تلك الآثار بمرور الوقت.
هل ينجح ليفربول في الموسم المقبل؟
عدد من الأسئلة الكروية تبدو وقد وجدت لها إجابات، لكن هناك بعض الأسئلة العالقة: هل يستطيع ليفربول الحفاظ على الاتساق نفسه الذي مكنه من خوض 25 مباراة متتالية من دون هزيمة في الدوري الموسم الماضي؟ وهل سيتمكن سلوت، الذي اعتاد العمل مع مجموعة محدودة، من التدوير بصورة أوسع إذا احتاج الفريق إلى بلوغ الذروة في مراحل متقدمة من الموسم؟ وكيف سيكون رد فعل دومينيك سوبوسلاي على قدوم فلوريان فيرتز؟ وقد أضيف سؤال جديد بعد مباراة درع المجتمع: هل سيكون دفاع ليفربول مكشوفاً أكثر من اللازم وعرضة لاستقبال الأهداف، في ظل محاولات إيجاد توليفة جديدة تدمج التعاقدات الهجومية؟
لكن فرق ليفربول السابقة كانت تعرف كيف تدمج بين فترات الانتقال والمجد، وهذا الفريق يبدو وكأنه يسعى إلى تحقيق إنجاز نادر. فمنذ مانشستر سيتي بقيادة بيب غوارديولا، لم يتمكن أي فريق من الاحتفاظ بلقب الدوري الإنجليزي، باستثناء مانشستر يونايتد تحت قيادة السير أليكس فيرغسون في 2009. أما على مستوى ليفربول، فلم ينجح أي فريق في تحقيق ذلك منذ فريق جو فيغان، الذي خلف بوب بيزلي، في 1984. ذلك الفريق فاز أيضاً بكأس أوروبا، والآن ومع الصفقات الجديدة، يبدو أن ليفربول يضع نصب عينيه الهدف ذاته.
© The Independent