Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن يوقف خطة إسرائيلية لبدء ضم مناطق "ج" في الضفة الغربية

تشكل 60 في المئة من مساحتها الإجمالية وتضم مساحات شاسعة من الأراضي بما في ذلك مستوطنات إسرائيلية

طول الحدود الأردنية مع الضفة الغربية يمتد نحو 335 كيلومتراً مما يشكل أكثر من نصف الحدود الأردنية مع إسرائيل (رويترز)

ملخص

تقسم اتفاقات أوسلو عام 1995 الضفة الغربية إلى 3 أقسام رئيسة هي منطقة "أ" التي تخضع بالكامل للسلطة الفلسطينية، ومنطقة "ب" التي تخضع لإدارة فلسطينية مدنية وأمن إسرائيلي مشترك، إضافة إلى المنطقة "ج" التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وتشكل نحو 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية.

أكدت مصادر قريبة من الحكومة الأردنية لـ"اندبندنت عربية" إيقاف الأردن لخطة إسرائيلية كانت تقضي ببدء ضم المناطق "ج" من الضفة الغربية قبل أيام، وذلك عبر تحرك دبلوماسي سريع لدى الولايات المتحدة.

ووفقاً للمصادر، فإن الأردن قاد جهوداً وضغوطاً لدى واشنطن لمنع هذا التحرك الإسرائيلي المفاجئ، في ظل ما يحدث في قطاع غزة، بعد أيام من تصويت الكنيست الإسرائيلي، وبشكل رمزي وغير ملزم، على ضم الضفة الغربية وتطبيق السيادة الإسرائيلية عليها.

لكن التحرك الأردني نجح في وقف المخطط الإسرائيلي موقتاً، مع توقع محاولة تنفيذه في الفترة القادمة.

وفي مايو (أيار) 2020، حذر الملك عبدالله الثاني من أن ضم أجزاء من الضفة الغربية قد يتسبب بصراع مع الأردن، ملمحاً إلى تهديدات جدية للاستقرار والحدود القائمة، ومشيراً إلى أن انهيار السلطة الفلسطينية قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى والتطرف في المنطقة.

قتال على جبهتين

تقول المصادر إن الأردن يقاتل دبلوماسياً على جبهتين، الأولى في قطاع غزة عبر الإصرار على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، رغم العراقيل التي تفرضها إسرائيل، وآخرها ما كشف عنه الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، بقوله إن الحكومة الإسرائيلية بدأت، من الـ10 من يوليو (تموز) الماضي، بفرض رسوم جمركية بين 300 و400 دولار على كل شاحنة مساعدات تعبر من الأردن إلى غزة.

مضيفاً أن شاحنات المساعدات الأردنية المتجهة إلى غزة تحتاج إلى 36 ساعة حتى تصل مبتغاها بدلاً من ساعتين، بسبب المعوقات الإسرائيلية، فضلاً عن اتهام مستوطنين إسرائيليين بالاعتداء على شاحنات مساعدات أردنية متجهة إلى غزة.

ويرى مراقبون، من بينهم المحلل السياسي فهد الخيطان، أن التطورات الجارية في الضفة الغربية حالياً هي الهاجس الأكبر لدوائر القرار الأردني.

ويعتقد الخيطان أن إسرائيل وظفت أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) لتسريع خطط الضم في الضفة الغربية، التي لا يبدو أن الإدارة الأميركية جادة في الوقوف في وجهها.

ويضيف أن موافقة واشنطن على استمرار وتوسيع الحرب في غزة وإعادة احتلالها تمثل غطاء لتنفيذ خطط الضم في الضفة الغربية، مشيراً إلى تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" الذي يتهم إسرائيل بالبدء بتوسيع حدودها بشكل فعلي، وأخطر خطوة فيه هي ابتلاع 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية، ومن ضمنها غور الأردن، وهو ما يعني بالنسبة للأردن قتل الدولة الفلسطينية أو حل الدولتين.

يعتقد الخيطان أيضاً أن إسرائيل تنوي، بعد ضم الضفة، تفكيك السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى نظام حكم إداري على غرار روابط القرى التي أنشأتها في سبعينيات القرن الماضي، ومن ثم اللجوء إلى خيار "الترانسفير" والتهجير الذي يهدد مصالح الأردن وسيادته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هواجس أردنية

وتقسم اتفاقات أوسلو عام 1995 الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي منطقة "أ" التي تخضع بالكامل للسلطة الفلسطينية، ومنطقة "ب" التي تخضع لإدارة فلسطينية مدنية وأمن إسرائيلي مشترك، إضافة إلى المنطقة "ج" التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وتشكل نحو 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية.

وتتضمن مناطق "ج" مساحات شاسعة من الأراضي، بما في ذلك مستوطنات إسرائيلية غير قانونية بحسب القانون الدولي، ومساحات واسعة من الأراضي الزراعية والجبال والأماكن الاستراتيجية.

ويرى مراقبون أن ضم مناطق "ج" في الضفة الغربية يشكل خطراً مباشراً على الأردن لأسباب عديدة، من بينها الأمن الحدودي واللاجئون، إذ إن ضمها سيعزز من السيطرة على كامل الضفة الغربية، مما يؤدي إلى ضغوط إضافية على الأردن في ملف اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون على أراضيه. إضافة إلى ذلك، سيؤدي هذا إلى زعزعة الاستقرار في المناطق الحدودية مع الضفة الغربية، التي ترتبط بالأردن تاريخياً واجتماعياً واقتصادياً.

كما أن الضم الإسرائيلي قد يفرض واقعاً جديداً على القدس الشرقية، بخاصة في ما يتعلق بالمقدسات الإسلامية والمسيحية التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من الهوية الأردنية والدينية، حيث يقوم الأردن بدور الوصاية الهاشمية عليها.

والأهم من ذلك كله أن قرار الضم من شأنه أن يقوض إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة، وهو ما يتناقض مع المبادرة العربية للسلام التي يدعمها الأردن، والتي تقوم أساساً على مبدأ حل الدولتين.

واقع أم مجرد تهديد؟

تشير أرقام وإحصاءات رسمية، وفق وزارة الداخلية، إلى أن طول الحدود الأردنية مع الضفة الغربية يمتد نحو 335 كيلومتراً، مما يشكل أكثر من نصف الحدود الأردنية مع إسرائيل.

ووفقاً للباحث والكاتب عاطف الجولاني، فإن استطلاعاً للرأي أُجري أخيراً في أوساط نخبوية أردنية كشف أن الهاجس والتحدي الأمني في مواجهة تهديدات اليمين الإسرائيلي للأردن يأتي على رأس سلم أولويات الأردنيين.

ويؤكد أن البدء بإجراءات خطة ضم غور الأردن ومناطق "ج" في الضفة الغربية، التي تشكل مساحتها ما نسبته 61 في المئة من مساحة الضفة، أصبح واقعاً، حيث أعلن سموتريتش في العام الماضي أن عام 2025 سيكون عام السيادة في (يهودا والسامرة) الضفة الغربية، وأكد أنه أصدر تعليمات لمديرية الاستيطان للبدء بالعمل على إعداد البنية التحتية المطلوبة لفرض السيادة على الضفة. واتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقفاً مؤيداً لطرح مخططٍ لضم مناطق واسعة من الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية.

وأشار أيضاً إلى زيادة الضغوط الأمنية والاقتصادية على الفلسطينيين في الضفة الغربية لدفعهم إلى الهجرة من مناطقهم نحو الأردن، والتلويح بتنفيذ عمليات تهجير قسري (ترانسفير) لسكان الضفة، وتوزيع منشورات تدعوهم للرحيل إلى الأردن.

فكرة أيديولوجية قديمة

فكرة ضم الضفة قديمة، وتعود جذورها إلى ما بعد نكسة عام 1967، حين بدأت إسرائيل تتبنى استراتيجية تستند إلى دوافع أمنية وأخرى أيديولوجية ذات أبعاد دينية.

أما مصطلح "الضم" فتم تداوله في الخطاب السياسي الإسرائيلي بعد هزيمة يونيو (حزيران) 1967، كرد فعل من إسرائيل لتوسيع سيطرتها الكاملة على ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وانطلاقاً من فكرة "أرض الميعاد" التي تزعم أن حدود إسرائيل تمتد من نهر النيل وحتى الفرات.

وشرعت إسرائيل في تنفيذ خطوات ضم تدريجية على الأرض، من خلال إقامة مناطق عازلة تمنحها عمقاً أمنياً، إلى جانب استخدامها كورقة ضغط في مفاوضات السلام المحتملة، وطوال عقود واصلت إسرائيل عمليات الضم الفعلية في الضفة الغربية عبر توسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية وربطها بالبنية التحتية الإسرائيلية، بموازاة هدم منازل الفلسطينيين. أما الخطوة الأولى فكانت بضم مدينة القدس رسمياً عام 1980.

خسائر كبيرة

تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن القيود الإسرائيلية المفروضة على المناطق "ج"، التي تضم 90 في المئة من الثروات الطبيعية الفلسطينية، تحرم الاقتصاد الفلسطيني من نحو 3.4 مليار دولار سنوياً، وتمنع تحقيق إيرادات ضريبية تُقدَّر بـ800 مليون دولار.

كما تحتوي هذه المناطق أراضي زراعية خصبة، وموارد معدنية غنية، وإمكانات سياحية وأثرية كبيرة.

وتشير تقارير وتحليلات إلى أن أي ضم للضفة أو أجزاء استراتيجية منها (مثل غور الأردن) قد يولد أعباء مالية على الأردن، كموجات النزوح أو زيادة الطلب على الخدمات العامة، وضغوط سوق العمل والإنفاق على الأمن واللاجئين.

فضلاً عن تأثيرات تجارية وأخطار على الاتفاقات المائية والتجارية، إذ إن ضم مناطق ذات موارد مهمة كالمياه والزراعة والطرق التجارية قد يغير ترتيبات التجارة والمياه بين الأردن وإسرائيل، ويؤثر على عقود وإمدادات سبق أن اتُّفق عليها، بحسب تحذيرات من البنك الدولي.

ووفقاً لإحصاءات رسمية من وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين الأردن وفلسطين (الضفة الغربية) نحو 210.5 مليون دولار أميركي في عام 2022، حيث بلغت صادرات الأردن إلى السوق الفلسطينية نحو 263.6 مليون دولار، مقابل واردات بقيمة 53.1 مليون دولار، مما يمنح الأردن فائضاً تجارياً واضحاً.

ويصدر الأردن إلى الضفة الغربية مجموعة متنوعة من المنتجات، أبرزها الأسمنت ومنتجات الألومنيوم والحديد والصلب والوقود والزيوت المعدنية.

المزيد من تقارير