Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دلالات عودة "حسم" المصنفة إرهابية إلى المشهد المصري

يمثل إعلان السلطات الأمنية إحباط مخطط لها ضربة استباقية لظهور الحركة مجدداً مع مخاوف من وجود خلايا نائمة

بعد نحو أسبوعين من فيديو "حسم" أعلنت وزارة الداخلية إحباط مخطط عدائي للحركة المصنفة إرهابيا في مصر (أ ف ب)

ملخص

على رغم ما بدا في فيديو "حسم" من دعائية أكثر منه قدرة وفاعلية، وفق ما يقول مراقبون، أمام تمكن السلطات الأمنية في البلاد من توجيه ضربة استباقية لهم قبل أن يعاودوا تنفيذ عملياتهم، لكن توقيت الظهور ودلالاته طرحا الكثير من الأسئلة حول مدى وقدرة الحركة على استعادة نشاطها في مصر ومدى ارتباط ذلك بالأحداث المشتعلة في المنطقة وتبعاتها على احتمالات عودة التطرف والعنف مجددا.

منذ الرابع من يوليو (تموز) الجاري، حين ظهر مقطع مصور لما يسمى "حركة سواعد مصر" المعروفة اختصاراً بـ "حسم"، وتضمن مشاهد لمسلحين ملثمين يطلقون الرصاص ويقومون بتدريبات عسكرية مع بيان مكتوب يحمل تهديداً، أُلقي الضوء مجدداً على الحركة المصنفة في مصر "إرهابية" ونشاطها بعد أعوام من الغياب والملاحقات الأمنية، وجاء إعلان وزارة الداخلية أمس الأحد بإحباط مخطط "إرهابي" منسوب للحركة استناداً إلى معلومات استخبارية حديثة، ليعيد معه ما تسميه السلطات ضربات استباقية لمواجهة إحياء نشاط الحركات الإرهابية الساعية إلى ارتكاب عمليات عدائية تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية في البلاد.

وعلى مدى الأيام الأخيرة حمل المشهد في مصر كثيراً من الأسئلة، ولا سيما في شأن دلالات توقيت ظهور الحركة مجدداً على الساحة ومدى قدرتها على تنفيذ عمليات إرهابية جديدة، لا سيما وأنها متهمة بتنفيذ عدد كبير من العمليات التي ضربت البلاد بين عامي 2016 و2019، ونجحت السلطات المصرية في القضاء عليها بعد أن انبثقت عن تنظيم "الإخوان المسلمين" عام 2016.

أسبوعان من الترقب

وبصورة مفاجئة كان لانتشار المقطع المصور على منصات التواصل الاجتماعي والمنسوب لحركة "حسم"، والذي يظهر ملثمين يطلقون النار من بنادقهم في منطقة صحراوية مع تدريبات عسكرية في مناطق غير مأهولة، فضلاً عن ظهور راي مكتوب عليها "حسم.. بسواعدنا نحمي ثورتنا"، ليتبع ذلك بيان صوتي عن "طور جديد من تاريخ الأمة العربية والإسلامية"، مع الإشارة إلى الحرب في قطاع غزة، ووصفها بأنها "تحول تاريخي"، أن يثير القلق والترقب في الشارع المصري، فقد ذكر المقطع أن "مصر ليست بمعزل عن هذه المعركة (حرب غزة) ولا يجوز أن تبقى صامتة أو محايدة"، مع تأكيد أن حركة "حسم" "عادت واشتد عودها"، مما أثار النقاش والجدل على مواقع التواصل في شأن دوافعه وتوقيت ظهوره.

وبعد أيام من التزام السلطات الأمنية الصمت تجاه المقطع المنتشر، خرجت وزارة الداخلية المصرية أمس الأحد لتعلن إحباط مخططات لعمليات وصفتها بالـ "إرهابية" داخل البلاد، موضحة أن معلومات وردت إليها تتضمن اضطلاع قيادات من حركة "حسم"، الجناح المسلح لـ "جماعة الإخوان" المصنفة إرهابية، والهاربة إلى دولة تركيا، بالإعداد والتخطيط لمعاودة إحياء نشاطها وارتكاب عمليات عدائية تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية من خلال دفع أحد عناصر الحركة، الهارب إلى إحدى الدول الحدودية وتلقيه تدريبات عسكرية متطورة فيها، للتسلل إلى البلاد بصورة غير شرعية لتنفيذ المخطط المشار إليه.

وفق بيان وزارة الداخلية فإنه وخلال دهم وكر إرهابيَين في حي بولاق الدكرور قرب وسط القاهرة، "بادرا بإطلاق الأعيرة النارية بصورة عشوائية باتجاه القوات والمنطقة المحيطة"، مما أدى إلى مقتل أحد المارة تصادف مروره في مكان الواقعة متأثراً بإصابته جراء الطلقات العشوائية التي أطلقها الإرهابيان، كما أصيب ضابط من القوة أثناء محاولته إنقاذ المواطن، وجرى إخطار نيابة أمن الدولة العليا التي تولت التحقيقات في الواقعة، مشيرة إلى أنه جرى تنظيم عملية الدهم بناء على معلومات استخبارية حديثة تفيد بأن حركة "حسم" التي تعتبرها مصر الجناح المسلح لجماعة "الإخوان المسلمين"، تعمل على "الإعداد والتخطيط لمعاودة إحياء نشاطها وارتكاب عمليات عدائية تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية وإثارة الفوضى داخل البلاد".

وذكرت الداخلية المصرية أسماء خمسة أشخاص قالت إنهم المخططون للتحرك، وهم جميعاً أعضاء في حركة "حسم"، وجميعهم محكومون غيابياً بالسجن المؤبد بتهمة تنفيذ سلسلة من الهجمات بعد الإطاحة بالرئيس المنتمي لجماعة الإخوان محمد مرسي عام 2013.

 

ومن بين تلك الأسماء التي أعلنتها الداخلية المصرية يحيى السيد إبراهيم محمد موسى، أحد أبرز المؤسسين للحركة والمشرف على هيكلها المسلح والعسكري والمحكوم عليه في كثير من القضايا، منها الإعدام في قضية اغتيال النائب العام والسجن المؤبد في قضية محاولة استهداف عدد من الشخصيات المهمة، والسجن المؤبد في قضية محاولة استهداف الطائرة الرئاسية عام 2019، واغتيال الضابط في قسم شرطة النزهة المقدم ماجد عبدالرازق.

وورد اسم محمد رفيق إبراهيم مناع المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضية محاولة استهداف عدد من الشخصيات المهمة، والسجن المؤبد في قضية تزوير محررات رسمية للعناصر الإخوانية الهاربة، مشيرة كذلك إلى علي السماحي المحكوم عليه في كثير من القضايا ومنها السجن المؤبد في قضية محاولة استهداف الطائرة الرئاسية واغتيال المقدم ماجد عبدالرازق، والسجن المؤبد في قضية استهداف موكب مدير أمن الإسكندرية، والسجن المؤبد في قضية محاولة استهداف عدد من الشخصيات المهمة"، إضافة إلى محمد عبدالحفيظ عبدالله عبدالحفيظ المحكوم بالسجن المؤبد في قضية محاولة استهداف عدد من الشخصيات المهمة ومحاولة استهداف الطائرة الرئاسية واغتيال المقدم ماجد عبدالرازق، وعلي محمود محمد عبدالونيس المحكوم بالسجن المؤبد في قضية محاولة استهداف الطائرة الرئاسية واغتيال المقدم ماجد عبدالرازق، والسجن 15 عاماً في قضية "كتائب حلوان" والسجن 10 أعوام في قضية محاولة استهداف عدد من الشخصيات المهمة.

دلالات العودة والتوقيت

وعلى رغم ما بدا في فيديو "حسم" من دعائية أكثر منه قدرة وفاعلية، وفق ما يقول مراقبون، أمام تمكن السلطات الأمنية في البلاد من توجيه ضربة استباقية لهم قبل أن يعاودوا تنفيذ عملياتهم، لكن توقيت الظهور ودلالاته حملا كثيراً من التباين في قراءات المراقبين ممن تحدثوا إلى "اندبندنت عربية".

ويقول الكاتب والباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية منير أديب إن "تنظيم 'الإخوان' لا يزال في العموم إضافة إلى الحركات المسلحة التي خرجت من رحمه ومن بينها 'حسم'، يصر على مواجهة السلطة الحالية باستخدام العنف"، موضحاً أن "الخطاب داخل 'الإخوان' والحركات التابعة لها يستند إلى أن العنف هو الطريقة الوحيدة التي قد تكون لها نتائج في مواجهة السلطة الحالية، وهو ما يفسر بين حين وآخر إصرارها على استدعاء حال العنف التي استخدمتها خلال أعوام سابقة بعد الإطاحة بحكمها عام 2013".

ويتابع أديب مرجعاً سياق عودة ظهور "حسم" التي نشطت بين عامي 2016 و2019 إلى "الحال السورية واستلهام تجربة الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024 عبر تشكيل تحالف من الجماعات والحركات الإسلامية المسلحة، من دون إدراك لاختلاف السياقات والظروف التي عليها مصر وسوريا"، مضيفاً "أعتقد أن أجهزة الأمن كانت متيقظة بالقدر الكافي والعملية التي قامت بها كانت نوعية واستباقية ونجحت في مراقبة ومتابعة رصد هؤلاء المتطرفين والحيلولة دون تنفيذهم عمليات إرهابية".

وذكر أديب أن "أجهزة الأمن هي الأقوى والأقدر في المواجهة مع الجماعات المتطرفة في مصر، لكن هذا ليس معناه أن الخصم الذي نواجهه ضعيف أو يمكن الاستهانة به"، موضحاً "نحن نتحدث عن ميليشيات متطرفة نفذت عشرات العمليات ونشأت ونبتت من رحم 'الإخوان' وهي تنظيمات وحركات لا تؤمن إلا بالعنف والعمل المسلح لتحقيق أهدافها وغاياتها"، مشيراً إلى أن "جماعة 'الإخوان'  تنظيم ديني متطرف، والتنظيمات المتطرفة لديها عقيدة منحازة إلى العنف باعتباره المخلص والمسار الصحيح للتعامل مع الخصوم، وهو ما لا يمكن تغييره".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدوره يقول المتخصص في مكافحة الإرهاب الدولي وحرب المعلومات العقيد حاتم صابر إنه "ما من شك في أن فيديو 'حسم' الأخير جاء كمحاولة لإحياء تنظيم منته إلا أنه اصطدم بيقظة من قوات الأمن"، معتبراً أن ما كشفته وزارة الداخلية في بيانها قد لا يكون عملية فردية فقط، بل من المحتمل أن تتبعها تحركات أخرى لمواجهة جماعات نائمة أو خلايا كامنة قد تنشط مجدداً".

وعن عودة مثل تلك المواجهة مجدداً في مصر بعد أعوام من الغياب، ذكر صابر أنه "لا يمكن لدولة أن تتمكن من حسم معركة القضاء على الإرهاب 100 في المئة فهذا أمر غير ممكن، لكن ما يجب تأكيده هو قدرة وكفاءة أجهزة الأمن المصرية في رصد وملاحقة وتفكيك الخلايا الساعية إلى استهداف أمن البلاد بضربات استباقية استناداً إلى قدراتها وخبراتها التي اكتسبتها طوال الأعوام الماضية في سياق حربها على الإرهاب".

ويرى القيادي المنشق عن جماعة الإخوان والمتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية مختار نوح أن تمسك تنظيم "الإخوان المسلمين" والحركات المنبثقة عنه بنهج العنف يعود لما يسميه "الفئة الناجية وحكم العالم"، موضحاً أن "جزءاً من تكوين 'الإخوان 'هو إيمانهم بأسطورة أنهم سيحكمون العالم على اعتبارهم الفئة المؤمنة، وبالتالي ضرورة الإعداد والاستعداد".

 

ويتابع نوح قائلاً إنه "انطلاقاً من تفسيرات دينية رسخها مؤسس الجماعة حسن البنا عام 1928، يتصور 'الإخوان  في التنظيمات العسكرية، ولا سيما السرية منها، أنهم أدوات لتحقيق أهدافهم"، معتبرًا أن توقيت "عودة ظهور 'حسم' ليس متربطاً بأية أحداث داخلية أو إقليمية، وإنما هي فكرة قائمة انطلاقاً من أفكار التنظيمات السرية التي أسسها حسن البنا".

ماذا نعرف عن "حسم"؟

تعد حركة "حسم" أو ما يعرف بـ "حركة سواعد مصر" أحد التنظيمات التي انبثقت عن تنظيم "الإخوان المسلمين" بعد الإطاحة بحكمه في يوليو 2013، وهى الفترة التي شهدت بداية تصاعد المواجهة بين قوات الأمن والجماعة مع حركات مسلحة أخرى خصوصاً في شمال ووسط سيناء، ويعود ظهور "حسم" لعام 2014، إلا أنها أعلنت عن نفسها رسمياً عام 2016 بعدما تبنت اغتيال رئيس مباحث طامية في محافظة الفيوم (جنوب) في الـ 16 من يوليو العام ذاته، في أول عملية استهداف للحركة من هذا النوع، ومنذ ذلك الحين تبنت كثيراً من الحوادث والعمليات الإرهابية، وتتهمها السلطات بالقتل العمد والشروع في القتل العمد تنفيذاً لأغراض إرهابية، مع حيازة أسلحة نارية وذخائر ومفرقعات.

وبحسب السلطات الأمنية المصرية فإن الحركة متهمة بكثير من الحوادث الإرهابية التي شهدتها البلاد بين عامي 2016 و2019، ومنها التورط بتفجير سيارة في محيط "معهد الأورام" بوسط القاهرة مما أسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة العشرات، كما نُسب إليها محاولة استهداف مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة في الخامس من أغسطس (آب) 2016، فضلاً اتهامها بالمسؤولية عن اغتيال الضابط في جهاز الأمن الوطني المصري إبراهيم عزازي.

و فيما تنفي جماعة "الإخوان المسلمين" تبنيها للعنف، تقول السلطات الأمنية إن "حسم" تابعة لها، وإضافة إلى مصر فقد أدرجت دول عدة، ومنها الولايات المتحدة الأميركة، الحركة على قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، فيما تقول الخارجية الأميركية إن عدد عناصرها غير معروف بدقة وكذلك مصادر تمويلها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير