Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقص المياه في إيران يدفع بالسلطات إلى تقنينها

بدء تطبيق سياسة تقنين صامت في طهران ومناطق أخرى من البلاد

من خلال رصد وسائل الإعلام المحلية مناطق مختلفة من طهران تبين أن أشد انخفاض في ضغط المياه سجل في جنوب العاصمة (رويترز)

ملخص

يحاول المسؤولون المتورطون في بناء السدود بصورة عشوائية في عموم البلاد والاستغلال غير المنهجي للمياه الجوفية وتنفيذ مشاريع مائية من دون مراعاة محدودية الموارد، مواجهة الأزمة عبر تقليص ضغط المياه في المناطق السكنية، على أمل تأجيل الانفجار الكامل لأزمة المياه.  

مع ارتفاع درجات الحرارة وتراجع كبير في مخزون السدود بدأت السلطات الإيرانية بتطبيق سياسة تقنين صامت للمياه في طهران ومناطق أخرى من البلاد. ووفقاً لتقارير ميدانية من العاصمة طهران، فإن عديداً من السكان يواجهون انقطاعاً كاملاً للمياه خلال ساعات النهار أو يعانون انخفاضاً حاداً في ضغط المياه. ويؤكد السكان أن هذا الانخفاض يصل إلى درجة تجعل الطوابق العليا من الأبنية بلا مياه تماماً، وهو وضع يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل.

ومن خلال رصد وسائل الإعلام المحلية مناطق مختلفة من طهران تبين أن أشد انخفاض في ضغط المياه سجل في جنوب العاصمة، بينما تشهد المناطق الشمالية أقل تراجعاً في الإمداد المائي. يأتي ذلك في وقت لم تصدر فيه الحكومة حتى الآن أي جدول رسمي لانقطاعات المياه، ولم تعلن صراحة عن بدء عملية تقنين المياه، مما يعزز الانطباع بأن البلاد دخلت مرحلة تقنين غير معلن وسط صمت رسمي.

ونفى المدير التنفيذي لشركة المياه والصرف الصحي في طهران محسن أردكاني في برنامج تلفزيوني أي عملية تقنين رسمي للمياه، لكنه أقر بوجود مشكلة في إيصال المياه إلى الطوابق العليا من المباني. وأوضح أردكاني أن انخفاض ضغط المياه هو السبب في عدم القدرة على تزويد الطوابق الثانية فما فوق بحاجتها من المياه، مضيفاً أن السكان في هذه الطوابق عليهم شراء خزانات مياه خاصة لتجنب الانقطاع في تصريح أثار انتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي في عموم البلاد.

وقد تملص أردكاني من مسؤولية الدولة قائلاً إن "جميع من أبلغوا عن انقطاع المياه يسكنون في الطوابق الثانية فما فوق، وعليهم التكيف مع جفاف البلاد، فالمياه غير متوافرة، ويجب إدارة استخدامها في الشبكة بضغط منخفض". ورفض المدير التنفيذي لشركة المياه والصرف الصحي في طهران الاعتراف بجدولة توزيع المياه في العاصمة خلال يونيو (حزيران) الماضي، في حين يعد المواطنون الانخفاض الحاد في ضغط المياه صورة من صور التقنين غير المعلن.

إن أزمة الانخفاض الحاد في ضغط المياه وانقطاعها خلال ساعات معينة من اليوم لا تقتصر على طهران فحسب، إذ تفيد تقارير متعددة خلال الأيام الأخيرة ببدء تقنين المياه في مناطق مختلفة من إيران. ففي مدينة صالحية (محافظة خوزستان) على سبيل المثال لا الحصر، يعاني السكان من انقطاع المياه ساعات طويلة، وأحياناً تصل المدة إلى يومين متتاليين، مما أدى إلى مشكلات جدية لسكان هذه المناطق، بخاصة في ظل موجة الحر الشديدة التي تشهدها البلاد.

وتشير المعطيات المتوافرة إلى أن شركة المياه والصرف الصحي في إيران "آبفا"، وبدلاً من معالجة الخلل الهيكلي في إدارة الموارد المائية لجأت إلى حلول عقابية لخفض استهلاك المياه، وهي إجراءات لا تعني في الظروف الراهنة سوى تحميل المواطنين أعباءً إضافية. ففرض شراء خزانات مياه على السكان في وقت تواجه فيه الأسر أوضاعاً اقتصادية هشة للغاية، يمثل عبئاً مضاعفاً على كاهلهم، ويعكس تقصيراً واضحاً من قبل الحكومة التي تقع على عاتقها مسؤولية توفير مياه شرب آمنة للمواطنين.

ووفقاً لتقرير نشره موقع "تجارت ‌نیوز" فإن شراء مضخة مياه وخزان في ظل الظروف الحالية يفرض أعباء مالية كبيرة على المواطنين، وتشير أسعار السوق إلى أن سعر مضخة بقدرة حصان واحد يبدأ من 4 ملايين تومان (50 دولاراً) ويصل إلى 7 ملايين تومان (83 دولاراً)، وهي مضخة تستخدم غالباً في المباني المؤلفة من خمسة طوابق.

أما بالنسبة إلى المباني التي تتكون من طوابق عدة فيجب استخدام مضخات بقدرة حصانين، وتبدأ أسعار هذه الأجهزة من 8 ملايين تومان (95 دولاراً) وتصل إلى 14 مليون تومان (165 دولاراً)، مما يزيد من العبء المالي على سكان هذه الأبنية وسط الأزمة المائية المتفاقمة.

إلى جانب مضخة المياه يضطر المواطنون أيضاً إلى شراء خزانات مياه بسعة مناسبة. وتراوح أسعار الخزانات بسعة 500 لتر، التي تستخدم عادة في المباني السكنية المؤلفة من ثلاثة إلى أربعة طوابق، بين 3 و5 ملايين تومان (35 و60 دولاراً). أما الخزان بسعة 1000 لتر، والمخصص للمباني التي تضم أكثر من أربعة طوابق، فتراوح أسعاره ما بين 4 و9 ملايين تومان (47 و105 دولارات).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق ذكرت صحيفة "اطلاعات" في تقرير لها أن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى تبخر نحو 75 في المئة من كميات الأمطار، مما أفقد البلاد القدرة على الاستفادة من جزء كبير من المياه السطحية. ووفقاً لهذا التقرير، فإن من أصل نحو 260 مليار متر مكعب من الأمطار السنوية التي تهطل على إيران، لا يتوفر سوى 85 مليار متر مكعب للاستخدام الفعلي.

أضافت الصحيفة أن 55 في المئة من المياه المستهلكة في إيران تأتي من مصادر جوفية، إلا أن العجز التراكمي في هذه الموارد وصل إلى نحو 145 مليار متر مكعب، مما تسبب في هبوط الأرض وزحف التصحر وتصاعد الأزمات البيئية.

أما أوضاع السدود في إيران فهي كارثية أيضاً، إذ لا تتجاوز نسبة امتلاء خزانات سدود محافظة طهران 14 في المئة فقط. وعلى سبيل المثال لا يحوي سد لتيان الذي تبلغ سعته 95 مليون متر مكعب، سوى على 41 مليون متر مكعب من المياه المخزنة.

وكان وزير الطاقة عباس علي ‌آبادي حذر في الـ15 من يوليو (تموز) الجاري من أن بعض السدود مثل ماملو ولتيان ولار، قد تخرج من الخدمة قريباً بسبب نقص المياه الحاد.

وقد أدى انخفاض نسبة الأمطار بنسبة 40 في المئة والانحدار الحاد في منسوب السدود والاستخراج المفرط لموارد المياه الجوفية إلى وضع إيران في مواجهة واحدة من أخطر أزمات المياه خلال العقود الأخيرة. وفي ظل هذا الواقع يحاول المسؤولون المتورطون في بناء السدود بصورة عشوائية والاستغلال غير المنهجي للمياه الجوفية وتنفيذ مشاريع مائية من دون مراعاة لمحدودية الموارد، مواجهة الأزمة عبر تقليص ضغط المياه في المناطق السكنية على أمل تأجيل الانفجار الكامل لأزمة المياه في عموم البلاد.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير