Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا تشتعل بسبب ظاهرة "القبة الحرارية"

حرائق وعمليات إجلاء للسكان والسياح في تركيا وفرنسا واليونان

أناس يتبردون عند نافورة باركاتشيا التاريخية في روما، الثلاثاء 1 يوليو 2025 (أ ب)

ملخص

يشير مصطلح "القبة الحرارية" إلى ظاهرة جوية تتكون من كتلة من الهواء الجاف الساخن التي تستقر في أجواء بعض المناطق فترة طويلة نسبياً من الزمن نتيجة الضغط الجوي العالي.

تضرب حالياً موجة حر شديدة معظم أنحاء غرب أوروبا، حيث تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية في إسبانيا وفرنسا وغيرهما من الدول، وهذا ما دفع السلطات إلى إصدار تحذيرات قصوى في جميع أنحاء القارة العجوز تقريباً.

وبينما يكافح رجال الإطفاء حرائق الغابات في تركيا وفرنسا، يقول العلماء إن ظاهرة "القبة الحرارية" هي المسؤولة عما يجري في أوروبا، التي تتجسد بنظام ضغط عالٍ قوي يحبس الهواء الساخن فوق القارة الأوروبية ويمنع التبريد.

ومع تزايد وتيرة موجات الحر الشديدة تتزايد الأخطار الصحية بصورة كبيرة بسبب هذه الظاهرة، لا سيما لكبار السن والأطفال والمصابين بأمراض مزمنة.
ودفع حريق اندلع في أحراج واشتدت نيرانه بفعل الرياح العاتية، السلطات المحلية الخميس إلى إجلاء سكان وسياح في جنوب شرق جزيرة كريت اليونانية. وأعلن نائب محافظ لاسيثي، يانيس أندرولاكيس، عبر محطة ميغا التلفزيونية أن "عمليات الإجلاء شملت كثيراً من الفنادق ونُقل السياح بأمان إلى صالة رياضية مغلقة تابعة لبلدية ييرابترا على الساحل الجنوبي الشرقي لجزيرة كريت".
وأُجلي نحو 1500 شخص بحسب وسائل الإعلام المحلية، في حين أشار تلفزيون "إي أر تي" العام إلى "إجلاء أكثر من 1000" شخص.
وأشار أندرولاكيس إلى أن عمليات الإجلاء هذه نُفذت كإجراء احترازي بسبب غياب الوسائل الجوية الضرورية لمكافحة الحريق ليل الأربعاء-الخميس. وقال "في الوقت الحالي الحريق مندلع على ثلاث جبهات. وبسبب الرياح القوية انتشرت النيران بسرعة في أماكن عدة."
وأُرسلت تعزيزات من أثينا إلى الموقع لمساعدة عناصر الإطفاء المحليين الذين يواجهون صعوبات كثيرة بسبب شدة الرياح.

ما "القبة الحرارية"؟

يشير هذا المصطلح إلى ظاهرة جوية تتكون من كتلة من الهواء الجاف الساخن التي تستقر في أجواء بعض المناطق فترة طويلة نسبياً من الزمن نتيجة الضغط الجوي العالي، تاركةً الناس والمحاصيل والحيوانات تحتها يعانون هواء راكداً وساخناً يشبه الفرن.
يعمل الضغط العالي في الغلاف الجوي مثل القبة أو الغطاء الذي يحتفظ بالحرارة على سطح الأرض ويمنعها من الإفلات نحو الأجواء العليا للغلاف الجوي. وعادةً ما ترتبط "القباب الحرارية" بسلوك التيار النفاث، وهو عبارة عن شريط من الرياح السريعة في الغلاف الجوي يمتد من الغرب إلى الشرق.

ما الذي يسببها وكيف تتحرك؟

هذه الظاهرة ليست عشوائية بطبيعة الحال، بل هي ناتجة عن اضطرابات في الغلاف الجوي، فعندما يصبح التيار النفاث متموجاً وبطيئاً، فقد تُحبس أنظمة الضغط العالي في مكانها، مما يؤدي إلى ظهور "قبة حرارية".

ويمكن أن تسهم أنماط المحيطات، مثل ظاهرة "النينيا"، أيضاً في ارتفاع درجات حرارة سطح البحر وتغيير تدفق الهواء، وتساعد هذه التغييرات على تهيئة الظروف اللازمة لتشكل "قبة حرارية" أي بطقس جاف وأشعة شمس طويلة.
وباختصار، فإن مزيج انسداد دوران الهواء، والحرارة المحبوسة، وظروف الأرض الجافة هو ما يسمح لهذه الظاهرة المناخية بأن تشتد وتستمر.
وتتحرك "القباب الحرارية" ببطء، إن تحركت أصلاً، ويمكن أن تستقر فوق مناطق بأكملها فترات طويلة، ويعتمد مسارها ومدتها بصورة كبيرة على سلوك التيار النفاث. وعندما يضعف التيار النفاث أو يتحرك، يمكن أن تتمدد "القبة الحرارية" أو تنجرف إلى مناطق جديدة. فيما تتبدد هذه الظاهرة عندما ينهار خط الضغط المرتفع وحسب، وعادةً ما يحدث ذلك مع وصول هواء أكثر برودة أو أنظمة عواصف.

كيف يؤثر تغير المناخ في "القباب الحرارية"؟

يشير تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 2023 إلى أن الظواهر الجوية المتطرفة (بما في ذلك موجات الحر) أصبحت أكثر تواتراً وشدة في معظم المناطق البرية منذ خمسينيات القرن الماضي. وتعد "القباب الحرارية" من بين هذه الظواهر، فمع ارتفاع درجات حرارة المحيطات واليابسة، تتزايد آثار الاحترار الناتجة عن "القباب الحرارية".
وقد يغير تغير المناخ سلوكيات التيارات النفاثة التي تسهم في ظهور "القباب الحرارية"، حيث يمكن أن تؤدي التغيرات في الدورة الجوية المرتبطة بالاحترار في القطب الشمالي إلى أنماط طقس أكثر ركوداً، مما يسمح باستمرار "القباب الحرارية".

وببساطة يسبب تغير المناخ "قباباً حرارية" أكثر شيوعاً وشدة وأطول أمداً، وهذا يعود لكون البشر لا يزالون يطلقون كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى احتجاز مزيد من الحرارة. لذا، مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بالفعل بنحو 1.3 درجة مئوية منذ الثورة الصناعية، سيجعل عدم الحد من الانبعاثات هذه الأحداث أكثر تطرفاً.
وتشهد أوروبا، حيث ترتفع درجات الحرارة بمعدل ضعف المتوسط العالمي، بالفعل موجات حر أشد، وتشير توقعات علماء المناخ للفترة من يوليو (تموز) الجاري إلى سبتمبر (أيلول) المقبل إلى احتمال كبير لتسجيل درجات حرارة أعلى من المتوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تأثيرها في جسم الإنسان

وتسبب الحرارة الشديدة، وخصوصاً عند اقترانها بالرطوبة، ضغطاً شديداً على جسم الإنسان، إذ يصبح نظام التبريد الأساس لدينا الذي يتجلى بعملية التعرق أقل فعالية عندما يكون الهواء مشبعاً بالرطوبة. وهذا الأمر يقلل من قدرة الجسم على تبريد نفسه من خلال التبخر. نتيجة لذلك، ترتفع درجة حرارة الجسم الأساسية، مما يؤدي إلى مضاعفات صحية كالجفاف والإرهاق الحراري والتعرض لضربة شمس قد تهدد الحياة. أما الفئات الأكثر عرضة للخطر فهم كبار السن، والأطفال، والأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة، والعاملون في الهواء الطلق. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تسبب الحرارة الشديدة بالفعل أكثر من 1300 حالة وفاة سنوياً في الولايات المتحدة وحدها.

كيف نحمي أنفسنا؟

لحماية نفسك خلال الحر الشديد عليك التزام التعليمات التالية: حافظ على رطوبة جسمك واشرب كثيراً من الماء، تجنب الخروج خلال ساعات ذروة الحر عادةً من الساعة 12 ظهراً إلى الرابعة عصراً، وابحث عن بيئات باردة كأن تستخدم مكيفات الهواء أو المراوح أو مراكز التبريد.

وعليك استخدام أساليب تبريد مبتكرة، إذ يمكنك الاستحمام بماء بارد، أو نقع قدميك أو ذراعيك في ماء بارد، أو الجلوس أمام مروحة مع وضع قطعة قماش باردة على بشرتك.

وتفقّد دائماً في ظل موجات الحر الشديدة الأشخاص الأكثر عرضة للخطر ككبار السن، والمرضى وأولئك الذين يعيشون بمفردهم. وأخيراً راقب علامات ضربة الشمس مثل الارتباك والدوار وسرعة ضربات القلب واطلب المساعدة الطبية فوراً حال ظهور الأعراض.

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة