Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هو تخصيب اليورانيوم ولماذا يثير المخاوف في الصراع الراهن؟

قامت إيران بتخصيب كميات كبيرة من اليورانيوم في منشآتها

منشأة تحويل اليورانيوم الإيرانية، الواقعة خارج مدينة أصفهان في عام 2005 (أ ب)

ملخص

استهدفت إسرائيل منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية نطنز وفوردو وأصفهان، ما يهدد قدرة طهران على إنتاج أسلحة نووية باستخدام اليورانيوم-235. ويُعد التخصيب المرتفع إلى 60 في المئة مؤشراً مقلقاً، إذ يسهل تقنياً الانتقال إلى مستوى 90 في المئة المستخدم في الأسلحة.

في أواخر الأسبوع الماضي، استهدفت إسرائيل ثلاثاً من المنشآت النووية الإيرانية الرئيسة، هي نطنز وأصفهان وفوردو، مما أسفر عن مقتل عدد من العلماء النوويين الإيرانيين.

تتمتع هذه المنشآت بتحصينات شديدة وتقع معظمها تحت الأرض، وتتضارب التقارير في شأن حجم الأضرار التي لحقت بها.

وتعد منشأتا نطنز وفوردو موقعي تخصيب اليورانيوم الرئيسين في إيران، بينما توفر أصفهان المواد الخام اللازمة لذلك. وبالتالي، فإن أي ضرر يلحق بهذه المواقع من شأنه أن يحد من قدرة إيران على إنتاج الأسلحة النووية.

لكن ما تخصيب اليورانيوم بالضبط، ولماذا يثير المخاوف؟

لفهم ما يعنيه "تخصيب" اليورانيوم، يجب أن تعرف قليلاً عن نظائر اليورانيوم وعن عملية شطر الذرة في تفاعل الانشطار النووي.

ما النظير؟

يتكون كل شيء من الذرات، التي تتألف بدورها من البروتونات والنيوترونات والإلكترونات. ويحدد عدد البروتونات الخصائص الكيماوية للذرات، مما يميز العناصر الكيماوية المختلفة عن بعضها بعضاً.

وتحتوي الذرات أعداداً متساوية من البروتونات والإلكترونات. فاليورانيوم، على سبيل المثال، يوجد به 92 بروتوناً، بينما يحتوي الكربون على ستة. ومع ذلك، يمكن للعنصر الواحد أن يضم أعداداً مختلفة من النيوترونات، مشكلاً بذلك نسخاً من العنصر تسمى النظائر.

هذا لا يكاد يحدث فرقاً في التفاعلات الكيماوية، لكن تأثيره في التفاعلات النووية قد يكون بالغ الاختلاف.

الفرق بين اليورانيوم-238 واليورانيوم-235

عندما نستخرج اليورانيوم من الأرض، فإن 99.27 في المئة منه يتكون من اليورانيوم-238، الذي يحتوي على 92 بروتوناً و146 نيوتروناً. بينما يشكل اليورانيوم-235، الذي يضم 92 بروتوناً و143 نيوتروناً، 0.72 في المئة فقط (وتشكل النظائر الأخرى النسبة المتبقية البالغة 0.01 في المئة).

يتطلب استخدام اليورانيوم في مفاعلات الطاقة النووية أو في صناعة الأسلحة النووية تعديل نسب نظائره، فمن بين النظيرين الرئيسين، يتمتع فقط اليورانيوم-235 بالقدرة على دعم تفاعل انشطاري متسلسل. وتحدث هذه العملية عندما يصطدم نيوترون بذرة من اليورانيوم-235، مما يؤدي إلى انشطارها وإنتاج طاقة، إضافة إلى إطلاق مزيد من النيوترونات، التي بدورها تتسبب في مزيد من الانشطارات التي لا تتوقف.

 

ويطلق هذا التفاعل المتسلسل كميات هائلة من الطاقة، ففي السلاح النووي، الهدف هو حدوث هذا التفاعل خلال جزء من الثانية، لإحداث انفجار نووي.

أما في محطة الطاقة النووية المدنية، فيتحكم بالتفاعل المتسلسل. وتنتج محطات الطاقة النووية حالياً تسعة في المئة من طاقة العالم، وهناك استخدام مدني حيوي آخر للتفاعلات النووية، وهو إنتاج نظائر تستخدم في الطب النووي لتشخيص الأمراض وعلاجها.

ما تخصيب اليورانيوم إذاً؟

يعني "تخصيب" اليورانيوم أخذ العنصر الموجود بصورته الطبيعي وزيادة نسبة اليورانيوم-235 فيه عن طريق إزالة اليورانيوم-238.

تتنوع طرق تخصيب اليورانيوم، وتشهد ابتكارات مستمرة كما الحال في أستراليا، لكن الطريقة التجارية الشائعة حالياً هي باستخدام أجهزة الطرد المركزي، وهو ما تطبقه المنشآت الإيرانية أيضاً.

تستفيد أجهزة الطرد المركزي من فارق الوزن الضئيل بين نظائر اليورانيوم، فاليورانيوم-238 أثقل بنحو واحد في المئة من اليورانيوم-235. وتعمل هذه الأجهزة عبر إدخال اليورانيوم في حالته الغازية ثم يدور الغاز داخل الجهاز بسرعات فائقة تتراوح بين 50 ألفاً إلى 70 ألف دورة في الدقيقة. نتيجة لذلك، تتحرك الجدران الخارجية لأجهزة الطرد المركزي بسرعات مذهلة تصل إلى 400 و500 متر في الثانية.

وتعمل هذه التقنية على غرار جهاز تجفيف الخضراوات، الذي يدفع الماء نحو الجوانب ويبقي الأوراق في الوسط، إذ تتحرك ذرات اليورانيوم-238 الأثقل إلى أطراف الجهاز، بينما يتجمع اليورانيوم-235 الأخف في المركز.

وتعد هذه العملية محدودة الكفاءة، لذا يتم تكرار الدوران مراراً وتكراراً لزيادة نسبة اليورانيوم-235 تدريجاً.

وتستخدم معظم المفاعلات النووية المدنية "اليورانيوم منخفض التخصيب" الذي جرى تخصيبه بنسبة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة في المئة، مما يعني أن نظير اليورانيوم-235 يشكل ثلاثة إلى خمسة في المئة من إجمالي اليورانيوم في العينة، وهي نسبة كافية لإبقاء تفاعل انشطاري مستمر لإنتاج الكهرباء.

ما مستوى التخصيب اللازم لإنتاج الأسلحة النووية؟

لإحداث تفاعل نووي متسلسل يؤدي إلى انفجار، يحتاج اليورانيوم-235 إلى تركيز أعلى بكثير من المستويات المستخدمة في المفاعلات النووية لتوليد الطاقة أو في الطب النووي.

من الناحية التقنية، يمكن صنع سلاح نووي باستخدام يورانيوم مخصب بنسبة 20 في المئة من اليورانيوم-235، ويعرف حينها بـ"اليورانيوم عالي التخصيب"، لكن كلما زادت نسبة التخصيب، أصبح السلاح أصغر حجماً وأخف وزناً. ولهذا السبب، تستخدم الدول المالكة للأسلحة النووية عادةً يورانيوماً مخصباً بنسبة تقارب 90 في المئة، ويعرف بـ"اليورانيوم المستخدم في الأسلحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران قامت بتخصيب كميات كبيرة من اليورانيوم بنسبة وصلت إلى 60 في المئة. ومن الأسهل تقنياً الانتقال من تخصيب بنسبة 60 إلى 90 في المئة، مقارنة بالوصول من المستويات الطبيعية إلى 60 في المئة في المقام الأول، وذلك لأن كمية اليورانيوم-238 التي يجب التخلص منها تقل تدريجاً مع التقدم في التخصيب.

ولهذا السبب تعتبر إيران في وضع شديد الخطورة من حيث إمكان إنتاج أسلحة نووية، وتحاط تكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي الخاصة بالتخصيب بسرية بالغة.

وفي نهاية المطاف، فإن تقنية أجهزة الطرد المركزي المستخدمة نفسها لإنتاج الوقود للمفاعلات النووية المدنية، يمكن استخدامها أيضاً لإنتاج الأسلحة النووية.

ويقوم مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة المنشآت النووية حول العالم، لضمان امتثال الدول لأحكام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

وعلى رغم تأكيد إيران أن تخصيبها لليورانيوم يهدف فقط إلى "أغراض سلمية"، فإن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرر في نهاية الأسبوع الماضي أن إيران انتهكت التزاماتها بموجب المعاهدة.

كايتلين كوك زميلة في برنامج زمالة "DECRA" بقسم الفيزياء النووية وتطبيقات المسرعات في الجامعة الوطنية الأسترالية.

نشرت هذه المقالة في الأصل على موقع The Conversation، ويعاد نشرها بموجب ترخيص المشاع الإبداعي.

المزيد من تقارير