Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كسور في قصور الثقافة بمصر والكتاتيب تكسب المعركة

المؤسسات الدينية لا تعاني شحاً في التمويل أو تفتقر إلى أماكن تقيم فيها الشعائر والفعاليات ذات الطابع الديني

ينص الدستور المصري على أن الثقافة حق لكل مواطن (وزارة الثقافة المصرية - فيسبوك)

ملخص

غالبية المصريين لا تعرف تفاصيل قرار إغلاق عدد كبير من قصور الثقافة وإن عرفت لا تهتم وإن اهتمت لا تتوقف كثيراً أمام احتواء الدستور على نص يتعلق بالثقافة و"يضمن" إتاحة موادها" ربما لأن مبدأ الإتاحة ضبابي أو أن تعريف المواد مطاط أو أن قاعدة ليست قليلة تعتبر ما ورد في الدستور أمراً لا يعنيها وما تعنيه الثقافة – باستثناء ما يتعلق بالثقافة الدينية - ليس من شأنها.

شعور عام يعتري قطاعاً محدوداً من المصريين بأن الحال الثقافية لعموم المصريين ليست في أفضل أحوالها. المعلومات العامة، التذوق الموسيقي، قبول التنوع والتعدد، سلوكيات ينقصها الانضباط أحياناً، قراءة واطلاع غائبان، اعتماد شبه كلي على محتوى الـ"سوشيال ميديا" مصدراً وحيداً للمعرفة، وقائمة أعراض الثقافة المعتلة في نظر الأقلية تطول.

أما الشعور الجارف لدى القطاع الأكبر من المصريين، وهو القطاع الموضوع من قبل الأقلية المنزعجة في خانة "معتلي الثقافة"، فقوامه رضا وإطاره اكتفاء وقلبه سعادة وعقله غنى، إذ الثقافة حاضرة والمعرفة طاغية والإلمام بما ينبغي الإلمام به متوفر ويزيد.

"لديك هوايات؟" "نعم!" "ما هي؟" "مشاهدة الفيديوهات الدينية وبرامج الفتاوى والأحكام". "هل تعتبر نفسك مثقفاً؟" "بالطبع، أقرأ القرآن الكريم باستمرار وأتابع ما يقدمه المشايخ الأفاضل على 'يو تيوب'". "من مثلك الأعلى في الحياة؟"، "سيدنا محمد وبعده الشيخ الشعراوي رضي الله عنه وأرضاه". "هل تقرأ؟" "أحياناً"، "ماذا تقرأ؟"، "أقرأ القرآن وكتب الفقه والشريعة، وكذلك قصص الأنبياء".

استنباط الحال الثقافية

ربما تأتي الإجابات مصحوبة بجناحين ملائكيين وكأنهما هبطا من السماء مباشرة ظناً من المجيب أنه كلما زادت الجرعة الدينية في الإجابات، حاز تصنيفاً أعلى في استطلاع الرأي العام، أو استنباط الحال الثقافية.

القلة القلقة ترى أن الحال الثقافية تعاني كثيراً على مدى ما يزيد على نصف قرن، وهي معاناة تصاعدية، حيث ترى الأقلية القلقة أنها تسير من سيئ إلى أسوأ، أو من محدودة إلى أكثر محدودية، أو فلنقل من ضحلة إلى أكثر ضحالة.

تشريح الحال الثقافية أمر بالغ الصعوبة، وتحديد نقاط العوار والضعف مسألة بالغة الحساسية، فما يبدو عواراً لبعض الناس هو غاية المنى لآخرين، وما يُشخَّص على أنه ضعف، هو مصدر قوة لفريق آخر.

ينص الدستور المصري في مادته رقم 48 على أن "الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم دعمه وإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، من دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافي أو غير ذلك، وتولي اهتماماً خاصاً بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجاً".

الغالبية لا تعرف التفاصيل، وإن عرفت لا تهتم، وإن اهتمت لا تتوقف كثيراً أمام احتواء الدستور على نص يتعلق بالثقافة و"يضمن إتاحة موادها". ربما لأن مبدأ الإتاحة ضبابي، أو أن تعريف المواد مطاط، أو أن قاعدة ليست بقليلة تعتبر ما ورد في الدستور أمراً لا يعنيها.

عموماً، تعرف الغالبية أن هناك كياناً ضخماً اسمه "قصور الثقافة". الأكبر سناً لديهم قدر ما من المعلومات عن هذه "القصور"، الأصغر سناً إما لا يعرفون أو لا يكترثون أو يتوقفون من أجل السخرية والدعابة، لا سيما أولئك الذين لم – وفي الأغلب لن - تطأ أقدامهم أرض القصور.

 

بحسب موقع وزارة الثقافة المصرية، "الهيئة العامة لقصور الثقافة هي إحدى المؤسسات الثقافية ذات الدور البارز في تقديم الخدمات الثقافية والفنية، وهي هيئة مصرية تهدف إلى المشاركة في رفع المستوى الثقافي وتوجيه الوعي القومي للجماهير في مجالات السينما والمسرح والموسيقى والآداب والفنون الشعبية والتشكيلية، وفي نشاط الطفل والمرأة والشباب وخدمات المكتبات في المحافظات. وقد أنشئت في بادئ الأمر تحت مسمى "الجامعة الشعبية" في عام 1945، ثم تغير اسمها في عام 1965 إلى "الثقافة الجماهيرية"، وعام 1989 صدر قرار جمهوري بتحويلها إلى هيئة عامة ذات طبيعة خاصة، وأصبح اسمها "الهيئة العامة لقصور الثقافة".

وعلى رغم اعتقاد كثر بأن وزير الثقافة المصري السابق الراحل ثروت عكاشة هو من أسس هذه القصور في أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي، وذلك ضمن مشروع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لبناء الإنسان المصري ثقافياً، فإنه من طورها ووسع قاعدة الاستفادة منها، ووضع دعائم وقواعد "ثقافة الثقافة" في مصر أعواماً. وما زال بعض المصريين يتذكره باعتباره من ترجم عبارة "دمقرطة الثقافة" إلى فعل في المجتمع المصري. يشار إلى أن عكاشة كان وزيراً للثقافة والإرشاد القومي بين عامي 1958 و1962، وشغل كثيراً من المناصب الرسمية ذات الطابع الثقافي وكذلك الدبلوماسي.

وعلى رغم مرور عقود على مسيرة ثروت عكاشة الثقافية، وأعوام على وفاته (2012)، فإن اسمه يظل مرتبطاً بمنظومات ثلاث مرتبطة بعضها ببعض: قصور الثقافة، دمقرطة الثقافة، جماهيرية الثقافة.

الكاتب الصحافي عبدالله السناوي قال عنه في الاحتفال بمئويته في عام 2021، "يرتبط اسم ثروت عكاشة بأكبر عملية بناء ثقافي في التاريخ المصري الحديث".

أثر عكاشة الثقافي يندرج تحت بند "الثورة الثقافية"، يقول السناوي "اتسعت مساحة القراءة العامة بما هو جدير بالاطلاع عليه من فكر وأدب وإبداع لكتاب مصريين. ازدهرت حركة الترجمة لإتاحة ما يُنشر من فكر حديث في الغرب أمام القارئ بأرخص الأسعار. نشأ جيل من المسرحيين العظام مثل يوسف إدريس وسعد الدين وهبة وألفريد فرج ومحمود دياب وميخائيل رومان ونعمان عاشور".

أُنشئت أكاديمية الفنون في الهرم، وأُرسلت بعثات إلى عواصم أوروبية، لتعلّم الموسيقى الكلاسيكية وفن الباليه والمسرح. نهضت حركة الفن التشكيلية وأضيفت كلية جديدة للفنون الجميلة في الإسكندرية. شهدت الأغنية الوطنية عصرها الذهبي بتوصيف المايسترو سليم سحاب. صعد نجم فن الرقص الشعبي في تجربتي "فرقة رضا" و"الفرقة القومية للفنون الشعبية". انتشرت قصور الثقافة في كل المدن، كأنها تلاحق التوسع في إنشاء المدارس والمستشفيات العامة.


كل ما سبق دخل كل بيت مصري في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وترك أثره في الكبار والصغار، حتى كانت السبعينيات!

إنها الحقبة التي شهدت بداية تراجع الثقافة والتنوير والانفتاح على الفنون والآداب، والتوجه صوب خليط من التدين المنقسم إلى التدين المظهري في الملابس والمفردات، والتشدد الذي يصل حد التطرف، إضافة إلى اعتناق الثقافة الاستهلاكية، مع بدء انهيار منظومة التعليم ومعها التربية، وغلبة القيم المادية وما تبعها من فساد وانهيار أخلاقي وانفلات سلوكي على رغم مظهر المجتمع الغارق في المحافظة.

عقيدة ثقافية جديدة

وضمن التغيرات بدأت قصور الثقافة التي كانت نوافذ المصريين بمختلف فئاتهم وطبقاتهم المطلة على الثقافة والفنون والآداب، أداءً واكتشافاً واطلاعاً ومتابعة، تفقد دورها وتتفتت عقيدتها لمصلحة القيم الجديدة.

وتزامنت "العقيدة الثقافية الجديدة" القائمة على خلطة من التدين المظهري أو المتطرف مع تحلل القيم والقواعد مع قلة الاعتمادات المالية المخصصة لقصور الثقافة، وفقدان الاهتمام بها من قبل القائمين عليها، مع تسلل الفساد إليها، وإصرار القلة القليلة الباقية منها على تقديم منتج ثقافي طارد للجماهير، غارق في القدم، ولا يواكب العصر وروحه ومتطلباته.

وسلطت الأحداث السياسية والأمنية التي مرت بها مصر منذ يناير (كانون الثاني) 2011 وحتى يونيو (حزيران) 2013، الضوء على ما آلت إليه أحوال هذه القصور من إهمال وفساد واقتصار دور الموظفين في أغلبها على التوقيع حضور وانصراف في كراسات.

وظلت الحال على ما هي عليه، مع استثناءات صحوية بين الوقت والآخر، إذ تشهد تلك القصور عروضاً فنية وفعاليات ثقافية وبرامج توعوية ثقافية ارتبط أغلبها بوجود مسؤول مهتم، أو موظف لديه شغف بصفة شخصية.


وعام 2016 كتبت صاحبة هذه السطور مقالاً عنوانه "كسور الثقافة" أغضب وزارة الثقافة كثيراً في ذلك الوقت، وأرسلت سرداً للأنشطة التي تشهدها بعض "القصور"، ولكن المتلقين أكدوا أن القصور موجود. جاء في المقال "تقصير كبير طرأ على حياة مصر الثقافية وعلى قدرة الثقافة على تنقيح وتنقية وترقية النفس البشرية المصرية على مدى سنوات طويلة، ما فتح الباب أمام أشكال ماسخة وقبيحة ومصطنعة ومفتعلة من ’الثقافة‘ ملأت الخواء الموجود، ونجحت في السيطرة على أجيال بأكملها. ومن أفلام مقاولات وأغنيات لا تحمل معنى أو لحناً أو صوتاً، إلى تكفير للرسم والنحت والغناء والموسيقى والرقص. وغرقت الغالبية في حالة من القبح الثقافي وانعكاساته، مع مزيد من الغرق في التدين المظهري والمتشدد. والغريب أنه في كل مرة يتم فيها إطلاق مبادرة لتحسين الأخلاق ونشر الثقافة، تتخذ قلباً وقالباً دينياً يهدف إلى مزيد من تعميق الصبغة الدينية المتشددة على مظاهر الحياة، وأولها الثقافة. أما الجهة المنوط بها نشر الثقافة، وعلى رأسها قصور الثقافة، فخرجت ولم تعد".

وعن "كارثة الثقافة في مصر"، كتب الكاتب ووزير الثقافة الراحل جابر عصفور عام 2013، "الثقافة بمعناها العام من وعي اجتماعي وسياسي وأخلاقي، وما يرتبط بها من سلوك وعادات وتقاليد وأعراف في كارثة، وتكمن في أن الثقافة الغالبة على عقول الملايين قاصرة. يصح ذلك على الثقافة الدينية من حيث سيطرة معتقدات فاسدة، وتأويلات متعسفة لا تعرف معنى للتسامح أو الاجتهاد أو حرية الاختلاف في فهم النصوص الدينية، ناهيك عن إلغاء العقل وفرض التقاليد الجامدة على البسطاء من المواطنين. وقد اقترن ذلك بجمود الخطاب الديني السائد وبعده عن التسامح والعقلانية والاجتهاد، فشاع خطاب التقليد مقابل تضييق باب الاجتهاد، وانتشر التعصب المقترن بالعنف المعنوي والمادي. وشاع وهم احتكار المعرفة الدينية بين الفرق المتصارعة، وتصاعد خطاب التكفير وأحكامه".

وتطرق عصفور إلى شيوع ثقافة الاستبداد، سواء في الدين أو السياسة أو حتى في أسلوب النقاش وتبادل وجهات النظر، حتى بعد سقوط دولة الإخوان، وتحدث عن محاكاة المقموع لصفات القامع، في الدين والسياسة والثقافة وغيرها، وخلص إلى أنه لا مستقبل مشرقاً لمصر والمصريين ما دامت ثقافة الناس على ما هي عليه.

على مدى أعوام طويلة، انطلقت أصوات تطالب بين الحين والآخر بالاستعانة الفورية بقصور الثقافة لعلاج كسورها. أخبارها في الإعلام لم تغب، لكن أثرها في الشارع غائب، إلى أن وقعت فأس قرار الإغلاق في رأس المهتمين والمهمومين بالشأن الثقافي في مصر.

في منتصف مايو (أيار) الماضي، صدر قرار عن وزارة الثقافة بغلق ما يزيد على 100 قصر ومكتبة ثقافية "مؤجرة"، وإعادة توزيع موظفيها وعامليها على مواقع أخرى تابعة لوزارة الثقافة.

انفجار قرار الإغلاق

انفجر القرار في وجوه قلة من المصريين، لكنها القلة التي يصل صوتها إلى منصات الإعلام ودوائر السياسة. عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي مها عبدالناصر تقدمت بطلب إحاطة اعترضت فيه على القرار. وقالت إن "الإغلاق سيؤثر سلباً في مستقبل الوعي والإبداع في مصر"، وإن "هذه المؤسسات ظلت عقوداً إحدى أدوات الدولة في نشر التنوير ومواجهة الجهل والتطرف. وباتت هذه المنشآت تُغلق الواحدة تلو الأخرى، إما بدعوى التطوير، أو تحت ستار ترشيد الإنفاق، أو أنها صارت غير جاذبة للجمهور".

وجرت مناقشة قرار البرلمان وكذلك طلب الإحاطة في البرلمان، حيث أبدى نواب اعتراضهم على الإغلاق، وطالبوا بمعرفة الأسباب. الجميع يعرف أن هذه القصور "ميتة إكلينيكياً"، لكن وزير الثقافة المصري أحمد هنو في رده لم يقل هذا. قال إن هذه البيوت (القصور) غير مؤهلة لتقديم أنشطة ثقافية وفنية للمواطنين، وأن هناك خطة لتطوير قصور الثقافة لنشر الوعي، بالتنسيق مع وزارتي التعليم والشباب والرياضة، والمؤسسات الدينية لتوسيع نطاق الخدمات الثقافية، واكتشاف المواهب ودعم الموهوبين في مختلف المحافظات.

لم يعترض النواب على كلام هنو، وهو الكلام الذي لم يسرد أو يشرح أسباب الإغلاق. كما لم يعترض أحد على الإصرار على الزج بالمؤسسات الدينية لتكون مكوناً رئيساً ودائماً في كل كبيرة وصغيرة تتعلق بالثقافة، التي هي الآداب والفنون والمسرح والكتابة والرسم والنحت والتمثيل والسينما والقراءة والرقص وغيرها.
برلمانية أخرى هي الروائية ضحى عاصي أعلنت رفضها قرار الإغلاق، ورأت أنه يعكس رؤية الدولة لهذه القصور باعتبارها غير ذات أهمية، وطالبت الحكومة بتخصيص ميزانيات لتنظيم أنشطة ثقافية بمفهوم اجتماعي شامل وحديث.

وفي تصريحات صحافية، قال رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة خالد اللبّان إن القرار سببه "عدم أداء دورها المنوط به نتيجة عاملين: الأول صغر مساحة هذه البيوت، وبعضها يشغل شققاً سكنية تتراوح مساحتها ما بين 40 و50 متراً مربعاً، وهو ما لا يسمح بتنظيم أنشطة ثقافية وفنية، والثاني تضخم عدد الموظفين العاملين في هذه البيوت". وقال إن أحدها مساحته 40 متراً مربعاً ويعمل فيه 87 موظفاً! وتوجد مكتبة ثقافية مساحتها تسعة أمتار ويعمل بها ما يزيد على 30 موظفاً. وقال إن أغلب العاملين غير مؤهلين لتنظيم فعاليات ثقافية، وأن إغلاق 100 من بيوت أو قصور الثقافة لن يؤثر في ما تقدمه بقية البيوت والقصور التي يفوق عددها 500 قصر.

 

ردود فعل عنيفة تظل تتواتر على ما صدر من تصريحات رسمية في هذا الشأن. "عذر أقبح من ذنب"، "منذ متى وحل معضلة العمالة الزائدة هو إغلاق محل العمل؟"، "هذه قضية فساد كبرى في التوظيف والإدارة والإهمال"، "سواء كان عدد قصور الثقافة 1000 أو 500 أو 10، لا أحد يسمع أو يشعر بما تقدمه على مدى عقود" وغيرها من التعليقات ما زالت تتفجر على أثير الـ"سوشيال ميديا".

وعلى أثير الإعلام التقليدي، تعلو أصوات في محاولات مستميتة للإبقاء على قصور الثقافة حية ترزق، على أن يعاود أصحاب هذه الأصوات النفخ في قربة إنقاذ ثقافة المصريين المقطوعة، وذلك باستغلال قصور الثقافة وإمكاناتها المهدرة والمعطلة والمهملة والمستنزفة.

الوضع البائس لقصور الثقافة على مدى عقود، والبحث المضني عما يمكن أن يطهّر الخطاب الديني السطحي والمتشدد الذي غرق فيه الملايين في ظل غياب شبه كامل للثقافة الفنية والأدبية، والذي كان يمكن أن يتجسد في قصور الثقافة المنتشرة في شرق مصر وغربها، لا يزعج الغالبية، لكن يغضب بعض المصريين.

بعض الغاضبين يتساءلون عمن كان السبب في تردي أحوال قصور الثقافة، وبينهم الكاتب الصحافي عماد الدين حسين الذي كتب عن مناقشة جمعته بوزير الثقافة أحمد هنو، ورئيس هيئة قصور الثقافة عمرو البسيوني قبل أيام في مجلس الشيوخ المصري، حول ما آلت إليه أوضاع قصور الثقافة.

دار الحديث حول تبريرات حول الشقق الصغيرة المستأجرة لتكون "قصر ثقافة"، وأعداد الموظفين والعمال الضخمة التي تثقل كاهل ميزانية تعاني الوهن أصلاً، والدور المعدوم لهذه "الشقق" التي صدر قرار بإغلاقها. النقطتان الرئيستان في مهزلة قرار الإغلاق بقيتا بلا إجابة.

كتب عماد الدين حسين "حين يتم إغلاق هذه 'الشقق'، فنحن نعاقب الشعب، ولا نعاقب الموظفين المتكاسلين أو مَن لم يستطع تشغيلهم، بل نحن عملياً نكافئهم، فمرتباتهم مستمرة. وإذا كان هذا هو الحال، فلماذا استمرت هذه الشقق بلا إصلاح؟ وإذا كانت بلا تأثير أو نشاط، أو مغلقة، فلماذا لم يتحرك كل وزراء الثقافة السابقين لإصلاح هذا الخلل الخطير، خصوصاً أن غالبية العاملين فى قصور الثقافة ليسوا مؤهلين بصورة كافية؟".
رد الوزير بأنه تسلم منصبه قبل 10 أشهر، وأنه يحاول الإصلاح بقدر المستطاع، وأن هناك بدائل للشقق المغلقة، إضافة إلى الاتفاق مع وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي للاستعانة بمقراتهما لتنظيم الأنشطة.

تماس بين الإعلام والثقافة

من جهة أخرى، وجّه الطبيب والسياسي والكاتب محمد أبو الغار "خطاباً مفتوحاً إلى وزير الثقافة" قبل أيام، تطرق فيه إلى ميزانية وزارة الثقافة المتقلصة، وابتلاع رواتب الموظفين أغلبها، واحتياج البنية التحتية للمؤسسات الثقافية إلى الدعم غير المتوافر، إضافة إلى أن "النظام الحالي لا يعطي الثقافة والتعليم الاهتمام الواجب".

واقترح أبو الغار أن يكون هناك قدر أكبر من التماس بين الإعلام والثقافة، لا سيما في الفعاليات القومية والاحتفالات الكبرى، لا سيما أن الثقافة هي التي تعطي هذه الفعاليات نكهتها الفنية الرفيعة، وهو ما يعني أن الإنفاق عليها يجب أن يكون من ميزانية الإعلام، لا من ميزانية "وزارة الثقافة الغلبانة".

واعتبر أبو الغار قصور الثقافة "السد الأساس لحماية القرى والأماكن الشعبية من التطرف، وجذب الأطفال والشباب وأيضاً الكبار إلى أعمال ثقافية جميلة، وإشاعة المتعة والبهجة بين البسطاء الفقراء حين يشاهدون عرضاً مسرحياً لفرقة شعبية راقصة"، مقترحاً تأجير قصور الثقافة للفرق الفنية الناجحة، وأن يكون الإشراف على الأنشطة لشباب ذي حس فني واع، لا موظفين بيروقراطيين يسعون إلى إفشال المشروع، وأن يُعهد بإدارة قصور الثقافة فقط لمديرين ذوي وعي بالثقافة والحرية المدنية، وربما دعوة القطاع الخاص إلى المساهمة في التمويل، مؤكداً ضرورة أن يكون الغرض الرئيس هو "رفع المستوى الثقافي والفكري للمصريين، والبعد عن الانغلاق، وتوسيع هامش الحرية".

وعلى ذكر الموظفين من ذوي الرؤية والحس الفني، والإيمان بالثقافة والحرية المدنية، قال وزير الثقافة أحمد هنو قبل أيام في إطار تبريره قرار إغلاق عدد من القصور، إن الوزارة يعمل بها نحو 1200 موظف يتقاضون بين 120 و140 مليون جنيه سنوياً، وأن بعضهم لم يذهب للعمل منذ سبعة أعوام. وأضاف أن بعض القصور الواقعة في شقق مغلقة منذ 30 عاماً، ومنها ما تحول إلى مخازن.

وكأن قرار الإغلاق، وتبريراته من فشل الموظفين وإهمالهم، وصغر مساحة بعض المقار، وكأن ثورة الغضب بين المثقفين والمهتمين والمهمومين كانا في حاجة إلى مزيد من الغضب والاستياء، إذ بزيارة لوزير الثقافة شقة في الأقصر، هي مقر "قصر ثقافة الطفل" تكشف عن عمليات ترميم تحولت إلى تنقيب أسفل غرف القصر. المنقبون يعملون في شركة المقاولات التي تقوم بأعمال الترميم والصيانة للقصر.

عمليات الترميم، أو بالأحرى التنقيب، نجم عنها حفرة عمقها خمسة أمتار أسفل إحدى غرف القصر، ونفق بطول تسعة أمتار في اتجاه "طريق الكباش" الأثري في الأقصر، ومجموعة من القطاع الفخارية الأثرية، وشواهد أثرية في إحدى الغرف.

وكانت شركة المقاولات قد اتفقت مع مسؤولي قصور الثقافة على إنجاز أعمال "الترميم" (التنقيب) بالمجان في مقابل وضع لافتات دعاية لها في مدخل القصر.

إغلاق وتنقيب وأنشطة

وبعيداً من أسئلة تبقى من دون إجابات، مثل: هل موظفو قصر الثقافة ضالعون في عملية التنقيب؟ وكيف نفذ المنقبون هذا الحفر ونجحوا في الوصول إلى قطع أثرية من دون أن يدري بهم المسؤولون عن الثقافة وقصورها؟ وغيرها، تحولت دفة الأخبار على مدى الأيام القليلة الماضية من قرار إغلاق عدد من قصور الثقافة، ومناقشات البرلمان وطلبات الإحاطة المعترضة، ومقترحات مقدَّمة لإنقاذ هذه القصور، وكذلك فضيحة التنقيب عن الآثار أسفل "قصر ثقافة الطفل" في الأقصر، إلى "قصور الثقافة تقدم أنشطة إبداعية للطفل في أنحاء الجمهورية"، "مسرح وسينما وفعاليات ثقافية مجانية في قصور الثقافة في العيد"، "إطلاق المرحلة الثانية من برنامج التحسين البيئي لرفع الأداء المهني في قضايا المناخ في قصور الثقافة" وغيرها المئات. الأغرب من ذلك هو طوفان الأخبار المتعلقة بافتتاح قصور ثقافة جديدة في سوهاج وأسوان.

من جهة أخرى، وجدها بعضهم فرصة لتسليط الضوء على الأنشطة الدينية التي تقام في القصور التي ما زالت تعمل، على رغم أنها قصور ثقافية، بمعنى الآداب والفنون، لا قصوراً دينية، لا سيما أن المؤسسات الدينية لا تعاني شحاً في التمويل أو تفتقر إلى أماكن تقيم فيها الشعائر والفعاليات ذات الطابع الديني. قصر ثقافة أسيوط يكرم حفظة القرآن الكريم، سهرات رمضانية وحفلات إنشاد ديني في قصور الثقافة بالتعاون مع وزارة الأوقاف، مسابقة إنشاد ديني في عدد من قصور الثقافة، محاضرة الصيام وسلوك المسلم في قصر ثقافة قنا، دوري طلاب المعاهد الأزهرية في قصور الثقافة، وغيرها كثير من الأنشطة تجري في قصور الثقافة الأخرى.

يشار إلى أن وزير الثقافة أحمد هنو التقى شيخ الأزهر أحمد الطيب بعد أيام من تقلده منصبه في صيف عام 2024، واتفقا على "ضرورة التصدي للأنماط الفنية والثقافية الغريبة التي اجتاحت المجتمع المصري، واستهدفت إقصاء الثقافة وتهميش دورها في بناء الإنسان وتشكيل وعيه، وجعلت الشباب معزولاً عن كل ما يغرس فيه الاعتزاز بهويته الدينية والأخلاقية".

واتفقا على وضع استراتيجية مشتركة بين وزارة الثقافة والأزهر لـ"مواجهة التقهقر الثقافي والتراجع الحضاري، والخروج بمنتجات ثقافية وفنية وإعلامية تتناول وضع حلول للأزمات المجتمعية". كما التقى وزير الثقافة كلاً من وزير الأوقاف أسامة الأزهري والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية لمناقشة التعاون في مجالات التوعية والتثقيف.

ويشهد يونيو (حزيران) الجاري عقد 552 ندوة حول قضايا الشباب والفكر المستنير من قبل وزارة الأوقاف، وذلك بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة.

الغريب أنه بينما تصدر قرارات بإغلاق قصور ثقافة بسبب الإهمال والجمود ونقص الموارد والميزانية، تتعاون القصور تعاوناً مكثفاً مع المؤسسات الدينية لتنظيم الفعاليات التي تقدم نفسها باعتبارها "ثقافية" لكنها دينية قلباً وقالباً. هذه المؤسسات الدينية لا تشكو قحطاً مادياً أو ضيقاً في الموارد أو محدودية في الأماكن، بل العكس هو الصحيح.

عودة الكتاتيب

في ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعلنت وزارة الأوقاف عن مبادرة عودة الكتاتيب، المبادرة أثلجت صدور الغالبية الواقعة في قبضة التدين السبعينياتي، وأزعجت وأغضبت آخرين. وبينما يحذر كتاب ومثقفون من توسع قاعدة التعليم الديني، واستمرار انتشار الفكر المنغلق والمتشدد في المدارس والجامعات والمساجد، إن لم يكن في المناهج فمن خلال توريثه وتلقينه وتناقله من جيل إلى جيل، خرجت مبادرة عودة الكتاتيب "بهدف تعليم القرآن الكريم بأسلوب تربوي، وحماية النشء من الأفكار الشاذة، وتربيتهم على المعاني العميقة للدين، في ظل صروح دينية تربوية".

الكاتب والباحث في الإسلام السياسي سامح عسكر كتب في منشور على صفحته على "إكس" أن "الكتاب فكرة عربية لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية، وذلك منذ عصر الفتوحات والغزوات. هذه الكتاتيب انتهجت منهج التعليم البدائي القائم على الحفظ والتلقين والتجويد. ومع الوقت، تطور دورها لتصبح منصة تكوين معرفة شاملة يقوم بها الشيخ. هذا يعني أن الشيخ لم يكن مجرد شيخ، بل مشروع فكري متكامل، يتحدث في الطب والأحياء والفلك والعلوم التجريبية. يفتي ضد هذه العلوم جميعاً لكونها معرفة زائدة عن الحاجة، أو كما تصف أدبياتهم ’علماً لا يُنتفع به‘. وفي سياق آخر، ’مؤامرات يحيكها الكفار وأعداء الدين‘. شيخ الكتاب أيضاً لم يتوقف دوره على التحفيظ والتعليم، بل كان يلقن الصغار مبادئ وأفكار وأساسيات تختلف تماماً وما درج عليه في العمل الثقافي من تنوع وقبول بالاختلاف".

وكتب في منشور آخر، "دولة تنفق على الكتاتيب ورجال الدين والمدارس الدينية، بينما تغلق قصور الثقافة، وتمنع حصص الموسيقى والرسم، ويتم ازدراء الفنون هي دولة مصيرها ’داعش والقاعدة‘".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الكاتب الصحافي علي الفاتح كتب كذلك عن "الكتاتيب ومراكز الشباب وقصور الثقافة" قبل أيام معبراً عن المخاوف التي برزت مع الحديث عن إعادة منظومة الكتاتيب، "وأقلها ترسيخ منهج الحفظ والتلقين على حساب التفكير النقدي والإبداعي، وتكريس المشاعر الطائفية، وتسلل المفاهيم والتصورات المتطرفة لعقول الأطفال". ووصف الكتاتيب بـ"المنظومة المنتمية إلى القرون الوسطى، التي ارتبطت في ذلك الوقت بالجامع الأزهر وقت كان النوع الوحيد من التعليم المتاح في المجتمع المصري. وكانت تؤهل روادها للالتحاق بالأزهر، ومن يثبت تفوقاً وتميزاً يصبح 'شيخ عمود'".

وعلى رغم أنه اقترح قيوداً وقواعد صارمة لعودة الكتاتيب، إذا كان لا بد منها. كل القيود التي اقترحها أقرب ما تكون إلى المستحيل. بين تعليم قائم على التفكير النقدي، وتنشئة تعتمد على المنهج العلمي، وطريقة قوامها تنمية المهارات النقدية والإبداعية، يقف أغلب ملقني الكتاتيب على النقيض، وذلك بحكم تنشئتهم وتربيتهم وثقافتهم.

عودة الكتاتيب، وتخصيص الموارد لها، وفتح باب التبرعات لمن يرغب في المشاركة تقف في مواجهة إغلاق عدد كبير من قصور الثقافة، والإصرار على عدم تخصيص الموارد اللازمة لاستمرارها، وفتح أبوابها على مصاريعها للمؤسسات الدينية لتصطبغ كثير من أنشطة المتبقي منها بالدين ليس أمراً جديداً.

تلوين الخطاب الثقافي بالدين، وغمس المحتوى الثقافي في الفقه والشريعة، وتبني الغناء والموسيقى ولكن في ثوب الإنشاد الديني، واستغلال الأصول الثابتة لوزارة الثقافة وثروتها المتمثلة في قصور الثقافة لتقديم منتج ثقافي غارق في الدين، إجراءات وتحركات تجعل البعض يتوجس من توغّل للمكون الديني على حساب الثقافي، وهيمنة لرجال الدين على رجال ونساء الثقافة، وتقديم منتج يدعي أنه ثقافي لكنه ديني بامتياز.


الكاتب ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية نبيل عبدالفتاح يكتب ويتحدث كثيراً عن الخلطة التي باتت وجبة أساسية، ألا وهي الثقافة بالدين. كتب تحت عنوان "التجديد الثقافي والتنمية: ملاحظات حول التاريخ الثقافي المصري في عالم متغير" (2024) أن الثقافة المصرية تعاني أزمات عدة منذ تأسيس الدولة الحديثة، وتبني التحديث السلطوي للقيم ومؤسسات الدولة وأجهزتها، والتي تمثلت في التناقضات بين الثقافة التقليدية المحافظة، والأبنية الثقافية السلطوية الحديثة، وكذلك بين الحداثة المبتسرة، ونزوع الاتجاهات الحداثية إلى محاولة التوافق أو التلفيق مع الثقافة الدينية والتقليدية.

وتطرق عبدالفتاح إلى "ترييف المدن"، وصبغها بثقافة الريف بسبب الهجرة من الريف إلى المدينة، وفوضى القيم، وانتشار القيم الشديدة المحافظة والمدنية "المريفة" (ذات الطابع الريفي) ونشر الاعتقاد بأن هذا قمة التحضر مع الحفاظ على الهوية، والتمركز حول الذات في عالم متغير.

وتحدث عن أعراض العلة الثقافية، إذ هيمن فكر الإسلام السياسي على كل مناحي المجتمع، بما في ذلك الثقافة. هذه الهيمنة أدت إلى فرض قيود على الحريات العامة والشخصية، ومحاصرة العقل النقدي الحر، ورفع قضايا الحسبة من قبل دعاة متشددين وناشطين في الجماعات الدينية وأفراد عاديين، ضد مثقفين وكتّاب لمجرد أن أفكارهم مغايرة للفكر الديني المتشدد السائد.

واعتبر انخفاض أعداد المبعوثين للغرب للدراسة والبحث، وتنامي منظومة الدراسة القائمة على الحفظ والتلقين، وتراجع القراءة غير الدينية، وتجاهل شبه تام للفلسفات الجديدة في الغرب، ولو من منظور نقدي، وتأثر السياسة الثقافي بتوجهات وأولويات كل مرحلة سياسية، لتتناسب وتتناغم مع أيديولوجيا السلطة السياسية، ومعها الإعلام والكيانات الثقافية، وكل ذلك أدى إلى تبسيط وتسطيح العقل العام. ويضاف إلى ذلك تراجع الاهتمام السياسي بالثقافة والجماعات الثقافية. ويضيف أن "شيوع الخطاب التشكيكي التحريمي التكفيري، وكذلك الخطاب الديني المتشدد سياسياً وتأويلياً أثّر سلباً في الفنون التشكيلية والثقافة بوجه عام في مصر ودول عربية أخرى على مدى أعوام طويلة".

في تلك الأثناء، يحتفي صحافيون، لا سيما من الشباب بعودة الكتاتيب عبر تغطيات خبرية وأخرى تحليلية يعتبر أغلبها عودة الكتاتيب بمثابة عودة الروح والقلب والأخلاق والوعي والتعليم وكسب الدنيا وضمان الآخرة والحياة كما ينبغي أن تكون ونشر الثقافة على أحسن وجه وتجديد الخطاب الديني بما لا يتعارض ونسخة التدين السبعينياتية.
ومعهم، جموع غفيرة من المصريين ممن يجدون في عودة الكتاتيب نقطة ضوء في نفق ثقافي مظلم. أما إغلاق قصور الثقافة أو عدم إغلاقها، والتنقيب أسفلها عن الآثار، أو تحول أغلبها إلى أطلال، فالأمر لا يهم كثيراً، باستثناء تحول بعضها إلى قاعات للأنشطة الدينية، فهذا جيد وجميل.

جماهيرياً، معارضو عودة الكتاتيب يحاربون الدين ويعملون على تدمير المجتمع ويناصبون المتدينين العداء. نخبوياً، عودة الكتاتيب تأصيل للتشدد ورفض للتجديد وإصرار على الإنفاق على مزيد من الانغلاق والتشدد وضيق الأفق، بدلاً من الإنفاق على تطوير التعليم ونشر الثقافة وتطهير القلوب والعقول بالموسيقى والغناء والشعر والأدب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات