Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب نال صفقته لكن ماذا كسب زيلينسكي؟

يردد الرئيس الأميركي أن سلفه سبب اندلاع حرب أوكرانيا بينما يسعى هو لإنهائها

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت والنائبة الأولى لرئيس وزراء أوكرانيا يوليا سفيريدينكو يوقعان الاتفاق يوم الأربعاء الماضي (وزارة الخزانة الأميركية)

 

ملخص

على رغم توقيع اتفاق إعادة الإعمار بين كييف وواشنطن، يبقى مستقبل أوكرانيا غامضاً في ظل غياب ضمانات أمنية واستمرار الحرب، واحتمال تقديم تنازلات مؤلمة لروسيا في حال عودة ترمب للسلطة.

بعد شهرين من الترقب المتوتر عقب المشادة التي شهدها المكتب البيضاوي، لا بد أن فريق الرئيس زيلينسكي تنفس الصعداء على وقع إعلان وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت اتفاق إعادة الإعمار والاستثمار مع كييف. 

أما الخبر الجيد بالنسبة إلى زيلينسكي فهو أن هذه الصفقة أقل إذلالاً بكثير لأوكرانيا من تلك التي رفض التوقيع عليها في فبراير (شباط)، مما دفع بدونالد ترمب عندها إلى توجيه ذلك التعليق القاسي له "أنت لا تمتلك أوراقاً رابحة".

أزيلت من الاتفاق فكرة اعتبار المساعدات العسكرية الأميركية السابقة "ديناً" على أوكرانيا سداده، كما أزيلت منه الشروط التي قد تتعارض والتزامات أوكرانيا تجاه شركائها الأوروبيين.

لكن أي تدخل أميركي مستقبلي في إعادة الإعمار يقتضي إحلال السلام أولاً، ومن سيستثمر ماله في مصانع أو عمليات جديدة على الأرض بينما تطن مسيرات "شاهد" في السماء؟ كيف نصل إلى تلك المرحلة إذاً؟ لم يكشف عن أية نقطة تتعلق بالضمانات الأمنية لكييف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى أثناء الاحتفال بتوقيع اتفاق المعادن، شدد دونالد ترمب على أن "هذه كانت حرب بايدن، وأنا أحاول إنهاءها". ما زال ترمب يلقي بمسؤولية هذه الحرب على عاتق سلفه، وليس بوتين، مما يعني أنه ما زال يلوح للروس باحتمال إبرام صفقة.

وفي هذا السياق، لا يسعنا أن نلوم ميخائيل ساكاشفيلي، الحاكم السابق لمقاطعة أوديسا الأوكرانية التي يعصف بمينائها الحرب، إن تذكر بأسى، وهو مستلق على سرير المستشفى داخل سجنه في بلده جورجيا، صراعه الشخصي مع روسيا في 2008. مثل زيلينسكي، صب ساكاشفيلي كل آماله لضمان أمن جورجيا في الأثر الرادع لالتزام أميركي بدعم انضمام بلاده بعد حين إلى حلف "ناتو". لكن عندما بدأت الأزمة، سافر الرئيس الفرنسي آنذاك، نيكولا ساركوزي، إلى تبليسي ليطلب من ساكاشفيلي قبول هدنة مذلة، لأن "الأميركيين ليسوا قادمين لإنقاذك"، بحسب تعبيره.

وضع بوتين يده على منطقتين في جورجيا، بحكم الأمر الواقع. رفضت البلاد الإقرار بهذه الهزيمة، لكن ولاية ساكاشفيلي تلقت ضربة قاضية ثم سجنه خلفاءه وتقربوا من روسيا فيما يبتعدون من الغرب.

وفي هذه السابقة عبرة لفولوديمير زيلينسكي ونذير بالشؤم، فها قد تخلى ترمب بالفعل عن شبه جزيرة القرم لصالح الروس. وماذا عن التنازل عن جنوب شرقي أوكرانيا الذي يحتله الروس في مقابل السلام والمساعدات الاقتصادية الأميركية؟ بدأت الشخصيات القومية المتطرفة بالفعل، ولا سيما في الجيش، بالتنديد بأي تنازلات لروسيا وتهديد السياسيين الذين يوافقون عليها.

يدعم عدد كبير من حلفاء ترمب الجمهوريين في الكونغرس فرض عقوبات ثانوية واسعة النطاق تهدف إلى ضرب صادرات الطاقة والموارد الطبيعية الروسية، في حال عدم موافقة بوتين على اتفاق يصعب على الأوكرانيين تقلبه. ربما يؤدي تضييق الخناق على الكرملين اقتصادياً ببوتين إلى تقديم بعض التنازلات، والمؤكد أن رد فعله على مقاربة ترمب الأولية الملطفة منذ يناير (كانون الثاني) كانت بزيادة حدة قصف المدن الأوكرانية ومطالبة أوكرانيا بكل قسوة بالتخلي عن بعض أراضيها (وليس القرم فحسب)، والقبول بنزع السلاح في ما تبقى من البلاد.

إن تبين في النهاية أن الأمل بتجديد الدعم الأميركي لأوكرانيا زائف، قد يشكل ذلك ضربة قاسية لمعنويات الجيش الأوكراني، لكن لا شك في أن القوات الروسية تتساءل أيضاً من جهتها إن كان قائدها الأعلى فعلاً سيد الميدان والدبلوماسية، كما يردد الإعلام الموالي لبوتين منذ عودة ترمب للبيت الأبيض. 

يشدد محللون كثر على أن الحرب الحالية ليست حرباً من زمن ما بعد الحداثة بقدر ما هي عودة للمعارك الشاقة والطويلة التي شهدتها الحرب العالمية الأولى، فعلى رغم الصواريخ الروسية الفرط صوتية واستخدام طرفي النزاع طائرات من دون طيار فوق القتال الدائر على الأرض، عملياً، ما زالت الجبهة اليوم تتحرك ببطء شديد، إن افترضنا أنها تتحرك بالأساس.

في ربيع عام 1918، كانت الأفضلية للألمان، واعترف مارشال القوات البريطانية هيغ أن قواته تقاتل "من موقع صعب"، لكن بعد مرور ستة أشهر، انهارت معنويات الألمان مع تضاعف الخسائر من دون أية نهاية مرتقبة للحرب.

الحرب المتواصلة هي الشيء الوحيد المؤكد في الوقت الراهن، لكن إلى أي مدى يستطيع أي من الطرفين تحمل مزيد من القتال؟ ما زال الصراع لعبة ذهنية بقدر ما هو لعبة ميدانية، وما زال دونالد ترمب الورقة المتقلبة والرابحة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء