ملخص
تخطى مؤشر التقلب، وهو مقياس الخوف في "وول ستريت"، 60 نقطة ليسجل أعلى مستوى منذ أغسطس 2024
يوم ماراثوني آخر في "وول ستريت" وبورصات العالم انتهى بخسائر محدودة في المؤشرات الأميركية مع تمكن مؤشر "ناسداك" للأسهم التكنولوجية من إنهاء جلسة أمس الإثنين على ارتفاع طفيف.
وشهدت الجلسة تقلبات حادة خصوصاً في بدايتها مع انتشار أنباء عن احتمال تمديد الإدارة الأميركية للرسوم الجمركية المفروضة على دول العالم 90 يوماً، لكن لم يمر وقت طويل على هذه الأخبار حتى كذبها البيت الأبيض مؤكداً استمرار الرسوم، مما يعني مضي الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حربه التجارية.
وبعدما بدأت الجلسة على انخفاض قوي، عكست ذلك بارتفاع قوي عند ظهور الأخبار، ثم هبوط بعد نفيها، بصورة أربكت المستثمرين الذين عانوا خسائر تريليونية على مدار ثلاث جلسات متتالية أعقبت ما سماه ترمب بـ"يوم التحرير" الذي فرض فيه رسوماً جمركية بنسب وصلت إلى 50 في المئة في الثاني من أبريل (نيسان) الجاري.
تهديد الصين
وتطورت الأحداث في جلسة أمس الإثنين، إذ هدد ترمب بفرض رسوم جمركية قد تتجاوز 100 في المئة على الصين إذا لم تتراجع عن الرسوم المضادة على الولايات المتحدة والبالغة 34 في المئة، وهي تعادل ما فرضته إدارة ترمب أصلاً على بكين. وتفاقم ذلك بعدما هدد الاتحاد الأوروبي بأنه سيفرض رسوماً جمركية على الولايات المتحدة، كرد على الرسوم بنسبة 20 في المئة التي وضعتها إدارة ترمب.
ووسط هذه التطورات، لامست جميع المؤشرات الأميركية الرئيسة الثلاثة أدنى مستوياتها منذ أكثر من عام، وتخطى مؤشر التقلب، وهو مقياس الخوف في "وول ستريت"، 60 نقطة ليسجل أعلى مستوى منذ أغسطس (آب) 2024.
وأغلق مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 0.28 في المئة، بينما ارتفع مؤشر "ناسداك" المجمع بنسبة 0.10 في المئة، فيما انخفض مؤشر "داو جونز الصناعي" بنسبة 0.93 في المئة.
تهاوي "وول ستريت"
وكان مؤشر "ستاندرد أندر بورز 500" هوى بنسبة 10.5 في المئة وخسر نحو خمسة تريليونات دولار من قيمته السوقية في الجلستين التاليتين لإعلان ترمب عن الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي، وكانت هذه أكبر خسارة في يومين منذ مارس (آذار) 2020، أي مع بداية جائحة كورونا. وإغلاق "ستاندرد أند بورز 500" يلامس حالياً أدنى مستوى منذ أكثر من عام.
ومنيت الأسواق المالية العالمية بخسائر لليوم الثالث على التوالي، في ظل قلق المتعاملين من أن تؤدي الحواجز التجارية الكبيرة في أكبر سوق استهلاكية في العالم إلى ركود اقتصادي.
إصرار ترمب
وعلى رغم كل هذه الخسائر إلا أن ترمب مصر على مواصلة الحرب التجارية، إذ قال إن الرسوم الجمركية، بحد أدنى 10 في المئة على جميع الواردات الأميركية، مع معدلات مستهدفة تصل إلى 50 في المئة، ستساعد الولايات المتحدة على استعادة قاعدة صناعية يرى أنه خفت بريقها على مدى عقود من تحرير التجارة. وقال لصحافيين في البيت الأبيض "إنها الفرصة الوحيدة المتاحة لبلدنا لإعادة ترتيب أوراقنا. لأنه لا يوجد رئيس آخر سيكون على استعداد لفعل ما أفعله أو حتى خوض غماره... الآن، لا أمانع في خوض غماره لأنني أرى صورة جميلة في النهاية".
وقال ترمب إنه سيفرض رسوماً جمركية إضافية 50 في المئة على الواردات من الصين غداً الأربعاء إذا لم تسحب بكين الرسوم الجمركية البالغة 34 في المئة التي فرضتها على المنتجات الأميركية.
رد أوروبي
وأظهرت وثيقة أن المفوضية الأوروبية اقترحت أمس فرض رسوم جمركية مضادة بنسبة 25 في المئة على مجموعة من السلع الأميركية، ومنها فول الصويا والمكسرات والنقانق، مع استبعاد سلع أخرى محتملة مثل الـ"بوربون" بحسب ما نقلت وكالة "رويترز". وأكد مسؤولون استعدادهم للتفاوض على صفقة "صفر مقابل صفر" مع إدارة ترمب، وقال مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروش شفتشوفيتش في مؤتمر صحافي "عاجلاً أم آجلاً، سنجلس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة ونتوصل إلى حل وسط مقبول للطرفين".
ويواجه الاتحاد المكون من 27 دولة صعوبات في ظل الرسوم الجمركية المفروضة بالفعل على السيارات والمعادن، كما يواجه فرض رسوم جمركية 20 في المئة على منتجات أخرى يبدأ سريانها غداً الأربعاء. وهدد ترمب بفرض رسوم جمركية على المشروبات الكحولية من الاتحاد الأوروبي، وعلى أثر هذه الأخبار، تراجعت الأسهم الأوروبية مع تخوف المستثمرين من أن تؤدي الرسوم التي وصفها ترمب "الدواء" إلى ارتفاع الأسعار وضعف الطلب، وربما إلى ركود عالمي.
ركود اقتصادي
وفي هذا السياق، رفع بنك "غولدمان ساكس" توقعاته باحتمال حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة من 35 في المئة إلى 45 في المئة في الزيادة الثانية خلال أسبوع وسط تقديرات مماثلة من بنوك استثمار بسبب تصاعد الحرب التجارية.
وكان بنك "غولدمان ساكس" رفع تقديراته من 20 في المئة إلى 35 في المئة مطلع الأسبوع الماضي وسط مخاوف من أن تلحق الرسوم الجمركية الأميركية ضرراً بالاقتصاد العالمي، لكن عند إعلان الرئيس دونالد ترمب عن الرسوم الجمركية أعلى من المتوقع، غير البنك الاستثماري العالمي من توقعاته.
ومنذ ذلك الحين رفعت سبعة بنوك استثمار كبرى في الأقل توقعاتها لأخطار الركود، إذ يقدر "جيه بي مورغان" أن هناك فرصة بنسبة 60 في المئة لحدوث ركود أميركي وعالمي بسبب الرسوم والرسوم الجمركية المضادة.
خفض النمو بأميركا
وخفض "غولدمان ساكس" توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي لعام 2025 من 1.5 في المئة إلى 1.3 في المئة، بينما يتوقع "جيه بي مورغان" انكماشاً 0.3 في المئة على أساس ربع سنوي.
ولا يزال "غولدمان ساكس" يتوقع أن يخفض مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في كل اجتماع من اجتماعاته الثلاثة المتتالية، وذلك بداية من يونيو (حزيران) المقبل.
ويتوقع "جيه بي مورغان" خفض أسعار الفائدة في جميع اجتماعات الاحتياط الاتحادي خلال 2025 بداية من يونيو.
بنوك استثمارية
وأصدر قادة "وول ستريت" تحذيرات من الرسوم الجمركية الأميركية، إذ قال الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان" جيمي ديمون إنها قد تتمخض عن عواقب سلبية طويلة الأمد، بينما ذكر مدير الصناديق الاستثمارية بيل أكمان أنها قد تؤدي إلى "شتاء اقتصادي نووي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكمان واحد من عدد قليل من مؤيدي ترمب الذين شككوا في هذه الاستراتيجية. ودعا الملياردير إيلون ماسك، الذي يقود جهود ترمب لخفض الإنفاق الحكومي، إلى إلغاء الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا مطلع الأسبوع.
صعوبة تحديد أهداف ترمب
ويواجه المستثمرون والقادة السياسيون صعوبة في تحديد ما إذا كانت رسوم ترمب الجمركية جزءاً من نظام جديد دائم أم مجرد تكتيك تفاوضي لكسب تنازلات من دول أخرى.
ويراهن المستثمرون الآن على أن تزايد خطر الركود قد يدفع مجلس الاحتياط الاتحادي إلى خفض أسعار الفائدة مطلع الشهر المقبل.
وكرر ترمب دعوته للبنك المركزي لخفض أسعار الفائدة أمس الإثنين، لكن رئيس البنك جيروم باول أشار حتى الآن إلى أنه ليس في عجلة من أمره.
خسارة الدولار
وتراجع الدولار الأميركي مقابل الفرنك السويسري، إحدى عملات الملاذ الآمن، في تعاملات متباينة أمس الإثنين مع تنامي المخاوف من ركود عالمي.
وسجل الدولار أدنى مستوى له في ستة أشهر مقابل الفرنك السويسري، وانخفض في أحدث تعاملات 0.44 في المئة إلى 0.85720 فرنك في تعاملات متقلبة.
وعوض الدولار خسائره المبكرة مقابل عملات الملاذ الآمن الأخرى، ليرتفع 0.53 في المئة مقابل الين في التعاملات المسائية عند 147.660، بعدما انخفض بأكثر من 1.4 في المئة في وقت سابق.
وانخفض اليورو، بعد انتشار أخبار عن فرض الاتحاد رسوماً مضادة بنسبة 25 في المئة، بعدما كان مرتفعاً بنسبة 0.7 في المئة ليصل إلى 1.1050 دولار، لكنه انخفض بعد الأخبار بنسبة 0.35 في المئة ليصل إلى 1.092800 دولار.
وينظر عادة إلى الدولار على أنه من أصول الملاذات الآمنة، إلا أن هذه المكانة آخذة في التآكل على ما يبدو مع تزايد حال عدم اليقين في شأن الرسوم الجمركية والقلق في شأن تأثيرها على النمو الأميركي.
هبوط مفاجئ للذهب
وعلى عكس المتوقع، هبطت أسعار الذهب أمس بأكثر من اثنين في المئة مع اتجاه المتعاملين إلى الدولار كملاذ آمن، وهوى الذهب في التعاملات الفورية2.4 في المئة إلى 2963دولار للأونصة (الأونصة)، بعدما سجل أقل مستوى في أربعة أسابيع عند 2955 في وقت سابق من الجلسة.
وسجل الذهب، الذي يعد ملاذاً آمناً في أوقات الغموض السياسي والمالي، أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3167.57 دولار الخميس الماضي، مدعوما بتدفقات قوية من الملاذات الآمنة في ظل حال الغموض الجيوسياسي والطلب القوي من البنوك المركزية.
النفط ينخفض
وانخفضت أسعار النفط اثنين في المئة مقتربة من أدنى مستوى لها في أربع سنوات تقريباً بسبب المخاوف من حدوث ركود اقتصادي قد يقلل الطلب على الخام نتيجة الرسوم الجمركية الأميركية.
وتراجعت العقود الآجلة لخام "برنت" 1.37 دولار أو 2.1 في المئة إلى 64.21 دولار للبرميل عند التسوية، كما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.29 دولار أو 2.1 في المئة أيضاً 60.70 دولار.