Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليود حمى صحتنا لكن الحميات الحديثة بدأت تهمله

بعض التغيرات الغذائية السائدة تثير قلق الأطباء

 ملح الهيمالايا خال من اليود (غيتي)

ملخص

 نقص اليود الذي كان نادراً بفضل الملح المعزز به، بدأ بالظهور مجدداً بسبب تغير الأنظمة الغذائية، والنساء الحوامل والأطفال أكثر عرضة للخطر مما يستدعي التوعية بأهمية تضمينه الغذاء.

وصل فتى في الـ 13 من عمره إلى العيادة وكان يعاني تضخماً سريعاً ومقلقاً في رقبته مما أثار حيرة الأطباء، واستبعدت الفحوص شكوكهم الأولية، وكشفت التحاليل الإضافية السبب الحقيقي الذي غاب عن الجميع وهو نقص اليود.

قبل 100عام كان نقص اليود يشكل تهديداً كبيراً على صحة الأطفال في كثير من مناطق أميركا، ولكن هذه المشكلة تلاشت تقريباً بعد أن بدأت بعض الشركات بإضافته إلى الملح والخبز وأطعمة أخرى، ليكون ذلك من أهم النجاحات الصحية خلال القرن الـ 20، لكن الناس اليوم باتوا يتناولون كميات أقل من اليود بسبب التغيرات في أنماط التغذية وطرق تصنيع الطعام.

وعلى رغم أن معظم الناس لا يزالون يحصلون على كميات كافية من اليود لكن الدراسات أظهرت انخفاض مستوياته بصورة ملحوظة لدى النساء الحوامل وآخرين، مما يثير القلق في شأن تأثير ذلك على صحة المواليد، كما بدأت تكثر التقارير عن نقص اليود بين الأطفال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت الطبيبة في جامعة براون التي عالجت الفتى عام 2021 في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند، الدكتورة مونيكا سيرانو غونزاليس، "يجب أن يصبح هذا الموضوع محط اهتمام الجميع".

ما هو اليود؟

يعد اليود عنصراً نادراً ويوجد في مياه البحر وبعض أنواع التربة، ويكثر بخاصة في المناطق الساحلية، ففي عام 1811 اكتشف الكيميائي الفرنسي اليود بالصدفة أثناء تجربة باستخدام رماد الأعشاب البحرية مما أدى إلى ظهور سحابة بخارية بنفسجية، ويعود اسم اليود لكلمة يونانية تعني اللون البنفسجي.

وفي وقت لاحق من ذلك القرن فهم العلماء أن الجسم يحتاج إلى كميات معينة من اليود لتنظيم الأيض والحفاظ على الصحة، وأنه ضروري لتطور وظائف الدماغ لدى الأطفال.

أعراض نقص اليود

أحد أعراض نقص اليود هو تورم الرقبة الذي يعرف بالدراق، إذ تقوم الغدة الدرقية في الرقبة باستخدام اليود لإنتاج الهرمونات التي تنظم معدل ضربات القلب ووظائف الجسم الأخرى، وعندما يحدث النقص تتضخم الغدة الدرقية لأنها تعمل بجهد أكبر لتعويض النقص.

وفي بداية القرن الـ 20 كان الدراق شائعاً لدى الأطفال في بعض المناطق الداخلية من الولايات المتحدة، خصوصاً في ما كان يعرف بـ "حزام الدراق" الذي امتد من جبال الأبلاش والبحيرات العظمى إلى شمال غربي البلاد، وكان بعض الأطفال يعانون قصر القامة والصمم وتأخر النمو العقلي، إضافة إلى أعراض أخرى تتعلق بحال كانت تسمى سابقاً " متلازمة نقص اليود الخلقي" Cretinism.

أدرك خبراء الصحة العامة أنهم لا يستطيعون حل المشكلة بتوفير الأعشاب والمأكولات البحرية للجميع، لكنهم اكتشفوا أنه يمكن إضافة اليود إلى ملح الطعام بسهولة، وكان الملح المعالج باليود متاحاً للمرة الأولى عام 1924، وبحلول الخمسينيات كان أكثر من 70 في المئة من الأسر الأميركية تستخدم الملح المعالج باليود، كما جرت إضافته إلى الخبز وأطعمة أخرى مما جعل حالات نقص اليود نادرة.

لكن الأنظمة الغذائية تغيرت، فقد أصبحت الأطعمة المصنعة تشكل أكبر جزء من النظام الغذائي الأميركي، وعلى رغم احتوائها على كميات كبيرة من الملح لكنه غير معالج باليود، كما توقفت كثير من العلامات التجارية الكبرى للخبز عن إضافة اليود، وفي حال الفتى ذو الـ 13 سنة فقد كان يعاني التوحد الخفيف وكان انتقائياً جداً في طعامه، إذ كان يقتصر على أنواع معينة من الخبز وزبدة الفول السوداني.

أما بالنسبة إلى أولئك الذين يضيفون الملح إلى طعامهم فإن الاتجاه السائد الآن هو استخدام ملح الكوشر وملح الهيمالايا أو أنواع أخرى خالية من اليود.

من جانبها قالت الدكتورة إليزابيث بيرس من مركز بوسطن الطبي "لقد نسي الناس السبب وراء إضافة اليود إلى الملح"، وبيرس هي من قادة "شبكة اليود العالمية" Iodine Global Network، وهي منظمة غير حكومية تعمل للقضاء على حالات نقص اليود.

وأشارت إلى أنه جرى تسجيل انخفاض بنسبة 50 في المئة في مستويات اليود لدى الأميركيين بين السبعينيات والتسعينيات، وفقاً للدراسات التي أُجريت.

وعلى رغم انخفاض استهلاك اليود بصورة عامة فإن الخبراء يشيرون إلى أن معظم الأميركيين لا يزالون يحصلون على كميات كافية من خلال طعامهم، ومع ذلك يشعر الأطباء بالقلق حيال النساء والأطفال الذين يعدون الأكثر عرضة لنقص اليود.

وأوصت "الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال" The American Academy of Pediatrics وغيرها من الجمعيات الطبية بأن تحصل جميع النساء الحوامل والمرضعات على 150 ميكروغراماً من اليود يومياً، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تناول نصف إلى ثلاثة أرباع ملعقة صغيرة من ملح الطعام المعالج باليود.

وعلى مدى الأعوام الـ 15 الماضية بدأ الباحثون الأميركيون في ملاحظة نقص طفيف في اليود لدى النساء الحوامل، إذ أظهرت دراسة من جامعة ولاية ميشيغان شملت 460 امرأة حامل في مدينة لانسنغ أن نحو ربعهن لم يحصلن على الكمية الكافية من اليود.

ووفق المعطيات السابقة فقد أشارت المؤلفة الرئيسة للدراسة جان كيرفر إلى أن كثيراً من الفيتامينات الخاصة بالحمل لا تحوي اليود، ولذلك ينصح الأطباء النساء الحوامل أو المرضعات بالتحقق من الملصقات للتأكد من أن المكملات التي يتناولنها تحوي اليود.

وقالت بيرس إن بعض الدراسات ربطت حتى نقص اليود الطفيف بتراجع مستوى الذكاء وتأخر اللغة لدى الأطفال، على رغم وجود جدل حول المستوى الذي تبدأ عنده هذه المشكلات.

ويشير الخبراء إلى أن الأبحاث لم تكن كافية لتحديد التأثير الفعلي لنقص اليود في السكان الأميركيين خلال الاعوام الأخيرة.

ولاحظت سيرانو غونزاليس هي وزملاؤها أربع حالات أخرى من نقص اليود لدى أطفال داخل عيادتهم في بروفيدنس، وقالت "نحن قلقون من أن هذا الوضع قد يزداد وبخاصة لدى المرضى الذين يتبعون أنظمة غذائية محدودة".

المزيد من صحة