Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التطمينات السعودية تعزز إستقرار أسواق النفط العالمية

توقعات بعودة الإنتاج لوضعه الطبيعي... وسباق على سد الفجوة في الإمدادات

تصاعد الدخان إثر هجوم استهدف إحدى منشآت أرامكو بالسعودية (رويترز)

تفرض الهجمات التي تعرضت لها وحدات معالجة نفطية رئيسية في السعودية على العالم اختبار قدرته على التعامل مع أزمة في الإمدادات، إذ يواجه فقدان أكثر من 5% من الإمدادات العالمية من أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم بصفة مؤقتة.

وأعلنت جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن مسؤوليتها عن الهجمات التي أدت إلى إغلاق وحدتين في منشأة أبقيق، قلب صناعة النفط في السعودية. وقال بيان من شركة أرامكو إن إنتاج السعودية سينخفض بمقدار 5.7 مليون برميل يوميا أي بأكثر من نصف الإنتاج السعودي.

وتوالت بيانات الإدانة الدولية الواسعة للهجمات الإرهابية التي استهدفت معملين تابعين لعملاق النفط السعودي "أرامكو" في محافظة بقيق وهجرة خريص بطائرات بدون طيار "درون" صباح أمس السبت.

وعبرت عواصم عربية وأجنبية إلى جانب منظمات أممية ودولية عن تضامنها الكامل مع السعودية عقب هذا الهجوم الإرهابي المتكرر على مواقع النفط السعودية منذ بداية العام الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وربما ترتفع أسعار النفط الخام عدة دولارات للبرميل عندما تفتح الأسواق ليل الأحد، إذ إن تعطل الإمدادات لفترة طويلة قد يدفع الولايات المتحدة ودولا أخرى للسحب من مخزوناتها النفطية الاستراتيجية لزيادة الكميات المتاحة تجاريا على مستوى العالم.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان أمس السبت إنها على استعداد للسحب من المخزون الاستراتيجي إذا اقتضت الضرورة.

وقال جيسون بوردوف، المدير المؤسس لمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا في نيويورك، "أسعار النفط ستقفز بفعل هذا الهجوم وإذا طال أمد تعطل الإنتاج السعودي فسيبدو السحب من المخزون الاستراتيجي مرجحا ومنطقيا".

ومن السابق لأوانه معرفة مدى الضرر الذي لحق بوحدتي المعالجة وسلسلة الإمداد السعودية التي تنقل النفط الخام من حقول الإنتاج إلى منشآت التصدير.

متى يعود الإنتاج إلى وضعه الطبيعي؟

وقالت مصادر مطلعة، "إن عودة طاقة إمدادات النفط السعودية بشكل كامل بعد الهجوم الذي استهدف منشأتين لشركة أرامكو يوم السبت قد تستغرق أياما حيث أوقف الهجوم على بقيق وخريص نحو 5.7 مليون برميل يوميا من الإنتاج من النفط ولم يعط المسؤولون السعوديون جدولا زمنيا لعودة الإمدادات بشكل كامل".

وفي تصريحات، قال رئيس شركة أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، أمين الناصر، إن فرق الاستجابة للحالات الطارئة في شركة أرامكو، تصدت بنجاح لحرائق في معاملها في بقيق وخريص نتجت عن هجمات إرهابية بمقذوفات.

وأضاف بعد تفقده للمواقع بعد الهجمات، وفقاً لبيان من الشركة، أنه يجري حالياً العمل على استرجاع كميات الإنتاج. وأشار إلى أن العمل الإرهابي تسبب في تأثير مباشر على توقف الإنتاج بمقدار 5.7 مليون برميل يومياً. وأكد أنه سيتم تقديم معلومات محدثة حول آخر التطورات خلال الفترة المقبلة.

وخلال العام الماضي، تجاوزت صادرات أرامكو السبعة ملايين برميل يوميا من النفط الخام مع تسليم ثلاثة أرباع هذه الصادرات لزبائن في آسيا. وتملك السعودية احتياطيات تبلغ حوالي 188 مليون برميل أي ما يعادل طاقة المعالجة في بقيق لمدة 37 يوما تقريبا، وذلك وفقما ورد في مذكرة أعدتها "رابيدان إنرجي غروب".

ويشهد فائض الطاقة الإنتاجية لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وهي القدرات الإنتاجية غير المستغلة التي يمكن اللجوء إليها لتزويد المستهكين في حالة نقص الإمدادات، تراجعا منذ عشرات السنين بفعل تقادم حقول النفط.

وفي أغسطس (آب) الماضي، كانت الطاقة الفائضة الفعلية لدى السعودية التي تبلغ 2.3 مليون برميل يوميا تشكل أكثر من ثلثي الطاقة الفائضة لدى أوبك والبالغة 3.2 مليون برميل يوميا، وفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية. وتسهم الكويت والإمارات بمعظم الفارق.

وقال محللون إن روسيا ربما تملك قدرة فائضة في أعقاب الاتفاق العالمي بين أوبك وحلفائها للحد من الإنتاج بهدف دعم الأسعار.

وتقول وزارة الطاقة الأميركية إن المخزون الاستراتيجي الأميركي يبلغ الآن نحو 644 مليون برميل، تعادل ما يقرب من إنتاج الولايات المتحدة في 52 يوما.

وإذا طال أمد تعطل الإمدادات فقد يدفع ذلك لزيادة الإنتاج والصادرات من الولايات المتحدة لكن محللين ومتعاملين في النفط قالوا إن استجابة الشركات الأميركية للتغيرات السعرية قد تستغرق شهورا بسبب قيود لوجستية.

ويتجاوز الإنتاج الأميركي الآن 12 مليون برميل يوميا وتتجاوز الصادرات الثلاثة ملايين برميل يوميا لكن ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان منشآت التصدير الأمريكية استيعاب الشحنات الإضافية.

وقال أندي ليبو، رئيس ليبو أويل أسوشييتس، "كل يوم تظل فيه المنشأة مغلقة يفقد العالم خمسة ملايين برميل أخرى من إنتاج النفط. والطاقة الفائضة في العالم ليست خمسة ملايين برميل يوميا".

السعودية تسيطر على الحريق ووكالة الطاقة تراقب التطورات

من جانبه، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، إنه تمت السيطرة على الحرائق الناتجة عن الهجمات الإرهابية في معامل شركة أرامكو السعودية في خريص وبقيق.

وأوضح وفقاً لوكالة الأنباء السعودية، أنه نتج عن العمل الإرهابي توقف عمليات الإنتاج في معامل بقيق وخريص بشكل مؤقت.

وتابع، "حسب التقديرات الأولية أدت هذه الانفجارات إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو 5.7 مليون برميل، أو نحو 50% من إنتاج الشركة، إلا أنه سيتم تعويض جزء من الانخفاض لعملائها من خلال المخزونات".

وأوضح أن هذه الانفجارات قد أدت أيضاً إلى توقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب تقدر بنحو ملياري قدم مكعب يومياً، تستخدم لإنتاج 700 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي؛ مما سيؤدي إلى تخفيض إمدادات غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى نحو 50%.

وعلى صعيد الإمدادات المحلية، أكد الوزير أنه لم ينتج عن هذا الهجوم أي أثر على إمدادات الكهرباء والمياه من الوقود، أو على إمدادات السوق المحلية من المحروقات. وأشار إلى أنه لم ينجم عن الهجمات أي إصابات بين العاملين في هذه المواقع، منوهاً إلى أن الشركة لا تزال في طور تقييم الآثار المترتبة على ذلك.

وأوضح أن الشركة تعمل حالياً على استرجاع الكميات المفقودة، وستقدم خلال الـ48 ساعة المقبلة معلومات محدثة. وذكر أن هذا الهجوم الإرهابي والتخريبي امتداد للهجمات الأخيرة التي استهدفت المرافق البترولية والمدنية ومحطات الضخ وناقلات النفط في الخليج العربي.

وفي بيان، قالت وكالة الطاقة الدولية، إنها تتابع عن كثب الوضع في السعودية بعد تعرض منشآت لإنتاج النفط في السعودية لهجمات بطائرات مسيرة. وذكرت أن أسواق النفط العالمية حاليا "مزودة جيدا بمخزونات تجارية وفيرة".

وتابعت: "إننا على اتصال بالسلطات السعودية بالإضافة إلى الدول الرئيسية المنتجة والمستهلكة". ولم تشر الوكالة إلى خطط لطرح مخزونات النفط المخصصة للطوارئ.

السعودية: استهداف المنشآت النفطية يهدد الاستقرار العالمي

وقال خبير النفط الكويتي محمد الشطي، "إن إنتاج السعودية يستمر دون العشرة ملايين برميل، وهي ثالث أكبر منتج للنفط، ودورها في تزويد أسواق النفط باحتياجاتها يعتبر مهما جداً، كونها تصدر تقريبا 7 ملايين برميل يوميا من النفط الخام للأسواق العالمية".

ويعتبر مجمع بقيق النفطي، الذي تعرض للهجوم الإرهابي هو قلب صناعة وإنتاج النفط السعودي، حيث يتم فيه تجميع ما يقرب من نصف إنتاج السعودية، وكذلك موقع خريص مسؤول عن على الأقل مليون برميل يوميا يوميا، وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف هذه المواقع بأعمال تخريبية.

وذكر الخبير الشطي "أن أحدث هذه الأعمال التخريبية هو الهجوم الإرهابي الذي طال معملين تابعين لشركة أرامكو في محافظة بقيق وخريص، وأدى إلى اندلاع حريقين وقد تمت السيطرة عليهما من دون إصابات. وتوالت التطمينات من شركة أرامكو باستمرار تزويد زبائنها بدون انقطاع، وهو أمر مطلوب ودأبت عليه أرامكو ويهدف إلى استقرار الأسواق ويضمن أمن الإمدادات".

وأضاف "لم يكن هناك ردة فعل للأسواق لأنها مقفلة وتبدأ العمل غداً الاثنين، ويعتقد على نطاق واسع في صناعة النفط أن كافة عمليات الإنتاج يتم استرجاعها بشكل تدريجي لتكون طبيعية بشكل متكامل حسب ما تناقلته بعض وسائل الإعلام قبيل افتتاح الأسواق".

وأكد الشطي "أنه وعلى الرغم من التحديات والتهديدات والمخاطر، تضمن السعودية بثقلها استمرار تزويد الأسواق بالإمدادات النفطية بدون انقطاع، وبالتالي تسهم وبشكل فاعل في استقرار الأسعار والأسواق لصالح العالم وتدفع إلى تعافي الاقتصاد العالمي بعيدا عن تقلبات الأسعار أو الإمدادات بضمان حرية التجاره والنقل".

وأوضح "أن وكالة الطاقة الدولية أعلنت أنها تراقب تطورات الأوضاع في السعودية وتتواصل مع صناع النفط فيها، وتعتقد بوفرة في الإمدادات النفطية في الأسواق وكفاية المخزونات النفطية، وهو ما يمثل اهتمام العالم بالسعودية كونها أكبر مصدر للنفط وأيضا كونها تعمل على تقديم التطمينات للأسواق وبالتالي من المتوقع عدم تأثر الأسواق".

وأوضح الشطي أيضا "أن ما حدث من هجوم هو تهديد مباشر لإنتاج النفط والغاز وبالتالي صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات بشكل غير مسبوق، لكن وزير الطاقة السعودية طمأن الأسواق بجهود متواصلة لاستعادة الإنتاج بأسرع وقت وأن أي نقص مؤقت يتم التعامل معه من خلال المخزونات النفطي".

وتابع "فِي ظل هذه الأوضاع فإنه من المرجح ارتفاع الأسعار، عندما يبدأ نشاط السوق يوم الاثنين، ولكن نسبة الارتفاع تعتمد على حجم التهديد وسرعة عودة الإنتاج".

إيران تترقب انتهاج سياسة إنتاج الحد الأقصى

في سياق متصل، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه، "إن بلاده ستنتهج سياسة إنتاج الحد الأقصى من النفط الخام إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على صناعة النفط الإيرانية".

ونقل الموقع الإخباري لوزارة النفط الإيرانية على الإنترنت "شانا" عن زنغنه قوله "إن الحد الأقصى سيصبح سياسة وزارة النفط الإيرانية في حالة تخفيف العقوبات الأميركية عن صناعة النفط الإيرانية".

وتابع، "صناعتنا النفطية حية وفعالة. لا يمكن للعقوبات الأميركية أن توقف صادرات إيران النفطية".

وطبّق الرئيس الأميركي دونالد ترمب سياسة "الحد الأقصى من الضغط" على إيران في محاولة لحملها على إجراء مباحثات أوسع للحد من برنامجها للصواريخ الباليستية وإنهاء دعمها لقوى تعمل بالوكالة عنها في الشرق الأوسط. ولكن إيران استبعدت إجراء المباحثات قبل رفع كل العقوبات المفروضة عليها. وتواجه الأطراف الأوروبية في الاتفاق صعوبة في الحد من المواجهة المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة.

حقائق وأرقام عن عملاق النفط السعودي "أرامكو"

بلغت احتياطات أرامكو، أكبر شركة نفط بالعالم، 260.2 مليار برميل من المكافئ النفطي في عام 2017 وهي أكبر من احتياطات شركات إكسون موبيل، وشيفرون، ورويال داتش شل، وبي.بي، وتوتال مجتمعة وتقدر عمرها بنحو 54 عاما.

وأنتجت الشركة 10.3 مليون برميل يوميا من النفط في العام الماضي مستفيدة من أقل تكلفة بالعالم لإنتاج الخام وهي 2.8 دولار للبرميل وفقا لوثائق من الشركة. وأنتجت أيضا 1.1 مليون برميل من سوائل الغاز الطبيعي، و8.9 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يوميا.

وردت أرامكو نحو ثلاثة أرباع صادراتها من الخام العام الماضي إلى مشترين في آسيا حيث ترى أن الطلب سيزداد بدرجة أسرع من أي منطقة أخرى بالعالم. ومن زبائن أرامكو الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان وتايوان. وبلغ حجم شحناتها لأمريكا الشمالية أكثر من مليون برميل يوميا العام الماضي و864 ألف برميل يوميا إلى أوروبا.

وتقوم أرامكو بعمليات لإنتاج وتكرير وتصدير النفط في السعودية لكن لديها عمليات للتكرير في أنحاء العالم. وتملك موتيفا انتربرايزيز للتكرير التابعة لأرامكو بالولايات المتحدة معمل فورت ارثر في تكساس الذي تبلغ طاقته 607 آلاف برميل يوميا وهو الأكبر في الولايات المتحدة، وأعلنت الشركة السعودية في عام 2017 عن خطط لضخ استثمارات بقيمة 18 مليار دولار في عملياتها بالأميركيتين خلال خمسة أعوام.

وتوسع أرامكو أيضا طاقتها لتكرير وبيع الخام بالقارة الآسيوية خصوصا في دول سريعة النمو مثل الصين والهند. وفي العام الماضي، بلغت طاقة التكرير الصافية للشركة 3.1 مليون برميل يوميا.

وبوصول عدد موظفيها إلى 76 ألف شخص في 2018، تملك أرامكو عمليات لإنتاج الطاقة ومنشآت بحثية ومكاتب بأنحاء متفرقة من العالم تشمل آسيا وأوروبا والأميركيتين. وللشركة مكاتب في بكين ونيودلهي وسنغافورة ونيويورك ولندن وهيوستون ومناطق أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد