على رغم أن أجندة اجتماعات قادة دول الخليج العربي ضمن القمة الخليجية الـ 44 والمنعقدة اليوم في الدوحة حملت في طياتها كثيراً من الملفات الاقتصادية ولاسيما في ما يتعلق بالتأشيرة الموحدة وكذلك ربط الدول الست بالسكة الحديد وغيرها من الملفات التي تعزز التعاون التكامل بين أعضاء المنظومة الخليجية، إلا أن تصاعد التوتر في قطاع عزة يظل العنوان الرئيس والذي يغطي على افتتاح القمة وهو ما أكد علية رئيسها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالقول "إن قمتنا تنعقد في ظل استمرار المأساة الخطرة والكارثة الإنسانية الناجمة عن العدوان الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق وخصوصاً أهلنا في قطاع غزة".
واستطرد بالقول "إن المجازر التي ارتكبتها سلطات الاحتلال بحق الأشقاء الفلسطينيين في القطاع تعمق الشعور بالظلم وبعجز الشرعية الدولية".
شهرين على بدء الحرب بالقطاع
وزاد "من العار على جبين المجتمع الدولي أن يتيح لهذه الجريمة النكراء أن تستمر لمدة قاربت الشهرين، يتواصل فيها القتل الممنهج والمقصود للمدنين الأبرياء بمن في ذلك النساء والأطفال".
واستدرك بالقول "لكن الوجه الآخر لهذه المأساة هو صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على نيل كافة حقوقه المشروعة".
وأضاف، "إن مبدأ الدفاع على النفس لا ينطبق على الاحتلال ولا يجيز ما ترتكبه إسرائيل من جرائم إبادة، إذ لا يمكن تهميش قضية الشعب الفلسطيني والأمن غير ممكن دون سلام دائم وحل عادل للقضية الفلسطينية وفقاً للقرارات الدولية وحل الدولتين".
موضحاً في الوقت ذاته إلى أن جهود الوساطة نجحت في الإفراج عن محتجزين وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وكذلك إلى الهدن الموقتة، ولكنه أكد في حديثه أن تلك الهدنة لن تكون بديلاً عن وقف إطلاق النار في القطاع.
وأشار في ختام كلمته إلى أن دول التعاون الخليجي يمكنها التوصل إلى تعاون أو تفاهم لحل بعض القضايا الإقليمية.
وهو الأمر الذي أكد عليه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي بالقول "أن مواقف الدول الست راسخة في دعم الشعب الفلسطيني". وأضاف "نحن اليوم نجد أنفسنا محاطين بشدائد شاخصة، بخاصة ما نشهده من جرائم دموية جسيمة تقترف بحق الشعب الفلسطيني في غزة".
ودعي البديوي المجتمع الدولي إلى العمل فوراً على وقف إطلاق النار في القطاع.
واستطرد بالقول في كلمته خلال افتتاح أعمال القمة "أن مسيرة دول مجلس التعاون مضت تُحقق نجاحاً تلو النجاح في ظل أخطار وأزمات تحدق بدولنا".
تهديدات مباشرة
ويعلق المحلل السياسي العماني رضا مهادي اللواتي بالقول "يعد الموضوع الأهم في القمة هو السعي الجاد إلى الضغط على الأطراف الدولية لوقف المجازر الإسرائيلية للفلسطينيين".
من جانبه قال المحلل السياسي البحريني عبدالله الجنيد "إن أزمة غزة هي العنوان الذي فرض نفسه على كافة الأجندات العالمية لما تمثله هذه الأزمة من تبعات إنسانية وجيوسياسية في تحولت هذه الازمة الى عابرة لحدود جوار إسرائيل".
ولكن الجنيد يرى أن هناك قضايا شائكة تعاني منها المنطقة في الوقت الراهن يتوقع أن تتم مناقشتها بين قادة الخليج، إذ أشار في حديثه إلى "اندبندنت عربية" إلى أن نشاط التنظيمات والكيانات السياسية على الأمن الإقليمي والخليجي، لا سيما مع التصعيد الحوثي حالياً في البحر الأحمر وبحر العرب. فهذا التهديد الأمني يستدعي نقاش الملف اليمني أمنياً وبشكل عاجل، وبضرورة تحييد من يمثله الحوثي من تهديد مباشر لأمن واستقرار المنطقة واليمن".
وحدة الصف
في سياق متصل أشار المحلل السياسي مبارك آل عاتي إلى أن نتائج القمة ستشمل ملفات متعددة، من أبرزها تجديد موقف الدول الست تجاه القضية الفلسطينية ورفض ممارسات إسرائيل العدوانية على غزة، وقال "إن موقف دول الخليج العربي من القضية الفلسطينية واحد ويتلخص في الخيار السلمي لحل تلك القضية من خلال تفعيل قرار إنشاء الدولتين إضافة إلى وجوب محاسبة إسرائيل على جرائم الحرب الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني".
وفي الصدد ذاته قال رئيس مجلس الوزراء القطري ووزير الخارجية محمد آل ثاني في مؤتمر صحافي عقد في ختام القمة اليوم "إن محادثات الوساطة في شأن غزة لا تزال مستمرة بهدف إنهاء الحرب"..
وأكد أن الهدف هو إنهاء الحرب وأن بلاده مستمرة في بذل الجهد لعودة العمل بالهدنة وإطلاق سراح الرهائن وتبادل السجناء.
الاقتصاد عنوان يتصدر القمة
ومع التأكيد على أهمية الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني ووقف الاعتداءات عليه إلا أن الملفات الخليجية المشتركة كانت موجودة في أجندة نقاشات القادة اليوم، إذ أشار أمين مجلس التعاون إلى أن دول المجلس يربطها مصير مشترك ورؤية ومستقبل واحد، وإن الدول الخليجية تسعى إلى تفعيل المؤسسات والمشاريع الموحدة حتى يشعر المواطن الخليجي بالنتائج والتطورات الإيجابية للم الشمل وتحقيق المصالح المشتركة.
وهنا أشار آل عاني بالقول إن محادثات خلال القمة تناولت العديد من الملفات الاقتصادية المشتركة بين الدول الست من أهمها تنفيذ السكة الحديد بينهم، وكذلك العمل على إقرار التأشيرة المشتركة والتي تتضمن تنقل غير مواطني الدول بشكل سهل وسلسل.
موضحاً أن هناك مراجعة الاتفاقات الثنائية بين الدول الست ولاسيما وأن خلال الاجتماعات التحضيرية شهد انعقاد عدد الاجتماعات لعل من أبرزها اجتماع المجلس التنسيقي السعودي - القطري.
وفي الصدد ذاته أوضح الجنيد أن دول المجلس لديها شراكة فاعلة بين قطاعات كافة. وقال "إن القطاع الخاص لطالما كان حاضراً في القمم السابقة، ونحن الآن في حاجة لأن تلعب رؤوس الأموال الوطنية دوراً أكثر تقدماً في مشاريع البنى التحتية الاستراتيجية مثل الربط الحديدي وإنتاج الطاقة والنقل المتعدد الوسائط والدعم اللوجستي والعودة في التفكير في عملة خليجية موحدة او رقمية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي السياق ذاته أوضح المحلل العماني اللواتي أن المشاريع المطروحة من ربط السكة الحديدية والتأشيرة الموحدة خطوة مهمة للتكامل الاقتصادي. وقال "ينبغي كذلك الإسراع في مشاريع التكامل الاقتصادي بين الأشقاء الخليجين".
وأردف بالقول "ما نراه اليوم في العالم من التكتلات الاقتصادية سينعكس سلباً إذا لم نصل والتحديات الراهنة والمستقبلية".
وأكد أن رفع سقف توقعات المواطن الخليجي للقمم الخليجية والتحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي نواجهها. التكنولوجيات الحديثة والاقتصاد المعولم تطرح فرص وكذلك تحديات للدول الخليجية والمواطن العربي والذي يأمل المواطن الخليجي أن يتخذ القادة في هذه القمة بالذات بعض الخطوات العملية والتي تؤدي بدورها إلى تطوير العمل الخليجي المشترك و الاستفادة من الإمكانات الاقتصادية.
حضروا تركيا
كما شهدت القمة اليوم حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضيفاً عليها، إذ أشار في كلمته أمام القادة الخليجيين إلى أن وجوده هنا هو انعكاس لرغبته في تعزيز العلاقات والتعاون بين تركيا ودول الخليج.
كما أشار أردوغان إلى حجم التعاون التجاري بين بلاده ودول المنظومة الخليجية، إذ قدر حجم التنبال التجاري بـ23 مليار دولار، وقال "نشهد تطورات ملموسة بما يخص التعاون الاقتصادي بين دول التعاون وتركيا والتي بلغت معدلات الارتفاع فيها خلال العقدين الاخرين إلى 13 ضعفاً، منوهاً في الوقت ذاته إلى حرص بلاده تنفيذ اتفاقات التجارة الحرة المشتركة مع دول الخليج العربي وكذلك أبدى اهتمامه بالمشاريع النقل بين تلك الدول وتركيا.
كما تناول الرئيس التركي في كلمته الصراع الحالي في قطاع غزة وقال "من المهم أن نتابع القرارات التي اتخذناها في القمة العربية الإسلامية الأخيرة والمنعقدة في العاصمة السعودية الرياض".
وزاد "هدفنا هو تحقيق الهدنة الدائمة ووقف إطلاق النار والوصول إلى دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
واستدرك بالقول "إن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يخاطر بمستقبل المنطقة برمته من أجل حسابات سياسية شخصية في الداخل".
إعلان الدوحة
وكما كانت عزة حاضرة كعنوان رئيس لقمة دول الخليج العربي الـ 44، حضرت بقوة في البيان الختامي للقادة، والذي أكد في أول بنوده على الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمه المتواصل لرفع معاناة سكان القطاع، ومد يد العون لإعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية في اعتداءاتها على القطاع خلال السنوات الماضية، إذ أنشأت دول المجلس في عام 2009 "برنامج مجلس التعاون لإعادة إعمار غزة"، وتعهدت في إطار هذا البرنامج بمبلغ (1,646,000,000) دولار، وذلك بالإضافة إلى المساعدات الثنائية المباشرة، العينية منها والمالية، والمساعدات غير الرسمية. وكان أخرها التعهد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) بمبلغ إضافي بقيمة 100 مليون دولار للجهود الإنسانية، إضافة إلى الحملات الشعبية التي حشدت مئات الملايين من الدولارات لدعم صمود الشعب الفلسطيني.
كما حذر القادة الخليجيون من أخطار توسع المواجهات وامتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، كما طالبوا المجتمع الدولي بالتدخل لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين في القطاع، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضمن القانون الدولي للرد على ممارسات إسرائيل وسياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها ضد سكان غزة العُزل.
وأكد المجلس مواقفه الثابتة تجاه القضية الفلسطينية وحل الدولتين وثمّن جهود التي بذلتها السعودية ومبادرتها بالشراكة مع الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي ومصر والأردن لإعادة إحياء عملية السلام، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية لعام 2002
وأشادت القمة بالدور المتنامي لدول المجلس في التصدي للتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية في هذه المنطقة وخارجها، ومساهمتها في حل القضايا التي تهدد السلام والأمن والاستقرار. واستضافتها للفعاليات الدولية الكبرى.
وأكد القادة أن نجاح هذه الفعاليات الدولية نجاح لكافة دول وشعوب المجلس عبر تنظيم الفعاليات الكبرى مما من شأنه أن يعزز الحوار الدولي والتواصل بين شعوب العالم، ويرسخ مكانة المنطقة كمركز دولي للأعمال والاقتصاد وتعزيز الجهود الرامية لتطوير مصادر الطاقة المتجددة والتعامل مع التغير المناخي.